بدعة “حرّية الحركة” لإسرائيل في لبنان: تشويه لحقّ الدفاع عن النفس


2024-12-24    |   

بدعة “حرّية الحركة” لإسرائيل في لبنان: تشويه لحقّ الدفاع عن النفس
الحارة الشرقية لبلدة الخيام التي عاث فيها الجيش الإسرائيلي جرفًا ونسفًا وتدميرًا بعد إعلان وقف إطلاق النار

منذ إعلان 27 تشرين الثاني 2024 بشأن وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان وتطبيق القرار 1701، انتهكت إسرائيل السيادة اللبنانية مرّات عدّة، وقد وثّقت “المفكّرة” 288 خرقًا في الأيام العشرين الأولى. وبلغت الحصيلة الإنسانية لهذه الخروقات 31 شهيدًا و32 جريحًا. وتمثّلت هذه الخروقات بانتهاكات للمجال الجوي والبحري عبر التحليق المستمر للطائرات الحربية والمسيّرات الاستطلاعية، بالإضافة إلى أفعال ترتقي إلى مستوى العدوان. فقد شملت إطلاق النار المباشر على المدنيين، القصف الجوي والمدفعي المتكرر للقرى الجنوبية المحاذية لأماكن وجود الجيش الإسرائيلي، أعمال تجريف وتدمير للبنى التحتية من منازل ومساجد في القرى التي تشهد تواجدًا عسكريًا إسرائيليًا، كما توّغل القوات العسكرية في مناطق كانت قد تمركزت فيها خلال الحرب أو مناطق لم تتمكن من الوصول إليها خلال الغزو بسبب تصدّي عناصر المقاومة لها، وفرض تدابير غير قانونية على السكّان مثل منع العودة إلى بعض القرى وحظر التجوّل فيها وتقييد الصيد في المياه الإقليمية اللبنانية.

ولتبرير هذه الانتهاكات، يدّعي المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أنّ هذه الأعمال تأتي في إطار تطبيق اتّفاق وقف إطلاق النار وليست خرقًا له، زاعمًا أنّ “الجيش الإسرائيلي ملتزم بالتفاهمات المتعلقة بوقف إطلاق النار في لبنان، وينتشر في المنطقة الجنوبية لتحييد أي تهديد على إسرائيل ومواطنيها”. كما إنه يتذّرع بحجج مختلفة مثل “وجود مخربين من حزب الله يشكلون تهديدًا على مواطني إسرائيل”، أو “العثور على أسلحة، مصادرتها أو تدميرها”، أو “ضبط منصات إطلاق قذائف صاروخية ثقيلة وصواريخ مضادة للدروع وقذائف هاون”، أو “تدمير البنى التحتية التابعة لحزب الله فوق الأرض وتحتها”، أو “تجريد قدرات حزب الله والوسائل العديدة التي كان يستخدمها لارتكاب نشاطاته على مدى العام المنصرم”.

بالطبع لا ينصّ إعلان وقف الأعمال العدائية لا على “حريّة الحركة” ولا على “حريّة التصرّف” لإسرائيل على الأراضي اللبنانية. فعلى الرغم مما تمّ تداوله في بعض وسائل الإعلام حول هذا الأمر في مرحلة المفاوضات، جاءت الصياغة النهائية للبند الرابع منه على أنّه “لا تمنع هذه الالتزامات إسرائيل أو لبنان من ممارسة حقهما الطبيعي في الدفاع عن النفس، بما يتفق مع القانون الدولي” (نشدد). وقد أنشأ الإعلان آلية ترأسها الولايات المتحدة مهمتها أن تراقب وتتحقق وتساعد في ضمان إنفاذ الالتزامات من الجانبين الإسرائيلي واللبناني اللذين لهما أن يلجآ إليها بشأن أي انتهاكات مزعومة من دون المساس بحقوقهما في اللجوء مباشرة إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (البندان 9 و10 من الإعلان).

لم تحلْ صراحة الاتفاق دون استمرار البعض في تبنّي خطاب يؤكّد على تمتّع إسرائيل ب “حرية الحركة” في الأراضي اللبنانية، من خلال تفسير خاص للإعلان أو بالاستناد إلى نسخة “ورقة الضمانات” التي قدمتها الولايات المتحدة الأميركية إلى إسرائيل، وهي نسخة مسربّة لم يعلن أي طرف صحتها. بحسب هذه النسخة، يقرّ الأميركيون بحقّ اسرائيل بالردّ على التهديدات التي تصدر من الأراضي اللبنانية: في أي وقت في المنطقة الجنوبية، وإذا كان لبنان غير قادر أو غير راغب في إحباط التهديدات خارج المنطقة الجنوبية.

بالطبع، ليس لورقة الضمانات هذه – على فرض صحتها- أيّ قوة قانونية في لبنان. وبالطبع، إنّ القانون – وبخاصة القانون الدولي – ليس مسألة بسيطة تتعلق بقواعد مجردة، بل هي مسألة توازن قوى، سواء لجهة إبرامه أو تفسيره أو تطبيقه. ومن المتوقّع أن تعمل إسرائيل ومعها “الحكم” أو “الوصي” الأميركي على توسيع المفاهيم القانونية الواردة في إعلان وقف الأعمال العدائية في إطار تنفيذه، على نحو يؤدي إلى اعتبار أي خرق من قبل إسرائيل ممارسة لحقها في الدفاع عن النفس. فقد حاولت الدولتان في السابق فرض تفسيرات واسعة لقواعد اللجوء إلى العنف وتحديدا لقواعد الدفاع عن النفس، من دون أن تنجحا في نيل موافقة غالبية الدول التي ظلّت متمسّكة بالتفسير الضيّق لهذه المفاهيم.

في هذا الإطار، يصبح من واجب لبنان التصدّي لهذه المحاولات من خلال التمسّك بسيادته على أراضيه وبالتفسير القانوني الضيق لحق الدفاع عن النفس الذي يحظى بإجماع دولي. فحتى في إطار إنشاء آلية لمراقبة تنفيذ الإعلان، لا يمكن لهذه الآلية التي ترأسها الولايات المتحدة أن تتجاوز القانون الدولي أو تتعارض معه. فهل نقبل نحن، من منطلق سيادتنا، بأن نُفسّر القانون بأقلّ ما يحمي حقوقنا وسيادتنا؟ 

ندحض في ما يلي أي ادعاءات حول امتلاك إسرائيل حق التصرف في لبنان انطلاقًا من مبدأ حظر استخدام القوة في القانون الدولي، واستنادّا إلى عدم موافقة لبنان على الوجود العسكري الإسرائيلي على أراضيه، والتفسير المعتمد دوليًا لشروط ممارسة حقّ الدفاع عن النفس الذي لا تنفكّ إسرائيل عن تشويهه.

1. لبنان لم يوافق على التدخل العسكري الإسرائيلي

إنّ  “حرية الحركة” أو”حق التصرّف” لدولة ضمن سيادة دولة أخرى ليست مفاهيم قانونيّة في القانون الدولي. إذ يمنع القانون الدولي الحديث، الذي تأسس بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بهدف تجنّب تكرار حروبها، اللجوء إلى العنف في العلاقات الدولية بحيث لم يعد إضرام الحروب “حقًا” أو “صلاحية” لأي دولة. فبعد أن كانت الدول تتمتّع في السابق بحريّة العمل العسكري، ولا يحدّها سوى بعض الالتزامات الشكلية (كإلزاميّة إعلان الحرب[1]، أو تأجيلها ثلاثة أشهر في نظام عصبة الأمم[2])، أصبح مبدأ حظر استخدام العنف والتهديد به هو الأساس (المادة 2 فقرة 4 من ميثاق الأمم المتحدة). وقد أكّدت محكمة العدل الدولية أنّ قاعدة حظر استخدام القوة “تشكل في حد ذاتها مثالاً واضحاً لقاعدة في القانون الدولي لها طابع القاعدة القانونية الآمرة” وأنّها “حجر الزاوية” لميثاق الأمم المتّحدة[3].

ولا يقبل هذا الحظر على استخدام القوّة إلّا استثنائين، ألا وهما حق الدفاع عن النفس (المادة 51)، والحصول على إذن من مجلس الأمن (المادة 42)، فيما يعتبر التدخل العسكري بموافقة الدولة المعنية احتمالًا ممكنًا، كونه لا ينتقص من سيادة الدولة بما أنّه يحصل بموافقتها أو بطلب منها. ويخضع التدخل العسكري المتفق عليه (consented military intervention) لشروط معينة[4]، حيث يجب أن تكون موافقة الدولة واضحة، صادرة عن جهة رسمية، وتلزم الجهة المتدخلة بشأن الأهداف والأماكن والمدى الزمني. ويمكن للدولة التي وافقت على التدخل العسكري الأجنبي أن تعود عنه متى شاءت[5].

وعلى عكس ما يروّج له البعض، فإنّ إعلان وقف الأعمال العدائية في 26 تشرين الثاني لا يتضمّن قبول لبنان بحق تصرف لإسرائيل على أراضيه. وقد أكدّ وزير الدفاع اللبناني صراحة على تناقض حرية الحركة الإسرائيلية مع بنود الإعلان. أمّا بالنسبة لورقة الضمانات على فرض صحة وجودها، فهي ورقة ثنائية إسرائيلية- أميركية لم تتم الإشارة إليها في الإعلان، وهي بالتالي لا تلزم لبنان بما أنّه طرف خارج عنها، ولا يمكن الإدلاء بها في وجهه لإثبات موافقته على أي تدخل عسكري على أراضيه. وقد أكّدت محكمة العدل الدولية أنّ الموافقة على وجود عسكري أجنبي مؤقت في إطار اتفاق لوقف إطلاق النار لا تعتبر سندًا قانونيًا لهذا الوجود. فأشارت في اجتهادها في قضية الأنشطة العسكرية على أرض الكونغو أنّ “اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضع إطارًا لتسهيل الانسحاب المنظم لجميع القوات الأجنبية بهدف خلق بيئة مستقرة وآمنة، لا يعني قبول الكونغو بشرعية الوجود العسكري لأوغندا على أراضيها”. واعتبرت أنّ هذا الاتفاق ينطلق من “واقع الميدان وخاصة الانتشار المكثف للجنود الأوغنديين على أجزاء كبيرة من الأراضي الكونغولية والخسائر العديدة في الأرواح البشرية خلال الأشهر السابقة”. وأوضحت أنّ “الترتيبات التي تم التوصل إليها بهدف المضي قدما نحو انسحاب القوات الأجنبية وتحقيق السلام، تهدف إلى الأخذ في الاعتبار هذه الحقائق الميدانية وعدم استقرار الوضع على الصعيدين السياسي والأمني. ولم يكن المقصود منها إعطاء سند قانوني للوجود العسكري الأوغندي. وبقبولها آلية العمل هذه، فإن جمهورية الكونغو الديمقراطية لم تكن تعطي “موافقتها” على وجود القوات الأوغندية. إنّما اعتبرت ببساطة أنّها بحاجة إلى عملية وترتيبات معينة لإنهاء الوجود الأوغندي بطريقة منظّمة”[6]. وخلصت المحكمة إلى اعتبار أن المعاهدات المختلفة التي تهدف إلى تنظيم وقف إطلاق النار والحفاظ عليه، وانسحاب القوات الأجنبية واستقرار العلاقات بين جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا، لا تعني موافقة جمهورية الكونغو الديمقراطية على وجود القوات الأوغندية على أراضيها[7]. بشكل مماثل، إنّ موافقة الحكومة اللبنانية على إعلان وقف الأعمال العدائية لا يعطي شرعية قانونية للوجود الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية، ولا اعترافًا بإسرائيل كسلطة احتلال، إنّما هو مجرّد ترتيبات من أجل تنفيذ انسحاب القوّات. ويفرض الإعلان على إسرائيل مسؤولية وقف الأعمال العدائية على لبنان ومسؤولية انسحاب قوّاتها من الأراضي اللبنانية في غضون 60 يوم (البند 12).

 
أمّا بالنسبة إلى التدابير الملقاة على الجانب اللبناني، فهي تقع على عاتق الحكومة اللبنانية (البنود 2 و6 و7). وفي حال تخلّفت هذه الأخيرة عن تنفيذ موجباتها، يكون لإسرائيل الحقّ إمّا باللجوء إلى مجلس الأمن أو إلى الآلية المنصوص عنها في الإعلان (البند 10)، من دون أن يكون لها أيّ حقّ في خرق وقف الأعمال العدائية واللجوء إلى القوة بنفسها بهدف تنفيذ موجبات لبنان. فلا تتمتّع إسرائيل بأي صلاحية لجهة فرض تطبيق أي بند من بنود الإعلان التي تعني لبنان.

2. حق الدفاع عن النفس: استثناء ضيّق من أجل صدّ عدوان

يحفظ الإعلان حق الدفاع عن النفس لكل من إسرائيل ولبنان بما يتفق مع القانون الدولي (البند 4)، وهو فعليًا مجرّد تذكير بهذا الحق الذي يحفظه القانون الدولي، ولا تستقيه الأطراف من الإعلان بحد ذاته. فقد حفظت المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة حق الدفاع عن النفس لجميع الدول بحيث يكون بإمكانها أن تلجأ إلى العنف في مواجهة عدوان مسلّح يستهدفها، وذلك إلى حين تدخّل مجلس الأمن.

وقد جاءت اجتهادات محكمة العدل الدوليّة لتؤكّد على خضوع ممارسة حق الدفاع عن النفس لشرطيْ الضرورة والتناسب المُرسّخين عرفًا. إذ “لا يبرر حقّ الدفاع عن النفس إلا التدابير المتناسبة والضرورية لصدّ العدوان المسلّح الذي تمّ التعرض إليه”[8]. كما أكّدت أنّ حق الدفاع عن النفس ليس مطلقًا، بل يخضع لقيود “بعضها محدّد في المادة 51، وبعضها متأصّل في مفهوم الدفاع عن النفس”[9]. وقد شددت المحكمة في عملها على ضرورة التقيد بتفسير ضيّق لهذا الحق، إذ بدون هذا التطبيق الصارم تصبح قاعدة الحظر المفروض على استخدام القوة مفرغةً من معناها، وقد تمسّكت غالبية الدول بهذا التفسير الضيق[10].

انطلاقًا من ذلك، يخضع حق الدفاع عن النفس للشروط التالية:
(1)
تحقق عدوان مسلّح من دولة على أخرى،
(2) أن يكون استخدام السلاح من الدولة المعتدى عليها ضروريًا لصدّ العدوان،
(3) أن يكون استخدام السلاح من الدولة المعتدى عليها متناسبًا مع هدف صدّ العدوان،
(4) أن تبلّغ الدولة المعتدى مجلس الأمن، وأن توقف الردّ في حال تدخّله.

حاولت إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية مرارًا التملص من هذه القيود عبر تشويهها. ومن أبرز الذرائع التي استُخدِمت في هذا الإطار كانت ممارسة الدفاع عن النفس في إطار “الحرب على الإرهاب”. وهو ما رفضته غالبية الدول[11]. وهو أيضا ما رفضت محكمة العدل الدولية السير به على أساس أن الدفاع عن النفس لا يمكن أن يُمارس إلا بين الدول، وأن العدوان لا يمكن أن يأتي من مجموعات مسلحة غير تابعة لدولة[12]. وبالطبع، لا تلتزم الممارسة الإسرائيلية أبدًا بشرطي التناسب والضرورة كما ظهر في عدوانها الأخير على غزّة.

وبما أنّنا لم نعد – قانونيًا – في إطار نزاع مسلّح بين لبنان وإسرائيل، ولا يوجد أي اعتداء أو هجوم على إسرائيل من الأراضي اللبناني، سنبحث فيما يلي بالشرط الأساسي لممارسة حق الدفاع عن النفس، وهو ضرورة تحقق العدوان المسلح، ومحاولات إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية السابقة لتوسيع هذا المفهوم.

ما هو العدوان المسلّح؟

أكّدت محكمة العدل الدولية مرارًا على عدم إمكانيّة ممارسة حقّ الدفاع عن النفس إلا إذا كانت الدولة المعنية ضحيّة لعدوان مسلّح. وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدّة قرارًا عام 1974 لتعريف مفهوم “العدوان المسلّح”، وهو تعريف اعتبرت محكمة العدل أنّه يشكّل القانون الدولي العرفي. ومن ضمن الأعمال التي تشكّل عملًا عدوانيًا، ذكرت المحكمة: قيام القوات المسلحة لدولة ما بغزو إقليم دولة أخرى أو الهجوم عليه، أو أي احتلال عسكري ولو كان مؤقتاً ينجم عن الغزو، أو أي ضمّ لإقليم دولة أخرى أو جزء منه باستعمال القوة،  أو الحصار على موانئ دولة ما أو على سواحلها من قبل القوات المسلحة لدولة أخرى، أو قيام القوات المسلحة لدولة ما بمهاجمة القوات المسلحة البرية أو البحرية أو الجوية أو الأسطولين التجاريين البحري والجوي لدولة أخرى.

وميّزت محكمة العدل الدولية بين العمليات التي يمكن من حيث أبعادها وآثارها أن توصف بأنها عدوان مسلح والأعمال التي تنطوي على استخدام القوة من دون أن ترتقي إلى هذا التوصيف. على سبيل المثال، تستبعد المحكمة “الحوادث الحدودية البسيطة” من تعريف العدوان[13]. كما تميّز بين إرسال عصابات مسلحة إلى دولة معينة في حال كان هذا العمل ذا حجم معين من جهة، وأعمال مساعدة المتمردين التي تتخذ شكل إمداد الأسلحة أو المساعدة اللوجستية أو غيرها من جهة أخرى. فهذه الأخيرة، وإن كانت تشكّل نوعًأ من التهديد باستخدام القوة أو استخدامًا لها أو تشكّل تدخلًّا في الشؤون الداخلية أو الخارجية للدول الأخرى، لكنها لا تصل إلى عتبة العدوان[14]. كما اعتبرت محاكم دولية أخرى أنّ استخدام القوّة قد يشكّل أحيانُا انتهاكًا لقانون البحار، من دون أن يصل إلى عتبة استخدام القوة وفقًا لميثاق الأمم المتحدة[15].

وفي قضية الأنشطة المسلحة في أراضي الكونغو، اعتبرت المحكمة أنّ الأهداف المعلنة لعملية أوغندا والتي تمحورت حول “الحفاظ على مصالح أوغندا الأمنية المشروعة” لا تقع ضمن نطاق الدفاع عن النفس بالمعنى المقصود في القانون الدولي لأنّها لا تتضمن في أي منها الرد على عدوان مسلّح[16].


إذًا، وحده العدوان المسلّح – أي استخدام العنف بدرجة من الخطورة – يسمح بممارسة حق الدفاع عن النفس.  أمّا الأفعال الأخرى التي تكون أقل خطورة، فلا تبرر اللجوء إلى الدفاع عن النفس حتى وإن انضوت على استخدام غير قانوني القوة.

محاولات اسرائيلية وأميركية لشرعنة الدفاع عن النفس الاستباقي

على الرغم من تشدد قواعد ممارسة الحق في الدفاع عن النفس، برز المسؤولون الأميركيون والإسرائيليون في محاولتهم للإطاحة بشرط تحقق العدوان لممارسة الدفاع عن النفس، سواء من خلال اعتبار أي عملية عسكرية بسيطة عدوانًا، أو حتّى في غياب تام لأي هجوم ملموس عبر اعتمادهم نظرية “الدفاع عن النفس الاستباقي”.

فقد برزت نظرية حق الدفاع الاستباقي في عهد الرئيس الأميركي  جورج بوش الإبن بعد العام 2001، حيث شكّلت الإدعاءات الكاذبة بوجود أسلحة دمار شامل ذريعة لغزو العراق. لكن حتى لو تبيّن أنّ هذه الادعاءات كانت صحيحة، فهي لا تشكّل سندًا لممارسة حق الدفاع عن النفس لغياب أي عدوان أو هجوم من قبل الدولة العراقية، إلا أنّ الولايات المتحدة بررت ممارسته لمجرّد وجود خطر أو تهديد محتمل على المصالح الأمنية الأميركية. وقد حاولت حينها الإدارة الأميركية ابتكار سند قانوني لعملية الغزو التي أدانها المجتمع الدولي برمّته، تارةً عبر زعم وجود تفويض من مجلس الأمن في قرارات سابقة صادرة عنه[17]، وتارةً عبر زعمها ممارسة حق الدفاع عن  النفس. وقد شارك العديد من الخبراء والأكاديميين الأميركيين في دعم هذه المزاعم[18] التي رفضتها معظم الدول ومعظم الخبراء والأكاديميين حول العالم[19].

ينضوي إذًا الدفاع عن النفس الاستباقي على اعتبار أنّ للدولة الحق باللجوء لمستويات عالية من العنف من جانب أحادي ليس للرد على عدوان ولصدّه، بل من أجل وقف تطوّر تهديد ناشئ ومحتمل لم ينفّذ بعد، حتى تمنع نضوجه وتحقيقه[20]. وإن كانت قد تصدّرت إدارة الرئيس بوش الواجهة بشأن اعتماد الدفاع عن النفس الاستباقي، إلّا أنّ الإدارات الأميركية السابقة كانت قد حاولت الضغط في هذا الاتجاه أيضًا[21].

من جهتها أيضا، حاولت اسرائيل توطيد مفهوم الدفاع عن النفس الاستباقي لتبرير اعتداءاتها المتكررة وقوبلت في كل مرة برفض دولي. نذكر في ما يلي بعضًا منها :

  • في عام 1967، شنّت إسرائيل حربًا على الجيش المصري المتمركز على الحدود، مبرّرة ذلك بأن التحضيرات العربية للحرب تشكّل “هجومًا مسلحًا”، وأن إغلاق مصر لمضيق تيران هو “ذريعة حرب” يمثل تهديدًا خطيرًا لأمنها الوطني وانتهاكًا للقانون الدولي الذي يضمن حرية المرور في الممرات المائية الدولية، معتبرةً الحصار بمثابة مقدمة مباشرة للعدوان المسلح. وشددت على التهديدات الوجودية التي تشكلها تحضيرات الدول العربية المجاورة. وقد أدان عدد واسع من أعضاء مجلس الأمن حينها الهجوم الاسرائيلي واصفين إياه بـ “العدوان غير المبرر” وبأنه انتهاك لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي[22].
  • عام 1976، نفذت القوات الإسرائيلية عملية إنزال في مطار عنتيبي الدولي في أوغندا من دون إذن، فهاجمت المطار واشتبكت مع الجنود الأوغنديين باستخدام أسلحة ثقيلة، ما أسفر عن مقتل 45 جنديًا أوغنديًا وتدمير 11 طائرة أوغندية[23]. وقد أدان معظم أعضاء مجلس الأمن الهجوم الإسرائيلي على اعتبار أنه انتهاك لسيادة أوغندا، وعدوان ضدّها.[24] بررت اسرائيل عملياتها ب “امتحان الضرورة” المستخلص من قضية كارولينا (1890)[25]، والذي يتيح للدولة أن تلجأ إلى العنف عندما تكون “ضرورة الدفاع عن النفس فورية، وقاهرة، ولا تترك أي خيار من الوسائل، ولا وقتًا للتفكير”. لكنّ هذا المبدأ لم يعد ساريًا بعد اعتماد ميثاق الأمم المتحدة الذي وضع شروطًا أكثر صرامة لاستخدام القوة. فأمام غياب عدوان مسلّح من الدولة الأوغندية ضد اسرائيل، حاول الإسرائيليون الإطاحة بتطوّر القانون الدولي وحظر استخدام العنف من خلال العودة إلى مبادئ سابقة، وهو ما أكّدت محكمة العدل الدولية عدم جوازه لاحقًا في قضية نيكاراغوا (1984).
  • عام 1981، حاولت إسرائيل تبرير هجومها على المنشأة النووية العراقية في أوزيراك على أساس الدفاع عن النفس، على الرغم من غياب أي عدوان عليها بحجة أن هذه العملية ضرورية وحيوية لأمنها القومي[26]. رفض حينها مجلس الأمن ذريعة الدفاع عن النفس الاستباقي[27]، وأدان تهديد الأمن والسلام الدوليين ومخالفة إسرائيل لحظر استخدام العنف في العلاقات الدولية بحسب ميثاق الأمم المتحدة.
  • عام 1985، هاجمت إسرائيل مقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس رداً على مقتل ثلاثة إسرائيليين على يد المنظمة. وبرر نتنياهو – بصفته ممثل إسرائيل لدى الأمم المتحدة حينها – العملية الإسرائيلية بحق الدفاع عن النفس استباقيا، وصرّح أنّ ما يعني اسرائيل هو “منع الجرائم المقبلة واستهداف وإضعاف وتدمير العصب المركزي للإرهاب العالمي”. وأضاف أنّ مسألة التناسب يجب أن تأخذ بعين الاعتبار ليس فقط الضحايا الذين سقطوا، إنّما أيضًا ” الآلاف المؤلفة الذين سيسقطون إذا سمح للمسبب المركزي العمل من دون إزعاج”[28]. إلّا أنّ مجلس الأمن أدان “بشدة العدوان المسلح الذي ارتكبته إسرائيل ضد الأراضي التونسية في انتهاك صارخ لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي”[29].
  • عام 1982، وبعد محاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في بريطانيا في تاريخ 3 حزيران، أطلقت إسرائيل عملية اجتياح لبنان محملة منظمة التحرير الفلسطينية مسؤولية الاغتيال الذي اعتبرت أنّه يشكّل ذريعة للحرب. ففي اليوم التالي، شنّت إسرائيل ضربات جوية ومدفعية ضد أهداف فلسطينية في لبنان شملت مقرات منظمة التحرير ومخيمات اللاجئين، أدّت إلى قتل نحو مئتي شخص. وفي 5 حزيران، انعقد مجلس الأمن وأصدر قرارا دعا فيه إلى وقف جميع الأعمال العدائية على الفور وبشكل متلازم على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. وفيما ذهبت بعض الدول إلى حدّ توصيف الأعمال الإسرائيلية على أنّها “عدوان عسكري واسع النطاق ضد دولة ذات سيادة”، وقد “أعدّته إسرائيل على مدى أشهر”[30]، لفتت دول أخرى إلى أنّ “محاولة الاغتيال لا تبرر الهجمات الضخمة التي شنتها القوات الجوية الإسرائيلية على المدن والقرى اللبنانية”، كما إلى غياب “المبرر، والتناسب، والعلاقة، بين عملية الاغتيال والغارات الإسرائيلية”، واصفةً إياها بـ”العملية الانتقامية العشوائية”. أمّا إسرائيل، فاعتبرت أنّه على لبنان تحمّل التدابير الإسرائيلية لأنّه “غير راغب أو غير قادر على منع إيواء وتدريب وتمويل إرهابيي منظمة التحرير الفلسطينية الذين يعملون علناً من أراضيه”[31]. وفي 6 حزيران، بدأت القوات الإسرائيلية بعملية الغزو البرّي من جنوب لبنان. وفيما دعا مجلس الأمن[32] القوات الاسرائيلية إلى الانسحاب، وأدانت معظم الدول العدوان الإسرائيلي، كان موقف إسرائيل على لسان مندوبها بأنّها “لجأت إلى حقها الطبيعي، والأساسي في الدفاع عن النفس” واعتبرت أنّ “قرار مجلس الأمن هدفه حماية منظمة التحرير من انتقام مستحق طال انتظاره”[33]. وعليه، بدا واضحًا أن إسرائيل لم تستخدم حق الدفاع عن النفس من أجل صدّ عدوان محقق، إنّما للانتقام والقضاء على التهديدات المستقبلية المحتملة التي يشكلّها استمرار عمل منظمة التحرير، وهو نهج لا تزال تعتمده لغاية اليوم في فلسطين ولبنان وسوريا. 

ومؤخرًا، أكّدت محكمة العدل الدولية في رأيها الاستشاري حول الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أنّه لا يمكن لحجة المخاوف الأمنية أن تغلب على القواعد القانونية الآمرة[34]، التي يقع حظر استخدام العنف من ضمنها. وكان لافتًا موقف بعض القضاة الذين أشاروا إلى كون مفهوم “المخاوف الأمنية” الغامض لا يشكّل مفهومًا قانونيًا يمكن الاستناد إليه، إذ أنّ السند القانونيّ الأساسي لاستخدام القوة هو حق الدفاع عن النفس الذي يشترط لممارسته حصول اعتداء مسلّح، وهو مفهوم أضيق بكثير من مفهوم “التهديد الأمني” المرتبط بمفهوم “المصلحة الأمنية”. ولا تكفي أرجحية وجود “تهديدات أمنية تواجه إسرائيل” لتبرير استخدام القوة، ما لم ترقَ هذه التهديدات إلى مستوى الهجوم المسلح.

الخلاصة

على عكس ادّعاءات الجيش الإسرائيلي، فإن ما تقوم به إسرائيل في لبنان منذ إعلان وقف الأعمال العدائية يخالف تمامًا القانون الدولي وهذا الإعلان، إذ لا يمكن التذرع بالحق في الدفاع عن النفس لمجرد مواجهة “تهديدات”، ولا يمكن استخدامه كذريعة لإرغام لبنان على تنفيذ التزاماته في حال أخلّ بها. بل يقتصر هذا الحق على حالة وقوع اعتداء مسلح فعلي من لبنان ضدّ إسرائيل، بشرط أن يكون هذا الاعتداء محققًا ويرتقي إلى مستوى الخطر القانوني الواضح.

علاوة على ذلك، يفرض القانون الدولي ونصّ الإعلان، أنه في حال أخلّ أحد الأطراف بالتزاماته، يكون للطرف الآخر حقّ اللجوء إلى الآليات المتفق عليها أو إلى مجلس الأمن للتدخل. ولا يجوز له أن يتدخل عسكريًا أو يلجأ إلى القوة لتنفيذ هذه الالتزامات.

إذًا، لا تتمتع إسرائيل بأي حرية مزعومة في التحرك أو اتخاذ التدابير في لبنان، بل أكثر من ذلك إن استخدامها للقوّة تحت ذريعة تنفيذ الاتفاق، كما تفعل بشكل شبه يوميّ، يشكل بحد ذاته عدوانًا يبرر للبنان، إن أراد، ممارسة حقه في الدفاع عن نفسه.

للاطّلاع على الإعلان بشأن وقف الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان وتطبيق القرار 1701

لقراءة المقال بصيغة PDF


[1] La première Convention de La Haye sur le règlement pacifique des différends internationaux n’était pas allée au-delà de la promesse faite par les parties contractantes à déployer leurs meilleurs efforts pour assurer le règlement pacifique des différends internationaux. La troisième convention de la Haye de 1907 finira par codifier l’exigence d’un « avertissement préalable et non univoque et qui aura, soit la forme d’une déclaration de guerre motivée soit celle d’un ultimatum avec déclaration de guerre motivée, soit celle d’un ultimatum avec déclaration de guerre conditionnelle », faute d’une telle déclaration, la guerre serait entachée d’un défaut la rapprochant d’une agression.  R. Lesaffer, “Too Much History: From War as Sanction to the Sanctioning of War”, in Marc Weller (ed.), Oxford Handbook of the Use of Force in International Law, Oxford University Press 2015, p. 49.

[2] Dans le pacte de la Société des Nations, dès le préambule les Parties Contractantes soulignent l’importance « d’accepter certaines obligations de ne pas recourir à la guerre ». Les articles 8 à 21 sont destinés à prévenir la guerre. Cependant tous les articles ne servent pas ce même but de la même manière. Il y a ceux qui sont destinés à éliminer les causes des guerres futures (articles 8, 9, 18, 20, 21), et ceux qui existent pour régler d’une manière pacifique les conflits qui ont déjà surgi entre des États ou qui menacent de surgir (articles 10 à 17, 21).

[3] ICJ, Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua (Nicaragua v. United States of America), Judgment, 1986, paragraph 190.

[4] ICJ, Armed Activities on the Territory of the Congo (Democratic Republic of the Congo v. Uganda), Judgement 2005. Paragraphs 51-53 , 111.

[5] O. Corten, “Le droit contre la guerre”. Pedone 2018, pp. 410-415. L’auteur souligne que ces limites résultent du caractère impératif de l’interdiction du recours à la force, ce qui mène à l’invalidité d’un consentement conventionnel à un droit général d’intervention militaire. Historiquement, il existait un certain nombre de traités reconnaissant un véritable droit d’intervention militaire unilatérale, conféré par un État à un ou plusieurs autres. Mais ces traités ont progressivement disparu en même temps qu’ émergeait la règle énoncée dans l’article 2§4. Ce constat s’explique parfaitement au regard du caractère impératif de cette règle, qui empêche précisément d’admettre qu’un ou plusieurs – voire tous les – États puissent autoriser un État puissant à intervenir à sa guise. Une telle possibilité serait manifestement dérogatoire aux exigences posées par la Charte des Nations Unies, qui réserve ce type de compétence au Conseil de sécurité.

Il rejette donc le modèle du « freedom to contract » qui implique qu’en application de leurs droits souverains, les États pourraient conclure des traités permettant à des forces militaires étrangères de pénétrer sur leur territoire, sans autre limite que celle prévue dans chaque traité concerné. Dans cette perspective, le consentement aurait pour effet d’exclure l’idée même d’un recours à la force contre un État et donc l’applicabilité de l’article 2§4 de la Charte. Cependant, en l’absence d’un consentement ad hoc, il convient bel et bien d’évoquer un recours à la force contre un État, même si un traité antérieurement conclu avait, par hypothèse, autorisé l’action armée contestée.

[6] ICJ, Armed Activities on the Territory of the Congo (Democratic Republic of the Congo v. Uganda), Judgement 2005. Paragraph 99.

[7] ICJ, Armed Activities on the Territory of the Congo (Democratic Republic of the Congo v. Uganda), Judgement 2005, paragraphs  99-105.

[8] ICJ, Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua (Nicaragua v. United States of America), Judgment, 1986, paragraphs 194 – 197.

[9] ICJ, Legality of the Threat or Use of Nuclear Weapons, Advisory Opinion 1996, paragraph 41.

[10] Sur la pratique étatique, voir O. Corten, “Le droit contre la guerre”. Paris Pedone 2018, pp. 663-717.

[11] States declaration during the United Nations General Assembly, Sixth Committee, 73rd Session, Agenda Item 111, “Measures to Eliminate International Terrorism,” 2018. Iran (on behalf of the Non-Aligned Movement) : “The Non-Aligned Movement rejects actions and measures, the use or threat of use of force, imposed or threatened to be imposed by any State against any Non-Aligned Member Country under the pretext of combating terrorism or to pursue its political aims, including by directly or indirectly categorising them as terrorism sponsoring-States, and totally rejects the unilateral preparation of lists accusing States of allegedly supporting terrorism, which are inconsistent with international law and constitute on their part a form of psychological and political terrorism.”;  El Salvador (on behalf of the Community of Latin American and Caribbean States : “We note with concern the increase in the number of letters addressed to the Security Council under Article 51 of the Charter submitted by some States, with the aim of resorting to the use of force in the context of combating terrorism, most often ‘a posteriori facto.’ We reiterate that any use of force that is not in accordance with the United Nations Charter is not only illegal but also unjustifiable and unacceptable. Additionally, an open and transparent debate on the topic should be considered.”; Brasil : “An expressive amount of States have been cautioning against expansive interpretations of self-defense. The Non-Aligned Movement affirmed that ‘Article 51 of the UN Charter is restrictive and should not be re-written or re-interpreted.’ The Community of Latin American and Caribbean States called for an ‘open and transparent debate on this issue.’ The conditions for any reinterpretation of Article 51 are very strict. These norms cannot be changed by the practice of a few States. All countries have a stake in the issue of the legality of the use of force.”

[12] « Actives militaires et paramilitaires au Nicaragua et contre celui-ci « (Nicaragua c. Etats-Unis d’Amérique) (fond) CIJ Rec. 1986, p.104, paragraphe 195. La Cour a estimé qu’une action militaire menée par des forces irrégulières constituait une agression armée si ces éléments étaient envoyés par l’Etat ou au nom de celui-ci et si l’opération était telle, « par ses dimensions et ses effets, qu’elle aurait été qualifiée d’agression armée… si elle avait été le fait de forces armées régulières »; « Conséquences juridiques de l’édification d’un mur dans le territoire palestinien occupé », avis consultatif; CIJ, Recueil 2004, p. 194, paragraphe 139.
La position de la jurisprudence internationale a toujours considéré l’agression comme étant un acte strictement étatique. Les remuements de l’actualité ne modifièrent pas cette position lorsque la Cour, dans l’exercice de sa fonction consultative cette-fois, réitère que l’article 51 de la Charte reconnaît « l’existence d’un droit naturel de légitime défense en cas d’agression armée par un Etat contre un autre Etat ». Pour reconnaître l’Etat comme auteur de l’agression, la Cour applique les règles coutumières relatives à la responsabilité de l’Etat pour fait internationalement illicite et exige un contrôle effectif de la part de l’Etat sur les groupes armés irréguliers. 
Activités armées sur le territoire du Congo (République démocratique du Congo c. Ouganda), arrêt, C.I.J. Recueil 2005, p. 168 § 146-147 Il convient en outre de relever que, alors que l’Ouganda prétend avoir agi en état de légitime défense, il n’a jamais soutenu avoir été l’objet d’une agression de la part des forces armées de la RDC. L’«agression armée» à laquelle il a été fait référence était plutôt le fait des FDA. La Cour a dit plus haut (paragraphes 131 à 135) qu’il n’existait pas de preuve satisfaisante d’une implication directe ou indirecte du Gouvernement de la RDC dans ces attaques. Celles-ci n’étaient pas le fait de bandes armées ou de forces irrégulières envoyées par la RDC ou en son nom, au sens de l’article 3 g) de la résolution 3314 (XXIX) de l’Assemblée générale sur la définition de l’agression, adoptée le 14 décembre 1974. La Cour est d’avis, au vu des éléments de preuve dont elle dispose, que ces attaques répétées et déplorables, même si elles pouvaient être considérées comme présentant un caractère cumulatif, ne sont pas attribuables à la RDC. 147. Pour tous les motifs qui précèdent, la Cour considère que les conditions de droit et de fait justifiant l’exercice d’un droit de légitime défense par l’Ouganda à l’encontre de la RDC n’étaient pas réunies »

[13]Some recent examples of accusations of violating the use of force at borders without claims of self-defense: Sudan–South Sudan border incidents, July 2013; Tension between India and Pakistan—exchange of fire along the ‘Line of Control,’ August-October 2013; Pakistan protests over cross-border firing by Afghan border police, September 2013; Congo–Rwanda, June 2014; Pakistan–Afghanistan, July 2014; Myanmar–China, March 13, 2015; India–Pakistan, first half of 2015. See “Digest of States Practice” section in “Journal on the Use of Force and International Law”.

[14] ICJ, Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua (Nicaragua v. United States of America), Judgment, 1986, paragraphs 194 -195

[15] ITLOS, The M/V Saiga (Saint Vincent and the Grenadines v. Guinea), Judgment of 4 Dec 1997, paras 155–6; Arbitral Tribunal Constituted Pursuant to Article 287, and in Accordance with Annex VII of the UN Convention on the Law of the Sea (Guyana and Suriname), (2007) 139 ILR 566, para 445.

[16]ICJ, Armed Activities on the Territory of the Congo (Democratic Republic of the Congo v. Uganda), Judgement 2005. Paragraph 109-115.

وكانت وثيقة القيادة العليا الأوغندية قد حددت 5 أهداف لعمليتها:
(1) حرمان السودان من إمكانية استخدام أراضي جمهورية الكونغو الديمقراطية لزعزعة استقرار أوغندا؛
(2) السماح لقوات الدفاع الشعبي الأوغندية بتحييد الجماعات المنشقة في أوغندا التي كانت تتلقى المساعدات من حكومتي جمهورية الكونغو الديمقراطية والسودان.

(3) التأكد من أن الفراغ السياسي والإداري، فضلا عن عدم الاستقرار الناجم عن القتال بين المتمردين من جهة والجيش الكونغولي وحلفائه من جهة أخرى، لا يؤثر سلبا على الأمن في أوغندا؛
(4) منع ميليشيات إنتراهاموي والقوات المسلحة الرواندية السابقة، التي شنت هجمات من جمهورية الكونغو الديمقراطية على الشعب الأوغندي، من الاستمرار في القيام بذلك؛
(5) أن تكون في وضع يمكنها من حماية سلامة أراضي أوغندا ضد تهديدات الغزو المتهورة من قبل قوات معينة.

[17]قرار 678 (1990)، قرار 687 (1991)، قرار1441 (2002)

[18] O’Connell Mary. La doctrine américaine. In: Annuaire français de droit international, volume 49, 2003. pp. 3-16;
 O. Corten, « Le droit contre la guerre ». Pedone, 2014, pp.7-34: L’auteur commence son œuvre par le recensement de cette opposition entre ces deux courants et son rattachement à une divergence des tendances méthodologiques, entre une approche extensive et une approche restrictive. En nuançant l’on peut retrouver des auteurs « américains » de tradition « européenne » pour préciser que le clivage est surtout méthodologique, la divergence des « traditions géographique » se retrouve dans une certaine mesure confirmée. O. Corten, « Le droit contre la guerre ». Pedone, 2014. Pp.7-34; Dans le même sens, C. Gray remarque aussi la différence entre les auteurs : l’attitude des auteurs s’intéressant dans leurs travaux à la pratique étatique, différence beaucoup plus réservée et prudente que ceux qui ne s’y intéressent pas. Elle dénonce chez certains leur disponibilité à reconnaître dans chaque action adoptée par les Etats-Unis une évolution des règles internationales. C. Gray, « International Law and the Use of Force ». Oxford University Press, 2018. Pp.170-175

[19] Christian Gray, “The limits of force”. The Hague Academy 2015.

[20]W. Michael Reisman and Andrea Armstrong, “The Past and Future of the Claim of Preemptive Self-Defense”. in The American Journal of International Law, Jul., 2006, Vol. 100, No. 3 (Jul., 2006), pp. 525-550.

[21]“In 1984 President Ronald Reagan issued a classified national security decision directive outlining his administration’s response to terrorism. (…) In what later became known as the “Shultz doctrine,” Secretary of State George Shultz argued for the right to take limited military action to address terrorist threats while they are still manageable. (…)  The claim to a right of preemptive self-defense was not limited to Republican administrations. In the National Security Strategy for a New Century, published by the Clinton adminis- tration in October 1998, the possibility of a claim to a right of preemption was indicated, but more by implication. (…)  In 2000, however, the Clinton administration issued a new security document, A National Security Strategy for a Global, in which more explicit attention was given to terrorism . See W. Michael Reisman and Andrea Armstrong, “The Past and Future of the Claim of Preemptive Self-Defense”, pp. 525-530.

[22]   S/PV.1351 – Soviet Union (USSR), Bulgaria, India, Pakistan, Yemen, Algeria, Syria, Iraq.
في مرافعاتها أمام محكمة العدل الدولية في شباط الماضي، اعتبرت أكثر من 17 مشاركة أن الهجوم  الإسرائيلي عام 1967 كان عدوانًا ولم يكن أبدا دفاعا عن النفس (ناميبيا، لبنان، فلسطين، مصر، السعودية، إسبانيا، المالديف، الإمارات العربية المتحدة، باكستان، الكويت، الصين، غامبيا، بيليز، بوليفيا، كوبا، موريشيوس، إندونيسيا، جامعة الدول العربية، الاتحاد الإفريقي، ومنظمة التعاون الإسلامي).

[23] استهدفت العملية الاسرائيلية مجموعة من الكوماندوس الفلسطينيين الذين كانوا يحتجزون رهائن من طائرة فرنسية مخطوفة

[24] S/PV.1939 –  Uganda, Libya, Iraq, Syria, PLO, Tanzania, Mauritania, Somalia, Guyana.

[25] S/PV.1939. Representative of Israel paragraph 15: “The right of self-defence is enshrined in international law and in the Charter of the United Nations and can be applied on the basis of the classic formulation, as was done in the well-known Caroline Case, permitting such action where the “necessity of selfdefence is instant, overwhelming, and leaving no choice of means, and no moment for deliberation”.6 That was exactly the situation which faced the Government of Israel.”

[26] S/PV.2280. “Israel’s destruction of Osirak was a fundamental act of self-preservation, both morally and legally. Israel was exercising its inherent right of self-defense as understood in general international law and as preserved in Article 51 of the Charter of the United Nations.”. Israel also claimed that this attack was justified because of the ongoing state of war between Israel and Iraq, starting in 1948 when Iraq had attacked Israel, followed by the 1967 and 1973 wars. See Israel representative intervention at paragraphs 58, 97-101.

[27] قرار رقم 487 (1981)

[28] S/PV.2615 Israel representative intervention  p.87-88.

[29] قرار رقم  573 (1985)

[30] S/PV.2374 URSS, Ireland, UK.

[31] S/PV.2374  Israel representative intervention p.8

[32] قرار رقم 509

[33] S/PV.2376

[34] فقرة 254.

انشر المقال



متوفر من خلال:

لبنان ، مقالات ، جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية ، العدوان الإسرائيلي 2024



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني