ولدّت كارثة تفجير صهريج البنزين في التليل العكّاريّة، الذي أودى بحياة 30 شخصاً وأصاب العشرات بحروق بليغة، حالة غضب ضدّ النوّاب العكّاريين والشماليين، أبرزهم النائب طارق المرعبي ورئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي. وصل مشهد الغضب هذه المرّة إلى شكل قلّما نشهده في الشارع، تمثّل بتجرّؤ عشرات المحتجّين على اقتحام منزل النائب العكّاري طارق المرعبي الذي ردّ على ذلك برفع دعوى سرقة وخلع وكسر، ومهاجمة منزل ميقاتي.
وحين استدعي المحتجّون إلى التحقيق يوم الثلاثاء، تمسّكوا بشرعية ردّة فعلهم على قاعدة أنّ “السياسيين انتهكوا حق الشعب في الحياة، لذلك يحقّ للناس دخول منازلهم وتحويل نومهم إلى أرق”.
وبفعل الضغط الذي مورس في الشارع تضامناً مع المستدعين إلى التحقيق تراجع المرعبي عن الدعوى، بعد فشل محاولاته التفاوض مع وكلاء الشبّان والشابات على إصدار بيان مشترك يدين ما قاموا به.
ويرتبط اسم النائب المرعبي بالنسبة للمحتجّين بالتفجيرين الكارثيين اللّذين هزّا البلاد. فهو من جهة من النوّاب الموقّعين على عريضة تُطالب بالتحقيق مع المشتبه بهم في تفجير المرفأ أمام مجلس محاكمة الوزراء والرؤساء (قال إنّه تراجع عنها لاحقاً)، ومن جهة أخرى هو نائب عن عكّار التي وقع فيها تفجير صهريج البنزين وورود معلومات عن علاقة مباشرة تربطه بصاحب الأرض التي وقع فيها التفجير.
ردّة فعل على مأساة عكّار
إذاً أما هول فاجعة عكّار، تمّ تنفيذ عدّة وقفات احتجاجيّة، بدأت من منزل المرعبي في القنطاري ثمّ أمام منزل نجيب ميقاتي. وحين وصل المحتجّون إلى المبنى الذي يسكنه المرعبي، كان الدخول إليه سهلاً ولم تكن قد وصلت القوى الأمنيّة بعد. يقول أحد الشبّان الّذين شاركوا في الاحتجاج، “كان الدخول إلى المبنى سهلاً جداً، سألنا عن الطابق الذي يقطنه المرعبي وصعدنا، وحين وصلنا إلى الشقّة، وعلى وقع صراخنا العالي أمام باب شقته، فتح الباب عامل أجنبي، فدخلنا واستكملنا الاحتجاج داخل الشقّة”.
خلال تواجدهم في الشقّة كان هناك عدد من الأشخاص يصوّرون بهواتفهم عمليّة الدخول، انتشرت الفيديوهات بسرعة وبالطبع وصلت إلى القوى الأمنيّة التي تحرّكت لترصد حركة الشبّان الّذين بعد خروجهم من بيت المرعبي توجّهوا إلى المبنى الذي يسكنه ميقاتي قرب ستاركو. وهناك، قاموا بتنفيذ احتجاج آخر، جرى خلاله توقيف ويليام نون من قبل عناصر من قوى الأمن الداخلي، شقيق ضحية تفجير مرفأ بيروت دجو نون، وتمّ اقتياده إلى ثكنة الحلو قبل أن يتمّ إخلاء سبيله بعد ساعات. كما جرى توقيف الشاب خضر عيدو حين كان يتهيأ للخروج من المنطقة مع صديقه روي بوخاري من قبل أشخاص بلباس مدني وسلّموه لقوى الأمن الداخلي. وبالتوازي مع هذين التحرّكين، كانت ساحة الشهداء تحرّكاً آخر، جرى خلاله توقيف ثلاثة شبّان أُخلي سبيلهم في اليوم نفسه، وجرى لاحقاً في ساعات متأخّرة من الليل استدعاء شابين آخرين للتحقيق فقاما بتسليم نفسيهما فجر الاثنين وهؤلاء بقيا مع خضر عيدو قيد التوقيف إلى مساء الثلاثاء. بالتوازي، جرى توقيف رئيس المجلس التشريعي في حزب سبعة جاد داغر، على خلفية منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي لداغر توجّه فيها للمرعبي.
وفي اليوم التالي، بدأت الاستدعاءات إلى التحقيق على خلفيّة اقتحام شقّة المرعبي وبلغ عدد المستدعين مع الموقوفين 17 شخصاً، وتمّ التحقيق يوم الثلاثاء مع 16 منهم (بينهم شابّتين) ولم يحضر واحد منهم إلى التحقيق. وجرى التحقيق مع الـ16 في مبنى شعبة المعلومات في الأشرفية بحضور محامين من “لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين” فيما تظاهر. وتبيّن أنّ المرعبي ادّعى على الشبّان الّذين دخلوا منزله بـ”الخلع والكسر والسرقة والتعدّي على حرمة المنزل”، وهي تهم من فئة الجنايات.
أهالي الموقوفين والمتضامنين لم يبارحوا الشارع
بالتزامن مع التحقيق، تجمّع حشد من المواطنين منذ ساعات الصباح الأولى أمام مبنى شعبة المعلومات، مطلقين هتافات مندّدة بالتوقيف وبـ “حكم العسكر” وبـ “السلطة السياسية الفاسدة”. وانتظر بعض أهالي الموقوفين أبناءهم طيلة ساعات التحقيق الذي بدأ عند الساعة 11 صباحاً واستمرّ حتى الساعة الثامنة مساء، أيضاً في الطقس الحار. ومن بينهم والدة الشاب خضر الأحمد القلقة جداً من وجود ابنها في التحقيق بتهمة “كبيرة”، التي تقول لـ”المفكرة” إنّها أتت من البقاع لمؤازرة ولدها: “لم يقل لي إنّه تلقى اتصالاً من القوى الأمنيّة، لكنّ اسمه كان قد انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي”. وتُضيف: “أخوته يعيشون خارج البلاد اتصلوا بي ليسألوني عنه وعندها علمت منهم أنّه في التحقيق”. تتابع، “ما كان بدّو ياني إحمل همّ، خاصّة انن ادّعوا عليه بالسرقة، ابني ما بيسرق ابني تعبان من الوضع”. بحرقة، تتكلّم الوالدة عن دوافع ابنها الذي يجد في الشارع ملجأ له للتعبير عن غضبه: “الوضع في البلاد يُنهكه، من غلاء الأسعار إلى انقطاع الكهرباء والوقود والخبز”.
شقيقة روي البوخاري تقف أيضاً خارج مبنى شُعبة المعلومات تتنظر عودة شقيقها الذي تؤكد أنّه أصلاً لم يدخل بيت المرعبي، ومن غير المنطقي أن يتمّ استدعاؤه. تكشف الشابّة عن هذه المعلومة لتؤكّد أنّ “الاستدعاءات عشوائية، وبعضها فقط بقصد تخويف الشبّان بخاصّة حين يتمّ استدعاء شخص لا علاقة له بالقضيّة من الأساس”. وتُضيف، “لطالما شارك روي في التحركّات الشعبيّة واتّسمت طبيعة تحرّكه بالسلميّة وهو أصبح معروفاً، ما يُريده فقط هو أن يُعبّر عن نفسه في الشارع ضدّ السلطة الحاكمة”.
والد ويليام نون كان حاضراً في الخارج ينتظر ابنه للخروج من التحقيق قبل أن تنضمّ إليه زوجته في وقت لاحق. يشدد الرجل على أنّ ولده ويليام غاضب من النوّاب الّذين وقّعوا على العريضة النيابيّة، ويلفت إلى أنّ “المرعبي كذب حين قال إنّه سيتراجع عن توقيعه، لكن لم يُثبت ذلك”. ويُضيف، “نحن آخذين موقف، كلّ شخص بيوقّع على هكذا عريضة سندخل بيته، ونحن هنا بانتظار أن يخرج ويليام مع جميع الشبّان”. يعيب نون على المرعبي أن يتشكّى “كرمال كنباية، يا عيب الشوم، أنا رايحلي شهيد”.
يقول الوالد إنّ ابنه ويليام “فقد شقفة من روحه في تفجير آب، نحن كنّا مبسوطين بولادنا، وكنت عم ببني بيت لدجو ليتزوّج، ويليام خسر شقيقه وصديقه، كانوا يعملوا كل شي سوا”. ويتابع: “يقول لي ويليام إنّه لو أنا متت ودجو لا يزال حيّاً كان سيفعل أكثر ممّا أفعل لأجله، لذا، أنا مع ويليام بخياراته، وأسانده دائماً”.
وبعد الظهر، تجمّع عشرات المحتجّين على مدخل مدينة جبيل حيث تسكن عائلة نون ولم يتفرّق الحشد إلّا مع صدور خبر إخلاء سبيل الموقوفين.
المرعبي يحاول تسوية القضية قبل التراجع عنها
يوضح المحامي أيمن رعد من لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين أنّه تلقّى اتصالاً من شخص من طرف المرعبي طالباً منه أن يخرجا ببيان سوياً يدين تصرّف الشبّان، “لكنني رفضت من مبدأ أنّه لا تفاوض مع السلطة ومن قناعتنا أنّه لا يوجد جرم”.
وعليه، بعد فشل المرعبي في الوصول إلى اتفاق، أصدر بياناً من مجلس النوّاب قال فيه إنّ “محاولة تشويه صورتي عند الرأي العام كمُوقّع على عريضة الاتهام هي محاولة ساذجة لتحوير الحقائق والتعمية على حقيقة توقيعي على اقتراحَي تعليق المواد الدستورية والقانونيّة لرفع كل الحصانات عن كل المسؤولين”. وأضاف: “من يطلب رفع الحصانات عن الجميع ويتراجع عن عريضة الاتهام لا يمكن اتّهامه بحماية المتورّطين، بل من يحميهم هو من يرفض التوقيع على تعليق الحصانات الدستورية والقانونية”. ومن جهة ثانيّة، اعتبر المرعبي أنّه مع “مطالب الثورة الحقيقية، ويحترم حريّة التعبير عن الرأي المصانة بالدستور والمواثيق الدوليّة”. ورأى انّ الدخول إلى منزله “لا يمثّل الثوار الحقيقيين”. وشرح المرعبي أنّه حين علم أنّ الشكوى التي تقدّم بها ستتحوّل إلى جناية، “قرّرت من تلقاء نفسي الطلب من وكيلي التراجع عن الادّعاء”.
ساعات من التحقيق
يقول رعد إنّ المحقّقين طبّقوا المادّة 47 من قانون أصول محاكمات جزائيّة التي تُعطي الحق للموقوف أو المستدعى للتحقيق بأن يتّصل بعائلته ويوكل محام كما وأن يحضر المحامي التحقيق معه. وعليه، هذا ما حصل مع الشبّان الذّين توجهوا إلى التحقيق يوم الثلاثاء، سوى أنّ بعض الّذين أوقفوا يوم الأحد لم يطلبوا حضور محام لعدم معرفتهم بحقوقهم كاملة. ويشرح بأنّ النيابة العامّة التمييزية كانت مشرفة على التحقيق. وفي الوقت عينه، يلفت رعد إلى أنّ بعض الشبّان الّذين تم توقيفهم الأحد، تعرّضوا للضرب أثناء التوقيف وأثناء نقلهم في الآليات العسكرية.
ويشرح رعد مضمون الادّعاء الذي هو جناية السرقة مقترنة بجرم الكسر والخلع وخرق حرمة المنزل، ويلفت إلى أنّ المرعبي ادّعى أنّه تعرّض لسرقة أموال بقيمة 13 ألف دولار، وبطاقة مصرفيّة وبعض المقتنيات الثمينة. ويؤكد رعد، أنّ السرقة لم تحصل فالمرعبي لم يقدّم أي أدلة تُفيد بحصول عمليّة السرقة كما أنّ الكسر والخلع لم يحصلا لأنّ العامل فتح الباب للشبّان. أمّا البطاقة المصرفيّة، فيقول رعد إنّ البطاقة المصرفية استخدمت لطلب دليفيري عبر تطبيق “زوماتو” لكن لم تتمكّن القوى الأمنيّة من تحديد الفاعل حتى الآن.
ويتابع رعد أنّ “الشبّان والشابات خرجوا جميعاً من التحقيق عند حوالي الساعة الثامنة مساء، جزء منهم خرج بسند إقامة وآخرون رهن التحقيق إلى حين وصول المعلومات بشأن البطاقة المصرفيّة، ولا يستبعد أن يتمّ إحالتهم إلى القضاء العدلي.
يقول المحامي واصف الحركة لـ”المفكرة” إنّ ترجمة الغضب بهذا الشكل هو لأنّنا “حالياً نحن بحالة دفاع مشروع والجرم الأساس ارتكبته السلطة”. وانطلاقاً من هذه القناعة، يعتبر الحركة أنّ ردّة فعل الشبّان الّذين دخلوا بيت المرعبي، “ليست جرماً إنّما موقف سياسي”. ويُضيف، “من يُريد محاسبتنا على خرق حرمة منزل، فنحن سنحاسبه على خرق حرمة الوطن بأكمله”.
وإذ يؤكّد الحركة على ما قاله رعد لناحية عدم وجود أي دليل على سرقة وعدم ارتكاب الشبّان جرم الخلع لأنّ هناك من فتح لهم الباب، يجد الحركة أنّ “دعوى المرعبي غير مقنعة، فلا يوجد جرم، والشبّان حين توجّهوا إلى شعبة المعلومات أكّدوا على قناعتهم بما فعلوا وعلى أنّهم لم يرتكبوا أي جرم”. ويلفت الحركة إلى أنّ تراجع المرعبي عن الشكوى مساء الثلاثاء هو دليل خوف، فالسياسيين اليوم أصبحوا يخافون أن تدخل الناس بيوتهم، ونحن أثبتنا على موقفنا بعدم التفاوض معهم مهما كان الثمن، وتم التراجع عن الشكوى من دون أي تسوية”.
المستدعون إلى التحقيق: نحن ندافع عن أنفسنا بوجه السلطة
تعرّض خضر عيدو 23 عاماً، للتوقيف والسّحل على أيدي ستّة أشخاص بلباس مدني خلال وجودهما في سيارة صديقه روي بوخاري (الذي استدعي لاحقاً إلى التحقيق) خلال خروجهما من أمام منزل ميقاتي. يروي خضر لـ “المفكرة”، أنّها “كانت الساعّة الحادية عشرة ليلاً، حين توجّه ستّة أشخاص إلى السيارة وقاموا بسحبي إلى خارجها وسحلي”. يُضيف، “لم أعرف من الذي أخذني، وانهالو عليّ بالضرب المبرح أثناء توقيفي، ثم وضعوني في سيارة تابعة للقوى الأمنيّة واستمروا بضربي ضرباً مبرحاً، بأيديهم وأرجلهم”. ويتابع، “تم تقييد يدي ثم اقتيادي إلى ثكنة الحلو، هناك لم يُسمح لي بالتواصل مع أهلي، إلى أنّ تمّ نقلي إلى شعبة المعلومات حيث تم السماح لي الاتصال بأهلي وكانت الساعة تقريباً الثانية فجراً”.
يلفت خضر إلى أنّه حين وصل إلى شعبة المعلومات كان منهكاً جداً، بخاصّة بعد الصدمة التي تعرّض لها من طريقة توقيفه. ويقول: “لم أطلب حضور محام، كنت متعباً جداً وفاقد التركيز”. ويُضيف، “جرى التحقيق معي وطرحت أسلئة عليّ مثل، مين مموّلك، مين محرّضك، كيف جمّعتوا حالكم..”.
يقول روي، 27 عاماً، بدوره لـ”المفكرة” إنّه لم يكن من بين الّذين دخلوا إلى بيت المرعبي، لكن مع ذلك جرى استدعاؤه إلى التحقيق. ويروي أنّه حين صعد الشبّان إلى منزل المرعبي انتظرهم خارجاً، وأنّه انتقل لاحقاً إلى محيط منزل ميقاتي حيث “كنّا أنا وخضر عيدو في السيّارة نتهيّأ للخروج من المنطقة، حين رأيت عدّة شبّان بلباس مدني يتّجهون نحونا، اعتقدت أنّهم من المتظاهرين ويرغبون في صعود السيارة، لكن تبيّن أنّهم غير ذلك، ففتحوا باب السيارة وسحبوا خضر وسحلوه على الأرض”. ويضيف: “لم أفهم لحظتها من هي الجهة التي أخذت خضر، كلّ ما فكرت فيه أنّ خضر اختطف ولم أفكر للحظة أن يكونوا من الدولة فهؤلاء المدنيون كانوا يُشاركون معنا في التظاهر حين كنّا أمام منزل ميقاتي”.
روي شعر بالخوف على صديقه، وتواصل مع أهله، لكنّ عائلته واجهت صعوبة في معرفة مكان ابنها، إلى حين اتصل خضر بوالدته وأعلمها مكان تواجده.
ويوم الاثنين، تلقّى روي اتصالاً من قوى الأمن الداخلي تطلب منه الحضور إلى التحقيق، “توجّهت إلى التحقيق، بعد إعلام المحامين بذلك، وكان الموقف مريحاً لوجودهم معنا”. ويشرح أنّ نوعيّة الأسئلة ارتبطت “بمحاولة معرفة من هو المحرّض، وكنت طيلة الوقت أؤكّد على أنّ تحركنا عفوي وشرحت أنّه ردّة فعل على ما حصل في عكّار”.
غيتّا مشيك أيضاً استدعيت إلى التحقيق، وهي من بين الّذين دخلوا شقّة المرعبي وكانت تحمل هاتفها وتصوّر الحدث. وتؤكّد غيتّا أنّ “الأمن كان لديهم معلومات دقيقة عنّا، مثلاً، قالوا لي إنّهم يعرفون كيف وصلت من البيال إلى منزل المرعبي على الدراجة الناريّة”. وتشرح أكثر، “كانوا قد دققوا في الفيديوهات التي صوّرتها، وسألوني لماذا عمدت على إخفاء وجوه الّذين دخلوا إلى شقة المرعبي، وبسبب تمسّكي بحقّي في الدفاع عن نفسي والتأكيد على حقي في التعبير ضد السلطة السياسية، طال التحقيق معي وبقيت لنحو 4 ساعات أخضع للمساءلة”.
تؤكّد غيتّا: “كنت شديدة الثقة بنفسي، ولا أقبل الاتّهامات المبطّنة، وهذا ما أثار استغراب المحققين، إضافة إلى أنّ وجود محام إلى جانبي كان يزيد من ثقتي بأنّني قادرة على التعبير عن نفسي خلال التحقيق”. وتُضيف، “سمعت أحد المحققين يقول إنّ التحقيق مع المتظاهرين هو من أصعب التحقيقات التي يجريها”، وتعتقد أنّ “السبب هو أوّلاً الضغط الذي يُمارسه المتضامنون، إضافة إلى أنّ الخاضعين للتحقيق يعرفون أنّهم على حق وقاموا بما قاموا به بكل ثقة وعلنيّة ولا يخشون كشف هوياتهم”.
ليست المرّة الأولى التي يخضع فيها أندريه كره بيت للتحقيق على خلفيّة مشاركته في تظاهرات، بل هي الثالثة. ويشرح أنّه دخل مع المحتجين إلى بيت المرعبي بهدف تصوير الحدث من موقعه كصحافي، من دون أن يخفي تأييده له كونه من الأشخاص الّذين يُشاركون في التحرّكات الشعبية بشكل متواصل. يعتبر أندريه أنّ الاستدعاءات للتحقيق بحق المتظاهرين أو توقيفهم لن تثنيه عن متابعة ما يقوم به للتعبير عن رأيه. وعليه، يجد أنّه في نهاية المطاف “أو منسافر من البلد أو منضل نحارب”. ويشرح أكثر عن دوافعه التي تجعله معنيّاً بالتظاهر، “نعيش في ذلّ، أين ما ذهبنا مذلولين، في نومنا وفي يقظتنا”.