بيان حول تعسّف المصارف وجرائمها


2020-05-08    |   

بيان حول تعسّف المصارف وجرائمها

بعد إقدامها على أكبر عملية استيلاء ممنهجة على أموال المودعين، تواصل المصارف ممارساتها التعسّفية التي تتعرّض بموجبها لحقوق المودعين بالوصول إلى العدالة، وذلك من أجل تجنّب دعاوى المسؤولية التي هي معرّضة لها من جرّاء تعدياتها المستمرة لغاية تاريخه. بالفعل، تقدم المصارف اليوم، خاصة في ظلّ الأزمة الإقتصادية والإجتماعية، على ابتزاز المودعين من خلال إلزامهم على التنازل عن العديد من حقوقهم وعلى الموافقة على شروط تعسفية مقابل السماح لهم بسحب جزء بسيط من ودائعهم وبشروط لا تقلّ غبناً. وتأتي حفلة الإبتزاز هذه في معرض تنفيذ تعاميم ملزمة صادرة عن مصرف لبنان وهي على التوالي التعاميم أرقام 148/2020 و149/2020 و151/2020 و549/2020. هذا التمشّي يشكل انتهاكاً جسيماً لقانون حماية المستهلك (المودع) فضلاً عن أنه يشكل جرائم جزائية ومخالفات إدارية.

1- توصيف الممارسات

أ- استغلال الخوف والخداع لانتزاع بنود تعسفية باطلة بموجب قانون الموجبات والعقود وقانون حماية المستهلك

تتضمن التعهدات التي تسربت للإعلام والتي طلب من المودعين توقيعها في عدد من المصارف، بنوداً تعسّفية عدة، هي الآتية:

  • الموافقة على مجموع أرصدة الحسابات كما تبرزها قيود المصرف و/أو الموافقة على صحة القيود التي تبرزها دفاتر المصرف في أي وقت كان، أي بمعنى آخر، الموافقة على تعدّيات المصرف التي قد تكون حصلت بفعل سحوبات سابقة باعتماد المصارف سعر صرف /1،500/ ل.ل. ألف وخمسماية ليرة لبنانية للدولار في حين أن سعر السوق أعلى بكثير، مما أدى إلى هيركات مقنّع وإلى نقل أعباء تدني قيمة العملة من المصارف إلى المودعين،
  • منح المصرف، بصورة منفردة سلطة تحديد سعر الصرف المعتمد للسحوبات بالليرة اللبنانية، وقد حددتها بعض المصارف بسعر /3،000/ ل.ل. ثلاثة آلف ليرة لبنانية وهو سعر يقل عن سعر السوق بما يزيد عن 25%، مع العلم بأن لا وجود لأي سعر صرف رسمي (خاصة بعد اعتماد مصرف لبنان نفسه عددا من أسعار الصرف) وأن المصرف ملزم بالتسديد بالعملة الأجنبية وفي حال موافقة العميل، بالعملة اللبنانية على سعر السوق وليس سعر السوق “المعتمد لدى المصرف”، والذي هو بدعة من بدع المصارف العاملة في لبنان ومصرف لبنان،
  • منح المصرف، بصورة منفردة، حقّ تحديد الإجراءات والحدود والسقوف الأقصى والأدنى للسحوبات المعتمدة لدى المصرف وفقا” لاستنسابه المطلق والموافقة المسبقة على عمليات القيد وتحويل العملات والتحويل والسحب، كما ومنح المصرف حق تسديد المبالغ الناجمة عن عمليات الصرف ضمن مهلة محددة من قبل المصرف وفقاً لإستنسابه، حيث تحاول المصارف التغطية على ما قامت به وما ستقوم به من تحديد سقوف للسحب بصورة منفردة ومخالفة للقانون، مع العلم بأن هذا البند هو باطل كونه يحوّل موجب المصرف بتسديد الإيداعات إلى أصحابها إلى موجب موقوف على إرادة المصرف وحده،
  • منح المصرف الحق بتسديد إيداعات العملة الأجنبية بالليرة اللبنانية حصراً وبإجراء عمليات القطع بالنسبة للمبالغ الواردة بالعملة الأجنبية بعد إقفال الحساب بالعملة الأجنبية وفقاً لما تشير إليه خداعاً” بـ”سعر الصرف الرسمي” وليس وفقاً لسعر السوق في محاولة بالإستمرار بسياسة الهيركات المقنّع ونقل عبء تدني قيمة النقد الوطني من المصارف الى المودعين،
  • إعفاء المصرف من أي مسؤولية، وهو بند باطل كونه بنداً تعسفياً وفق ما نصت عليه المادة 26 من قانون حماية المستهلك، هذا فضلاً عن بطلان بنود نفي المسؤولية أو التخفيف من وطأتها في حال الإحتيال أو الخطأ الفادح ومع العلم أن تعدّيات المصارف على حقوق المودعين تندرج ضمن إطار الخطأ الفادح،
  • إعفاء المصرف من موجب السرية المصرفية. ونتساءل في هذا الإطار، اذا كانت المصارف قد طلبت من المودعين التي أقدمت على تحويل مبالغ لصالحهم إلى الخارج تعدّت ملايين الدولارات وذلك منذ انطلاق الثورة في 17/10/2019، اعفاءها من موجب السرية المصرفية،
  • إبراء الذمة والموافقة المسبقة على التعديلات التي ستصدر عن مصرف لبنان وهو بند باطل كونه من شأنه أن يقيد وأن يمنع إستعمال الحقوق المختصة بكل إنسان وعلى رأسها حق الوصول إلى العدالة والطعن بهذه التعديلات في حال تبين أنها مخالفة للقانون،
  • عدم إستفادة المودع من مضمون التعاميم رقم 148/2020 و149/2020 و549/2020 الصادرة عن مصرف لبنان في حال تم إيداع أي مبلغ بتاريخ لاحق ل3/4/2020، بالعملة اللبنانية أو بأي عملة أجنبية، بحيث لا يتم تطبيق مضمون التعاميم المذكورة على المبالغ المذكورة،

ومن البديهي القول أن كل هذه البنود أعلاه، بما تتضمنه من غبن، إنما تشكل تنازلاً غير مبرر عن حقوق المودعين المضمونة في القوانين والأنظمة، وتالياً بنوداً تعسّفية باطلة وفقاً للمادة 26 من قانون حماية المستهلك. وهي كلها تشكل استغلالاً للقوة الاقتصادية للمصارف بعدما تخلّف القضاء ومؤسسات الدولة عن ردعها، ولحاجات الناس وهواجسهم من فقدان ما تبقى لهم من ودائع. فضلاً عن أنها باطلة لتوفر عيوب الرضا (وهما الخداع بشأن توجب الحق والخوف من فقدان الودائع سندا للمواد 208 وتوابعها من قانون موجبات وعقود).

ب- جرائم جزائية ترتكبها المصارف

فضلاً عما تقدم، تكون المصارف التي عمدت إلى فرض التوقيع على هذه التعهدات مقابل تمكين المودعين من سحب بعض المبالغ من ودائعهم بشروط لا تخلو من الغبن، قد ارتكبت جرائم جزائية عدة أبرزها الآتية:

  1. التهويل سنداً للمادة 649 من قانون العقوبات، طالما أن اشتراط سحب الودائع بالموافقة على الشروط التعسفية المذكورة يقع تحت طائلة الفقرة الثانية من هذه المادة والتي عاقبت بعقوبة التهويل “من أكره شخصاً على إجراء عمل أو الإمتناع عن إجرائه إضراراً بثروته أو بثروة غيره”،
  2. مخالفة للأنظمة الإدارية سنداً للمادة 770 من قانون العقوبات. ففيما كان يقتضي بالمصارف تنفيذ التعاميم التي تفرض عليها موجبات متفرقة تجاه المودعين، ذهبت هذه المصارف في اتجاه إضافة شروط يتعين على المودعين تحقيقها (تنازلات وموافقة على بنود تعسفية) تنفيذاً لهذه التعاميم، بما يشكل مخالفة لهذه المادة.

ت- مخالفات إدارية

يشكل إخضاع تنفيذ التعاميم الصادرة عن مصرف لبنان لشروط مسبقة، قوامها تنازل المودعين المستفيدين منها عن جزء كبير من حقوقهم إنما يشكل مخالفة إدارية فاقعة تستوجب إنزال عقوبات إدارية بالمصارف المتورطة سندا للمادة 208 من قانون النقد والتسليف.

2- المطالب

تبعا لذلك، نطالب الجهات الآـتية بالمبادرة إلى القيام بواجباتها في حماية المودعين، تحت طائلة المساءلة:

أولاً، نطالب النيابة العامة التمييزية التحرك فوراً لوقف ممارسات التهويل الحاصلة بحق المودعين، مذكّرين إياها بوجوب ملاحقة المصارف على خلفية ارتكابها جرم تكوين عصابة أشرار وفق الشكوى المقدمة إليها من المفكرة القانونية وجمعية المستهلك- لبنان بتاريخ 3 شباط 2020،

ثانياً، نطالب مصرف لبنان بإحالة المخالفة إلى الهيئة المصرفية العليا فوراً تمهيداً لإنزال العقوبات الإدارية بحق مدراء هذه المصارف سنداً للمادة 208 من قانون النقد والتسليف.

ثالثاً، نطالب القوى الإجتماعية وبخاصة الثورية إلى البقاء على أهبة التحرّك دفاعاً عن كرامة المواطن في وجه قوى الهيمنة والإستغلال على اختلافها. فلا قيام لدولة مدنية في ظل إبقاء المجال مفتوحاً أمام القوى النافذة لممارسة غيّها.

رابعاً، ندعو جميع المودعين إلى عدم توقيع أي كتاب يتضمّن البنود المذكورة أعلاه.

المفكرة القانونية

جمعية المستهلك

لجنة المحامين للدفاع عن المودعين

انشر المقال

متوفر من خلال:

مصارف ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني