في جلسة عقدت مساء يوم 27-09-2019 انتخبت الجلسة العامة للمجلس الأعلى للقضاء القاضي يوسف بوزاخر رئيسا للمجلس والمحامية سميرة كروالي نائبة له. يذكر هنا أن هذا المجلس الذي انتخب أعضاؤه غير المعينين بالصفة بتاريخ 23-10-2016، وعقد أول جلساته بتاريخ 28-04-2017 أجل هذا الاستحقاق سابقا وعلق نفاذها على استكمال تركيبته التي كان ينقصها عضو منتخب في مجلس القضاء المالي.
حصلت الجلسة الانتخابية بعدما إكتملت تركيبة المجلس بإعلان الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بتاريخ 27-05-2019 عن إنتخاب الجامعية جميلة بوزويتة عضوا ممثلا للأساتذة الجامعيين بمجلس القضاء المالي، وبأداء صباح يومها القاضيين أنوار المناصري ومراد بالحاج اليمين الدستورية كعضوين معينين بالصفة في مجلس القضاء الإداري أي بعد اكتمال تركيبة المجلس المتكونة من خمسة وأربعين عضوا.
الانتخاب: كسر لثقافة الهرمية وتحرر من القطاعية
سبق لبوزاخر أن انتخب بتاريخ 11-10-2018 رئيسا مؤقتا للمجلس بما تكون معه إعادة انتخابه ليكون دائما في ذات المنصب اعترافا من زملائه له في نجاحه في حسن تمثيل مجلسهم. ويظهر هنا انتخاب قاض من غير القضاة المعينين بالصفة أي من القضاة المنتخبين من عموم القضاة رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء في إثر تنافسه انتخابيا مع الرئيس الأول لمحكمة التعقيب فعل يكرس التصور الديمقراطي لإدارة المجلس الأعلى للقضاء.
فيما تعد نائبته المحامية سميرة الكراولي من الأعضاء غير القضاة بالمجلس الأعلى للقضاء المالي. ويظهر انتخابها رغم منافسة قاضيين لها مؤشرا على تجاوز أعضاء المجلس من القضاة وغير القضاة لتصنيفاتهم القطاعية وانتصارهم لقيمة اختيار الأجدر. فكراولي تعد من رموز المحاماة التونسية التي كانت من أعضاء مجلس هيئتها.
الدائم والأزمة الطارئة
تعمد بتاريخ 19-09-2019 مجموعة من المحامين ممن يمثلون الشاكين في الملف المصطلح على تسميته بملف الجهاز السري احتلال مكتب وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس لمدة ناهزت الأربع ساعات بدعوى الاحتجاج على ما ذكروا أنه تباطؤ منه في البت في ملفهم وبغاية ما ذكروا أنه ضغط عليه لتوجيه الاتهام على راشد الغنوشي زعيم حزب حركة النهضة. تبعا لهذا، أمر وكيل الجمهورية القوات الأمنية بفض ما سماه في حينه المحامون اعتصاما وإخراجهم من مكتبه .
اعتبر القضاة طرد وكيل جمهورية تونس من مكتبه واحتلاله تعديا خطيرا على القضاء وربطوا بينهم وبين ما قالوا انه اعتداءات سابقة من محامين على قضاة ليطالبوا بمحاسبة المعتدين ورد الاعتبار وأعلنت هياكلهم إضرابا عن العمل لمدة سبعة أيام. من جهتها اعتبرت الهيئة الوطنية للمحامين استدعاء الأمن لإخراج المحامين من المكتب اعتداء غير مسبوق على المحامين وأعلنت يوم 27-09-2019 يوما وطنيا لغضب المحامين.
ورد بالتالي تركيز المجلس لمؤسساته في خضم أزمة المحامين والقضاة وفي توقيت يلتفت فيه الجميع لمجلس القضاء الذي يتحمل بصريح الحكم الدستوري مسؤولية حماية استقلالية القضاء لمعرفة ما سيتخذ من إجراءات تصلح الخلل القائم.
أعلن مجلس القضاء في تاريخ سابق أنه قرر إجراء جلسات استماع لمختلف الأطراف المتداخلة في الأزمة القائمة قبل اتخاذ موقف منها. ويتداول الوسط القضائي أخبارا مفادها أن لجنة من المجلس استمعت فعليا لكل من كان له علاقة بواقعة “احتلال مكتب وكيل الجمهورية” بما في ذلك من ينسب لهم الاعتداء. وينتظر بالتالي أن يعلن المجلس خلال الأيام القريبة المقبلة موقفه منها في قرار يصدر عن جلسته العامة.
يظهر هنا المجلس الأعلى للقضاء أمام تحد مهم إذ أن الموقف الذي سيصدر عنه سيكون موضوع تقييم. وسيسأل فيما إذا نجح المجلس فعلا في تجاوز حديث التوازنات القطاعية كما بشرت بذلك الانتخابات أم لا. ويظهر النجاح في هذا التقييم مدخلا ضروريا ليكسب المجلس ثقة منظوريه وليكون فعليا قادرا على فتح ورش إصلاح مؤسساتي للقضاء تأخرت كثيرا بسبب ضعف أدائه المهني، ذاك الأداء الذي بات فعليا ينحصر في التحركات القضائية السنوية للقضاء العدلي وفي التحركات الدورية التي لا تلتزم في توقيتها وشكلها بقانونه في غيره من الأقضية.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.