تزامنًا مع المعلومات عن بدء العدوان الإسرائيلي التوغّل برًّا جنوب لبنان، يستكمل الجيش الإسرائيلي ترهيبه العائلات الصامدة جنوب لبنان وإرباكهم مبرّرًا سلفًا اعتدائه على المدنيين، عبر الطلب منهم، من جهة عدم التحرّك بآلياتهم من شمال الليطاني إلى جنوبه، ومن ثمّ الطلب منهم من جهة ثانية، إخلاء منطقة جنوب الليطاني فورًا، مع تهديدهم بأنّ حياتهم تحت الخطر في حال البقاء. وما بين تهديدين تساءل رئيس بلدية إحدى القرى الجنوبية الحدودية عبر “المفكرة”: “هل يدفع العدوان الإسرائيلي إلى تهجيرنا سيرًا على الأقدام؟ فمن ناحية نحن ممنوعون من تحريك آليّاتنا، ثمّ يطلبون منّا إخلاء قرانا الحدودية إلى ما بعد نهر الأوّلي في صيدا”.
وكان المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي كتب في منشور على منصّة “إكس” متوجّهًا إلى أهالي القرى الحدودية: “من أجل سلامتكم الشخصية نطالبكم بعدم التحرّك بالمركبات من منطقة الشمال إلى منطقة جنوب نهر الليطاني”، وأنّ “هذا الإنذار ساري المفعول حتى إشعار آخر”، ثم عاد وطلب بعد أقلّ من 3 ساعات، في منشور آخر، من أهالي القرى، ومنها في جنوب الليطاني، “إخلاء بيوتهم فورًا” و”التوجّه فورًا إلى شمال نهر الأوّلي إنقاذًا لحياتهم” مع إعادة التأكيد على عدم التوجّه جنوبًا لأنّ أيّ توجّه جنوبًا قد يعرّض حياتهم للخطر، وبالتالي هو قطع الطريق على أيّ عائلة تنتظر مركبة من شمال الليطاني للإخلاء”.
وبذلك، يقطع الاحتلال سبل العيش ومقوّمات الحياة عمّن صمدوا جنوب الليطاني من جهة، وجعل الخروج من القرى مستحيلًا لمن لا يملك آليّة وينتظر سيّارة أو وسيلة نقل من شمال الليطاني من جهة أخرى، ما يُهدّد حياة حوالي 3 آلاف عائلة لا تزال موجودة في 163 قرية جنوب الليطاني، حسب مصدر معني في غرفة إدارة الكوارث في المنطقة، والذي لفت في اتصال مع “المفكرة” إلى أنّه لا توجد أرقام رسميّة عن عدد الأسر في هذه المناطق إلّا أنّها تتراوح ما بين 2500 إلى 3000 إذ إنّه في حين هناك قرى فرغت كليًّا لم ينزح من قرى أخرى سوى 20%.
وأشار عدد من مخاتير ورؤساء بلديات هذه القرى التي بدأت أصلًا تُعاني من شحّ في المستلزمات الضرورية للعيش مع توسّع العدوان يوم الاثنين 23 أيلول الماضي، مؤكدين أنّ الحصار سيزيد وضعها سوءًا.
ولتبرير الحصار العدواني وقطع طرق الإمداد بالمواد والمستلزمات الأساسيّة لقرى جنوب الليطاني وناسها، قال أدرعي: “يدور في منطقة جنوب لبنان قتالًا عنيفًا حيث يستغل خلاله عناصر حزب الله البيئة المدنية والسكان دروعًا بشرية لشن الهجمات”.
وفي الإطار قال رئيس بلدية رميش ميلاد العلم لـ “المفكرة” إنّ هناك 1150 عائلة لا تزال داخل رميش وإنّ القرية تعيش عزلة منذ بداية توسّع العدوان الذي منع التجّار من الوصول إليها، مشيرًا إلى أنّه تمّ تأمين الطحين ومازوت للقرية بمبادرات فرديّة ولكن ما تمّ تأمينه من مخزون سينفد سريعًا في ظلّ الحصار.
وأشار العلم إلى أنّه ومنذ أسبوع يحاول إيصال صوت القرية إلّا أنّ أحدًا لم يجب على اتصالاته من المعنيين في الاستجابة للأزمة.
وأشار مواطنون من القرية تواصلت معهم “المفكرة” إلى أنّهم مع بداية توسّع العدوان استطاعوا تخزين بعض المؤن الأساسيّة إلّا أنّ ما خزنّوه لا يكفي لوقت طويل في حال طال الحصار.
وتواصلت “المفكرة” مع عدد من المواطنين لا يزالون صامدين في قرى أصبحت شبه خالية، وكرّر معظمهم أنّهم يعتمدون بشكل أساسي على المؤن التي عادة ما يجهزها الأهالي للشتاء: “عنّا زيت وبرغل ولبنة وحطب، وإذا نفد الحطب في حرامات (أغطية)” تقول مواطنة في إحدى القرى الحدودية في جنوب الليطاني.
وأوضح مواطن من إبل السقي الحدودية أنّ الحصار حاليًّا يمنع على سبيل المثال نقل جثمان أحد سكّان القرية الذي توفي في مستشفى حاصبيا إلى مدافن القرية “الجيش الإسرائيلي حذّر من تحريك الآليّات، حتّى موتانا لن نتمكّن من دفنهم” يقول.
ويشير إلى أنّ القرية فرغت أمس من سكّانها بعدما استهدفتها غارة إسرائيليّة أدت إلى استشهاد عائلة نازحة من كفركلا، وإصابة كاهن الرعية غريغوريوس سلّوم بجروح بالغة مع عائلته المؤلفة من سبعة أشخاص، لافتًا إلى أنّ القرية كانت تعاني من شحّ في المياه وانقطاع الكهرباء وصعوبة تأمين الكثير من المستلزمات الأساسيّة.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.