بتاريخ 15 فبراير 2015، نشر تنظيم داعش فيديو بشعا تحت عنوان (رسالة موقعة بالدماء إلى أمة الصليب). وقد أظهر تنظيم الدولة فيه قيامه بإعدام 21 مصريا قبطيا على شاطئ بحر مدينة سرت الليبية والتي أسماها التنظيم ولاية طرابلس. وقد أظهرت الصور معاملة مشينة للأسرى. وكان لهذا الفيديو تأثير كبير محليا ودوليا ونتج عنه ضربة عسكرية وجهها سلاح الطيران المصري بتنسيق مع الحكومة الليبية بشرق البلاد.[1]
وبعد مرور أكثر من عامين على هذه الحادثة التي هرت الضمير الانساني، أعلن رئيس مكتب التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي المستشار الصديق الصور إلقاء القبض على أحد منفذي واقعة الذبح، وذلك من خلال مؤتمر صحفي وأضاف أنه تم تحديد أماكن دفنهم وسيتم البحث عنهم بعد التنسيق مع الجهات العسكرية والأمنية[2]. وفي ذات السياق، أعلن المركز الإعلامي لعملية البنيان المرصوص[3] عن تفاصيل عملية الاغتيال بعد ضبط أقوال أحد المشاركين فيها ومن ساعد على تصويرها حيث كان جالسا خلف كاميرات التصوير ساعة الذبح، كما كان حاضرا ساعة دفنهم جنوب سرت. وقد قاده القدر في 2016 ليكون أسيرا بحوزة مقاتلي قوات البنيان المرصوص، حيث أفاد بأنه طلب منه تجهيز سيارته وتوفير معدّات حفر، ليتوجه بعدها إلى شاطئ البحر خلف فندق المهاري بسرت. وعند وصوله للمكان شاهد عدداً من أفراد التنظيم يرتدون زياً أسود موحداً وواحدا وعشرين شخصا آخرين بزي برتقالي، اتضح أنهم مصريون، ما عدا واحد منهم إفريقي، وعرف إذ ذاك أن مشهدا سيعد لذبح المسيحين وسيتم إخراجه في إصدار جديد للتنظيم. كما يصف الأسير بعض تفاصيل المكان الذي حدد خلف فندق المهاري بسرت فيقول: "كان بالمكان قضيبان فوقهما سكة متحركة عليها كرسي يجلس فوقه “محمد تويعب”-أمير ديوان الإعلام- وأمامه كاميرا.. وذراع طويلة متحركة في نهايتها كاميرا يتحكم بها “أبوعبدالله التشادي” – سعودي الجنسية- وهو جالس على كرسي أيضا، إضافة إلى كاميرات مثبتة على الشاطئ، فيما كان “أبو معاذ التكريتي” – والي شمال إفريقيا – المخرج والمشرف على كل حركة في المكان. فهو من يعطي الإذن بالتحرك والتوقف للجميع. فقد أوقف الحركة أكثر من مرة لإعطاء توجيهات خاصة ل ـ”أبوعامر الجزراوي” – والي طرابلس- ليُعيد الكلام أو النظر باتجاه إحدى الكاميرات. وقد توقّف التصوير في إحدى المرات عندما حاولت إحدى الضحايا المقاومة.. فتوجه إليه “رمضان تويعب” وقام بضربه. أما بقية الضحايا فكانوا مستسلمين بشكل تام، إلى أن بدأت عملية الذبح حيث أصدروا بعض الأصوات قبل أن يلفظوا أنفاسهم[4]”.
يشار إلى أن هذه الشهادة المهمة هي التي قادت النيابة العامة إلى مكان دفن الجثت، حيث تم الكشف عليها صباح يوم الجمعة (06 أكتوبر 2017) لتستكمل باقي الإجراءات من أخذ الحمض النووي ثم تسليم الجثت إلى ذويها، والتي تمت بالفعل وليسدل الستار على جريمة بشعة أرّقت الرأي العام العالمي لسنوات. وكان مكتب التحقيق والتحري ووحدة الجثث بإدارة مكافحة الجريمة المنظمة بمدينة مصراتة فرع الوسطى، قد كشف عن مكان دفن جثامين المصريين الذين ذبحتهم داعش في سرت ووجدت الجثث مكبلة الأيدي وبالزي البرتقالي ومقطوعة الرأس وقام بنقلها وتسليمها لذويهم في مصر.
وفور إعلان الخبر، أصدر النائب العام المصري المستشار نبيل أحمد صادق تعليماته بتكليف مكتب التعاون الدولي بالاتصال بالخارجية المصرية بهدف المشاركة في التحقيقات مع العناصر الارهابية المقبوض عليها في ليبيا. كما أثنت قيادات قبطية في الإسكندرية على إعلان مكتب النائب العام الليبي القبض على منفذ ومصور واقعة ذبح الأقباط المصريين في ليبيا، مؤكدة أن هذا الدور مقدر ومحترم من جانب القضاء الليبي ويبرز التعاون بين البلدين. فقد أشاد جوزيف ملاك، عضو هيئة الدفاع عن الكنيسة، بدور القضاء الليبي، مشيرا إلى أنه يجب على الدولة الاهتمام بهذا الملف ومتابعة هذه التحقيقات لمعرفة مكان الشهداء لنقل رفاتهم إلى أرض مصر ودفنهم بجوار شهداء الإرهاب ليطمئن قلوب أسرهم. كما طالب الدولة بأن تقوم بدورها المنوط بها في المشاركة في التحقيق وصولاً للمتهمين.[5]
والغريب فعلا لأي متابع لهذه القضية هو التصريحات التي صدرت من بعض السياسيين في ليبيا وبعض الاعلاميين والمخرجين الذين كانوا كذبوا الواقعة وقت حدوثها واعتبروها فيديو مفبركا وعملا استخباراتيا. بل صدرت آنذاك تقارير إعلامية تفند الخبر ومنها ما ذكرته قناة" فوكس نيوز"، في مقطع الفيديو الذي نشره تنظيم الدولة لقتل 21 قبطيًا مصريًا في ليبيا ما هو إلا فيديو مزوّر تم التلاعب به، وفقا لخبراء.
وقاال التقرير ان إثبات التلاعب في الفيديو من خلال العديد من الثغرات التي تدل على حدوث عمليات مونتاج في التصوير.[6]
ووفقا لخبراء التصوير والإخراج فإن بعض اللقطات تم تصويرها باستخدام "خلفية خضراء"، حيث تم إضافة خلفية شاطئ البحر أثناء عملية المونتاج، وذلك لإخفاء المكان الحقيقي لارتكاب هذه الجريمة المزعومة.[7]
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.