قرر المجلس الأعلى للقضاء في الجزائر وبعد سلسلة من الملاحقات التأديبية اتّخاذ عقوبة العزل في حق القاضي سعد الدين مرزوق الناطق الرسمي باسم نادي قضاة الجزائر، وهي جمعية مهنية للقضاة قيد التأسيس.
القرار خلّف حملة تضامن واسعة مع القاضي سعد الدين مرزوق ومع عدد من قضاة الرأي بالجزائر الذين توبعوا بسبب ما نسب إليهم من خرق لواجب التحفظ، بعدما أعلنوا دعمهم للحراك الشعبي المطالب بالإصلاحات في البلاد.
“تهمة” الدفاع عن استقلال القضاء
كان نادي قضاة الجزائر قد أصدر في وقتٍ سابق بيانا للتضامن مع الناطق باسمه، جاء فيه: “نحن أعضاء نادي قضاة الجزائر قيد التأسيس تلقينا باستهجان خبر إحالة الزميل القاضي مرزوق سعد الدين على المجلس الأعلى للقضاء بجلسة استثنائية في ظل الجائحة الوبائية، لا لجرم ارتكبه ولا لفساد مالي أو أخلاقي، ذنبه الوحيد أنه كان مدافعا شرسا عن حقوق القضاة ومن الداعمين الأوائل لاستقلالية القضاء عن وزارة عدل بوزرائها المتلاحقين اختاروا إلا تنفيذ مهامهم بالولاء متعسفين طاغين بوجه الشرفاء”.
وأضاف البيان “إن مواقف القاضي مرزوق سعد الدين الذي قلّده قضاة النادي شرف تدبير وكتابة بياناته طيلة محطات تاريخية من الحراك المبارك كانت مشرفة لنا جميعا لأنه كان ناطقا باسمنا ومعبّرا عن مواقفنا مميزا في حضوره صادعا بالحق في زمن جبل فيه العاملون في القطاع على واجب الصمت بدل التحفّظ وخطيئة الانبطاح للسلطة التنفيذية والخضوع للأوامر الفوقية”.
واعتبر البيان أن معاقبة هذا القاضي هو عقاب لكل القضاة المخلصين والمدافعين عن منظومة قيم العدالة وهو إنكار للمجهودات التي بذلها سلك القضاة في وقوفهم مع الحق.
قرار عزل “باطل” بسبب انتهاء ولاية المجلس
قالت المحامية زبيدة عسول أن “قرار العزل باطل بسبب انتهاء عهدة تشكيلة المجلس الأعلى للقضاء منذ ماي 2020، لذا وجب الطعن في هذا القرار الباطل لعدم شرعيته”.
وكان فريق دفاع القاضي مرزوق قد طعنوا أثناء المرافعات، في شرعية تشكيلة المجلس، على اعتبار أن ثمانية من أعضائه انتهت ولايتهم مند مايو (أيار) 2020. كما انقضت مدة عضوية خمسة قضاة، ولم ينتخب بدلاً عنهم قضاة آخرون، وانتهت أيضاً عهدة 3 أعضاء من بين 6 في الفترة نفسها، ولم يعيَّن محلهم أعضاء جدد.
قاض ضامن للحريات ومحروم منها
من جهته أكد سعد الدين مرزوق، الذي يسميه الناشطون في الجزائر بـ «قاضي الحراك»، أنه لم ولن يندم على أي شيء يخص مواقفه في مجال الحريات واستقلال القضاء، لأنه مارس حقه في التعبير وهو حق يكفله الدستور وكافة الصكوك الدولية، وأردف قائلا: “لقد كتبت مقالات رأي نددت فيها بمحاولات السلطة التنفيذية الهيمنة على القضاء دفاعاً عن استقلال القضاة المكرَّس دستورياً”.
وأضاف: “لا يمكن أن أكون قاضيا ضامنا للحريات وأكون محروم منها”.
حملة تضامن واسعة من أجل قاض “مستقل” أو “مستقيل”
فور إعلان قرار المجلس الأعلى للقضاء عزل الناطق الرسمي باسم نادي قضاة الجزائر بسبب خرق واجب التحفظ اجتاح وسم “كلنا القاضي مرزوق” مواقع التواصل الاجتماعي في البلاد، وتداول الناشطون مقاطع فيديو وصورا وجملا وعبارات مأثورة للقاضي مرزوق من زمن الحراك، من قبيل أن القضاة “يرفضون الإدلاء بشهادة زور في انتخابات نتائجها محسومة سلفا“، في تذكير بقرار نادي القضاة مقاطعة الانتخابات الرئاسية رفضا للعهدة الخامسة للرئيس السابق بوتفليقة.
كما تداول النشطاء عبارات أخرى من قبيل: “لست قاضيا متسلقا، وانما مستقل أو مستقيل”، وأن “واجب تحفظ القضاة لا يعد واجب صمت”، وأن “التحفظ خيانة حينما يتعلق الأمر بمصير الشعب الذي نحكم باسمه”.
من جهته اعتبر رئيس نقابة القضاة يسعد بن مبروك، عزل القاضي سعد الدين مرزوق من سلك القضاء، عقوبة قاسية.
وقال الناشط الحقوقي شوقي بن زهرة، “تضامني المطلق مرة أخرى مع القاضي الحر سعد الدين مرزوق الذي قام وزير العدل بعزله نهائيا من مهنة القضاء، عبر قرار صادر من المجلس الأعلى للقضاء الخاضع للتعليمات”.
وتابع المتحدث ذاته، “الأكيد أن سعد الدين مرزوق سجل اسمه بأحرف من ذهب في المعركة من أجل عدالة مستقلة بعد تضحيته بكل شيء من أجل الوقوف مع الشعب والحراك”.
مواضيع ذات صلة
نادي قضاة الجزائر ينشأ في ظل الحراك ولدعمه: نرفض الإشراف على انتخابات الرئاسة
استقلال القضاء عنوانا بارزا في حراك الجزائر: قضاة يجاهرون في رفض تعليمات وزارة العدل
رئيس نادي قضاة الجزائر أمام مجلس التأديب بتهمة المس بموجب التحفظ: “إنه وسام شرف… وسأطلب علانية المحاكمة”
إضراب مفتوح لقضاة الجزائر: حركة قضائية تشمل 3000 قاض خلافا لمبدأ عدم نقل القاضي إلا برضاه
نادي قضاة الجزائر يضع القضاء في خدمة الشعب: مقاطعة الإشراف على الانتخابات الرئاسية
قضاة الجزائر يكسرون واجب التحفظ: التحفظ خيانة حينما يتعلق الأمر بمصير الشعب الذي نحكم باسمه