غادر الشاب المغربي عبد الرحمان المكراوي، الملقب بـ"فاضح الفساد"، أسوار السجن المحلي لمدينة آسفي، بعد حصوله على قرار السراح المؤقت من طرف المحكمة، على خلفية ما بات يعرف بقضية فيديو "الإسفلت"، في سياق حملة تضامنية كبيرة واكبت هذا الملف.
تعود فصول هذه القضية إلى أيام قليلة مضت حين تداول مغردون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي فيديو للشاب عبد الرحمان وهو جالس على رصيف طريق معبدة حديثا في قرية تابعة لمدينة آسفي جنوب المغرب، وهو يقلب إسفلت الطريق ليظهر الغش الذي طال طريقا لم يمر على تعبيدها أكثر من شهر، متهما رئيس القرية بالفساد.
أيام قليلة على هذه الواقعة تقدم رئيس القرية بشكاية للنيابة العامة تتعلق بالسب والقذف، وتم اعتقال الشاب بتهمة اهانة موظف عمومي بمناسبة قيامه بمهامه وتعييب أشياء ذات منفعة عامة.
وأثار خبر اعتقال الشاب عبد الرحمان حفيظة مغردين ونشطاء على فيسبوك، إذ عبر المئات عن تضامنهم مع الشاب، وانضمت جمعيات حقوق الإنسان المحلية إلى حملة التضامن، بعدما أعلن المركز المغربي لحقوق الإنسان عن تضامنه اللامشروط مع معتقل الرأي معتبرا محاكمته محاكمة للرأي وتضييقا على الحريات الفردية والجماعية، ومسا خطيرا بمكتسبات الشعب المغربي التي يضمنها الدستور. كما نظمت هيئات حقوقية وجمعيات المجتمع المدني، صباح يوم المحاكمة، مسيرة تضامنية، جابت عددا من شوارع المدينة، رفع خلالها المحتجون شعارات تدين رئيس القرية، باعتباره محرّك الدعوى القضائية ضد عبد الرحمان بتهمة السب والقذف، وقد انتهت المسيرة بتنظيم وقفة غضب أمام المحكمة.
تنازل رئيس القرية هل يقفل الملف؟
أمام حدة الغضب الشعبي تجاه واقعة اعتقال الشاب عبد الرحمان، والتي وصل مداها إلى قبة البرلمان، تقدم دفاع رئيس القرية بملتمس للاشهاد على تنازله على الشكاية، وأصدرت المحكمة قرارا بتمتيع الشاب بالسراح المؤقت، بعدما كانت قد رفضت هذا الطلب في وقت سابق.
لكن فصول القضية لم تطوَ إذ تقدم دفاع الشاب عبد الرحمان بملتمس استدعاء رئيس البلدية، ليس بصفته مشتكيا متنازلا عن الشكاية، بل بصفته ممثلا للمجلس الجماعي، في ارتباط بالتهمة الموجّهة للمتابع في الملف، والمتمثلة في تعييب أشياء ذات منفعة عامة. في الوقت ذاته تواترت أنباء عن إيفاد لجنة للتحقيق حول ما يشتبه أن يكون خروقات قد شابت عملية إنجاز هذه الطريق.
أنا بريء.. حاولت فضح الفساد واكتشفت أن القانون ضدي
"أنا أستحق البراءة وليس السراح المؤقت". بهذه الكلمات استقبل الشاب عبد الرحمان قرار منحه السراح المؤقت مستطردا: "أنا بريء ولم أفعل شيئا، ذنبي الوحيد هو أنني أردت الكشف عن الفساد المتفشي داخل مجلس "البلدية"، وعوض أن تتم مكافأتي، اكتشفت أن القانون ضدي.
وأضاف: "لم تكن لي أية نوايا سيئة أو خلفيات ضد رئيس "القرية": كل ما في الأمر أنني اكتشفت أن مشروع تعبيد الطريق تعتريه خروقات كثيرة، ولجأت إلى تصوير الفيديو المذكور ونشره، لعل المسؤولين يحركون ساكنا ويفتحون تحقيقا في الموضوع".
"فاضح الفساد" نموذج لملفات ساهم الفايسبوكيون في تغيير مسارها
بعد الإفراج عن عبد الرحمن المكاوي، الشاب الذي اشتهر بفاضح الإسفلت المغشوش، تأكدت القوة التي صارت تكتسيها شبكات التواصل الاجتماعي، وتأثيرها في العديد من القضايا، إذ تمكن الفايسبوكيون في المغرب من تغيير مسار العديد من الملفات بعد شن حملة تضامن واسعة، انطلقت من مواقع التواصل الاجتماعي قبل أن ينضم اليها مواطنون، حقوقيون وقياديون سياسيون، كان من أبرزها في الأشهر القليلة الماضية ملف تنورة فتاتي انزكان، وملف الاعتداء على مثلي فاس، وحملة "القانون الجنائي لن يمر".
الصورة منقوبة عن موقع www.sousslyawm.com
متوفر من خلال: