تُصدِر المفكرة القانونية- تونس عددها الـ31، الذي تخصّصه لتوثيق وتحليل الانتخابات الرئاسية التي انعقدت في 6 أكتوبر 2024، وفازَ فيها الرئيس سعيد بعهدة ثانية بنسبة 90.69 بالمائة. كما تُخصّص جزءًا من موادها لمواكبة حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة على الشعبين الفلسطيني واللبناني، وبخاصة في الفترة الأخيرة التي شهدت تصاعدًا في وتيرة جرائم الحرب، التي كان التدمير الممنهج لقُرى لبنان الحدودية أحد أبلغ تجلياتها. 

في السياق التونسي، شَكّلَت الانتخابات الرئاسية الأخيرة حدثًا مفصليّا من شأنه التأثير في مستقبل الديمقراطية في تونس، وعلى ضوئه سيشهد الفضاء العام والمجال السياسي برمّته تغيرات جديدة، من شأنها تحويل العلاقات السياسية والاجتماعية، نحو أشكال أكثر تشوّها وسلطوية، بين الحاكم والمحكومين، وبين المعارضة والسلطة، وبين المجتمع والدولة بشكل عام. 

وطِيلَة الأشهر الفارطة -ومنذ الإعلان الرسمي أول جويلية الفائت عن موعد الانتخابات- تحَوّل الفضاء السياسي في تونس من ساحة للتنافس الانتخابي والتناظر حول البرامج والتصورات إلى ساحة للمطالبة باحترام حقوق الترشح وإطلاق سَراح مُرَشّحين اعتقلتهم السلطة لأسباب مختلفة. ولم تشهد البلاد حملات انتخابية بقدر ما شهدت وقفات احتجاجية تُطالب باحترام القوانين الانتخابية والتزام الحياد المؤسساتي والسّماح للمترشحين بخوض حملاتهم الانتخابية. 

هذا التحول الذي فرَضته سلطة القوة وضَعنا إزاء نموذج انتخابي جديد يختلف عن انتخابات 2014 و2019، وهو ما استدعى قراءة في أبعاده السياسية والسوسيولوجية والمسارات المختلفة التي أنتجته.  لذلك يأتي هذا العدد كمحاولة لتفسير ما وَقعَ، وتفكيك الأدوات والآليات التي استخدمتها بُنَى السّلطة الجديدة في صناعة “مجدها الانتخابي”، ورصد دور مُختلف الفاعلين ضمن هذه المرحلة (معارضة، مؤسسات انتخابية، قضاء، إعلام، جمهور انتخابي، إلخ). كما يحاول هذا العدد بناء شواهد حية وواقعية على مرحلة حاسمة في التاريخ السياسي للبلاد، أُرِيدَ لها أن تمضي في صمت، دون فهم أو تقييم، وكأنّ هناك إرادة حثيثة لتحويلها إلى واقع مُسَلَّم به.  

للاطلاع على العدد 31 من مجلة المفكرة القانونية-تونس بصيغة PDF