بعض الغارات الإسرائيلية لا تبعد 50 متراً عن مستشفيات الضاحية: “لن نقفل أبوابنا”


2024-10-07    |   

بعض الغارات الإسرائيلية لا تبعد 50 متراً عن مستشفيات الضاحية: “لن نقفل أبوابنا”
غارة إسرائيلية على ضاحية بيروت الجنوبية

أكد خمسة مسؤولين في إدارات مستشفيات “الرسول الأعظم” و”سانت تيريز” و”بهمن” و”الساحل” و”سان جورج”، وهي المستشفيات الرئيسية في الضاحية الجنوبية لبيروت، لـ “المفكرة”، استمرارها في العمل، خلافًا للمعلومات التي تم تناقلها صباح اليوم الإثنين 7 تشرين الأوّل، وتفيد بخروجها جميعًا من الخدمة نتيجة تصاعد العدوان الإسرائيلي عنيفًا على الضاحية.

ويأتي تمسّك المستشفيات الخمسة بالمضيّ في أداء رسالتها الطبّية والإنسانية رغم قرب الاستهدافات منها حيث وقعت بعض الغارات على بعد أمتار قليلة من منشآت بعضها، ورغم تهديد سلامة أطقمها الطبية والتمريضية وسائر الموظفين. وسُجّل اقتراب الغارات العدوانية من مستشفييّ “الرسول الأعظم” و”سانت تيريز” لمسافة لا تزيد عن خمسين إلى سبعين مترًا، متسبّبة بأضرار مادّية بالغة وبترويع المرضى، من دون أن تنال من قرار المستشفيات بالاستمرار.

ومع تصاعد وتيرة الاعتداءات على الضاحية الجنوبية، بدءًا من بداية شهر آب الماضي، توجّهت مستشفيات المنطقة الخمس، وبناء على طلب وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض نحو التركيز على استمرار العمل في أقسام الطوارئ والعمليات والمختبر والأشعة والتخدير والاستجابة لعمليات إنقاذ المصابين نتيجة العدوان الإسرائيلي. 

وتعاني مستشفيات الضاحية من عدم قدرة عدد كبير من أطقمها الطبية والتمريضية وسائر الموظفين على الوصول إلى أماكن عملهم، بنسبة 50 إلى 90% من بينهم، وهو ما استدعى تأمين غرف منامة وإقامة في المستشفيات للطواقم الموجودة، تجنّبًا لتعريض حياتهم للخطر خلال التنقّل.

مستشفى “سانت تيريز” – الحدث

تعدّ ليلة الجمعة السبت (4-5 تشرين الأوّل) ليلة مستشفى “سانت تيريز” (منطقة الجاموس-الحدث)، حيث لم تبعد الغارات العدوانية التي استهدفت منطقة المريجة، ووصفت أنها الأعنف في العدوان المستمر منذ عام بالتمام، عن مبناها أكثر من 70 مترًا. وأصيبت المستشفى بأضرار بالغة طالت 40% من المبنى، وتشمل الأضرار انهيار الزجاج والأسقف المستعارة وتخلّع الأبواب وانفجار أنابيب المياه. وأدّى تكسير القساطل إلى فيضان المياه، وبالتالي تعطّل جزء من تمديدات الكهرباء. وفيما عملت المستشفى نهاية الأسبوع (السبت والأحد) على ترميم الأضرار، أطاح قصف ليل أمس الأحد-الإثنين، بكلّ التصليحات وأعمال الترميم وبخاصّة في الجهة الغربية من مبناها. ولكن المستشفى، ووفق إدارتها، استمرّت في العمل، تحديدًا في قسم الطوارئ والحالات المستعجلة كاستقبال المصابين والحالات الطارئة والولادات وطبعًا الإسعاف. وتحتوي “سانت تيريز” على 180 سريرًا واستقبلت مئات المصابين من جرحى وشهداء في العدوان الحالي.  

مستشفى “الرسول الأعظم” – الغبيري

جاء دور العدوان في محيط مستشفى “الرسول الأعظم”، على طريق المطار في الغبيري، ليل السبت-الأحد، بوتيرة أعنف من الأيام السابقة، حيث تلقّى محيطها نحو 15 غارة عنيفة من أصل 30 شنّها الطيران الحربي الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية، ولم يبعد بعضها عن مبناها أكثر من 50 مترًا. وتضرّر، بحسب الإدارة، كلّ زجاج المستشفى وانهارت أسقفها المستعارة، كما امتلأ حرمها وباحاتها من مبناها الرئيسي إلى موقف السيارات إلى باحة مركز القلب التابع لها، بالشظايا والردميات التي تطايرت من المباني المستهدفة قربها. وأكدت إدارة المستشفى لـ “المفكرة” استمرارها في العمل وتقديم الخدمة الصحّية لـ 19 مريضًا على الأوكسيجين وفي قسم العناية المركّزة، وفي قسم الطوارئ واستقبال المصابين والحالات الساخنة وإنقاذها، ومن ثم نقلها بالتنسيق مع وزارة الصحة إلى مستشفيات خارج الضاحية، لإفساح المجال لمستشفياتها (مستشفيات الضاحية) بالتركيز على الطوارئ والاستجابة لإنقاذ ضحايا العدوان. 

وتبلغ القدرة الاستيعابية الاستشفائية للرسول الأعظم 330 سريرًا، وتستقبل نحو 5000 حالة طارئة شهريًا في الأيام العادية من المنطقة ومن كلّ لبنان، و22 ألف مريض سنويًا، إضافة إلى 10 آلاف مريض في العيادات الخاصة، شهريًا أيضًا. ودفعت الرسول الأعظم حصّتها من الإجرام الإسرائيلي، حيث استشهد من طاقمها الطبي دكتور جراحة العظام زهير منصور في غارة استهدفت مستوصف الهيئة الصحية في بلدة الطيبة جنوب لبنان، إضافة إلى أحد موظفيها في عدوان تفجير أجهزة النداء “البيجر”، فيما جرح ثلاثة آخرون، واستشهدت إحدى ممرضاتها (فاطمة موسى غازي) مع كامل عائلتها في منزلها في منطقة الجاموس إثر عودتها من عملها في المستشفى.

مستشفى “بهمن” – حارة حريك

وبهذا المنحى، تتابع مستشفى “بهمن” في حارة حريك، كما المستشفيات الأخرى في الضاحية، العمل برغم الغارات العنيفة التي تشنّها إسرائيل من حولها، وبمسافات لا تبعد أكثر من 300 متر عن مبناها. وبعد الغارة التي استهدفت مبنى محاذيًا للمستشفى وأصابتها بأضرار في 30 تموز الماضي، تسبّب الغارات في الأيام الأخيرة، بحسب الإدارة، في تضرّر زجاج المستشفى وأسقفها المستعارة وقامت الإدارة بترميمها لتأمين استمرارية العمل وراحة الطاقم الطبي والوظيفي والحالات الطارئة التي يتمّ نقلها إلى مستشفيات بيروت وجبل لبنان في حال توفّر أماكن، بالتنسيق مع وزارة الصحة ضمن غرفة العمليات الرسمية المعنية بالقطاع الصحي. وافتتحت مستشفى بهمن مستوصفيّن في كل من منطقة الدوحة خلدة وجبيل حيث لديها فروع للمبرّات الخيرية لخدمة النازحين، كما تعمل على تجهيز عيادات نقالة في منطقة كسروان لرعاية من نزحوا إليها، انطلاقًا من شعارها “الخير من أجل الصحة”.

مستشفى “سان جورج” – الحدث

وكان مصاب مستشفى “سان جورج” في الحدث من عدوان تفجير أجهزة النداء كبيرًا، حيث بلغ عدد الموظفين الذين أصيبوا، نتيجة استعمالهم هذه الأجهزة في عملهم، 11 موظفًا. وأخرجت الإصابات البليغة خمسة من بينهم من عملهم نهائيًا، من بينهم موظفة فقدت النظر في عينيها الاثنتين، كما بُترت أصابع يديها، فيما لا يزال الستة الآخرون قيد العلاج.

ومستشفى “سان جورج” “لن تقفل أبوابها”، وفق القرار الذي اتخذته إدارتها وطاقمها الطبي. وما زال أطبّاؤها والممرّضات والممرّضون يهتمّون بسبعة مرضى موصولين إلى أجهزة الأوكسيجين ونحو 8 مرضى في الغرف “العازلة” ممّن يخضعون لعلاجات السرطان وأمراض أخرى تستوجب العزل، ويصعب نقلهم إلى مستشفيات اخرى، إضافة إلى خمسة مرضى في العناية الفائقة بينهم مصابون نتيجة العدوان الإسرائيلي. وتستمرّ أقسام الطوارئ والعمليات والمختبر والأشعة في “سان جورج” في عملها، رغم أنّ الغارات العدوانية تحصل على بعد 200 متر عن مبناها أحيانًا، وتتسبب بأضرار في الزجاج والأسقف والأبواب. وكما كل مستشفيات الضاحية، تعمل “سان جورج” على نقل المرضى والمصابين إثر عملية إسعافهم أو إجراء بعض العمليات لهم، بمجرّد استقرار أوضاعهم “طبعًا في حال وجدنا مستشفيات خارج الضاحية تستقبلهم، نظرًا للضغط الكبير على مستشفيات بيروت وجبل لبنان في هذه الظروف”، وفق إدارتها.

مستشفى “الساحل” – حارة حريك

من جهتها، نفت إدارة مستشفى الساحل في حارة حريك في اتصال مع “المفكرة” خروجها من الخدمة: “ما زالت أقسام الطوارئ والعمليات الطارئة وإنقاذ أي مرضى حالاتهم خطرة أو مصابين نتيجة العدوان وكذلك غسيل الكلى والتصوير، وخصوصًا الخاص بمرضى السرطان، مستمرّة في العمل”. وكذلك تعمل “الساحل” على تحويل الحالات الباردة أو الطارئة الواردة إليها إلى مستشفيات بيروت بالتنسيق مع وزارة الصحة بعد إسعافهم واستقرار أوضاعهم.

وتعاني المستشفى من القصف القريب الذي لا يبعد عنها أكثر من 500 متر أحيانًا، فيما لا يتمكّن أكثر من 20 موظفًا من طاقمها الطبي والتمريضي من الوصول إلى المستشفى، علمًا أنّ عدد موظفيها في كلّ الأقسام والفئات لا يقلّ عن 500 موظف. وقد استحدثت المستشفى غرف منامة لهؤلاء منعًا لتنقّلهم الخطر على الطرقات وتأمينًا لاستمرارية العمل في المستشفى.

وعلمت “المفكرة” أنّ وزارة الصحّة اتصلت بمستشفيات الضاحية وسألت عن إمكانية إيفاد بعض من أطبائها وكادرها التمريضي للعمل في خطة الاستجابة الطبية في مواجهة العدوان الإسرائيلي، سواء عبر استحداث مستشفيات ميدانية، أو عيادات نقّالة، بالتنسيق مع منظمة الصحة العالمية.

يذكر أنّ الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للقطاع الصحّي قد أخرج لغاية الساعة أربع مستشفيات حكومية من الخدمة وخصوصًا جنوب الليطاني، عبر استهدافها مباشرة كما مستشفى صلاح غندور في بنت جبيل، أو قصف باحاتها الخارجية ومحيطها القريب، كما حصل في ميس الجبل وقانا وبنت جبيل وهي مستشفيات حكومية.

ومع استهداف إسرائيل اليوم الإثنين مركز فوج الإطفاء التابع لاتحاد بلديات بنت جبيل برعشيت، في بلدة برعشيت، مما أدّى إلى استشهاد عشرة من طاقمه على الأقلّ، وفق وزارة الصحة، فيما رفع الردم مستمرة لغاية الساعة، يرتفع عدد رجال الإسعاف والإنقاذ، من مؤسّسات إسعافية وإنقاذية عدة، من الشهداء إلى 121 منقذًا ومسعفًا لغاية الساعة، عدا عن عشرات الجرحى. 

وفقًا لقوانين الحرب، يُحظر استهداف المستشفيات والطواقم الطبية التي تعنى بمداواة الجرحى والمرضى (المادتان 18 و20 من اتفاقية جنيف الرابعة)، وتستمر هذه الحماية حتّى في حال معالجة المقاتلين في هذه المستشفيات (المادة 19 من اتفاقية جنيف الرابعة).

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، الحق في الصحة ، لبنان ، مقالات ، جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية ، العدوان الإسرائيلي 2024



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني