“
نحن في هذه البلاد التي يتواطأ المسؤولون فيها على تدميرها بشكل ممنهج، اعتادت أعيننا على ما يبدو أن تشخص نحو الدول “الشقيقة” تنجدنا في الأزمات على أنواعها.
سترسل سوريا معدات مع تحمل تكلفة التشغيل لتعزيل نهر العاصي من المنبع إلى آخر نقطة لدى مصبه على الحدود السورية. هذا ما تعهدت به جارتنا على حدودنا الشمالية، وفق ما أكد النائب في كتلة حزب الله الدكتور إيهاب حمادة في مؤتمر صحافي عقدته لجنة حماية العاصي واتحاد بلديات الهرمل وبلدية الهرمل حول تلوث نهر العاصي، والحلول المقترحة.
سوريا الغارقة في خرابها لم تنسَ العاصي. تسلحت بالقانون الدولي الخاص بملكية الأنهار وبحصتها من نهر العاصي الذي يعبرها بطول 525 كيومتر، لتطلب من لبنان، وعبر الدوائر الرسمية المعنية، وعلى المستويات كافة، حماية النهر، ورفع التعديات والانتهاكات وتعزيله. وفي الاجتماع الأخير الذي رعاه حمادة بين محافظي حمص وبعلبك الهرمل، تعهدت سوريا بتعزيل مجرى نهر العاصي على حسابها الخاص وبآليات تقطع الحدود جنوباً نحو المنبع نزولاً نحو الشمال.
كشف المؤتمر الذي عُقد على ضفاف العاصي يوم السبت 17 تشرين الثاني 2018 أكثر من معطى في أزمة النهر التي تعود إلى نحو ثلاثين عاماً. أزمات تفاقمت في السنوات العشر الأخيرة التي كان من المفترض أن دولة ما بعد الطائف عادت لتضرب بيد من حديد كل من سوّلت له نفسه استغلال فوضى الحرب والفلتان الأمني والمؤسساتي ليس للعبث بثروات البلاد والعباد فقط، وإنما لاستهلاكها ايضاً بعيدا عن أي مفهوم للتنمية المستدامة، واحترام القوانين.
وعليه، لم يعد العاصي الهدار الأزرق الذي كان أبناء المنطقة يشربون من مجراه هو نفسه. صار نهراً صغيراً بمياه معكرة تختلط فيها ملوثات تبدأ بالصرف الصحي لبعض المنتزهات وبمخلفات المسامك وأغذية بعضها من مخلفات المسالخ ومياه المغاسل والمطابخ، وطبعا الوحول والردميات والنفايات الصلبة والصرف الصحي لرأس بعلبك والفاكهة.
“مع العاصي ما في لعب” تبدأ ب “عفا الله عما مضى”!
بدا المشاركون في المؤتمر من منظمين واتحاد وبلديات كمن صحا صباح السبت واكتشف هول الكارثة. كأن كارثة طبيعية قد اصابت العاصي فجأة فصارت رائحته على ما هي عليه، ومياهه بلونها المائل نحو التراب و”العوكرة”، فيما تقول الصور الجوية أن مجرى النهر تشوه بعدما تحول إلى سواقٍ ومتفرعات بسبب نحو 144 حوضا ومسمكة لتربية الأسماك اجتاحت حرمه حين ضرب أصحابها، ومعهم مستثمرو المقاهي والمطاعم والمنتزهات، بقانون الأملاك النهرية وحرم النهر عرض الحائط، ولا حسيب أو رقيب.
حضرت فقط بعض ما أسماه المتحدثون “إنجازات وخطوات” لحماية النهر، تلك النقط الصغيرة في بحر التهاون مع كل ما يتعرض له العاصي. “إنجازات” تبقى أقل من متواضعة مع ملاحظات عدة على جدواها، وعلى رأسها تلك الحفر المسماة صحيّة التي بنيت في نحو عشرين منتزها من أصل أكثر من ستين على ضفاف النهر، وهي “الإنجاز” الأهم الذي رفعه معظم المتحدثين. حفر لتجميع الصرف الصحي ليس من تأكيدات على مدى فعّاليتها بعدما أنشئت الحفرة الأولى ب 14 ألف دولار لضمان عدم تسرب المياه الآسنة منها إلى العاصي، ثم أعيد تخفيض كلفة كل حفرة إلى ثمانية ألف دولار، من دون شرح واضح يبين تأثير ذلك على نوعية هذه الحفر ومواصفاتها ومدى حمايتها للنهر. والأهم هو تفريغ هذه الحفر في مكب بلدية الهرمل الذي خصص له موقع “استراتيجي” بالقرب من الخزان الجوفي الذي يغذي ينابيع العاصي المتفجرة من جهة، وعلى مقربة من أبرز صرحين رسميين مهمين في القضاء هما مستشفى الهرمل الحكومي من جهة، وحجر الأساس الذي وضع لبناء فرع لبعض كليات الجامعة اللبنانية فيها. هذا إذا لم نقف عند انحدار منطقة المكب نحو وادي العاصي وما يعنيه ذلك من جرف السيل والمتساقطات للنفايات السائلة والصلبة نحو النهر.
مع هذه المعطيات، تنتفي الحاجة إلى الإجابة عن السؤال-الإستغراب الذي طرحته الدكتورة المحاضرة في الجامعة اللبنانية والباحثة في الهيئة الوطنية للطاقة الذرية سامية مخ حول السبب وراء وجود جرثومتي الإيكولي والكوليفورم في النبع الرئيسي لنهر العاصي وليس في المجرى فقط. فبالإضافة إلى مكب بلدية الهرمل للنفايات الصلبة والعضوية وصهاريج الصرف الصحي، تعتدي بلديات المنطقة الوسطى في قضاء بعلبك من رأس بعلبك إلى جديدة-الفاكهة وبعض بلدات البقاع الشمالي على منبع نهر العاصي عبر مكبات النفايات والصرف الصحي التي تفرّغ على بعد ألف متر في مجرى السيل الذي يقودها بشكل دوري إلى النبع الرئيسي للعاصي ومجراه.
قال النائب إيهاب حمادة في المؤتمر “أننا لم نترك بابا إلا وطرقناه: البلديات المعتدية نفسها، القضاء، الوزارات المعنية جميعها، وكل المعنيين. ولم يبق اليوم إلا أن نذهب نحن أبناء الهرمل لنقفل المكبات المعتدية بأنفسنا”. كلام حمادة جاء في إطار تحميله المسؤوليات عما يحصل للعاصي، مع التأكيد أنه من الآن وصاعداً “مع العاصي ما في لعب”.
“منع اللعب مع العاصي” الذي تحدث عنه حمادة خلال المؤتمر، سيكون أبناء الهرمل على موعد معه في الأيام القليلة المقبلة لمراقبة نتائج “الاتفاق الحبي” الذي عقده اتحاد بلديات الهرمل مع مربي الأسماك وتجارها على العاصي ممن يغذون أسماكهم على أحشاء الدواجن ومخلفات المسالخ. كشف عن الاتفاق مسؤول ملف العاصي في الإتحاد عباس الجوهري في المؤتمر كإنجاز ومختصره “عفا الله عما مضى”، حيث “أراد أصحاب المسامك أن يكونوا جزءاً من الحل وليس المشكلة” كما قال.
تعهد هؤلاء، وفق الجوهري، وكما أكد النائب حمادة نفسه “بعدم استخدام مخلفات المسالخ في تغذية الأسماك بعد اليوم”. مربو الأسماك أنفسهم الذين كانوا يرمون في العاصي نحو عشرة أطنان من مخلفات المسالخ وأحشاء الدواجن المفرومة “فجر كل يوم”، كما أكدت مندوبة وزارة الصحة في المؤتمر فاتن خوري. خوري قالت أنها تحضر إلى دوامها عند الثامنة صباحا فلا تجد أثرا لهذه المخلفات “إذ يأكلها السمك”.
منذ خمس سنوات ولغاية اليوم “لم نر جنديا لبنانيا على العاصي” يقول النائب حمادة خلال تعليقه على التعهد الذي قطعته قيادة الجيش اللبناني للجانب السوري بشأن حماية نهر العاصي. لماذا لا توقف حواجر الجيش اللبناني آليات “البيك آب” التي تنقل مخلفات المسالخ ليلا أو في وضح النهار طالما أنه لا مفر من مرورها على هذه الحواجز؟ ولماذا لا يرفع الجيش اللبناني التعديات عن العاصي؟ هذه الأسئلة التي طرحها حمادة لم يوجهها إلى اتحاد بلديات الهرمل وفيه بلديتي الشواغير والهرمل المعنيتين مباشرة بالعاصي، ولا على نواب منطقة بعلبك الهرمل ووزرائها الذين طالما كانوا محسوبين على الثنائي الشيعي: حزب الله وحركة أمل.
المحاسبة نفسها لم تتطرق إلى الحفر الصحية ومدى فعاليتها، ولماذا لم يتم اسبتدالها بمحطتي تكرير على ضفاف العاصي لكل المنتزهات والمطاعم من الجهتين. حفر تمتلئ في الحد الأقصى كل أسبوع وربما أقل في منتزه كبير، يتم إفراغها في مكب يقع فوق الخزان الجوفي لمنابع العاصي. والأهم من يضمن أن بعض أصحاب المقاهي لن يفرغوا جزءاً من هذه الحفر، وتجنباً لإمتلائها واضطرارهم لتفريغها، في العاصي ليلا، كما يفعلون اليوم مع نفايات منتزهاتهم؟
في خضم عرض الإنجازات والمساعي، خرج يوسف دندش، صاحب أحد منتزهات منطقة راس العاصي الواقعة عند نبع عين الزرقا مباشرة، ليقول “لا تجمع بلدية الهرمل نفايات راس العاصي (وفيها خمس منتزهات) ونحن نضطر أن نقوم بذلك على حسابنا الخاص”. بلدية تنتمي إلى الخط السياسي نفسه منذ انتحابات 1998 (أي منذ ثلاثين عاماً) لم تصل لتجمع كل نفايات منتزهات النهر الذي صار على قاب قوسين من أن يتحول إلى الليطاني الثاني لولا رحمة عدم وجود مؤسسات صناعية على ضفافه كما هو حال الليطاني الذي ترمى فيه النفايات الصناعية ل 723 مؤسسة صناعية نفاياتها من دون أي معالجة، مع الصرف الصحي لنحو مئة بلدة وقرية في البقاع والجنوب. وهو السبب الرئيس لعدم تحول العاصي إلى ليطاني ثان، وطبعا قصر المسافة التي يقطعها العاصي في لبنان والتي لا تتعدى ال 43 كيلومترا، بينما يبلغ طول الليطاني 170 كيلومترا. واليوم جاءت سوريا لتدق جرس عدم السماح بقتل العاصي حفاظا على حصتها منه.
دندش أثار أيضا عدم تعزيل مجرى العاصي. قال أن الردميات التي يحملها السيل والجرف الطبيعي تغلق المنابع الرئيسية للعاصي ومنها نبع الدفاش الذي كان يتفجر بقوة دفع لا تقل عن ثلاثة أمتار. “اليوم الدفاش شبه مقفل ولا يمكن الوصول إليه من الردميات المتمركزة في النهر ولا يتم تعزيلها”. دندش نفسه “هدد بلدية الهرمل والإتحاد بأنه سينتظر 15 يوما وإذا لم يتم تعزيل المنطقة سيقوم بتعزيلها وإرسال الفاتورة إليهم”. هنا تدخل حمادة طالبا من بلدية الهرمل البدء بجمع نفايات منطقة راس العاصي.
ويثير ناشطون في الهرمل مسألة الإجتماع الذي عقده اتحاد بلديات الهرمل مع مربي المسامك، حيث لم يقتصر على الاتفاق الحبي بامتناعهم عن استخدام مخلفات المسالخ، بل تمت دعوة رئيس مخفر الهرمل الذي سطَر مخالفات بحق بعض أصحاب هذه المسامك وأحالها إلى القضاء، وجرت محاولة عقد “مصالحة” بينه، بين رئيس المخفر ومربي الأسماك. حلّ شبيه بالطريقة التي تنهي بها العشائر مشاكلها بين بعضها البعض. ويتساءل هؤلاء عن مغذى عقد مصالحة بين القوى الأمنية وبين مخالفين للقانون ملوثين للعاصي طالما أنهم تعهدوا بالتوقف عن التعدي على العاصي، وبالتالي فإن رئيس المخفر لن يحرر بهم مخالفات بعد الآن في حال التزامهم بالإتفاق.
أحد المنتزهات على نهر العاصي – تصوير عليا حاجو
لم يكن للعاصي أم ولا أب
بداية اعتبر مسؤول ملف العاصي في اتحاد بلديات الهرمل عباس الجوهري أنه “لم يكن للعاصي أم ولا أب، قبل سنتين سابقتين من عمر لجنة حماية العاصي التي فعّلت الاهتمام به على المستويات كافة، وطرحت مشكلته كقضية وطنية بامتياز وحددت التحديات والإنتهاكات وووثقتها ووضعتها على طاولة الوزارات المعنية بالعاصي ولدى نواب المنطقة”. وكأنما الجوهري يقول أن البلديات والنواب والوزراء السابقين الذين ينتمون للخط السياسي نفسه لم يفعلوا شيئا للعاصي.
وبرر الإتفاق مع أصحاب المسامك بنهج “الموضوعية والتعاطي مع الملف بصلابة وحكمة، حيث نربط المتطلبات المعيشية للمستثمرين على النهر والتعاون معهم ونقنع المخالفين بوقف الإنتهاكات، وقد تجاوب كثر منهم، ويريد بعضهم ان يكونوا جزءا من الحل وليس المشكلة”. وعليه “قابلنا حسن نواياهم بما يليق”، كما قال الجوهري، متناسيا أن مهمة البلديات تطبيق القوانين وحماية الأملاك العامة والنهرية في نطاقها والسهر على سلامة الناس وصحتهم وليس عقد المصالحات.
من جهته، وبعدما بيّن أهمية العاصي كثروة مناطقية ووطنية، وعرض لأزمة الليطاني وما وصلت إليه ونسب السرطان في لبنان ربطا بالتلوث، رأى النائب حمادة أننا “وصلنا إلى مرحلة متقدمة من مدّ اليد للجميع للتعاون في حماية النهر، وتحمل مسؤولياتنا جميعا، ومعنا الوزرات المعنية “. ليؤكد أن “الغلط والعبث بهذا الملف ممنوع”، وأنه على الجميع تحمل مسؤولياتهم “من وزارة الصحة إلى وزارات البيئة والسياحة والزراعة بما لها من مؤسسات معنية بنهر العاصي وصولا إلى بيئتنا المشكلة من أفراد لديهم مؤسسات، وكل من يستفيد بهذا النهر”.
وعرض حمادة للتواصل مع الدولة السورية ونتائجه، مثنيا على الاتفاق مع مربي الأسماك “حيث لا يمكننا إلا أن نأخذ بعين الإعتبار حماية النهر مع عدم قطع أرزاقهم مع أصحاب المننشآت على النهر. وتوقف عند عدم وجود قانون يرعى إنشاء مسامك في المياه العذبة وهو “ما نفتقر إليه ونعمل على إعداد إقتراح قانون خاص بهذه المشكلة لتنظيم المسامك وقوننتها”.
ورد حمادة على تذكيره بوجود قانون الأملاك النهرية وإمكانية تطبيقه لحماية العاصي بالقول “إذا أردت أن تطاع فاطلب المستطاع”. في إشارة إلى أن غالبية المسامك والمنتزهات على العاصي تنتهك حرمه وتعتدي عليه. والأهم أن هناك خمسين سدا يقيمها أصحاب المسامك وبعض المنتزهات في قلب العاصي ويتصدون لأي محاولة لتعزيل النهر، وطبعا إعادة توحيد مجراه.
لم يسلم الساعون إلى حماية العاصي ومن بينهم الإعلام المناصر للنهر من الإتهام من قبل أصحاب المنتزهات والمسامك بالسعي إلى قطع أرزاقهم وتشويه صورة العاصي السياحية والبيئية وقطع أرزاق الناس.
وعرض حمادة لفيديو يبين ما ترتكبه بلديتا رأس بعلبك والجديدة-الفاكهة بحق العاصي ومجراه، مطالبا “الوزارات المعنية والسلطات كافة ومدعي عام البيئة والقوى الأمنية ووزارة الداخلية كونها معنية بالبلديات، التدخل لوقف هذه الجريمة، وإلا سيوقفها أبناء الهرمل الذين لن يسمحوا بقتل العاصي”.
مكب بلدية الهرمل نفسه الذي يساهم في تلويث العاصي ولم يتم عرض أي صور له ولا لمستنقعات الصرف الصحي الذي يُفرّغ فيه، قالت فاتن خوري، من وزارة الصحة، أن الوزارة قررت إقفاله في عهد الوزير أبو فاعور “ولكن قامت الدنيا ولم تقعد بوجهي في الهرمل واتهموني أني أريد تحويل المدينة إلى بيروت ثانية تغرق شوارعها وأزقتها بالنفايات، فقلت لهم طبعا لا أريد ذلك فلتبحثوا عن مكب آخر، ولكنهم قالوا أنهم لا يجدون أرضاً للمكب”.
بدوره، وبعدما أشاد رئيس اتحاد بلديات الهرمل نصري الهق بالإتفاق مع مربي الأسماك و”إنجازات” الاتحاد، نفى أن يكون هناك منتزهات ترمي نفاياتها في النهر ليلا”، مؤكدا على الإصرار على حل مسألة مكبات راس بعلبك والفاكهة.واعتبر أن الإتحاد وبلدية الهرمل يقومون بدور “الدولة التي هي أم العاصي وليس نحن”.
آن الوقت لنحاسب بعضنا قليلاً
هنا رد رئيس بلدية الهرمل صبحي صقر على الهق في أكثر من نقطة بالقول: أولاً “الأم الحقيقية للنهر هي نحن ومعنا أبناء المنطقة ونوابها لأن الكارثة تقع علينا والأذى كذلك ومعنا أصحاب المطاعم والمنتزهات ومزراع السمك”. ودعا إلى “تطبيق القانون ثم القانون ثم القانون، وهذه مهمة بلدية الهرمل ووزارات الزراعة والصحة والسياحة والبيئة”.
ثانياً “يتم تعزيل النهر بشكل سطحي، وهذا ليس كافيا، إذ يجب تعزيله بشكل جدي ومن القعر، وليس بشكل سطحي، فها هي ردميات عدوان تموز ما زالت في مجرى العاصي”.
وخلافا للإتفاق “الحبي”، رأى صقر أنه “يجب معاقبة المخالف ولا بد من ذلك”. وتساءل “ألا يتسبب هؤلاء بالأذى لأولادهم وأهلهم والنهر ولكل الناس معهم. والله أمر بمخالفة الملوث والمخالف، فقد آن الوقت لنحاسب بعضنا قليلاً”. ودعا إلى تحديد مهل “فالتعهدات بعدم المخالفة طالما تنتهي مع مرور الزمن، ويعودون إلى التكرار”.
ثالثاُ، وفي معرض رده على الهق، قال صقر “أنا متيقن أن هناك نفايات ترمى في العاصي نهاية الليل”.
ودعا عضو لجنة حماية العاصي مدير ثانوية الهرمل مخلص أمهز إلى تشكيل لجان تهتم كل منها بملف يتعلق بالعاصي على حدة لتسهيل العمل وتنظيمه وليكون مثمراً.
وردت مندوبة وزارة الصحة فاتن خوري عدم وجود سالمونيلا في تحاليل مياه المسامك التي تغذي فراخها على أحشاء الدواجن إلى كون هذه الأحشاء لا تحتوي على سالمونيلا طيلة الوقت، محذرة من وجود السالمونيلا الجرثومية في مجرى النهر وتأثير ذلك على صحة الناس “كون معظم المنتزهات تغسل أوانيها وبعضها يغسل خضاره بمياه العاصي”. وهنا رأت الدكتورة مخ أن غياب السالمونيلا من التحاليل لا يعني عدم ضرر أحشاء الدواجن “فالسالمونيلا تكون في الدجاج المضروب وليس في كل الدجاج”.
وبالنسبة لأحشاء الدواجن، قالت خوري “يوفر صاحب المسمكة نحو ألفي دولار كل يومين إذا غذى أسماكه على أحشاء الدواجن”، مؤكدة أن وزارة الصحة توقفت من ست سنوات عن تسطير مخالفات بحق المخالفين على العاصي بسبب اقتصار الغرامة على مئة ألف ليرة. وعليه، “لو سطرنا مخالفة بمربي السمك كل يوم سيبقى ربحان”.
ورداً عن عدم تحميل كل الأطراف مسؤولياتهم مباشرة وعلانية ومن بينهم القضاء وكيفية تعاطيه مع ملف العاصي، قال حمادة “نحن نضطر أحياناً أن نعالج الأمور بكفوف بيضاء، ولكن هذا لا يعني أننا لا نتابع الأمور حيث يجب”.
كفوف بيضاء لا تبدو مناسبة للتعامل مع العاصي، فنقطة مياه من هذا النهر الذي لو استطاع الكلام لأوصل صوت معاناته ومظلوميته إلى أقاصي الدنيا، نقطة واحدة من مياه العاصي الملوثة يا سعادة النائب حمادة كفيلة أن تحول الكفوف البيضاء إلى بنية سوداء.
“