تزايد الآمال بوقف سد بسري على وقع الفضائح المالية والبيئية: نفق جرّ المياه إلى بيروت ملوث بعصارة مطمر الناعمة؟


2019-10-11    |   

تزايد الآمال بوقف سد بسري على وقع الفضائح المالية والبيئية: نفق جرّ المياه إلى بيروت ملوث بعصارة مطمر الناعمة؟

تكشفت معلومات مهمة ل “المفكرة القانونية” حول نفق جر مياه نهر الأولي إلى بيروت، والمرتبط بمشروع سد بسري المزعوم، تشير إلى أن الفضيحة الأهم ليست في إفلاس الشركة الإيطالية CMC التي تركت المشروع قبل استكماله وغادر طاقمها إلى إيطاليا، وإنما قبل ذلك في ما آل إليه النفق.

فقد أكد أحد المشاركين في حفر النفق، عندما كانت تتولى أشغاله الشركة الإيطالية سي أم سي، ل “المفكرة”، أن الأشغال توقفت ليس فقط بسبب إفلاس الشركة وإنما أيضاً بسبب “بحر المياه الذي أُغرقت فيها الحفارة الصينية في منطقة الناعمة وتحديداً تحت مطمر الناعمة الشهير”. ونقل هذا الشخص ل”المفكرة” أن المياه التي تساقطت من سقف النفق “كانت آسنة وذات رائحة كبيرة مما جعلنا شبه متأكدين أنها عصارة المطمر”، مشيراً إلى غرق نحو أربعة كيلومتر اليوم من نفق جر مياه الأولي إلى بيروت بهذه المياه الملوثة، وبعلو لا يقل عن خمسين سنتمتراً”. ولفت المراقب إلى أن المياه تتسرب من باطن الأرض وفوق الحفارة كل عدة أمتار على شكل خيوط مائية تفوح منها روائح جد كريهة.

القطار المربوط بالحفارة الصينية إلى داخل النفق حيث ينقل المعدات والموظفين وتخرج بعض قاطراته بالردميات

وعليه، غرقت الحفارة الصينية التي توزن أطنانا داخل النفق في أرضية صارت موحلة ورطبة، ومن الصعب سحبها منه حيث أنه يمتد بطول ثمانية كيلومترات ونصف الكيلومتر، وبعدما دخلت فيه وأنجزت ثمانية كيلومترات منه، ولم يتبق سوى المسافة من الناعمة إلى خلدة “ولكن لم يعد بإمكان الشركة أنذاك، ونحن نتحدث هنا عن آذار 2019 فعل أي شيء “إذ كيف يمكن للحفارة أن تكمل بناء نفق غارق بالمياه، فيما تهطل عصارة المطمر عليها من السقف”، علماً أن عمق النفق يراوح ما بين 15 و300 متراً تحت سطح الأرض ربطا بطبيعة المنطقة وتضاريسها وعما إذا كانت جبلا أم واديا.

ونذكر أن مطمر الناعمة الذي أقفلته الدولة اللبنانية في 2015 بعد اعتراضات واسعة من سكان المناطق المحيطة به، وعلى رأسها الناعمة وبقعاتا وعين درافيل، يزن ملايين الأطنان حيث كان يستقبل في السنوات العشر الأخيرة من عمره 97% من نفايات بيروت وجبل لبنان وصولاً إلى حدود صيدا.

ووفق إتفاقية تنفيذ مشروع جر مياه الأولي إلى بيروت، والذي بلغت كلفته 222.42 مليون دولار حتى الآن (وفق إتفاقية المشروع) ممولة من البنك الدولي بفائدة 8.92%، يكلف حفر النفق لوحده 145 مليون دولار، بينما بلغ عقد شركة سي أم سي 193.5 مليون دولار. ومؤخرا طلب مجلس الإنماء والإعمار الموافقة على قرض إضافي من البنك الدولي بقيمة 90 مليون دولار لاستكمال المشروع نفسه. وهذه الكلفة المعلن عنها حتى الآن، أي كما كان مقررا، ولو أن الأمور وصلت إلى خواتيمها المرجوة، وفق مخططات مجلس الإنماء والإعمار.

ويظهر أن مجلس الإنماء والإعمار يلتزم بالتكتم على ما آل إليه الوضع في النفق خصوصا وأنه قام بتلزيم استكماله وحلّ معضلة المياه فيه إلى شركة “هومن” ومديرها “غ.ر” والتي قامت بدورها بالتعاقد مع شركة صينية أخرى وحيث وصل موظفون وعمال صينيون مجددا إلى لبنان. وعلمت “المفكرة” أن العقد مع الهومن يقتصر على إتمام النفق فقط وليس بقية أشغال مشروع جر مياه الأولي، ورجّح الموظف أن يكون مبلغ التسعين مليون دولار الذي يطلبه المجلس هو لسد المشكل المالي الذي نتج عن إفلاس الشركة ألإيطالية ولمعالجة الخلل في تسرب المياه إلى النفق والذي يدل على عدم دقة الدراسات التي حددته. كما نما للمفكرة معلومات مفادها أن سي أم سي اعتمدت في التنفيذ على خرائط غوغل وليس على خرائط الجيش اللبناني. وفيما لا يمكن الجزم بهذه المعلومات، فإنها كلها تستدعي اليوم تحقيقا بعدما بات ثابتا تورط الشركة المذكورة في عدد من أعمال الفساد في دول عدة من العالم.

كما علمت المفكرة أن شركة سي أم سي التي فازت بعقد مجلس الإنماء والإعمار تنفذ مشاريع استخراج الطاقة من المياه في فلسطين المحتلة وأنها متعاقدة مع الدولة الإسرائيلية. ولكن الشركة ليست مدرجة على ما يبدو على لوائح مكتب المقاطعة للشركات التي تتعامل مع الإسرائيليين.

وكانت شركة سي أم سي، الملتزمة الأساسية للسد، استقدمت الحفارة الصينية العالقة في النفق مع طاقم موظفين وعمال لا يقل عددهم عن خمسين شخصا، غادروا لدى إفلاس الشركة التي صرفتهم مع مائة موظف لبناني ومثلهم من السوريين (مائة عامل لبناني)، بالإضافة إلى بعض الطليان الذين لا يتعدون عدد أصابع اليدين.

كما علمت المفكرة، أنه وبرغم مباشرة عدد من الدعاوى ضد الشركة الإيطالية من عدد من الشركات والأشخاص منذ كانون الأول 2018 إلا أن مجلس الإنماء والإعمار لم يتخذ أي إجراء ولم ينهِ عقدها خصوصا أن روائح تورطها بفساد في كينيا وغيرها من الدول قد فاحت قبل تاريخ رفع الدعاوى عليها، والتي تتراوح قيمتها حسب بعض الدعاوى بين مليون ومليونين دولار، نتيجة استلامها بضائع لإتمام الأشغال.

وأفاد أحد العمال في شركة سي أم سي المفكرة أن إنذارا وصل إلى الشركة من مجلس الإنماء والإعمار في آذار 2019 بوجوب إخلاء مكاتبها ومنها تلك المتمركزة في منطقة ما بين النهرين بعد الدامور، وذلك في نهاية آذار 2019. وتضمن الإنذار ضرورة ترك الشركة لكل معداتها وآلاتها ومكاتبها في موقع المشروع وعدم سحب أي منها. وتمّ الكشف على الموجودات لحفظ حق بعض التجار الذين تدين لهم الشركة أيضاً، بموجب قرارات قضائية.

وكان الموظفون قد بدأوا باستشعار بوادر إفلاس الشركة من تأخرها بدفع الرواتب أو بدفع نصفها فقط في بعض الأشهر وذلك في تشرين الثاني 2018. ومع اقتراب عطلة الميلاد 2018 غادر مدير الشركة في لبنان، وهو لبناني من بلدة كترمايا ويدعى “ع.ع” ويحمل الجنسية الإيطالية، غادر إلى إيطاليا بحجة قضاء العطلة مع عائلته ولم يعد.

وبرغم أن العامل المذكور أكد ل”المفكرة” أن جميع الموظفين قبضوا في النهاية كل مستحقاتهم في شهر أيار 2019 من الشركة، إلا أن الظلم لحق بالعمال المياومين وغالبيتهم من السوريين، حيث لم تدفع لهم الشركة أي تعويض بما فيه ساعات العمل الإضافية وبعض أيام العمل الكاملة التي تبين أنه لم يتم تسجيلها وتوثبقها لدفعها. وكان بعض هؤلاء العمال يعمل يوميا لمدة 12 إلى 14 ساعة، على أن تحتسب له ساعات إضافية. وكانت الشركة عمدت أيضا إلى صرف بعض الموظفين الضروريين للعمل بذريعة عدم حاجتهم ثم عادت وتعاقدت معهم بالعمل اليومي ومن دون أي ضمانات.

وعانى العمال كثيرا وتعرضوا لخدعة سمحت للفريق الإيطالي بالمغادرة من دون تعريض حياة طاقمه للخطر كرد فعل من العمال المظلومين، حيث أرسل المدير اللبناني “ع.ع” رسالة إلكترونية إلى هؤلاء يطمئنهم فيها إلى أن الشركة لن تظلم أي منهم وأنهم سيقبضون كامل مستحقاتهم. وبعض هؤلاء العمال يعمل مع الشركة منذ مباشرتها العمل في العام 2016.

وكانت صحف أفريقيا[1] ودولية نشرت مقالات عن إصدار كينيا مذكّرة توقيف بحق باولو بورسيلي، المدير التنفيذي لشركة سي أم سي، شركة البناء الإيطاليّة، لتورطها في فضيحة فساد دولية. وتأتي مذكرة التوقيف بحق بورسيلي على خلفية اتهام الشركة علي كينيا بملايين الدولارات خلال تنفيذ وتعهد مشاريع.، ومن بينها مشروع سدّين في واد في كينيا.

وتقول المعلومات أن النيابة العامة الكينية ادّعت بأنّ أيّ عمل لم يحصل في هذه السدود، حيث دُفع حوالي 180 مليون دولار أميركي من الخزينة الكينيّة من أجل إنجاز المشاريع.

ولكن، بورسيلي ليس الوحيد المتعرّض للإتهامات،وفق الصحف الصادرة في نامبيا، حيث اعتقل وزير المالية الكينيّ و26 مسؤولين آخرين واتّهموا بسوء سلوك ماديّ وقضايا فساد. وغاب بورسيلي، المدير التنفيذي للشركة للمرة الثانية عن محاكمته في قضايا فساد، فيما حاجج محاميه يوم الإثنين 7/10/2019 بأنّ ورقة الاتهام ضدّ موكلّه فشلت بإعطاء تفاصيل كافية لمسؤوليّة بورسيلي الشخصيّة في فضيحة مشاريع السدود، وذلك قبل مطالبة المحكمة باعتبار المتهمّ غير مذنب. ووافقت المحكمة على هذا الطلب من دون تبرئة الشركة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، لبنان ، بيئة وتنظيم مدني وسكن ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، اقتصاد وصناعة وزراعة



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني