بتاريخ 16/07/2020 قضت المحكمة الإبتدائية بتيفلت -56 كيلومتر شرق مدينة الرباط العاصمة المغربية- بعدم قبول دعوى تقدمت بها إحدى المؤسسات البنكية في مواجهة زبونها، مطالبة إياه بأداء الفوائد المترتبة لمدة سنوات عن حسابه البنكي غير المغلق[1].
ملخص القضية
تعود فصول القضية إلى تاريخ 21/05/2019 حينما تقدم دفاع أحد المؤسسات البنكية بدعوى أمام المحكمة الابتدائية بتيفلت يعرض فيها بأن موكلته دائنة لزبون بمبلغ مالي قدره حوالي 8500 درهم/ما يعادل 850 دولار، إلى غاية 31/05/2014، بمقتضى كشوفات حسابية، وأنها وجهت إليه إنذارا بقي من دون جواب، ملتمسة الحكم عليه بأداء مبلغ 16.584 درهما/ما يعادل 1650 دولار، والتي تشمل أصل الدين مع الفوائد القانونية والاتفاقية والضريبة على القيمة المضافة، من تاريخ الإستحقاق إلى تاريخ الأداء، مع أدائه أيضا تعويضا عن التماطل قدره 1500 درهم، مع شمول الحكم بالنفاذ المعجل، وجعل مدة الإكراه البدني في الأقصى.
موقف المحكمة
اعتمدت المحكمة على مقتضيات المادة 503 من مدونة التجارة، التي تنص على ضرورة “أن يوضع حدّا للحساب المَدين بمبادرة من البنك إذا توقف الزبون عن تشغيل حسابه مدة سنة من تاريخ آخر عملية دائنة مقيّدة به”، كما “يجب على البنك قفل الحساب، وإشعار الزبون بذلك بواسطة رسالة مضمونة في آخر عنوان يكون قد أدلى به لوكالته البنكية”.
وتبين لهيئة الحكم، بعد اطلاعها على الكشوفات الحسابية المدلى بها، أن حساب المدَّعى عليه لم يسجل أية حركة دائنة لمدة تفوق السنة، وأن المبالغ التي طالبتْ بها المؤسسة البنكية ناتجة عن حركة سلبية للحساب تتجاوز السنة.
واستنادا إلى هذه المعطيات، اعتبرت المحكمة ذاتها أن المؤسسة البنكية المدعية كان يتوجب عليها أن تقوم بإقفال الحساب البنكي لزبونها المدعى عليه تلقائيا وإشعاره بذلك، ثم بعد ذلك تقوم بتصفية الحساب داخل الأجل القانوني. وقد خلصت المحكمة تبعا لذلك إلى أن عدم قيام المؤسسة البنكية المدّعية بالإجراءات التي أوجبتْها مدونة التجارة “يجعل الدعوى غيرَ مسموعة ويتعين التصريح بعدم قبولها”.
ملاحظات حول الحكم
تبرز أهمية الحكم الذي تنشره “المفكرة القانونية” كاملا، في أنه يعيد إلى الواجهة إشكالية ممارسة غير قانونية تقوم بها بعض المؤسسات البنكية، حيث تتعمد عدم إقفال الحسابات البنكية غير المستعملة لزبنائها، بل وتماطل في معالجة طلبات إقفال هذه الحسابات البنكية، بهدف مراكمة الديون الناتجة عن الفوائد القانونية والاتفاقية المترتبة عنها، وبعد انصرام سنوات، تقوم بتوجيه إنذار للزبناء بأداء المبالغ المالية المستحقة عن الفترات السابقة، تحت طائلة مطالبتهم بها قضاء.
ورغم صدور عدة مناشير عن البنك المركزي تحثّ مختلف البنوك على ضرورة إقفال الحساب المدين بمبادرة تلقائية من البنك متى “توقف الزبون عن تشغيل حسابه لمدة سنة ابتداءً من تاريخ آخر عملية دائنة مقيدة به”، طبقا لما تنص عليه المادة 503 مدونة التجارة[2]، فإن عددا من المؤسسات البنكية لا تمتثل لهذا الإجراء، مستغلة في ذلك جهل نسبة كبيرة من زبنائها للقانون.
ويؤمل أن يسهم نشر هذا الإجتهاد القضائي المبدئي لمحكمة “تيفلت” في توعية زبناء المؤسسات المصرفية بحقوقهم، ونشر وإرساء ثقافة حماية المستهلك ضد “سياسة” عدم احترام القانون التي تنتهجها بعض المصارف.
[1]– حكم المحكمة الابتدائية بتيفلت في ملف رقم: 192-1201-2019 صادر بتاريـخ: 16-07-2020.
[2]– تنص المادة 503 من مدونة التجارة على أنه: “يوضع حد للحساب بالاطلاع بإرادة أي من الطرفين، بدون إشعار سابق إذا كانت المبادرة من الزبون ومع مراعاة الإشعار المنصوص عليه في الباب المتعلق بفتح الاعتماد إذا كانت المبادرة من البنك.
غير أنه وجب أن يوضع حد للحساب المدين بمبادرة من البنك إذا توقف الزبون عن تشغيل حسابه مدة سنة من تاريخ آخر عملية دائنة مقيدة به.
وفي هذه الحالة، يجب على البنك قبل قفل الحساب، إشعار الزبون بذلك بواسطة رسالة مضمونة في آخر عنوان يكون قد أدلى به لوكالته البنكية.
إذا لم يبادر الزبون داخل أجل ستين يوما من تاريخ الإشعار بالتعبير عن نيته في الاحتفاظ بالحساب، يعتبر هذا الأخير مقفلا بانقضاء هذا الأجل.
يقفل الحساب أيضا بالوفاة أو انعدام الأهلية أو التسوية أو التصفية القضائية للزبون”.