بعد سقوط صفقة المطار: ديوان المحاسبة يحسم الطريقة المثلى للتلزيم


2023-03-30    |   

بعد سقوط صفقة المطار: ديوان المحاسبة يحسم الطريقة المثلى للتلزيم
من صفحة الوزير علي حمية الرسمية على تويتر

نفّس الوزير علي حمية اجتماع لجنة الأشغال العامة والطاقة قبل أن يبدأ بلحظات من خلال إعلانه عدم السير بالعقد الموقّع مع الشركة اللبنانية للنقل الجوي LAT لبناء مبنى جديد للركاب في مطار بيروت. وهو إذ أوضح أن هذا القرار أتى بناء على طلب “من الجهة التي أتشرف في تمثيلها في الحكومة اللبنانية وهي حزب الله، وحسماً للاختلاف الحاصل والجدل الحاصل”، فإن إعلانه هذا خفّض عدد النواب الذين كان متوقعاً حضورهم الجلسة والذين كانوا يتحضرون لـ”معركة” سياسية – تقنية، من 80 نائباً إلى نحو 30 نائباً. وهؤلاء عمدوا إلى  مناقشة الملف، إن لناحية أهمية تطوير المطار بما يؤدي إلى زيادة قدرته الاستيعابية أم لناحية الطريقة الأمثل لتلزيم المشروع، وقبل ذلك الاتفاق على المشروع الأنسب للمطار، خاصة مع طرح النائب ابراهيم منيمنة إشكالية تتعلق بعدم تطبيق المخطط التوجيهي الذي وافق عليه مجلس الوزراء في العام 2018، والاكتفاء بالاعتماد على استشارة قدمتها دار الهندسة.

وفيما لم يتسنّ لأي من النواب الاطلاع على العقد، لم يُعرف ما إذا كان يتضمن أيّ بند جزائي يسمح للشركة بطلب التعويض. وبالرغم من أنّ حميّة أكّد أنه لا ينتج أيّ ضرر عن توقيع العقد، وهو صار يُعتبر غير موجود. إلا أن مصادر قضائية أكّدت أن توقيع العقود يفترض حسن النية، وبالتالي يُفترض بالمتعاقدين أن لا يتراجعوا من دون سبب، ما قد يسمح بالادعاء على الدولة.

في بداية الجلسة تولّى النائب حسين الحاج حسن نقل وجهة نظر حزب الله، موضّحاً أنه اتخذ قراراً بعدم المضي في الصفقة. وقال إن الوزير استند إلى دراسة قانونية، ولكن ثمة وجهة نظر ثانية تعتبر أن السند القانوني المُعتمد لم يكن صحيحاً. وعليه، فإن حزب الله الذي كان من الساعين إلى إقرار قانون الشراء العام لا يزال يتمسك به ويدعم هيئة الشراء العام، آملاً وضع أسس واضحة لإجراء هذه التلزيمات في المستقبل.

بحسب النقاش، فقد لجأ حمية إلى قانون رسوم المطار، انطلاقاً من أن قانون الشراء لا يشير إلى تلزيم يزيد عن 4 سنوات. كما أنه لا يمكن تطبيق قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص بسبب عدم إقرار المراسيم التطبيقية اللازمة وبسبب عدم تعيين مجلس الخصخصة، فيما وحده قانون رسوم المطارات يسمح بهذا بالتلزيم لمدة 25 سنة. ومسألة المهلة أكدت عدم وضوح المسألة بالنسبة للنواب الذين تناقل أغلبهم، ومنهم رئيس اللجنة سجيع عطية، إضافة إلى التوصية الصادرة على اللجنة، إشارة إلى أن المادة 114 من قانون الشراء العام هي التي لا تسمح بالتلزيم لأكثر من 4 سنوات. وإذ طالبت التوصية بتعديلها، فقد تجاهل الجميع حقيقة أن هذه المادة لا تشير إلى أي قاعدة من هذا المثيل. جلّ ما في الأمر أن القرار رقم 275 للعام 1926، لا يسمح بتأجير أملاك عامة لأكثر من 4 سنوات، وهو ما كان يطبق على عقود تأجير مساحات في المطار. علماً أن هذه المادة يمكن تجاوزها في حالة واحدة وردت بشكل واضح في قانون موازنة 1999 (الجدول رقم 9)، وهي تسمح لشركات النقل الجوي والخدمات الأرضيّة وشركات النفط (الجهات الوحيدة المخولة استئجار مساحات مكشوفة في المطار) التي تنفذ إنشاءات على نفقتها الخاصة على تلك الأراضي لأعمالها الخاصة) أن تعفى من الإيجار لعشر سنوات، بما يؤدي عملياً إلى إشغالها المساحة المبنية لعشر سنوات بدلاً من 4 سنوات. والخلاف هنا يتعلق في اعتبار وزير الأشغال العقد الموقع بمثابة عقد تأجير لمساحات مكشوفة بحسب قانون رسوم المطار، وهو بذلك تجاهل فكرة أن العقد هو عقد استثمار على قاعدة BOT (إنشاء، تشغيل ثم نقل للدولة) حتى لو لم يعتبره كذلك وأن الاستثمار يطرح أسئلة أخرى لجهة مدى جواز عقد الصفقة من دون تشريع خاص سندا للمادة 89 من الدستور.

هذه الإشكالية أوضحها رئيس هيئة الشراء العام جان العلية الذي أشار إلى أنه عند إقرار قانون الشراء العام، نشأت إشكالية تتعلق بكيفية تطبيق القانون على عقود الإيرادات (ما يحقق إيرادات للدولة)، فأصدر مذكرة أشار فيها إلى أن تطبق قواعد الشراء المطبقة على الإنفاق على عمليات الشراء الخاصة بالإيرادات في كل ما ليس له نص خاص. ولكن بما أن عمليات التأجير في المطار تخضع للقرار 275/26، الذي يحدد مدة الإيجار الأقصى ب4 سنوات، فقد اعتبر حمية أنه لا يمكن أن يلزم الشركة لأكثر من 4 سنوات.

بالنتيجة ومع إقفال ملف التلزيم الراهن، تركز النقاش في الجلسة على المرحلة اللاحقة، وبشكل أدق على توصيف طبيعة التلزيم، وفيما كان هنالك شبه إجماع على أن هذا العقد يحتاج إلى قانون من مجلس النواب، تطبيقاً للمادة 89 من الدستور، فإن الحسم سيكون على يد ديوان المحاسبة الذي بدأ بدرس الملف، ويفترض أن يصدر قراره بشأن صحة العقد ومن عدمه. وحتى مع اعتباره كأنه لم يكن، فإنه سيعمد إلى حسم ثلاثة أمور: توصيف العقد، أي قانون يفترض أن يطبق، وهل يجوز أن تعقد حكومة تصريف أعمال هذه النفقة أم يفترض أن تكون مكتملة الصلاحيات؟

وكانت اللجنة قد أوصت باعتماد قانون الشراء العام وليس قانون رسوم المطارات. كما دعت إلى العمل على إعداد مخطط توجيهي يشمل عدد وأماكن المطارات المطلوبة في البلد توسعتها، ووقف هكذا نوع من التلزيمات إلى حين انتخاب رئيس للجمهورية وتأليف حكومة أصيلة، وتشكيل لجنة فرعية لدراسة واقع وآفاق النقل الجوي للطيران المدني، مع اقتراح فك الحصرية لشركة طيران الشرق الأوسط وLAT لخلق أسعار تنافسية للنقل من وإلى لبنان.

انشر المقال

متوفر من خلال:

البرلمان ، تشريعات وقوانين ، مرسوم ، لبنان ، مقالات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني