نشرت لجنة المحامين للدفاع عن المتظاهرين في لبنان أمس بيانا وانطلاقا من الشهادات الأولية التي وثقتها بشأن اجتياح مجموعة من المعتدين أمس لساحات الاعتصام في وسط بيروت وأقدموا على ضرب المتظاهرين والتسبب بعدة إصابات وجروح وتكسير وحرق خيم الاعتصام بهدف ترهيب المعتصمين وحملهم على إخلاء الساحات. ويظهر بيان اللجنة معلومات خطيرة مفادها أن الهجمة لم تكن عفوية بل موجّهة ومنسقة، والأخطر أنها حصلت على ما يبدو بتنسيق وتواطؤ مع الأجهزة الأمنية التي بدت وكأنها تخلّت تماما عن دورها في حماية حريات المعتصمين والمتظاهرين، أو كأنها أوكلت للمعتدين مهمة قمعهم وإزالة مخيمهم بدليل أنها لم تتدخل لصدّ المعتدين إلا بعدما أتموا هذه المهمة. وتلتقي الشهادات الموثقة من لجنة المحامين مع المشاهد التي كانت تنقل مباشرة على قنوات التلفزة. وقد تبيّن للجنة الأمور الآتية:
1- أن المعتدين كانوا يرددون شعارات وهتافات تظهر أنهم من مناصري حركة أمل وحزب الله، علما أن أيا من هاتين الحركتين لم يصدر بيانا ينفي مسؤوليته عنها أو يدعو مناصريه لوقف أعمال العنف. ومن هذه الناحية، نسجل أن مكتب رئيس المجلس النيابي وحركة أمل نبيه بري كان أصدر بيانا بإدانة أعمال العنف وبنفي أي مسؤولية عنها، في 2015 حين هاجم بعض أنصاره خيم المتظاهرين في ساحة الشهداء،
2- أن المعتدين كانوا يتلقون أوامر عبر الهاتف حيث سمع أحدهم يقول: “ما بدك نولعها سيدنا؟”. وهذا الأمر إنما يشكل مؤشرا إلى أن الهجمة لم تكن عفوية إنما موجهة ليس فقط عند انطلاقها، إنما أيضا في تفاصيل تنفيذها،
3- أن ثمة مؤشرات جدية على تنسيق ضمني بين الأجهزة الأمنية المتواجدة في ساحات الاعتصام والمعتدين والتي . وتستشف اللجنة هذه الأدلة من المعطيات الآتية:
أن القوى الأمنية (مكافحة الشغب) شوهدت تمشي ببطء خلف مجموعات المعتدين لدى وصولهم إلى ساحة الاعتصام ولم تحاول إيقافهم،
أن الاعتداء استمرّ ما يقارب الساعتين دون أن يحاول أي من القوى الأمنية والجيش إيقافه رغم تواجدهم في الوسط وحصول أعمال العنف على مرأى ومسمع منهم. ولم يستثن من ذلك إلا بعض العناصر الذين تدخلوا بصورة فردية لوقف الإعتداء على أشخاص المعتصمين. وقد سجلت اللجنة أن عددا من المعتصمين طلبوا من القوى الأمنية التدخل لوقف الاعتداء، إلا أن هؤلاء رفضوا بعدما أوضحوا أنه “ليس لدينا أمر بذلك”،
أنه لم يتمّ توقيف أي من المعتدين،
أن بعض العناصر أقدموا على ضرب بعض المعتصمين،
أنه بعدما يقارب الساعتين من بدء الإعتداء، تدخل الجيش والقوى الأمنية لإبعاد المعتدين. وسمع أحد ضباط قوى مكافحة الشغب يقول: “خلصوا تكسير؟ يلا ضبوهم“.
وبذلك، تكون هذه الهجمة بمثابة اختبار أساسي للنيابات العامة وبخاصة للنائب العام التمييزي الجديد غسان عويدات، لاتصالها بجنايات جد خطيرة، يحتمل أن يكون تورط فيها ضباط رفيعو المستوى وقوى سياسية، وتمثلت في حبك مؤمرات للمس بالسلم الأهلي وإنشاء جمعيات أشرار لترهيب المواطنين والاعتداء على حرياتهم. فهل سيباشر التحقيق في هذه الهجمة أم سيعتبر المسألة سياسية غير قانونية على نحو يؤدي إلى إفلات هذا الاعتداء من العقاب وتوسيع دوائر اللاقانون؟ وفي حال مباشرة التحقيقات، ما هو المدى الذي سيذهب إليه؟ هل سيكتفي بملاحقة بعض المعتدين الذين نشرت صورهم وهم يمارسون أعمال العنف أم سيعمل على تحديد الأحزاب والقيادات المتورطة فيها ومدى تورط الأجهزة الأمنية في التخلي عن حماية المواطنين؟ فلنتابع…
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.