انقطاع الكهرباء في قصري العدل في بعبدا وبيروت= انقطاع أعمال العدالة: وزارة العدل تحمل المسؤولية لوزارة الأشغال العامة


2018-06-29    |   

انقطاع الكهرباء في قصري العدل في بعبدا وبيروت= انقطاع أعمال العدالة: وزارة العدل تحمل المسؤولية لوزارة الأشغال العامة

يعمل موظفو عدلية بعبدا جاهدين في ظل غياب الكهرباء المنقطعة منذ أربعة أيام عن قصر العدل، وذلك بسبب انفجار محوّل الكهرباء الأساسي الذي منع تشغيل المولّد الكهربائي في القصر. وينقل الموظفون أن مردّ الانفجار سببه وصول المياه إلى اللوحة الرئيسية التي تمدّ القصر بالكهرباء. لذا غدت أروقة عدلية بعبدا في الأيام الثلاثة الماضية أشبه بالدهاليز، حيث يتعذر على المارّ رؤية خطواته، وتحت وطأة الحرّ، عمد بعض المحامين إلى خلع ستراتهم الرسمية وربطات أعناقهم. ووصل الحال أن تسمح هيئة الجنايات لمحامية حامل بأن تمثل أمامها دون ردائها الرسمي.

الطابق الأرضي حيث توجد النيابة العامة في العدلية مظلمٌ بالكامل. غالبية المكاتب لا تصلها أشعة الشمس، فيستخدم بعض الموظفين بطاريات ضوئية صغيرة، فيما يستعين آخرون بهواتفهم الخليوية لتلبية حاجات المتقاضين والمحامين. وينقل أحد هؤلاء أن موظفي مكتب تلقي الشكاوى في النيابة العامة لجأوا في بعض الأوقات إلى استخدام مكتب المدعي العام لإكمال الملفات، حيث تم إيصال خط كهرباء، فيضطر العاملون إلى الدخول والخروج من المكتب باستمرار وإبقاء دفاترهم في المكتب. ويلفت محام آخر إلى أنه أمضى أربع ساعات في عدلية بعبدا وشاهد موظفة في مكتب الشكاوى بقيت على مكتبها تدون على ضوء الهواتف الخليوية طوال فترة الدوام. أما الطابق الثاني، فإن قلة من المكاتب تصلها أشعة الشمس، ومكاتب أخرى خالية من النوافذ بتاتاً. وفي أقلام أخرى، لجأ بعض المساعدين القضائيين إلى تأجيل العمل بسبب تعذر الوصول إلى السجلات المكدسة، وآخرون تركوا مكاتبهم قرابة الساعة الواحدة ظهراً، إذ لم يتمكنوا من إكمال الدوام إلى الساعة الثالثة والنصف. “فوجودنا مثل قلتنا” وفقاً لتعبير إحدى الموظفات.

في قلم الجزاء، تقف موظفة طوال فترة دوامها خارج مكتبها. لا تقدر على التنفس بالداخل بسبب عدم وجود نوافذ، تدخل فقط حينما يأتي أحد يطلب منها إنجاز مهمة له. تتذمر من روائح العرق ومن انقطاع المياه من الحمامات، ولا سيما من تكاثر المدخنين في العدلية والذين زاد عددهم عند انقطاع الكهرباء. ثم يتنهد أحد المحامين أمام السحابة التي خلفتها سيجارة أحد الموظفين ليقول “الموظفون أخذوا مجدهم في ظل توقف كاميرات المراقبة عن العمل”.

 تشير موظفة أحد الأقلام لـل “مفكرة” بأن العطل في لوحة الكهرباء يتخطى قدرات عامل الصيانة كما ميزانية الصيانة في القصر. ولفتت إلى أن خبراء من شركة كهرباء لبنان ووزارة الاشغال العامة كشفوا على القصر، وعليه فإن انقطاع الكهرباء سيستمر من خمسة إلى 10 أيام، إلى حين إصلاح الأعطال.

وقد أودى انقطاع الكهرباء عن القصر إلى إقفال الصندوق المالي، مما دفع المحامين والمتقاضين إلى اللجوء إلى الصندوق المالي في مبنى التنفيذ المجاور لقصر العدل، حيث تسبب ذلك بزحمة كبيرة على ذلك الصندوق وتأخر في عملية الدفع. كما لجأ كثيرون إلى مركز الـ libanpost لدفع الرسوم.

كما ينسحب الأمر على عمل قضاة التحقيق الذين يقومون باستجواباتهم بشكل سري. فتنقل محامية بأن أحد قضاة التحقيق قرر أن يفتح الباب خلال الجلسة على خلفية أن النافذة تطل على الدرج داخل القصر. فلا يدخل الضوء ولا الهواء، فأصبحت جلسة التحقيق إذ ذاك شبه علنية. وتلفت إلى أنه بدت المعاناة على هيئة القاضي، بسبب الحر والظلمة. وهنا تربط المحامية الأمر بالوضع النفسي الذي يعمل تحت وطأته القاضي، والذي لم يعد قادراً على التركيز والتدقيق في الملف، فترجح أن يؤثر ذلك على إصدار أحكامه.

وتلفت المحامية نفسها إلى أن النيابة العامة رفضت طلب إخلاء سبيل كانت قد تقدمت به، علماً أن الجهة المدعية أبدت عدم ممانعتها إخلاء السبيل. وترجع المحامية السبب إلى انقطاع الكهرباء حيث لم يتم التدقيق في الملف بالشكل المطلوب.

قصر العدل بحاجة إلى ورشة متكاملة

أمس توجه وزير العدل في حكومة تصريف الأعمال سليم جريصاتي بكتاب إلى وزير الأشغال العامة يوسف فنيانونس، أوضح فيه أن العمل القضائي والقلمي متوقف بسبب انفجار محول الكهرباء، وعزا جريصاتي الأمر إلى تفاقم الأعطال الكهربائية تدريجياً. وأشار إلى أن وزارة العدل تقوم بالصيانة اليومية بحدود موازنتها. وذكر جريصاتي في كتابه بالمعاناة التي يشهدها القصر بدءاً من “النش والتشققات في الجدران والسقوف”. بالإضافة إلى “تسرب مياه الشتاء إلى الجدران على مفاتيح الكهرباء وتسببها بحرائق في قاعات ومكاتب القضاة”، وغيرها من الأمور التي كان جريصاتي طالب بإصلاحها بثلاثة كتب كان قد أرسلها سابقاً إلى وزارة الأشغال، ولفت من خلالها إلى أن قصر العدل بحاجة لورشة عمل متكاملة وملحة. وأوضح جريصاتي في نهاية بيانه الموجه إلى وزارة الأشغال العامة أنه “إزاء هذا الوضع ورفعاً لأيّ مسؤولية عن وزارة العدل، وتأميناً للعمل القضائي المتوقّف في أكبر محافظة في لبنان بسبب الإهمال المتمادي والامتناع عن إجراء التصليحات اللازمة، فإنّنا نطالبكم مجدّداً بإجراء الأشغال الفورية والعاجلة والملحّة قبل أن تأتي هذه الأعطال على كامل محتويات المبنيين (قصر العدل والمبنى الملحق به)، وتجنّباً لأيّ ضرر قد يحدث لا يحمد عقباه على البشر والحجر”.

كيف حال الموقوفين في النظارات؟

يقول أحد المحامين أن النظارات كافة وضعها أصلا سيء. فكيف يكون خلال انقطاع الكهرباء؟ ويلفت إلى أنه في جميع الحالات تكون النظارات لا تسع لخمسة أشخاص إنما نزلاؤها يتخطون العشرين شخصاً. يتخوف المحامي من أن تكون الكهرباء قد انقطعت عن النظارة، وسببت انقطاعا في المياه أيضاً، ما يعني أن الوضع الإنساني للموقوفين أصبح مزرياً. من هنا يلفت المحامي إلى أن العدالة تبدأ من أبسط الحقوق الإنسانية، إن كان موقوفاً أم محامياً أم متقاضياً أم قاضياً، وإن غابت أبسط الحقوق انعدمت العدالة.

في بيروت أيضاً الكهرباء معطلة

يمكن للصدف أن تجمع عدلية بيروت مع عدلية بعبدا بالمصيبة نفسها وفي الوقت نفسه. إذ يؤكد أحد الموظفين إلى أن الكهرباء في عدلية بيروت تعاني من تقنين مستمر، بسبب انقطاع أحد الخطوط التابعة للقصر. وبذلك، فإن التقنين المستمر في أجزاء من القصر سبب تكرر انقطاع المياه عن الحمامات. ويلفت إلى أنه تم إصلاح كهرباء القصر في بيروت نهار الجمعة الفائت، إلا أنها عادت وتعطلت نهار الأربعاء. ومن المتوقع أن يتم إصلاحها في الآونة المقبلة. وبشكل رئيسي، عانت أقلام محكمة التمييز من هذه الأزمة بسبب عدم وجود نوافذ في تلك الأقلام وغدت مظلمة خلال النهار.

وتلفت مراسلة المفكرة في قصر العدل في بيروت رانيا حمزة أنه قرابة الساعة الثانية ظهراً كان الدخول إلى قلم التمييز أشبه بالدخول إلى كهف، وقد عمد الموظفون بسبب عدم قدرتهم على العمل في الظلمة إلى وضع إشارة “مغلق للصيانة” على باب القلم. بالإضافة إلى أن الموظفين عملياً لا يعملون، لأن القلم مظلم بالكامل ويعبق برائحة رطوبة قوية. وتضيف، أنه حين يضطر موظف على التدقيق بسجل معين، فإنه يقف عند منور صغير موجود في القلم ليتمكن من الرؤية ولو كان بصعوبة.

انشر المقال

متوفر من خلال:

استقلال القضاء ، لبنان ، مقالات ، لا مساواة وتمييز وتهميش ، بيئة وتنظيم مدني وسكن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني