بتاريخ 15 غشت 2019 أصدر القاضي أحمد أبران نيابة عن رئيس المحكمة التجارية بوجدة[1] أمرا بإيقاف إجراءات استخلاص الأقساط الشهرية المترتبة عن عقد قرض “عقاري” لفائدة مدعية، بعدما طردت من عملها[2]. أهمية هذا الأمر القضائي أنه يعتبر من بين التطبيقات القضائية النادرة لقانون حماية المستهلك[3]، كما أنه يعكس تطورا في فكرة اللجوء إلى القضاء من أجل تكريس الحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
ملخص القضية
تعود فصول القضية إلى 06 يونيو 2019، حينما تقدمت المدعية بمقال استعجالي بواسطة محاميها إلى رئيس المحكمة التجارية بوجدة في مواجهة أحد البنوك، تعرض فيه أنها استفادت من قرض عقاري قدره 190.000 درهم، بمقتضى عقد القرض المضمون بالرهن الرسمي، إلا أنها أصبحت حاليا عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها بسبب فصلها عن العمل بتاريخ 18 ماي2017، وهو ما دفعها إلى تقديم دعوى التعويض عن الطرد التعسفي أمام القضاء المختص، لذا تلتمس من المحكمة إعمال مقتضيات قانون حماية المستهلك، وإصدار أمر بإيقاف التزاماتها الناتجة عن عقد القرض إلى حين انتهاء الأزمة المالية التي تعاني منها، على ألا تتجاوز مدة الإيقاف سنتين ابتداء من تاريخ حلول أول قسط بقي بدون أداء.
وأدلت المؤسسة البنكية بمذكرة جوابية أثارت فيها دفعا بعدم اختصاص القضاء الاستعجالي في البت في القضية، كما اعتبرت أن فصل المدعية عن العمل لم يكن مفاجئا، كما أن حسابها البنكي بقي متواثرا وبصفة عادية ومنتظمة، مما يبقى معه العسر غير ثابت، والتمست من المحكمة التصريح أساسا بعدم الاختصاص لفائدة قضاء الموضوع، واحتياطيا عدم قبول الدعوى، أو رفضها.
موقف المحكمة
اعتبر رئيس المحكمة في جوابه عن الدفوع التي أثارتها المؤسسة البنكية أن القضاء الاستعجالي هو المختص في البت في القضية، إعمالا لمقتضيات المادة 149 من قانون حماية المستهلك والتي تنص على أنه:
“بالرغم من أحكام الفقرة الثانية من الفصل 243 من قانون الالتزامات والعقود، يمكن ولا سيما في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة أن يوقف تنفيذ التزامات المدين بأمر من رئيس المحكمة المختصة. ويمكن أن يقرر في الأمر على أن المبالغ المستحقة لا تترتب عليها فائدة طيلة مدة المهلة القضائية.
يجوز للقاضي، علاوة على ذلك أن يحدد في الأمر الصادر عنه كيفيات أداء المبالغ المستحقة عند انتهاء أجل وقف التنفيذ، دون أن تتجاوز الدفعة الأخيرة الأجل الأصلي المقرر لتسديد القرض بأكثر من سنتين”.
واعتبر رئيس المحكمة أيضا أنه: “لما كان توقيف المدعية عن العمل حالة اجتماعية غير متوقعة”، فإنه يتعين تطبيق قانون حماية المستهلك، وبالتالي إيقاف التزاماتها الناتجة عن عقد القرض الذي يجمعها مع المؤسسة البنكية المدعى عليها”.
وأضاف رئيس المحكمة في قراره أنه: “وحيث أن المدعية بادرت إلى تقديم دعوى في مواجهة مشغلتها لأجل أداء التعويضات المستحقة لها قانونا عن الفصل من العمل، مما يقتضي تمديد فترة وقف التنفيذ إلى حين تسلمها المبالغ المحكوم بها لفائدتها، وذلك ابتداء من تاريخ توقفها عن أداء قسط القرض، على ألا تتجاوز هذه الفترة سنتين”.
وعليه، وبتاريخ 15 غشت 2019 أصدر رئيس المحكمة التجارية بوجدة أمره بوقف التزامات المدعية المترتبة عن عقد القرض الذي أبرمته مع المؤسسة البنكية المدعى عليها، مؤقتا، وذلك ابتداء من تاريخ توقفها عن أداء قسط القرض إلى غاية حصولها على التعويضات المحكوم لفائدتها، على ألا تتجاوز فترة الإهمال القضائي سنتين، مع وقف احتساب الفوائد طيلة الفترة المذكورة، مع شمول الأمر بالنفاذ المعجل، وتحميل المدعى عليها الصائر.
[1]– مدينة تقع شرق المغرب.
[2]– أمر استعجالي صادر عن رئيس المحكمة التجارية بوجدة، رقم 207/2019، في الملف رقم 135/8101/2019، صادر بتاريخ 15/08/2019.
[3]– ظهير رقم 1.11.03 صادر بتاريخ 18 /02/ 2011، بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5932 بتاريخ (7 أبريل 2011)، ص 1072.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.