بتاريخ 22-7-2015، نشرت “المفكرة القانونية” دراسة حول التأخّر الكبير وغير المبرّر في تعيين القضاة خرّيجي معهد الدروس القضائية في مناصب قضائية، مع ما يحمل ذلك من هدر للطاقات القضائية والمالية ومخاطر على حسن سير العدالة. وقد خلُصت الدراسة إلى أنّ فترات الانتظار لهؤلاء القضاة بين عامي 2005 و2015 فقط أدّت إلى هدر 2730 شهر عمل، وأنّه على فرض أنّ القاضي يحسم ما معدّله 20 دعوى شهرياً، تكون قد هُدرت إمكانية البتّ في 54600 دعوى في قضاء يعاني من التأخير في بتّ الملفات.
وللأسف، طال نهج الهدر المذكور الدفعتين الأخيرتين من خرّيجي معهد الدروس القضائية وهما:
الدفعة الأولى: وهي تشمل 32 قاضياً تمّ إعلان أهليّتهم في 19 آب 2019 وتمّ تعيينهم بموجب مرسوم صدر في 4 تشرين الأول 2019. وفي حين تمّ تعطيل التشكيلات القضائية التي أعدّها مجلس القضاء الأعلى في 2020، ما يزال هؤلاء بانتظار تشكيلهم رسمياً في المحاكم مع ما يستتبع ذلك من إهدار لطاقاتهم. وقد أصدرت وزيرة العدل السابقة ماري كلود نجم قراراً بانتدابهم للعمل في غرف محاكم الدرجة الأولى ووزارة العدل كأعضاء إضافيين في 30 آذار 2021. وعليه، وإذا أخذنا بالحسبان انتداب هؤلاء، فإنّ كلاً من هؤلاء القضاة يكون تمّ هدر طاقته القضائية لمدة تقارب 18 شهراً أي ما مجموعه 576 شهراً. وإذا اعتمدنا المعيار نفسه في 20 دعوى لكلّ شهر قضائي، فنكون قد هدرْنا إمكانية البت في 11520 دعوى.
الدفعة الثانية: وهي تشمل 40 قاضياً تمّ تعيينهم قضاة متدرّجين بموجب مرسوم صدر في 3-11-2016. وقد تم إعلان أهلية هؤلاء بعد تأخير تدرّجهم بفعل كورونا في نيسان 2021 ولم يصدر مرسوم تعيينهم كقضاة أصيلين حتى الآن بفعل تمنّع رئيس حكومة تصريف الأعمال عن توقيعه. وعليه، يكون الهدر قد بلغ حتى الآن خمسة أشهر لكلّ قاض أي ما يوازي 200 شهر هدر أي ما يستتبع هدر إمكانية البت في 4000 دعوى، ويرجح أن يزداد هذا الهدر بقدر ما يتأخر صدور مرسوم تعيينهم.
وعليه، لا يشكّل هذا التأخير إجحافاً بحق هؤلاء القضاة الذين تأخّر بدء مسيرتهم القضائية لعشرات الأشهر فحسب، بل هدراً للمال العام في ذروة الأزمة الاقتصادية أيضاً حيث أنّ هؤلاء يتقاضون رواتبهم من دون تأدية خدمة فعلية وهدراً لطاقات كان يفترض أن تسهم في تنشيط المرفق القضائي وفي بتّ القضايا العالقة أو المستعجلة للمتقاضين. هذا مع العلم أنّ أيّ تأخير في بتّ الدّعاوى المالية بات يسبب ضرراً مضاعفاً في ظلّ التراجع المضطرد لقيمة الليرة اللبنانية وبخاصّة بالنسبة إلى دعاوى الصرف التعسّفي الذي تعرّض له عشرات آلاف الأجراء في السنتين المنصرمتين.
وما يزيد من مخاوفنا هو قرب تخرّج دفعة ثالثة من المعهد (34 قاضياً متدرّجاً)، بما يعرّضهم لمصير مشابه، بحيث سيصل بعد إعلان أهليتهم، عدد خريجي المعهد الذين ما برحوا في انتظار تشكيلهم أو تعيينهم 106 قضاة، وهو رقم يقارب عدد خرّيجي المعهد الذين تأخّر تعيينهم في مراكز قضائية في أزمة 2005-2009. وهذا العدد إنّما يزيد عن 20% من القضاة العدليين الحاليين.
وعليه، تطالب “المفكرة القانونية” وزير العدل هنري خوري بتعجيل الخطوات لإصدار 3 مراسيم:
أوّلاً، مرسوم تعيين القضاة المتدرّجين المعلنة أهليّتهم من دون إبطاء.
ثانياً، مرسوم تعيين أعضاء مجلس القضاء الأعلى تمكيناً له من إنجاز تشكيلات قضائية تهدف بالدرجة الأولى إلى تشكيل قضاة الدفعتين المذكورتين بعد إنجاز تعيين الدفعة الثانية، على أن يتم تحييد تشكيلهم عن أي مآرب أو معارك سياسية قدر الممكن تجنّباً لمزيد من التعطيل القضائي.
ثالثاً، مرسوم تعيين عضوين بدلاً عن العضوين المتوفيين في المجلس الدستوري من دون إبطاء، بهدف إعادة تفعيل وظيفته الدستورية المعطّلة اليوم بفعل وفاتهما.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.