سنة 2024، بلغ عدد المنشآت العمومية 114[1] منشأة عمومية وفق ما جاء في تقرير [2] وزارة المالية المرفق لمشروع قانون المالية لسنة 2024 والمتعلّق بالمنشآت العمومية. وهي فيما يتبين من وصف تلك الوثيقة الرسمية لها متباينة من حيث قيمة أصولها وأرقام معاملاتها ومنها ما هي ذات مردوديّة اقتصادية وأخرى وهي غالبيتها تمثّل عبئا على موارد الدّولة ومصدر تهديد لتوازناتها المالية. وعلى أهميّة تلك المعطيات المحاسبية في صياغة صورة للفاعل الاقتصادي الذي تمثله تلك المؤسسات، يجدر التنبيه أن ثمة حاجة لمعطيات أخرى تضيء على ميزتها وتتمثل أساسا في اقترانها بدور سياسيّ صاحبها منذ نشأتها. ويبدو السؤال عن هذا البعد مهمّا لكونه يسمح بتقييم مغاير لأداء المؤسسات العمومية أو في الأدنى باستحضار عناصر تقييم أخرى لها تعترف بخصوصيتها.
وفي محاولة لتناول هذا البعد، نقترح تصنيف المنشآت التي ما زالت ناشطة وفق جدول زمني حسب الحقبة الاقتصادية والسياسية التي بعثت فيها بما يكشف ارتباطها في وجودها ببرنامج سياسي أو بطرح اقتصادي سياسي. ونقدّر أن ذلك يمكننا من رسم ملامح السياسات الاقتصادية من خلال انعكاسها في المؤسسات العمومية وهو ما ينبّه إلى قدرتها كذراعٍ اقتصاديّ للدولة على مواصلة الاضطلاع بدورها كرافعة لسيّاساتها كما كان حالها في كل تاريخها القديم بداية من الحقبة الاستعمارية.
منشآت الحقبة الاستعمارية: ما بعد اقتصاد المحلًّة..
عوّل بايات تونس على الجباية فكانت حملات جمعها والمصطلح على تسميتها بالمحلّة أهم مظهر لحضورهم خارج مقرّات حكمهم. خلافا لهم، استغلّت فرنسا ثروات تونس كمصدر دخل لها ولمواطنيها الذين وّطنتهم فيها. وهو ما ترسم بعض تفاصيله الثلاث عشرة منشأة التي وردت في إحصاء وزارة المالية ويعود تأسيسها لتلك الحقبة. فأربعة منها هي شركة فسفاط قفصة[3] وشركة جبل الجريصة[4] والمؤسسة التونسية للأنشطة البترولية[5] والمجمع الكيميائي[6] كان موضوع نشاطها الموارد المنجمية والأحفورية التي استكشفت في تونس.
كما عملت السلطة الاستعمارية على تحقيق النفع التجاريّ بالثروة المحليّة سواء كانت منجمية أو فلاحية بضمان نقلها من مناطق الإنتاج إلى المركز -أي فرنسا- فأنشأت إدارتها لهذا الغرض اثنتين من المؤسّسات التي ما زالت ناشطة وهي الشركة الوطنية للسكك الحديدية[7] وديوان الموانئ البحرية والتجارية. وفي إطار ما كانت تخطط له من استيطان دائم في مستعمرتها سهلت الحركة منها واليها بإحداث الخطوط التونسية[8]. كما حرصت على توفير شروط الرفاه للتجمعات العمرانية للمعمرين بإحداث مؤسسات تطوّر الخدمات البلديّة وأخرى تمكّنهم من حياة حضرية تماثل ما كانوا يتمتعون به في بلدهم وقد تمثلت في “صندوق القروض ومساعدة الجماعات المحلية” والذي كان تحت مسمى “صندوق لسلفات المجالس البلدية”[9] و”الصيدلية المركزية للجمهورية التونسية” والتي كانت بدايتها مستودعا في المستشفى المدني الفرنسي سنة 1938[10] و”شركة الترامواي” ومعها مجموع شركات نقل حضري داخل العاصمة والتي استفادت من مشروع تعصير المدينة الذي انطلق قبل الاستعمار[11] وتطوّر من بعده و”شركة سباق الخيل” بما في نشاطها من ترفيه لهم وفرص لتحقيق الربح لبعضهم وأداءات للدولة و”الإذاعة التونسية”[12] وكذلك “الشركة الجديدة للطباعة والنشر”[13] وما كان لهما من دور في تطوير الإعلام وفي إحكام سيطرة السردية الاستعمارية على المجتمع المحلي.
في هذه الفترة من تاريخ المنشآت، كانت الريادة لفرنسا بحيث اقتصر تدخّل إدارة الباي على إحداث المطبعة الرسمية من خلال بعث نواتها الرئيسية أي “جريدة الرائد الرسمي” سنة 1896؛ وكانت الإدارة الاستعمارية عماد مشروع يطوّر الاقتصاد العامّ والمدنيّة في تونس استفادت منه حينها القوى الاستعمارية لكنه بعد الاستقلال عاد ليفيد المشروع الوطني بعدما تعزّز بمؤسسات أخرى.
إنشاء المؤسسات العمومية بعد الاستقلال كان أداة لتونسة النشاطات الاقتصادية وتعويض انسحاب الرأسمال الأوروبي.
فجر الاستقلال: المؤسّسة لمنع الانهيار وإعادة الهيكلة
خلال الفترة التي أعقبتْ إعلان الاستقلال سنة 1956 واستمرّت لأربع سنوات، بُعثت 7 مؤسسات هي “الشركة الوطنية لعجين الحلفاء”[14] و”الشركة الوطنية العقارية”[15] و”الشركة التونسية للبنك”[16] و”البنك الوطني الفلاحي”[17] و”صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية” سنة 1959[18] و”شركة النقل بالأنابيب بالصحراء”[19]. كما اكتسبت الدولة كامل رأسمال شركة إسمنت بنزرت[20].
ويكشف توزيع هذه المؤسسات سرعة المبادرة لتنظيم الحقوق الاجتماعية لموظفي القطاع العام بما رسم الطابع الاجتماعي للدولة بشكل مبكر. وفي ذات السياق، نلحظ أن تأسيس بنك مخصّص لتمويل الفلاحين وآخر للصناعيين والتجار كان من الإجراءات التي أثرت لاحقا على النسيج الاقتصادي التونسي بما وفّره هذان البنكان من فرص تمويل للخواصّ والقطاع العام. كما أسهمت هذه المنشآت في منع انهيار الاقتصاد المحلي بعد بداية مغادرة الأجانب.
وإذ يكشف تحوّل شركة إسمنت بورتلاند من شركة أجنبية إلى شركة عمومية تونسية تنشط تحت اسم إسمنت بنزرت عن اعتماد دولة الاستقلال سياسة تونسة المؤسسات الأجنبية القائمة، يؤشّر توزيع مساهمات شركة النقل بالأنابيب بالصحراء بين الحكومة التونسية ومستثمر أجنبي عن انفتاح تونس على الشراكات في قطاع البترول، وهي من الظواهر التي ستتواصل بعد ذلك وخصوصا فترة الستينات التي يمكن وصفها بربيع المؤسسات.
الستينات[21]: ربيع المؤسسات
فترة الستينات يوثق قسم الإعلانات بالرائد الرسمي مئات من إعلانات تأسيس شركات في كل جهات الجمهورية تعود ملكيتها للدولة بما يشي بأهمية ما تم في تلك الحقبة من محاولات استثمار عمومي. ولا أثر واقعي للعدد الأكبر من تلك المؤسسات، كون العديد منها بقيت حبرا على ورق. ولئن شملت التصفية عددا آخر[22] من الشركات بفعل ما واجهها من صعوبات مالية، تم خصخصة بعضها الآخر[23] بعدما رأت الدولة أن نشاطها يجدر أن يتولاه القطاع الخاص. في المقابل، نرصد في قائمة ال 114 منشأة المستند لها في هذا الجرد 32 منها تعود لتلك الحقبة بما يسمح بالقول إن النسبة الأهم من المنشآت الناشطة اليوم تمّ تركيزها في ظلّ اختيارات سياسية بإسناد دور مركزيّ للدولة في الحياة الاقتصادية. وعند التدقيق في نشاط هذه المنشآت، نجد (1) 13 شركة نقل منها 12 جهوية وواحدة وطنية[24] و(2) مؤسستين إعلاميتين (هي وكالة تونس إفريقيا للأنباء والتلفزة التونسية) و(3) شركتين مكلفتين بإدارة مرفقيْ الماء الصالح للشراب والكهرباء (وهما الشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه والشركة التونسية للكهرباء والغاز) و(4) 4 شركات صناعية (هي مصنع السكر بباجة[25] وشركة الفولاذ بمنزل بورقيبة[26] والشركة التونسية لورق الحلفاء بالقصرين[27] والشركة التونسية للتكرير[28]) و(5) 5 شركات تنشط في مجالات تجارية (وهي الشركة الوطنية لتوزيع البترول[29] والديوان التونسي للتجارة [30] وشركة اللحوم[31] ومعرض نابل[32] والوكالة الوطنية للتبغ والوقيد[33]) و(6) 4 شركات في قطاع الفلاحة[34] (وهي ديوان الحبوب وديوان الزيت وديوان الأراضي الدولية[35] والشركة الوطنية لحماية النباتات[36]) و(7) شركة في قطاع الخدمات وهي شركة سياحة الشباب والتي تعمل على تطوير سياحة الشباب من تونس وإليها[37] و(8) مؤسسة اجتماعية وهي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[38] والذي وفر التغطية الاجتماعية لأعوان القطاع الخاص ومنهم جانب من أعوان المنشآت العمومية.
ويبرز ما بقي من مؤسسات الستّينات كيف أن سياسة التأميم للمؤسسات الاستعمارية والعقارات الفلاحية التي كانت في تصرّف المستوطنين من الفرنسيين والأوروبيين ممّن يصطلح محليا على تسميّتهم بالمعمرين وما رافقه من توفير استثمار عموميّ ساهما في توجيه التنمية جغرافيا لتشمل مختلف جهات البلاد وتحدّ بالتالي من تركزها في الجهة الشرقية الساحلية منها. ولقد طوّر هذا الجهد بشكل متزامن مختلف القطاعات ومنها الصناعة والفلاحة والتجارة والسّياحة وذلك في إطار محاولة لإنجاح شعار التنميّة الشاملة الذي رفع حينها.
وعليه، وعلى الرغم مما ميّز هذه الفترة من توجّه اشتراكي، إلا أن سياسات الدولة بقيت خلال هذه المرحلة منسجمةً إلى حدّ كبير مع السياسات المعتمدة خلال مرحلة ما بعد الاستقلال (والتي توصف بالليبرالية)، سواء فيما يتصل بإدارة ملفّ بعث المنشآت أو اعتمادها في بناء الدولة الاجتماعية.
فمن جهة أولى، استمرت الدولة في سياسة الانفتاح على الشراكة مع القطاع الخاصّ الأجنبي في قطاع الطاقة، بما ينفي القول بتشدد الدولة في الالتزام بفكرة ملكيتها لوسائل الإنتاج في القطاعات التي توصف بالاستراتيجية آنذاك ويؤكّد أن المبادرة الاقتصادية للدولة آنذاك واقع فرضته الحاجة الاقتصادية. كما تمّ الالتجاء الى ما سبق من تجربة دمج المؤسسات القائمة بهدف بناء مؤسسات جديدة كبرى. ومثال ذلك شركة النقل والتي نتجت عن توحيد عدد من الشركات الناشطة في هذا المجال وشركة الكهرباء والغاز والتي كانت ثمرة تأميم ودمج 07 شركات[39]. ويمكن تفسير استمرارية هذا التوجه بتحكّم إدارات حزب الدستور على العمل الحكومي في كلتيْ المرحلتيْن.
ومن جهة ثانيةٍ، نرصد وبوضوح التكامل بين هاتين مرحلتيْن فيما يتّصل ببناء المؤسّسات التي تمكّن الدولة من الاضطلاع بدورها الاجتماعي سواء منها التي تستهدف حماية حقوق الأجراء الاجتماعية أو تلك التي تستهدف حماية الحق في السكن اللائق. ويرجّح أن يكون مردّ الالتزام بهذا التوجه، الدور الذي كان يلعبه خلال كلتا المرحلتين الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة النقابية في الحكم وضبط سياسة الدولة.
وفي المحصلة يمكن القول بأن مرحلة الستينيات عرفت زخمًا كبيرًا في بعث المؤسسات العمومية وأن أغلب تلك التي توصف الآن بالمؤسسات الكبرى كانت من ثمارها. ولا يحول ذلك دون الاعتراف بأنّ رسم المؤسسات لملامح الدولة التونسية خلال تلك الفترة كان في إطار تواصل مع ما سبقها. وهي الظاهرة التي لم تغب بعد ذلك على الرغم ممّا كان من قطيعة سياسية عنيفة بين المرحلة الاشتراكية وما تبعها.
الستينيات كانت ربيع المؤسسات العمومية حيث تم إنشاء مئات منها بعضها بات محوريا وبعضها بقي حبرا على ورق
ما قبل الإصلاح الهيكلي: منشآت عهد الانفتاح
سنة 1969، كانت الدولة ومؤسساتها تسيطر بالكامل على القطاع المصرفيّ والمواصلات والطاقة والتعدين و70% من الصناعة المحلية و90% من الفلاحة وعلى قسط كبير من التجارة خصوصا الخارجية منها. غير أن ذلك لم يحقق النمو الاقتصادي المنتظر منه وانتهى إلى أزمة مالية عمومية حمّل رئيس الجمهورية الحبيب بورقيبة المسؤولية السياسية والجزائية عنها للوزير أحمد بن صالح . وقد فوّض بورقيبة للوزير الهادي نويرة صلاحية رسم سياسة انفتاح اقتصادي بديلا عما سبق من تحكم دولة في الاقتصاد.
في ظل ذلك الانفتاح وُجّهت المؤسسات المصرفية الحكومية لتمويل القطاع الخاص فأسندت للبنك الفلاحي بداية شهر أكتوبر 1969 صفة البنك الشامل لكي يسهم في تلك السياسة ومنها تمويل المشاريع الصناعية. كما تمّ استحداث منشآت تخدم القطاع الخاص ومنها الوكالة العقارية الصناعية[40] التي عٌهد لها بتهيئة مناطق صناعية لفائدة المستثمرين[41] والوكالة العقارية السياحية المختصة في تهيئة المناطق السياحية ومركز النهوض بالصادرات والشركة التونسية لتنمية الغولف والتي تهدف لتنويع المنتوج السياحي[42]. ووُجّه استعمال المؤسسات العمومية لخدمة الدور الاجتماعي للدولة وسياساتها في هذا المجال. وعليه، تمّ استحداث ديوان التنظيم العائلي سنة 1973 لإدارة سياسة تحديد النسل والذي أضحى لاحقًا يسمّى بعد تطوير أهدافه الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري. وتم تنظيم قطاع طباعة ونشر الكتاب المدرسي باستحداث المركز الوطني البيداغوجي سنة 1972. كما برز الاهتمام بتطوير تملّك التونسيين لمساكنهم بإحداث الصندوق القومي للادّخار السكني سنة 1973 والذي تحول لاحقا لبنك الإسكان وإنشاء الوكالة العقارية للسكنى سنة 1973 وشركة النهوض بالمساكن الاجتماعية سنة 1977 ووكالة التهذيب والتجديد العمراني سنة 1980 والتي عُهد لها كلا حسب مجال اختصاصه توفير مقسّمات سكنية ومساكن اجتماعية. كما تم استحداث مؤسّسات تحسّن المحيط العمراني وهي أساسا الديوان الوطني للتطهير ووكالة التصرف البلدي ومؤسسات أخرى تطوّر قطاع الرياضة من غير موارد الدولة وباعتماد مداخيل الرهان الرياضي وقد تمثّلت في شركة النهوض بالرياضة علاوة على تطوير ضبط المجال العقاري بإحداث ديوان قيس الأراضي والمسح العقاري وتنظيم المطارات بإحداث ديوان الطيران المدني. وفي هذا كلّه، كانت المؤسسات وسيلة دعم للقطاع الخاص وعمادًا للسياسة الاجتماعية ووسيلة إدارة للمرافق العامة وهي أهداف وإن استحوذت على القسط الأكبر من مجالها، فإنها لم تمنع الحكومات المتعاقبة من مواصلة التعويل على المؤسسات العامة في النشاط الاقتصادي.
وقد حافظت الدولة خلال تلك الفترة على كل منشآتها الصناعية والتجارية باستثناء ما كانت مرتبطة بالتعاضد وزادت إليها مؤسسات جديدة كان العديد منها على علاقة بمشاريع كبرى ولا يمكن أن تتمّ إلّا بواسطة الاستثمار العمومي وهي (1) شركة النقل بالأنابيب للبترول 1979 و(2) الشركة التونسية لأنبوب الغاز العابر للبلاد التونسية سنة 1980 والتي عهد لها إدارة الجزء التونسي من خطّ أنابيب نقل الغاز الجزائري إلى إيطاليا و(3) شركة استغلال قناة وأنابيب مياه الشمال سنة 1984 والتي اقترن بعثها بمشروع نقل مياه الشمال للوطن القبلي و(4) التونسية لأسواق الجملة المحدثة سنة 1980 والتي أسندت لها مهمة تنظيم تداول المنتجات الغذائية الفلاحية و(5) شركة النقل بين المدن والتي لم يكن مجال اختصاصها في حينه مما يجتذب الخواصّ خصوصا لكون عديد الخطوط منه لم تكن مربحة تجاريا.
بالمقابل، تم استحداث عدد آخر من المؤسسات الناشطة في قطاعات يفترض أنها تجارية وصناعية تنافسية ومنها (1) وكالة الكحول سنة 1974 والتي منحت احتكارا في مجال نشاطها و(2) شركة إسمنت أم الخليل سنة 1973 والتي منحت أيضا الاحتكار في هذا المجال و(3) الشركة العامّة للمقاولات والمعدّات والأشغال سومترا-جات سنة 1971 وقد استُخدمت في منافسة شركات القطاع الخاصة الصاعدة في مجال الأشغال العامة و(4) شركة الترفيه السياحي والتي أنيط بها مهمة إدارة مرافق سياحية[43] و(5) مصنع التبغ بالقيروان سنة 1981 الذي طوّر البعد الإنتاجي الصناعي لوكالة التبغ و(6) الشركة التونسية للتنقيب سنة 1981 والتي استعملت في تطوير القدرة على حفر الآبار الأرتوازية و(7) الشركة التونسية للدواجن سنة 1981 والتي طورت بمعية القطاع الخاص قطاع نشاطها وغيرت بذلك العادات الغذائية للتونسي و(8) ديوان الأراضي الدولية القطاع و(9) مركز الدراسات والبحوث الجوية 1982والذي توقّف حاليا بالكامل عن النشاط وإن حافظ على وجوده القانوني و(10) شركة إشغال السكة الحديدة سنة 1984 المتفرعة عن شركة السكك الحديدية .
وفي ذات الحيز الزمني وتحديدا سنة 1975، تملّكت الدولة مؤسستين كان قبلا مستثمرون أجانب يساهمون فيهما وهي الشركة الوطنية لتوزيع البترول والشركة التونسية للتكرير، فيما استحدثت سنة 1980 الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق بإدماج الشركتين المكونتين للمركب الصناعي بالقصرين أي الشركة الوطنية التونسية للسيليلوز والشركة التونسية لورق الحلفاء. كما تمّ إعادة هيكلة الصندوق القومي للتقاعد والحيطة الاجتماعية سنة 1975 بدمج صندوقيْ التقاعد والحيطة الاجتماعية بمؤسسة واحدة.
ونلاحظ هنا أن النّزعة الليبرالية للنظام في تلك الفترة من تاريخ تونس كان للمؤسسات العمومية دور في انفاذها. فقد استعملت في إسناد المبادرة الخاصة لما تمتاز به من مرونة تسيير واستقلالية هيكلية تلائم ما يحتاج القطاع الخاص من تخفيف لحدّة البيروقراطية الإدارية. كما نلاحظ ان النزعة الليبرالية وخلافا لما قد يعتقد لم تنقص من الطابع الاجتماعي للدولة خصوصا منها في مجال السكن والتعليم. ونرصد في ذات الإطار أن تلك النزعة لم تقترن بتراجع من الدولة عن احتكارها لقطاعات ولا عن توجّهها للتدخل كفاعل في قطاعات تنافسية أخرى. وربما يفسر هذا ما انتهت إليه تجربتها من اختلال جديد للموازنة العامة كان من عناوينه ثقل التعهّدات الاجتماعية وضعف المداخيل وأدى لفرض الإصلاح الهيكلي وما بعده من خصخصة استمرت طيلة عهدة رئيس الجمهورية الأسبق زين العابدين بن علي وكان لها أثرها على تصوّر المنشآت ورسم دورها.
ما بعد الإصلاح الهيكلي: مؤسسات جديدة..
استحدثتْ بين سنتيْ 1987 و2010 ستة عشرة منشأة منها (1) 7 تعلقت بمرافق كانت تنشط سابقا في إطار الإدارة واتّخذ قرار في إعطائها صفة المنشأة العمومية، وهي شركة الخدمات والإقامات والوكالة البلديّة للخدمات البيئيّة اللتيْن استحدثتا سنة 1990 ووكالة موانئ وتجهيزات الصيد البحري وشركة تونس للطرقات السيارة المستحدثتين سنة 1992 والديوان الوطني للإرسال التلفزي المستحدث سنة 1993 والوكالة الفنية للنقل البريّ المستحدث سنة 1995 والديوان الوطنيّ للمعابر الحدودية سنة 2010 و(2) اثنتين تعلّقتا بإعادة هيكلة قطاع البريد والهاتف وهما الشركة التونسية للاتصالات سنة 1995 والديوان الوطني للبريد 1998 علاوة (3) على 3 شركات تدعم المبادرة الخاصة بهدف التشجيع على العمل المستقلّ لتخفيف حدّة البطالة أو دعم المؤسسات الصغرى والمتوسطة وهي البنك التونسي للتضامن المحدث سنة 1997 وشركة شبكة تونس للتجارة سنة 2000 وبنك تمويل المؤسسات الصغرى والمتوسطة سنة 2005. و(4) استحدثت شركتان لإدارة مرافق وهي شركة التصرّف في القطب التكنولوجي ببرج السدرية والشبكة الحديدية السريعة. (5) وفي ذات الإطار، تم إنشاء مؤسسة تطور التغطية الاجتماعية للأجراء سنة 2005 وهي الصندوق الوطني للتامين على المرض. (6) كما تمت تونسة شركة النقل بالأنابيب بالصحراء فضلا عن تطوير هيكلة مؤسسات قائمة بدمجها في مؤسسة واحدة ذات أصول أهمّ أو تفريعها. ومن أبرز حالات الدمج ، صهر بنك التنمية الاقتصادية والبنك الوطني للتنمية السياحية سنة 2000 بالشركة التونسية للبنك. بالمقابل من أبرز حالات التفريع، إحداث مؤسسات مختصة من صلب مؤسسات قائمة ذات أنشطة متشعبة مثل بعث الشركة التونسية للصناعات الصيدلية سنة 1989 في إطار إعادة هيكلة الصيدلية المركزية.
ويلحظ هنا أنّ دور المؤسّسات العموميّة في فترة الخوصصة تناغم في الجانب الأكبر منه مع خيارات المرحلة. فقد تمّ توجيه الاستثمار العموميّ لاستحداث آليّات ماليّة وفنيّة تدعم المبادرة الخاصّة من دون التدخّل في القطاعات الإنتاجية والتجاريّة التي تركت للقطاع الخاص. في المقابل، تدعّم في هذه المرحلة الالتجاء لهيكلة المنشآت والمؤسسات في إدارة بعض المرافق طلبا لمرونة التصرّف كما هو الحال فيما تعلّق بديوان البريد وديوان المعابر الحدودية أو تمهيدا لفتح مجال تدخّل القطاع الخاص فيها أو خصخصتها وهي صورة مجال الاتصالات.
ويستخلص من ذلك أن السياسات العامة كانت الضابط لنسق إحداث المؤسسات في سياق تواصلي مع بقية مراحل التجربة التونسية في هذا المجال. وهو أمرٌ غاب في حالة إحداث شركة البيئة والبستنة بالرديف سنة 2008 والتي كان الهدف منها احتواء المطالب الاجتماعية لمنطقة الحوض المنجمي. ويبدو أن هذا التوجّه في أبعاده الارتجالية سيكون لاحقا خيار السياسات في هذا الشأن.
مؤسسات مرحلة الانتقال الديموقراطي: الترضيات عماد السياسات
خلال فترة الانتقال الديموقراطي والتي استمرت لحين إعلان رئيس الجمهورية قيس سعيد إجراءاته الاستثنائية في 25 جويلية 2021، تمّ بعث 12 مؤسسة: (1) واحدة منها تعلقت بإدارة القطب الصناعي والتكنولوجي بجندوبة وبالتالي بإنجاز مشروع. أما البقية فكانت عنوانا لاستجابات حكومية لمطالب اجتماعية أو قطاعية، إذ (2) أحدثت شركة التنمية والاستثمار بتطاوين و(3) شركة الخدمات والتنمية متعددة الاختصاصات بقرقنة و(4) 6 شركات بستنة موزعة بين المدن المنجمية والنفطية في إطار هدفه الوحيد احتواء التحركات الاحتجاجية. و(5) بعثت الشركة الجهوية للنقل بسليانة وشركة أسواق الإنتاج بالوسط لذات الغرض. (6) فيما حوّلت إدارة الملكية العقارية إلى ديوان وذلك استجابةً لمطالب أعوانها الذين كان هدفهم من ذلك تحسين وضعهم الاجتماعي، طالما أن المنشآت العمومية تتميز عموما بنظام تأجير أفضل من نظيره في الوظيفة العمومية.
وهنا نرصد أنّ إدارة إنشاء المؤسسات العمومية وبفعل ضعف السلطة السياسة، غابت عنها لأول مرة في تاريخها فكرة التخطيط وهي الظاهرة التي استفحلت بعد ذلك في ظل الحكم المطلق.
مؤسسات ما بعد 25 جويلية: سلطة الفرد في خدمة أحلامه وأولوياته.
فيما مضى من هذه الحقبة التي لا زالت مستمرة، استحدثت ثلاث مؤسسات هي مؤسسة الأغالبة الطبية والديوان الوطني للأعلاف[44] وديوان مساكن أعوان رئاسة الجمهورية. وكانت الأولى فكرة رئيس الجمهورية التي قرر تنفيذها دون انتظار دراسات فنية تؤكد جدواها والقدرة على إنجازها من عدمه. أما الثانية فعكست تصوّره للحل الممكن لأزمة غلاء ثمن الأعلاف وأثر ذلك على قطاع تربية الابقار والمواشي. وهي مؤسسة استحدثت دون الالتفات إلى أن ديوان تربية الماشية وتنمية المراعي[45] القائم قبلها يتولى الاختصاص نفسه وأنّ ذلك الديوان قد يكون بحكم خبرته والكفاءات التي تعمل صلبه أكثر قدرة على إنجاز المطلوب منها لو وفرت له إمكانيات لذلك. فيما كانت المؤسسة الثالثة لمن يشتغلون بمؤسسة الرئاسة وبدتْ واقعا هدية لهم ميّزتهم عن غيرهم. وفي هذا تجانست المؤسسات الجديدة التي لم يعرف لأيّ منها نشاطٌ فعليّ مع سياسات زمنها ومؤسساته فكانت كما سابقاتها أدوات لسياسات ومرآة تعكس توجهاتها وخصائصها.
يتجلى مما تقدم أن المؤسسات العامة كانت في نشأتها أدوات استُعملت للاستجابة لمتطلبات الاقتصاد والخيارات السياسية للحكومات المتعاقبة. واعتبارا لتمايز تلك الخيارات وتعارضها، فإنّ مقاربتها اليوم وكأنها فئة متجانسة من دون اعتراف بالفوارق بينها تُجافي حقيقتها التاريخية. فضلًا عن ذلك، فإنّ الخطاب المُهيمن اليوم الذي يحاول أن يُلبس المؤسّسات العموميّة رداء قدسيّة يمنع طرح السّؤال عن استمرار الحاجة لبعضها ويخوّن أيّ دعوة لخوصصتها، إنما يبدو في طلاق مع روح المبادرة والتجديد التي ميّزت بناء المؤسسات في تونس؛ هذا فضلا عن كونه خطابًا جامدًا لا يُلائم حيوية الحياة الاقتصادية وما تتطلّبه من مرونة وابتكار في تحديد طرق تدخّل الدولة أو انكفائها.
نشر هذا المقال في الملف الخاص لمجلة المفكرة القانونية-تونس العدد 32
لقراءة وتحميل العدد 30 بصيغة PDF
لقراءة وتحميل الملف بصيغة PDF
[1] تدقيق للمرجع كان واجبا في ظل اختلاف المصادر الحكومية في تحديد عدد تلك المنشآت.
[2] وثيقة يفرضها الفصــل 46 من القانون الأساسي للميزانية عــدد 15 لــنة 2019 المـؤرخ فـي 13 فيفـري 2019 المتعلق بالتقارير المرفقة بقانون المالية.
[3] بعثت بتاريخ 3 أفريل 1897 بعد اكتشاف مدخرات فسفاط بمنطقة قفصة سنتين قبل ذلك.
[4] تأسست سنة 1907 لاستغلال مدخرات الحديد في جبل الجريصة.
[5] تأسست في 29 ديسمبر 1931 تحت اسم نقابة الدراسات والأبحاث البترولية بالبلاد التونسية (ومختصره الذي لا زال متداولا لليوم سيربت) وفي 18 فيفري 1949 تحولت إلى شركة خفية الاسم تحت اسم شركة البحث عن النفط واستغلاله بالبلاد.
[6] تأسس سنة 1947 لتحويل الفسفاط.
[7] في جانب منها (خط الجنوب التونسي) كانت جزء من شركة فسفاط قفصة.
[8] كان اسمها الخطوط الجوية التونسية أنشئت في 07/12/1948.
[9] استحدث بمقتضى الأمر المؤرخ في 15 ديسمبر 1902 أعيدت تسميته بـ”صندوق القروض للبلديات” وتنظيمه بمقتضى الأمر المؤرخ في غرة مارس 1932.
[10]كان اسمها «الصيدلة المركزية لمستشفيات المملكة التونسية”. وفي 10 مارس 1958 تغير اسمها ليكون “الصيدلية المركزية بتونس” بموجب القانون رقم 28 لسنة 1958.وبموجب المرسوم رقم 2 المؤرخ 16 يناير 1961، أعيد تنظيمها تتخذ تسميتها الحالية.
[11] انطلق النقل الحضري الحديدي سنة 1872 أي قبل الحماية الفرنسية
[12] سنة 1940
[13] سنة 1950
[14] سنة 1956 بعثت الشركة الوطنية التونسية للسيليلوز(SNTC) لتصنيع عجين نبتة الحلفاء فيما بعثت سنة 1968 الشركة التونسية لورق الحلفاء (STPA) وتمّ دمج الشركتين سنة 1980 تحت مسمى الشركة الوطنية لعجين الحلفاء والورق
[15] 1957
[16] 1957
[17] 1959
[18] المحدثين تباعا بمقتضى القانون عدد 19 لسنة 1959 المؤرّخ في 5 فيفري 1959 والقانون عدد 45 لسنة 1959 المؤرّخ في 15 أفريل 1959 واللذين تم توحيدُهما في الصّندوق الوطني للتّقاعد والحيطة الاجتماعيّة بمقتضى القانون عدد 83 لسنة 1975 المؤرّخ في 31 ديسمبر 1975 المتعلّق بقانون الماليّة لسنة 1976
[19] تعرف ب”الترابسا” وقد أحدثت بموجب الاتّفاقية بين الحكومة التونسيّة وشركة “ألف أكيتان” التي أبرمت في 30 جوان 1958 وتمّت المصادقة عليها بالقانون عدد 75 لسنة 1958 المؤرّخ في 9 جويلية 1958
[20] تأسست سنة 1950 تحت اسم Portland de Bizerte وتمت تونستها أي الاستحواذ على كل رأسمالها سنة 1959
[21] كان من أبرز مخرجات المؤتمر السابع للحزب الدستوري الحاكم الذي انعقد ببنزرت من 19 إلى 22 أكتوبر 1964، بإشراف الزعيم الحبيب بورقيبة، تبنى المنهج الاشتراكي وأصبح الحزب بموجبه يحمل اسم الحزب الاشتراكي الدستوري. لكن قبل ذلك كانت الخيارات الاشتراكية تطورت داخل الحكومة
[22] التصفية طبق أحكام القانون عدد 38 لسنة 1999 مؤرخ في 3 ماي 1999 وتعلق بالمنشآت التي وصفت بالمتعثرة ويصعب عرضها للبيع
[23] في الفترة الفاصلة بين سنة 1987 و2016 تمت خوصصة 228 مؤسسة عمومية
[24] 19 /10/1963 أحدثت الشركة القومية للنقل وكلفت بنقل المسافرين والبضائع لاحقا وبتاريخ 25/10/1964 أحدثت شركة نقل البضائع ليتم تخصيص شركة النقل بالنقل الحضري
[25] 1961
[26] 1965
[27] الشركة التونسية لورق الحلفاء (STPA) التي أنشئت سنة 1968 لصناعة ورق الطباعة والكتابة
[28] تأسست مع ايني 1963
[29] سنة 1960 أسست علامة شركة ايني اجيب تونس سنة 1963 اشترت تونس نصف أسهمها
[30] قانون عدد 62-14 بتاريخ 24 ماي 1962 يتعلق بالمصادقة على المرسوم المتعلق بإحداث الديوان التونسي للتجارة
[31] تأسست شركة اللحوم في 15 ماي 1961 من طرف كل من بلدية تونس والديوان التونسي للتجارة وبعض المهنيين المشتغلين في قطاع اللّحوم الحمراء و ذلك قصد تزويد التجمعات الكبرى باللّحوم وتسيير سوق الدواب والمسالخ ومستودعات التبريد
[32] 14 أكتوبر 1965
[33] أحدثت بموجب القانون المؤرخ في 28/12/1964 ( يلاحظ ان تدخل الدولة في قطاع التبغ انطلق منذ بداية القرن 19 وان احداث اول ادارة للتبغ يعود لسنة 1871 في اطار الادارة المباشرة للدولة للقطاع واشرافها على تدخل المزارعين في توفير مواده من التبغ )
[34] نذكر أن ” ديوان تربية الماشية وتوفير المراعي ” ينشط في المجال الفلاحي وأحدث بمقتضى المرسوم عدد 2 لسنة 1966 كمؤسسة لا إدارية ولكنه لم يرد قائمة وزارة المالية وهذا مما يؤيد فكرة ان الدولة تجد صعوبة في تصنيف وجرد مؤسساتها
[35] الدوايين الثلاثة أحدثت سنة 1962
[36] أحدثت بمقتضى القانون عدد 14 لسنة 1969 المؤرّخ في 28 فيفري 1969 تساهم فيها الدّولة كليّا وتتدخّل في الميدان الزراعي بالنسبة لجميع العمليّات التي تستلزم استعمال الطيران الفلاحي
[37] أحدثت سنة 1968
[38] 1960
[39] ورد بالفصل الأول من المرسوم عدد 08 لسنة 1962 المحدث للشركة ” أمم توريد ونقل وتوزيع وتصدير الكهرباء …كما أممت المشاريع المحدثة بالبلاد التونسية التي تتعاطى أنواع النشاط السابق ….”
[40] أحدثت في 14 أفريل 1973
[41] أنجزت الوكالة العقارية الصناعية 115 منطقة صناعية على مساحة تفوق 3000 هكتار مكنت من انتصاب أكثر من 6000 مؤسسة صناعية في مختلف القطاعات.
[42] تم تأسيسها في 10 جويلية 1986
[43]. تتولى الشركة التصرف لحساب الديوان الوطني التونسي للسياحة في نزل سيدي بوسعيد والميناء الترفيهي بسيدي بوسعيد. كما تتولّي التصرف في منتزه السعادة بالمرسى وبعض المشارب بقرطاج وباردو فضلا عن التصرف في بعض الشواطئ المهيئة.
[44] محدث بموجب الأمر عدد 25 لسنة 2024 مؤرخ في 10 جانفي 2024 يتعلق بإحداث الديوان الوطني للأعلاف وبضبط تنظيمه اﻹداري والمالي. وطرق تسييره. [45] ينص الفصل 2 من القانون عدد 23 لسنة 1993 المنقح للمرسوم عدد 2 لسنة 1966 المحدث لديوان تربية الماشية وتوفير المراعي ” يتولى …. تنمية الموارد العلفية عبر المساهمة في إنتاج …تطوير التقنيات …إحداث وتطوير المراعي …تزويد القطاع بالمواد غير التنافسية …وبصورة عامة القيام بكل المهمات الخصوصية التي تأذن بها الدولة لغاية تنمية القطاع