ورد على جدول أعمال اللجان المشتركة 3 اقتراحات قوانين: الأوّل قدّمه نوّاب كتلة الجمهوريّة القويّة وهو يرمي إلى إنشاء مؤسّسة مستقلة لإدارة أصول الدولة والثاني قدّمه نوّاب من كتلة التنمية والتحرير وهو يرمي إلى حماية الودائع المصرفيّة المشروعة وإعادتها إلى أصحابها وهو اقتراح قانون أعدّه رئيس مجلس شورى الدولة فادي إلياس وبُنيَ على الأسباب نفسها التي بُنيَ عليها القرار الشهير الصادر في تاريخ 6 شباط 2024 عن الغرفة التي يرأسها. وإذ أعلنت لجنة الإدارة والعدل في جلستها المنعقدة في 5/3/2024 إنشاء لجنة فرعية لدرس هذين الاقتراحين برئاسة النائب أشرف بيضون، سارع نوّاب كتلة “لبنان القوي” في تاريخ 21/3/2024 إلى الالتحاق بهذا المسار من خلال تقديم اقتراح ثالث تحت عنوان “الصندوق الائتماني لحفظ أصول الدولة وإدارتها”.
ورغم الاختلافات العديدة بين الاقتراحات الثلاثة، فإنّ مقدّميها يتّفقون بشكل عامّ على فكرة تحميل الدولة جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن ضياع الودائع وتخصيص أصولها من أجل تسديدها. لا بل بإمكاننا القول من دون أي مبالغة أنّ الاقتراحات الثلاثة بدتْ مسكونةً إلى حدّ كبير بمصالح المصارف وهواجسها، ليس فقط في مقاربتها للمسؤولية عن ضياع الودائع في الماضي، ولكن أيضًا في مقاربتها للمصالح الملحّة التي يجدر منحها الأولوية في سياسات الدولة مستقبلًا، بما يتماهى بدرجة أو بأخرى مع الخطّة البديلة التي كانت كشفت عنها جمعيّة المصارف في 2020 ردًّا على خطة حكومية دياب (لازار) للإصلاح المالي والاقتصادي والتي تمّ إجهاضها آنذاك.
ومن هذه الزاوية، تتعارض الاقتراحات الثلاثة مع الاتجاهات العالمية في أزمات مشابهة ومنها اتّجاه صندوق النقد الدولي، اتجاهات تشدّد على مسؤوليّة المصارف بالدرجة الأولى عن الخسائر وعلى أنّ مسؤولية الدولة مجرّد مسؤولية استلحاقيّة. وتقوم هذه الاتجاهات عمومًا على أنّ تحميل الأجيال الحاضرة كما المستقبليّة مسؤوليّة تسديد الودائع المهدورة إنّما هو توجّه خطير يجافي مبادئ العدالة عدا عن أنّه يقوّض إمكانية النهوض الاقتصادي والمرافق العامّة.
وعليه، فإنّ الأسئلة التي تستولدها هذه الاقتراحات الثلاثة لا تقتصرُ على مسألة المسؤولية في تحمّل الودائع أو بصورة أدقّ مسألة التوزيع العادل للخسائر وحسب، إنّما يشمل أيضًا مدى ملاءمة تغليب مسؤولية الدولة في تحمّل الودائع على مجمل مسؤوليّاتها ووظائفها الأخرى التي قد لا تقلّ عنها أهمية وسموًّا ومنها وظائفها في ضمان حسن سير المرافق العامّة وضمان تمتّع مواطنيها بالحقوق الأساسية. يُضاف إلى ذلك كثير من التشكيك حول مدى واقعيّة التعويل على أصول الدولة وعائداتها في سبيل ردّ الودائع الضّائعة وبخاصّة في ظلّ الفجوة الكبيرة فيها.
وفيما لم تعقد اللجنة الفرعية أي جلسة حتى الآن، يفهم من وضع الاقتراحات الثلاثة على جدول أعمال اللجان المشتركة أنه تقرر تسريع مناقشة هذه الاقتراحات من خلال إحالتها مباشرتها إلى اللجان المشتركة.
وكانت المفكرة القانونية قد عنونت عددها الأخير (72) تسليع لبنان لتعمد فيه إلى تشريح هذه الاقتراحات، من باب التنبيه إلى خطورتها.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.