بيان “المفكّرة القانونية”: ماذا بعد سقوط العائق الأساسي أمام عودة اللاجئين إلى سوريا؟


2024-12-12    |   

بيان “المفكّرة القانونية”: ماذا بعد سقوط العائق الأساسي أمام عودة اللاجئين إلى سوريا؟

مع سقوط نظام الأسد الاستبدادي في 8 كانون الأوّل 2024، سقط حاجز الخوف الذي كان يمنع العديد من اللاجئين السوريين والفلسطينيين من العودة إلى بلادهم في سوريا، وسقطت أيضًا المخاوف لدى العديد من اللبنانيين من خطر التغيير الديمغرافي في لبنان وتوطين اللاجئين من سوريا فيه. وكما شعرنا بارتياح كبير حيال عودة النازحين اللبنانيين إلى قراهم وأحيائهم في الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت بعد وقف العدوان الإسرائيلي على لبنان في 27 تشرين الثاني، كذلك نشعر بالارتياح نفسه حيال بدء عودة اللاجئين السوريين من لبنان إلى بلادهم. فالتهجير القسري هو جريمة ترتكب في حقّ الإنسانية، بما فيها العائلات النازحة والعائلات المضيفة. 

إلّا أنّه وعلى الرغم من التحوّلات الإيجابية الناجمة عن سقوط نظام الحكم، يجدر التنبيه إلى أنّ الأوضاع السياسية والأمنية في سوريا لا تزال غير مستقرّة، بخاصّة نظرًا للضبابية التي تتسم بها هذه المرحلة الانتقالية، واستمرار المعارك في بعض المناطق السورية، وتعدّد الفصائل المسلّحة وتواجد قوّات أجنبية عدّة على الأرض السورية، فضلًا عن توسيع الجيش الإسرائيلي احتلاله للأراضي السورية جنوبًا. بالإضافة إلى ذلك، يسجّل أنّ الحركة على الحدود اللبنانية – السورية لا تقتصر على قوافل العودة من لبنان إلى سوريا، إنّما تشمل أيضًا حركة دخول لعدد تجاوز حتى اللحظة عشرات آلاف السوريين الذين يغادرون سوريا على خلفية توجّسهم من سياسات نظام الحكم الجديد فيها.

انطلاقًا من هذه التغيّرات التي تفتح الباب أمام مرحلة جديدة في التعامل مع قضايا اللجوء والتهجير القسري، يهمّنا التأكيد على الآتي:

  1. إنّ جرائم نظام الأسد التي تكشّفت أكثر مع فتح المعتقلات تدعونا اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى تفهّم مبرّرات الخوف الذي كان ينتاب الذين طلبوا الأمان في لبنان. وهي مشهدية يجدر أن تعزّز الوعي بأهمية حق اللجوء كجزء من الحقوق التي يقوم عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وهو الإعلان الذي أسهم لبنان في وضعه وبات جزءًا من دستوره. وهو الحق الذي دفعنا مرارًا كمنظمة حقوقية إلى المطالبة بوقف الترحيل القسري إلى سوريا، حفاظًا على أرواح وسلامة اللاجئين إلى لبنان.
  1. إنّ سقوط نظام الأسد أزال عقبة أساسية أمام قدرة اللاجئين السوريين والفلسطينيين على العودة إلى سوريا. إلّا أنّ العديد منهم يترقّبون استقرار الأوضاع السياسية والأمنية قبل اتخاذ قرار العودة الطوعية، وهو أمر يجدر تفهّمه والتسليم بمشروعيّته خلال هذه المرحلة الانتقالية. فصفة اللجوء لا تسقط تلقائيًا مع سقوط النظام، بل تسقط عندما يعود اللاجئ للإقامة في بلاده طوعًا ويتمكنّ من الاستقرار فيها تبعًا لتوفّر الظروف المناسبة لذلك. ومن شأن تسهيل إجراءات التنقّل بين سوريا ولبنان أنّ يشجّع اللاجئين على إجراء زيارات تفقّدية إلى سوريا تمهيدًا لاتخاذ قرار العودة.
  1. إنّ مبادئ اللجوء تنطبق على جميع الأشخاص الذين تكون حياتهم أو حرّياتهم معرّضة للخطر في بلادهم مهما كانت جنسيّتهم أو انتماؤهم السياسي أو الديني أو العرقي. وعليه، من حقّ السوريين الذين يدخلون إلى لبنان اليوم خشية نظام الحكم الجديد أن يلتمسوا اللجوء في لبنان وأن يطلبوا الحماية الدولية سندًا للفقرة “ب” من مقدمة الدستور اللبناني. وفي هذا الإطار، من الواجب التذكير بأنّ القانون الدولي يمنع منح صفة اللجوء للأشخاص الذين تتوفّر أسباب جدّية للاعتقاد بأنّهم ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، وهو ما قد ينطبق على عدد من المسؤولين في النظام السوري السابق وفي الفصائل المسلّحة ويحتاج إلى تدقيق من قبل أجهزة الدولة بالتنسيق مع مفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. 

لذلك، نطالب السلطات اللبنانية، لا سيّما مجلس الوزراء ووزارة الداخلية والمديرية العامّة للأمن العام والجيش اللبناني، بالآتي:

  1. العمل، بالتعاون مع السلطات السورية الانتقالية ومفوّضية الأمم المتحدّة لشؤون اللاجئين، على ضمان توفّر الظروف المناسبة للعودة الطوعية والآمنة لجميع السوريين واللاجئين الفلسطينيين إلى سوريا، تمهيدًا لتنظيم العودة الطوعية والآمنة لهم بشكل تدريجي يحترم كرامتهم الإنسانية. 
  1. وقف عمليات الترحيل القسري في حق جميع المواطنين السوريين واللاجئين الفلسطينيين إلى سوريا، لفترة ستّة أشهر قابلة للتمديد، إلى حين استقرار الأوضاع السياسية والأمنية في سوريا، وبعد تأمين حقوقهم في الدفاع، للاعتراض على قرارات الترحيل.
  1. اتخاذ الإجراءات اللازمة، بالتعاون مع مفوّضية الأمم المتحدّة لشؤون اللاجئين، لضمان الدخول الآمن والقانوني للأشخاص الذين يغادروا سوريا خوفًا على حياتهم وحرّيتهم، والاعتراف بحقّهم بالتقدّم بطلبات لجوء أمام المفوّضية التي يعود إليها التثبّت من مدى استيفائهم شروط اللجوء وعدم ارتكابهم جرائم خطيرة، وذلك تفاديًا لتكرار أخطاء الماضي.
  1. اتخاذ الإجراءات اللازمة لتسهيل إجراءات التنقّل بشكل قانوني بين لبنان وسوريا بهدف تشجيع الزيارات التفقّديّة إلى سوريا تمهيدًا للعودة إليها، وذلك من خلال تطبيق قرار مجلس شورى الدولة رقم 421 تاريخ 8/02/2018، وتاليًا إلغاء جميع القرارات الصادرة عن المدير العام للأمن العام المتعلّقة بتنظيم دخول وإقامة السوريين في لبنان لعدم قانونيتها، والبحث في إعادة العمل بالاتفاقية الثنائية بين سوريا ولبنان التي تضمن حرّية الحركة للمواطنين اللبنانيين والسوريين بين لبنان وسوريا.

لقراءة البيان باللغة الإنكليزية

انشر المقال

متوفر من خلال:

لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، لبنان ، مقالات ، سوريا



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني