الهيئة الدستورية تسقط مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء شكلاً


2015-12-24    |   

الهيئة الدستورية تسقط مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء شكلاً

تمسكت الهيئة الوقتية للرقابة على دستورية مشاريع القوانين بعدم دستورية إجراءات مشروع القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء لأسباب شكلية. وكان مجلس النواب أقر مشروعاً ثانياً بعدما أعلنت الهيئة عدم دستورية عدد من بنود مشروعه الأول. واذ يقتضي في هذه الحالة أن تتأكد الهيئة من التزام مجلس النواب بفحوى قرارها في مشروعه الثاني، فإنها تمسكت بعدم احترام المجلس قاعدة شكلية قوامها احترام ارادة صاحب المبادرة التشريعية. وقد أسس قرارها الجديد لنظرية فقه قضائية تتعلق بمفهوم الالتزام بالمبادرة التشريعية ذات صرامة شكلية.فقد تمسكت الهيئة بما ورد بقرارها عدد 02 لسنة 2015 المتعلق بذات مشروع القانون والصادر بتاريخ 08-06-2015 من كون احترام أحكام الفصل 62 من الدستور يفرض على اللجان التشريعية ان تعهد الجلسة العامة للمجلس التشريعي بمشروع القانون وفق تصور صاحب المبادرة. واعتبرت الهيئة في قرارها الجديد أن قبول جهة المبادرة اللاحقة بالتعديلات الجوهرية التي أدخلت على مبادرتها (مصادقة الحكومة على مشروع القانون الذي أعدته اللجنة النيابية انطلاقا من مشروعه) لا يرفع الخلل الشكلي.

ويؤدّي موقف الهيئة عمليّا إلى إسقاط مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء، بما يفرض أن تقدّم الحكومة مبادرة تشريعية تتعلق بذات المشروع. وينتظر في هذا الاطار أن تعيد الحكومة اقتراح مشروع القانون الذي تم اسقاطه على المجلس التشريعي ليتسنى الاسراع بإرساء المجلس الأعلى للقضاء أولا وإرساء المحكمة الدستورية تاليا (طالما أن بعض أعضاء هذه المحكمة يعينون من قبل المجلس الأعلى للقضاء). ويبدو بالتالي أثر القرار القضائي محدوداً عمليا لسهولة تجاوز المؤاخذة الحاصلة. فيما يبدو في مقابل ذلك أثر هذا القرار هاما على مستوى فقه القضاء الدستوري وعلى مستوى صياغة الأحكام الدستورية ذاتها. فقد انتهت الهيئة لبناء نظرية فقه دستورية هامة تتعلق بالمبادرة التشريعية وهي من أهمّ ما توصلت له خلال مدة عملها التي شارفت على نهايتها. فرضت نظرية احترام المبادرة التشريعية قيدا دستوريا على سلطة نواب الشعب في مادة اختصاصهم الأصلي أي التشريع. ويستجيب القيد الدستوري لحاجيات الديموقراطية التونسية الناشئة بما يؤدي له من منع دكتاتورية الأغلبية النيابية.

أهمية النظرية الدستورية لا يجب أن تحجب في المقابل ضعف موقف الهيئة في تصورها لموقفها. فقد تولت الهيئة في قرارها الصادر بتاريخ 08-06-2015 النظر في مختلف الطعون التي أثيرت أمامها وتعلقت بدستورية أحكام مشروع القانون الأساسي للمجلس الأعلى للقضاء. وانتهت المحكمة عند فحصها لهذه الطعون للتصريح بدستورية التعديلات التي أدخلت على مشروع قانون المجلس الأعلى للقضاء. وها هي تعود الآن لتستند لذات الأحكام للتصريح بعدم دستورية مشروع القانون. ويفرض هذا الخلل إعادة تصور لصياغة الأحكام الدستورية يفرض عدم تزيد المحكمة في النظر في صورة قضائها بعدم الدستورية الشكلية. 

انشر المقال

متوفر من خلال:

المرصد البرلماني ، استقلال القضاء ، تونس



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني