بتاريخ 19-11-2016، قررت الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي عملا بأحكام الفقرة الأولى من الفصل 14 من القانون عدد 13 لسنة 2013 المؤرخ في 02 ماي2013 المحدث للهيئة والمتعلق بالترشيح للوظائف القضائية العليا ترشيح السيدة فوزية علية لخطة الرئيسة الأولى لمحكمة التعقيب بداية من 1 ديسمبر 2016. كما رشحت الهيئة كلا من السيد الهادي القديري لخطة وكيل الدولة العام مديرا للمصالح العدلية، وأحمد الحافي لخطة رئيس المحكمة العقارية.
أكسب ترشيح قاضية عرفت باستقلاليتها وكفاءتها للرئاسة الأولى لمحكمة التعقيب بعداً إيجابياً. فقد احتفى المتتبعون للشأن القضائي بهذا الترشيح الذي يبشر بقرب وصول أول قاضية تونسية لاعتلاء أهم منصب قضائي تونسي.
إلا أن هذا البعد الإيجابي لم يحجب الإشكاليّات التي يطرحها توقيت إعلان الهيئة لقرارات ترشيحها. فالهيئة تصدّت للنظر في سدّ الشغورات التي طرأت على عدد من المناصب القضائيّة العليا رغم الإعلان النهائي عن نتائج انتخابات المجلس الأعلى للقضاء بتاريخ 14-11-2016. وقد استندت الهيئة في موقفها لما ذكرت أنه "التزامها بدورها في ضمان استمرارية المرفق العام للعدالة وحسن سيره، وتحملا لمسؤولياتها في المساهمة في إرساء المؤسسات الدستورية الدائمة بما يضمن حيادها واستقلاليتها ويكفل اضطلاع المجلس الأعلى للقضاء بدوره في ضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله". كما قدرت أن أحكام الفصل 148 فقرة 8 من الدستور التي تقتضي أن "تواصل الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي القيام بمهامها إلى حين استكمال تركيبة المجلس الأعلى للقضاء" يمنع القول بنهاية ولايتها القانونية.
موقف الهيئة ليس محلّ إجماع في الوسط القضائي. فقد استبقته نقابة القضاة التونسيين بإعلان عزمها الطعن قضائيا في أي قرار يصدر عن الهيئة بحجة أن ولايتها القانونية انتهت بتركيز المجلس الأعلى للقضاء[1]. وهو موقف سانده إتحاد القضاة الإداريين الذي اعتبر قرارات الهيئة "عملية سطو على إرادة الناخبين من القضاة"[2]. وكشفت في ذات الإطار تسريبات إعلامية أن رئاسة الحكومة لن تمضي على قرارات الترشيح بسبب اختلاف القضاة حولها، وستتولى ردها للمجلس الأعلى للقضاء بمجرد انعقاده ليعيد النظر فيها مجدداً.
فرضت قرارات الترشيح صراعا بين الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي وطيف من القضاة، مع مؤشرات على أن الحكومة قد تكون مؤيدة لتوجه الرافضين لاستمرار عملها. وقد يكون هذا الصراع في بعده القانوني نتيجة لقراءات مختلفة لنصوص قانونية تتعلق بتركيز المجلس الأعلى للقضاء. لكن النظر في المواقف المتباينة حول التعيينات يؤكد أنه صراع بين تيارات قضائية متباينة هي أساسا التيار المهيمن على الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي والذي يوصف في صفوف أنصاره بأنه تيار استقلالي وتيار قضاة نقابة القضاة التونسيين والذي يتهمه "التيار الاستقلالي" بأنه يوالي شخصيات قضائية على علاقة بدوائر سياسية حاكمة.
قد لا يخدم العامل الزمني الهيئة والتيار الذي تمثله في صراعها خصوصا وأن القانون يحدد يوم 14/12/2016 كأجل أقصى لانعقاد المجلس الأعلى للقضاء. لكن مبادرة الهيئة لترشيح قاضية لشغل منصب رئيس أول لمحكمة التعقيب يظل رغم كل ما قد يثار من اعتراضات مكسبا هاما للقضاء التونسي يؤمل ألا يطيح به صراع المواقع.
[1] رئيس نقابة القضاة: مهام الهيئة الوقتية للقضاء العدلي انتهت بتركيز المجلس الأعلى للقضاء – 11-11-2016 موقع قناة نسمة [2]هيئة القضاء العدلي تعلن عن ترشيحات لشغل وظائف قضائية عليا – 19-11-2016 – موقع قناة نسمة
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.