اي اعتبار لمنح الجنسية؟ “الشعبوية” باوجه ثلاثة: الطائفية والذكورية وضعف الامتهان..


2012-01-05    |   

اي اعتبار لمنح الجنسية؟ “الشعبوية” باوجه ثلاثة: الطائفية والذكورية وضعف الامتهان..

اقر مجلس الوزراء اللبناني في جلسته التي عقدت في 12 كانون الأول 2012 مشروع القانون الذي كان قد تقدم به النائب نعمة الله ابي نصر بشأن "استعادة الجنسية اللبنانية للمتحدرين من اصل لبناني"مع حصر نطاق استعادة الجنسية برابطة الدم لجهة الأب فقط. وقد نص مشروع القانون في مادته الأولى، على حق كل مغترب باستعادة جنسيته، "إذا كان موجوداً هو أو احد أصوله لأبيه أو أقاربه لأبيه حتى الدرجة الرابعة على الأراضي اللبنانية كما بيَّنه إحصاء العام 1921"، أو "إذا اكتسب هو أو أحد أصوله الجنسية في العام 1925 والقوانين اللاحقة له، وأغفل في ما بعد استعادتها أو المطالبة بها"، وفق ما تنص عليه المادة الثانية.
وبموجب هذا المشروع، يكون قد اعلن مواقف ثلاثة:
الاول: ان علاقة الدم بواسطة الاب تبقى العامل الاساسي لاكتساب الجنسية. فاذا اخذنا حالة شخص لم يلد لا هو ولا والده ولا جده ولا والد جده في لبنان ولم يدس قدم اي من هؤلاء كلهم الارض اللبنانية، ولا تكلم لا هو ولا اجداده المذكورون اللغة اللبنانية، فله رغم ذلك الحصول على الجنسية اذا ثبت ان جد جده من ابيه قد ورد  اسمه في احصاء العام 1921، 
الثاني والثالث: ان معياري الامومة والارض غير منتجين البتة: فحتى لو ولد الشخص من ام لبنانية في لبنان وترعرع وعمل وسدد ضرائب فيه حتى سن متقدمة، وحتى ولو كان جميع اصوله من امه قد ولدوا وعاشوا في لبنان، وورد اسم احدهم او اكثر في احصاء 1921، فان لا حق له بالجنسية: فهذان المعياران لا يدخلان قط في هذا الحساب.  والسؤال الذي يطرح نفسه: ما هي الاعتبارات التي تتحكم باعطاء الجنسية لشخص ما؟ ولاؤه للدولة؟ وجود روابط وثيقة له معها؟ والا تؤول هذه العناصر كلها الى نتائج مناقضة تماما لما توصل اليه مشروع القانون اي الى اعلان حق الثاني بالمواطنة وليس الاول؟ فكيف نفسر منطق الحكومة فيما ذهبت اليه؟ من يقرأ الخطاب المحيط يتبين بالطبع ان سبب ذلك هو الهاجس الطائفي الذي يريد (عن حق او باطل) ان يعيد بعض التوازن الطائفي من خلال منح الجنسية للمغتربين وفروعهم.. اما الذكورية، والتي تنتج بداهة عن حصر حق استعادة الجنسية بوجود علاقة دم بواسطة الاب وتاليا عن استثناء ذوي العلاقة بواسطة الام، فيبدو انها شكلت اداة اضافية للتجاوب مع الهاجس الديمغرافي الطائفي. فتحت غطاء قاعدة تقنية مسلم بمشروعيتها بشكل عام، يؤول المشروع الى استثناء اشخاص (الاشخاص المولودين من امهات لبنانيات) هم في غالبيتهم العظمى حسب ارقام غير معلنة، مولودون من امهات مسلمات. وهكذا، تظهر الذكورية وكأنها دعامة للطائفية، تقويها وتقوى بها… في تزاوج بشع تكثر فيه العبثية وتتلاشى فيه جماليات العقل.   
بقي ان نقول ان الحكومة زاوجت الى تلك الهواجس الشعبوية، امرا آخر تمثل في ضعف الامتهان في التشريع؛ فهي اذ استثنت المتحدرين من اصل لبناني بواسطة الام، منحت الجنسية للمتحدرين بواسطة الاب من اصول لبنانية دون اي تحديد لجنسهم، حتى ولو كان هؤلاء الاصول اناثاً. وهكذا، للمتحدر من اب ليس له اصل لبناني الا بواسطة امرأة لبنانية حق باستعادة الجنسية، فيما انه ليس للاب المذكور في هذه الحالة او لاي مولود آخر من ام لبنانية الحق بذلك. والارجح ان مرد هذه الهفوة –التي افقدت القانون الحد الادنى من التناسق والانسجام- هو تجذر الذكورية: فبفعل ذلك، بدت مخيلة واضعي النص محكومة بمسلمة مفادها انه لا يعقل ان يكون الاصول الا ذكورا. هذا ما ارتكبه النائب نعمة الله ابي نصر الذي وضع الصيغة الاولى للمشروع (المتحدر من اصل) على اطلاقه، فاضاف وزير الداخلية عبارة (بواسطة الاب) تذكيرا بان الجنسية لا تنتقل الا بواسطة الآباء الذكور، فيما سها عن تحديد جنس من يعلوهم من اصول، فحصل التناقض.
بقي ان نذكر ان قرار وزير العمل الآيل الى تسهيل أمور ازواج النساء اللبنانيات واولادهن لا يزال غير منشور رغم صدوره في 27 أيلول(!). فهل من يشرح لنا اسباب ذلك؟

الصورة لحملة "جنسيتي حق لي ولأسرتي"

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني