لا يزال الناشط الاجتماعي طارق الملاح موقوفاً منذ 28تموز 2015لدى شعبة المعلومات-المديرية العامة للقوى الأمن الداخلي، حيث يخضع للتحقيق على خلفية رميه سيارة وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس بكيس نفايات خلال مشاركته بتحرك #طلعت_ريحتكم. درباس الذي شعر بأن كرامته أهينت قرر استخدام كل ما يملك من سلطة ونفوذ ليمضي طارق مع ثلاثة من رفاقه هم بلال علوه، فراس بو زين الدين وايهاب يزبك ليلتهم في السجن. وفي غضون ذلك، يستمر تحرك الناشطين في المجتمع المدني للمطالبة بإطلاق سراحهم. فقد تجمع الناشطون عند الساعة التاسعة من صباح 29تموز 2015امام قصر العدل في بيروت للتضامن مع ملاح وأصدقائه الذين يدفعون اليوم الثمن عن كل لبناني يؤمن بحرية التعبير ويطالب بتحقيق العدالة والتمتع بأبسط حقوقه كمواطن.
وبعد مضي قرابة 24ساعة على توقيف طارق للتحقيق معه، ما زال الاتصال به مقطوعاً ولم يتمكن محاميه الأستاذ نزار صاغية من مقابلته، فالوزير الغاضب والحانق على طارق لن يتراجع عن قراره بالانتقام والثأر منه ليس من أجل كيس نفايات وانما لحسابات ماضية حاضرة تتعلق بدعوى طارق على دار الأيتام ووزارة الشؤون الاجتماعية بتهمة التقصير في متابعة هذه القضية.
أما أبرز التطورات في عملية توقيف طارق فيشرحها صاغية الذي يتابع القضية لحظة بلحظة ويقول:"منذ الامس اعتصمنا امام شعبة المعلومات واستغربنا تحويل التحقيق مع طارق الى فرع المعلومات. ففرع المعلومات اخترعوه دون ان يكون له ضابطة عدلية على اساس ان مهمته التحقيق في جرائم خطيرة لنجد فجأة أن هذه الجريمة الخطيرة هي التعرض لكرامة وزير، في وقت بات من البديهي اليوم التعرض لكرامات الوزراء فالمواطن لا يكون مواطن ان لم يتعرض لهذه الكرامات. البارحة طوال الوقت أحاول الاتصال بطارق في حين انه وفقاً للمادة 47يحق للموقوف الاتصال بمحاميه وعائلته ولكن هذا الامر لم يتاح أبداً وطلبنا الاذن من النائب العام التمييزي القاضي سمير حمود لكنه لم يعط لنا. وبالتالي نحن اليوم امام مخالفة ونشك بكل التحقيق الذي يحصل في دائرة ليست ضابطة عدلية ولا تملك اختصاصا في هذا المجال ودون ان يكون هناك اي تواصل مع طارق".
ولفت صاغية الى أن:"طارق قد تقدم بدعوى ضد وزارة الشؤون الاجتماعية التي تنكرت لقضية الاغتصاب الذي تعرض له عندما كان في دار الأيتام الاسلامية، كما تنكر له وزير الشؤون الاجتماعية شخصيا ثم بدا حملة التشهير بطارق على فترة 3أشهر. كما ان الوزير لم يتردد البارحة بتهديد طارق رسميا على موقع نهارنت حيث قال" ان لم تأخذ لي الدولة حقي سآخذه بنفسي" ونحن نعتبر هذا التصريح تهديداً وسوف نتخذ بحقه الموقف المناسب".
إذا بعد اختفاء الملاح لما يناهز الثلاث ساعات نهار الثلاثاء، وصل خبر توقيفه مع شباب اخرين، وذلك بعد ان أعلن الوزير درباس بأنه اتخذ صفة الادعاء الشخصي عليه، على الأرجح لأن الملاح كان الوحيد الذي تعرّف عليه الوزير من بين جميع الموجودين. وتجدر الإشارة هنا الى انه لا يوجد اي فيديو يظهر لحظة اعتداء الملاح على الوزير. لذا بدا واضحاً ان درباس أراد تصفية حساباته العالقة مع هذا الشاب الذي فضح الفساد داخل دور الرعاية كما قام بتعرية وزارة الشؤون الاجتماعية والكشف عن مواطن الخلل في أداء وزيرها. وبناءً عليه أعطى المدعي العام التمييزي توجيهاته الى النائب العام الاستئنافي في بيروت زياد ابو حيدر والى شعبة المعلومات وقوى الأمن الداخلي، للقيام بالتحقيق بحادثة الاعتداء على سيارة درباس والتهجم عليه وتهديده وطلب توقيف المعتدين.
وعلى ضوء ذلك نظم مجموعة من الناشطين في المجتمع المدني اعتصاماً تضامنيا مع طارق ملاح عند الساعة السابعة والنصف مساء، أمام مركز شعبة المعلومات – المديرية العامة لقوى الامن الداخلي في الأشرفية، فحضروا رافعين شعارات تطالب بالأفراج عنه ومنها، "الحرية لطارق"، "طارق ليس مجرماً أطلقوا سراحه"، "ما فيكن على طارق يتيم فيكن عطارق اليتيم".
وقد حضر صاغية الاعتصام وتحدث قائلاً:"القصة بين رشيد درباس وطارق طويلة جدا. الشاب تعذب في حياته، هو يتيم تربى في دار الأيتام وقام بتقديم شكوى لهذا الوزير وأخبره عما تعرض له من اغتصاب داخل الدار، الا ان وزارة الشؤون تخلت عن كامل مسؤولياتها في مراقبة دور الأيتام ومنحتهم براءة الذمة ونكرت كل اتهام بحصول هكذا حوادث داخل الدار. وقد حاول وزير الشؤون الاجتماعية اسكات طارق الملاح بالوسائل المتاحة فحاول اهانته مرات عدة عبر الوسائل الاعلامية كافة واليوم حاول استغلال غضب الناس واندفاعهم في قضية الزبالة ليضع طارق خلف القضبان ويقوم بالتصريح لوسائل الاعلام بانه في حال لم تأخذ الدولة حقه هو سيقوم بذلك. من هنا نحن اليوم نعتبر انه اضافة الى كل ما قام به هذا الوزير في السابق فهو يقوم بتهديد طارق وبالتالي فإن الشخص الذي من المفرض ان يخضع للمساءلة هو هذا الوزير بالذات حول الافعال التي قام بها معه."
كما شارك بالاعتصام الاعلامي جو معلوف الذي أكد تضامنه الكامل مع طارق ملاح والاستمرار بدعم قضيته وأكد أن:"هناك ثأر شخصي بين الوزير درباس وطارق بسبب ملف تعرضه لاغتصاب في دار الأيتام، وقد حاول الأخير بكافة الوسائل الضغط على الاعلام في هذا الملف دون ان يصل الى نتيجة لأنه اليوم اي احد يعجز ان يكون مكان ولد صغير مغتصب". وتابع:"اليوم عندما يكون هناك غضب شعبي، والنفايات تكاد تقتلنا ليس من المفروض على وزير ان يضع برأسه شاب غاضباً ألقى بكيس نفايات على سيارته وان يأخذ الموضوع على نحو شخصي ويطلب بسحب طارق ملاح. لقد تعرض طارق للتوقيف لأنه رفع الصوت باسمنا جميعاً. لذا من واجبنا البقاء امام المديرية العامة لقوى الامن الداخلي وأن نطالب مدعي العام التمييزي بالأفراج عن طارق فورا. فنحن نذكر الحوادث التي دفعت بمواطنين الى رمي زعماء كبار ورؤساء دول بالأحذية والنفايات ومع ذلك لم يتعرض أحد لما يحصل مع طارق".
قبل ان يتم توقيف طارق ملاح، كان يشارك في الاعتصام الذي نظمته ما تعرف بحملة #طلعت_ريحتكم للمرة الثالثة على التوالي في أقل من أسبوع. طارق وكأي شاب لبناني كان يشعر بالغضب من أزمة النفايات التي اجتاحت بيروت وضواحيها كما كان يستفزه الخنوع او التردد لدى مجموعة من الناس أبت النزول الى الشارع للمطالبة بأبسط حقوقها، وهو الحق بهواء نقي وغير ملوث.
ان توقيف طارق ملاح، لا يمكن ان يعد مجرد حادثة عرضية، بل هي بالدرجة الأولى تطبيق ممنهج لسياسة قمع الحريات وعلى رأسها حرية التعبير عن الرأي الممارسة من قبل السلطة الحاكمة في هذا البلد. كما ان التصريحات التي أطلقها الوزير والمحامي رشيد درباس تظهر بما لا يقبل الشك، ان هناك رغبة في الثأر من شاب تحدى جهات هي من الخطوط الحمراء في البلد، وقد حاولت اسكاته بطرق شتى لكنها فشلت، فما كان من هذا الوزير الا ان يستغل كيس من النفايات سقط على سيارته في تظاهرة ديمقراطية، لينفذ مآربه المبطنة.
وكان درباس قد صرح عبر وسائل الاعلام بانه تعرف على طارق ملاح دون ان يتردد في اعتماد أسلوبه المعتاد بالتهجم عليه قائلاً بأنه:"ظهر في برنامج تلفزيوني متحدثاً عن انه اعتدي عليه من قبل الطلاب في دار الأيتام قبل 12عاماً، أراد من ظهوره السابق ان يقيم عرضًا واليوم كذلك يريد الظهور". ولم يقف كلام الاخير عند هذا الحد وانما هدد قائلاً بأنه"إذا الدولة لم تأخذ حقّي فأنا أعلم كيف آخذه، انا لست سهلا ولن اسكت، لا يُرهبني أحد، والنفايات التي رشقني بها هؤلاء الناس أشرف منهم". وبناء عليه ان كان يرى درباس بأن لديه حقاً يريده ولن يسمح بحرمانه منه فمعنى ذلك أنه بات قادراً ان يفهم نضال طارق المستميت للدفاع عن حقه في قضيته ضد دار الأيتام الإسلامية وعليه بات لزاماً على الوزير إما أن يحق الحق ويساند طارق في قضيته.
يشار الى انه اقيم اعتصام آخر تضامنا مع طارق الملاح ورفاقه للمطالبة بإطلاق سراحهم الليلة في 29/7/2015 الساعة السادسة مساء أمام مبنى وزارة الشؤون الاجتماعية في بدارو- بيروت وقد سار المعتصمون نحو قصر العدل في بيروت مطالبين بالافراج عن الموقوفين.
الصورة من ارشيف المفكرة القانونية تصوير علي رشيد