تعهد القائمون على موقع "انكيفادا"[1] الإعلامي الذي ينفرد بمسك الوثائق المسربة من شركة "موساك فونسيكا" للخدمات القانونية المتعلقة بشخصيات تونسية بأن يكشفوا بداية من يوم 05-04-2016 عن الأسماء التي ورد ذكرها بها. في الساعات الأولى من الموعد المحدد للنشر، تعرض الموقع الاعلامي للقرصنة مما أجبر القائمين عليه لغلق موقعهم بحثا عن حلول تقنية للهجمات المكثفة التي يتعرض لها[2].
تحوم شبهة إدارة الحرب الإلكترونية المعلنة على الأشخاص المتضررين من كشف أسمائهم، فيما تبين جرأة اعلان الحرب على الموقع رغم متابعة الرأي العام لاعماله عن أهمية نفوذ الجهة المعتدية.
استحالت الهجمات التي تعرض لها موقع "انكيفادا" إلى حرب مكشوفة هدفها منع التونسي من النفاذ للمعلومات التي تتعلق بشخصيات مالية وسياسية وإعلامية تشارك في ادارة شأنه العام وتمسك أموالا هامة خارج البلاد التونسية بشكل قد يكون مخالفا لقوانين الصرف التونسية في حده الادنى وقد يكشف عن فساد مالي وسياسي في بعض جوانبه.
شهد اليوم الاول من أيام الكشف عن مضمون وثائق بنما بتونس حربا اعلامية لم ينجح تعهد محافظ البنك المركزي بالبحث في مدى احترام من سيتم الكشف عن اسمائهم لقوانين الصرف. كما لم يخفف من حدتها اعلان وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية بتونس قراره فتح بحث تحقيقي في مضمون الوثائق. ولم يؤثر في تواصلها دعوة أكثر من مائة وسبعة وعشرين نائبا من أعضاء المجلس التشريعي رئاسة مجلسهم لتشكيل لجنة تحقيق برلمانية في الموضوع. كما التفتت الجهات التي وقفت وراء الهجمات التي تعرض لها الموقع الصحفي عن الادانات الدولية لعملها والتي صدرت اساسا عن جمعية صحفيين بدون حدود. يؤشر إصرار الطرف المهاجم في الحرب على مواصلة هجومه إلى أمرين، أولهما خوفه من الخبر وثانيهما قدرته على مقاومة نشره.
تميزت وثائق بنما المسربة المتعلقة كما اكد ذلك رئيس موقع نيفادا الذي درسها بكونها تشمل سياسيين وشخصيات عامة واعلامية تنشط حاليا بتونس. وقد تكون هذه الميزة السبب في ردة الفعل العنيفة التي واجهتها. فالوثائق تؤشر في جانب منها على تواصل تهريب الاموال خارج البلاد التونسية بعد الثورة وعلى بعض سياسي حقبة ما بعد الثورة في مجال الفساد المالي بأنواعه.
تعود الخطاب السياسي التونسي قبل الزوبعة التي احدثتها وثائق بنما أن يتعامل مع الفساد المالي لنخبه الحاكمة ولشخصياته العامة كما لو كان فعلا من الماضي الذي يرتبط بفساد النظام السياسي لما قبل الثورة فكان مجال السؤال عن الفساد كيفية استرجاع الاموال المنهوبة وهل تجب محاسبة من تورطوا في الفساد أو إيجاد مخارج تسمح بالصلح معهم. في المقابل حرص هذا الخطاب على ادعاء نقاء فترة ما بعد الثورة من الفساد، فتغاضى عن البحث في شبهات الفساد التي حامت حول النخب السياسية في صراعها الديموقراطي على السلطة.
صدمت وثائق بنما ببعدها العالمي النخبة والرأي العام التونسي بعدما هددت بالكشف عن الفساد في ظل الديموقراطية. وقد يكون فعل الصدمة للوثائق قبل اعلانها في حد ذاته فعلا ايجابيا اذ أنه سيكشف مدى قدرة النظام الديموقراطي على حماية نفسه من الفساد على نحو يؤشر إلى مآلات تطوره .
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.