استؤنفت الجلسة التشريعية اليوم من حيث انتهت البارحة. اثبتت الطوائف مكامن قوتها في بازار التشريع فأيقظت النواب من سباتهم وفرضت نفسها لتكون مبررا لاعادة البحث في الغاء البند الاول من المادة 186 من قانون العقوبات المتعلق بضروب تأديب الأطفال، الذي كان قد أقره المجلس في جلسة الأمس على غفلة. وهذا ما عبر عنه الرئيس نبيه بري بقوله "بوقوع التباس بين النواب حول هذا القانون"، علما أن بريكان داعما لفكرة الغاء البند بكامله، بما يخالف اقتراح القانون الذي كان مقدما من قبل النائب سيمون أبي رميا والذي كان يرمي الى إبقاء حق الأبوين بالتأديب الجسدي ضمن ضوابط. الرئيس بري كان واضحا: "القصة فيها حساسية وهي تتعلق بالأحوال الشخصية". وهنا بدأ النقاش حول الصيغة الجديدة المراعية للمؤسسات الدينية, بحيث تبقى سلطة الآباء والامهات محفوظة. أبرز المعارضين لالغاء ضروب التأديب كان النائب وليد سكرية الذي لوح بخطر تفكك نظام الأسري على شاكلة ما يحدث بالغرب الذي وصلت مواصيله الى حد تشريع زواج المثليين, وحذر من خطورة أن يدفع هذا الالغاء في حال (اعادة) اقراره, بالجمعيات الأهلية الى المطالبة بالمزيد والمزيد. الى جانب خطر تفكك الأسرة, أثار النائب علي عمار مخالفة هذا الالغاء للدستور الحافظ للأحوال الشخصية, اضافة الى تخوف النائب عماد الحوت من انتقام الجيران في ما بينهم من خلال تقديم شكاوى ضد بعضهم البعض بتهم تأديب الأطفال. ازاء هذا النقاش طرح النائب سامي الجميل التصويت على الغاء المادة, فاستجاب له الرئيس بري, وبسرعة البرق: تصويت برفع الأيدي..(رفع النواب ايديهم)…سقط الاقتراح. فاعترض النائب سامي الجميل على آلية التصويت وأصر على المناداة بالأسماء, وبعد جدل دار مع الرئاسة, حصدت جولة التصويت 34 صوتا مع الغاء البند الأول من المادة 186 مقابل 36 صوتا مؤيدا للاكتفاء بتعديل المادة. ان دل هذا الأمر على شيء فان دليله على مهزلة في التشريع, أين كان هؤلاء المعترضون عند اقرار الالغاء في جلسة 9 نيسان؟ هل فاتهم اقرار الاقتراح نتيجة الصخب الذي يدور في الجلسات؟ ام ان الاستخفاف والاستعجال لرفع الجلسة ساهم في تمرير الالغاء خلسة؟ وهنا يفتح الباب واسعا امام موضوع مسار الجلسات التشريعية والجو الذي يجري خلاله التشريع.
التذكير بهيبة المجلس وبجهود النواب كان لافتا في مداخلة عدد من النواب, حيث استغاث النائب نبيل نقولا برئاسة المجلس النيابي للدفاع عن النواب الذين يتعرض لهم الاعلام والمظاهرات ويصفونهم بأنهم سارقون: "نحن نتعب ومنشرع لنساعد الناس مش مقبول نتهم بالسرقة". وبنفس سياق "تربيح الجميلة", طلب النائب اميل رحمة من رئاسة المجلس اتخاذ التدابير اللازمة لتوقيف هذا الاستعار علينا, اللي عم بصير غير طبيعي وغير مسؤول. منتعذب كرمال الناس وهني قاعدين يجرحوا فينا. هذا غير منطقي وغير مقبول". وانطلاقا من هذا التمنين يطرح سؤال مشروع… الا يدخل العمل التشريعي ضمن واجبات النواب, اذا لم نقل الموجب الأساسي والجوهري في عملهم؟ وكيف يمكن تفسير هذا الانفصال المتمثل بانتقاد نائب لمواطنين, هو بالمبدأ يمثلهم.
الى ذلك صدق اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى الاعفاء من الغرامات على المكلفين بالرسوم بنسبة 90%, مع التأكيد من قبل الرئاسة على التوقف على تقديم هكذا اقتراحات. فقدقال الرئيس بري: "ما في بلد يقوم من دون ضرائب. اذا كل مرة هيك، ساعتها اللي بيدفع ضرائب من الأول بكون حمار. هذه الأمور يجب ان تتوقف. لم يعد مسموحا مثل هذه الاقتراحات. لا حدا يقدم اقتراحات معجلة مكررة ولا غير معجلة مكررة. في لبنان من يتهرب من الضرائب يكون قبضاي."
وفتح اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تعديل احكام المادة السابقة من القانون رقم 462 تاريخ 2/9/2002 (تنظيم قطاع الكهرباء), الذي أقر, باب النقاش حول اهمية تحرير الانتاج واشراك القطاع الخاص في القطاع العام والخصخصة, اذ يقضي هذا الاقتراح بمنح اذونات وتراخيص انتاج بقرار من قبل مجلس الوزراء بصورة مؤقتة لحين تعيين الهيئة الناظمة في قطاع الكهرباء, وذلك في ظل نمو الحاجات والعجز الذي تعانيه مؤسسة كهرباء لبنان.
في اطار آخر احيل اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى ترقية مفتشين في المديرية العامة للامن العام من رتبة مفتش ممتاز ومافوق الى رتبة ملازم. وتم ارجاء البحث في اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى تحديد نسبة الزيادة على بدلات الايجار الخاضعة للقانون رقم 160/92 على ضوء زيادة غلاء المعيشة المعمول بها ابتداء من اول شباط 2012 والتي شابتها إشكالات عدة.
ورفعت الجلسة على أمل بانجاز سلسلة الرتب والرواتب وطرحه على الهيئة العامة غدا الجمعة.
الصورة منقولة عن موقع www.airliners.net