أقامت حملة "بيروت مدينتي" احتفالاً لها في موقف مبنى "الفوروم دو بيروت" في 12 أيار 2016 احتفالاً بانتهاء عملية الاقتراع في الانتخابات البلدية في بيروت. أراد المنظمون ان يكون الحفل تعبيراً عن امتنان كبير لكل من صوّت لهذه اللائحة، وكبادرة شكر لكل متطوع عمل على مدى نحو ستة أشهر وأكثر للترويج والتعريف بـ “لائحة بيروت مدينتي".
وعلى الرغم من أنّ فكرة احتفال لائحة لم تحقق الفوز (بالمعنى المتعارف عليه) في الانتخابات كان محط استغراب العديد، الاّ أن شريحة واسعة من المواطنين وجدوا بالأمر ضرورة وذلك تكريساً للانجاز العظيم الذي حققته هذه اللائحة والمتمثل بـ “كسر هيبة محدلة السلطة، وإقناع الناس بواقعية الأمل بالتغيير".
عند الساعة الثامنة والنصف من مساء الخميس، بدأ الناس بالتجمع في باحة "الفوروم". وعلى الرغم من ان اختيار المكان لم يكن موفقاً لناحية رائحة النفايات الكريهة التي ملأت الجو، الا ان هذا الأمر لم يمنع الناس من مختلف الأطياف من المشاركة بالاحتفال الذي تميز بحضور عدد كبير من الوجوه الفنية والناشطين في المجتمع المدني. لكن هذه الرائحة كانت كافية للتذكير بالسبب الذي دفع بالناس للتصويت للائحة "بيروت مدينتي" والبحث عن بديل.
بدأ الاحتفال بكلمة ألقتها مسؤولة "اللجنة القانونية" في الحملة نرمين سباعي شكرت خلالها "كل من صوّت لبديل من أجل استعادة بيروت ست الدينا بعد ان حوّلوها الى مدينة مغمورة بالنفايات. ولكل من آمن ببديل يقف بوجه من باع رمل بيروت وشاطئها، ولوّث هواها وسرق مالها، ولمن حوّل أحياء بيروت الى شقق فارغة هجّرت سكان الحي لتضارب بأسعار الباطون".
وأكدت أن "من بعد 8 ايار لا يمكن للمجلس البلدي ان يتابع بنفس الطريقة السابقة. سوف نفتح حرش بيروت المغلق، سوف نكسر القفل كما كسرت هيبة المحدلة. نريد ان تعود الدالية للصيادين. ولا نريد لوسط بيروت ان يكون مدينة أشباح. لا نريد ان نبقى عالقين في زحمة السير ونريد مساحات خضراء نتنفس فيها". ووعدت باستمرار الحملة التي ستبقى العين الساهرة على المدينة.
ثم تحدثت جمانة تلحوق بإسم الشباب المتطوعين في الحملة عارضة تجربتها. تحدثت تلحوق وهي طالبة جامعية لا تتجاوز الـ 21 سنة عن ايجاد "مساحة سياسية خارج إطار الاحزاب التقليدية، تحملت خلالها العديد من المسؤوليات كما كان بإمكانها ابداء الرأي". وقالت:" أجمل ما في الحملة انها ساعدتنا على كسر الحواجز الجغرافية داخل مدينتنا والحواجز بين الناس الذين تعرفنا عليهم وهم لا يشبهون "أم خالد" في المهرجانات."
وأكدت: "ان هذه الحملة غيّرت معنى السياسة في لبنان، فقد خلقت شبكة بين الناس وعلاقة متينة بين بيروت وسكانها. 8 ايار هو بداية حقبة جديدة اثبت ان الاحباط ليس قدراً وان لا شيء مستحيل".
لقد شكل ترشح آمال الشريف الى الانتخابات البلدية بارقة أمل لدى العديد من الناس لاسيما لدى ذوي الاحتياجات الخاصة فكان اسمها يخرق لوائح السلطة في أثناء الفرز. آمال شريف رأت ان ما قامت به "بيروت مدينتي خطوة كبيرة" وقالت: "لن نقف عند هذا الحد فالأمل كبير وبالامكان القيام بتحقيق الكثير من الأمور. لذا نحن عازمون على تحقيق جزء من برامجنا حتى لو لم نكن داخل المجلس البلدي".
وعن المهرجان قالت المرشحة فرح قبيسي: " يحق للمتطوعين الذين بذلوا جهداً عظيماً كفريق عمل "بيروت مدينتي" الاحتفال". واعتبرت "ان تتمكن حملة مدنية خارج الاصطفافات السياسية والطائفية والمذهبية المهيمنة، من ان تواجه محدلة الأحزاب المسيطرة منذ عشرات السنين هو انجاز تاريخي. وقد تمكن من خلق حركة داخل المجتمع وأعاد إليهم الامل بأن التغيير في هذا البلد ممكن، وان السلطة الموجودة والاحزاب المهيمنة عليها ليست قضاء وقدراً". وأكدت: "سوف نستمر على المستوى البلدي وغير البلدي لأن اليوم لدينا مسؤولية كبيرة متمثلة بآلآف الأصوات التي وضعت ثقتها بنا".
ورأى المخرج لوسيان أبو رجيلي أن: "هناك انتصاراً كبيراً حصل فالشعب اللبناني تمكن من ان يقول للزعماء السياسيين "بدنا نحاسبكم" ان لم يكن ذلك في الشارع فمن خلال صناديق الاقتراع".
حضر الناشط خلدون جابر الى الاحتفال ليعبر عن دعمه لهذه الحملة علماً انه لا يصوّت في بيروت وقال: "هذه اللائحة كانت بمثابة حلم لكل مواطن يسكن في بيروت. فهي مؤلفة من مستقلين وقد واجهت أحزاب السلطة التي تملك المال والاعلام، واستطاعت ان تكسب ثقة 32 ألف مواطن لبناني على أمل بتجديد هكذا نوع من المبادرات في الانتخابات النيابية المقبلة".
واعتبر علي ن. أن ما حققته لائحة "بيروت مدينتي" هو أول ثمرة سياسية للحراك المدني الذي حصل منذ صيف 2015 وحتى اليوم. وقال: "المشهد هنا اليوم يشرح الوضع، فبينما لدينا لائحة خسرت بالارقام هي اليوم تحتفل، بالمقابل يوجد لائحة فازت بالارقام الا ان ناخبوها باقون في بيوتهم لا يتحركون". واعتبر على ان "الآن يبدأ العمل السياسي الجدي اذ لا يزال لدينا استحقاق دستوري يتمثل بالانتخابات النيابية في 2017 علماً ان حجة التمديد سقطت لذا لا بدّ ان يكون ذلك قريباً". وأثنى على المبادرات الشبابية في المناطق التي تترشح في وجه السلطة.
يرى محمد ح. أن "النجاح الحقيقي الذي أحرزته بيروت مدينتي يكمن في الخرق الذي حققته في جدار السلطة القائم منذ نحو عشرين عاماً". لكن في الوقت نفسه سجل على اللائحة "ثغرة تكمن في إحجامها عن مقاربة الملفات السياسية، وأخذت الصراع من منظار حضاري مدني فانطلقت من تركيز الاهتمام على ملفات عمرانية ولم تلتفت الى المنظار السياسي الذي تضطلع به اللائحة الاخرى والقائم على مشروع سياسي يعود الى زمن الطائف واستملاك العاصمة من خلال سوليدير وغيرها. ولفت الى انه "كان لدى العديد من المواطنين علامات استفهام حول مقاربتها من الناحية السياسية" دون ان يغفل عن اعتبارها "بارقة الأمل التي كسرت حاجز الخوف لدى الناس الذين بات لديهم الاستعداد للبحث عن خيارات بديلة". ورأى أنّ "المشكلة الحقيقية تتمثل بقانون الانتخاب القائم اليوم والذي منع العديد من المرشحين من الخرق" معتبراً انه "يجب العمل على انتاج قانون نسبي عصري يضمن التمثيل العادل للناس".