بتاريخ 17/2/2015 أصدر النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي سمير حمود القرار رقم 910/م/2015 والذي توجه به الى المديرية العامة لقوى الامن الداخلي طالباً منها “التعميم على جميع قطاعاتها بتأمين المؤازرة للخبراء المكلفين من قبل مالكي العقارات والأبنية المؤجرة لاجراء تخمين المآجير عملاً بالبند (1) من الفقرة (ب) من المادة 18 من قانون الإيجار الجديد تاريخ 9/5/2014” وذلك من أجل تسهيل المهمة التي يقومون بها لتنفيذ أحكام القانون المذكور وذلك عند الطلب، وبعد التثبت من عدم سماح المستأجر لهم الدخول الى المأجور أو منعهم من القيام بالمهمة الموكلة إليهم وبعد مراجعة النيابة العامة الاستئنافية المختصة.
الخطوة مستغربة جدا ولها أبعاد عدة، أبرزها الآتية:
أولا، أن النيابة العامة التمييزية أعلنت موقفا حازما بشأن مدى نفاذ قانون الايجارات القديمة، فاعتبرت أن قرار المجلس الدستوري بإبطال آلية تنفيذ بعض أحكامه غير مؤثر على نفاذ القانون. وهي بذلك انضمت الى عدد من القضاة الذين أصدروا أحكاما بعدّ القانون نافذا، وفي مقدمتهم قاضية الايجارات في بيروت لار عبد الصمد ومحكمة استئناف بيروت (الغرفة التي يرأسها القاضي أيمن عويدات). وعليه، بات للمالك وفق النيابة العامة التمييزية أن يسير بجميع الاجراءات لتحديد البدل الجديد، فيما يعجز المستأجر المتعسر عن الحصول على المساعدة المالية المقررة في القانون، بعد ابطال آليات الحصول عليها،
ثانيا، وهو البعد الأبرز، أن النيابة العامة التمييزية، بما لها من نفوذ، تدخّلت وأدْخلت قوى الأمن الداخلي في أمور تخرج حكما عن اختصاصها وصلاحياتها. فالنيابة العامة التمييزية تختص في التحقيق في القضايا الجزائية من دون أن يكون لها حق مباشرة الادعاء، فيما أن منازعة المستأجر بحق المالك الدخول الى الشقة لغايات تخمينها في ظل الجدل الحاصل حول نفاذ القانون تشكل بغياب قرار قضائي نزاعا مدنيا يدخل في صلاحيات القضاء المدني (قاضي الأمور المستعجلة مثلا..). ولعل أخطر ما في تجاوز النيابة العامة لاختصاصها هذا هو أنه يسمح لقوى الأمن الداخلي بمؤازرة المالك لاقتحام مساكن مع ما قد يتيحه ذلك من ابتزاز وخرق لحرمة محمية دستورية. ومن هذه الوجهة، تشكل الخطوة مؤشرا على حجم النفوذ الضاغط لتطبيق قانون الايجارات وربما أقوى وسائل الضغط المستخدمة حتى اللحظة لارغام المستأجرين على الرضوخ لنفاذ القانون كأمر واقع وتاليا للشروط التي يسعى المالكون القدامى لفرضها.
ثالثا، انّ هذا التدخل يحصل في موازاة بطء عمل لجنة الإدارة والعدل النيابية التي لم تتمكن حتى الآن من حلّ معضلة المواد التي تم إبطالها. فلا هي قامت بالتعديل ولا هي اقترحت صياغة قانون جديد يكون أكثر إنصافاُ يحاكي الواقع الاقتصادي والاجتماعي للعديد من المستأجرين الذين يعيش معظمهم تحت مستوى خط الفقر. وهذا الأمر انما يؤشر الى ازدواجية المعايير: فمن جهة، تسلك مطالب المالكين القدامى في خط عسكري متجاوزة كل الحواجز والموانع القانونية والقضائية، فيما تدخل مطالب المستأجرين القدامي في لعبة البيروقراطية بما فيها من بطء وتجاذب.
وكان من الطبيعي اذ ذاك أن يحتفل المالكون القدامى بقرار القاضي حمود. وقد اعتبروا على صفحتهم الاجتماعية (فايسبوك) أن هذه الخطوة هي “انتصار جديد للحق والعدالة ولشهداء المالكين”، وفي اتصال “للمفكرة القانونية” مع رئيس تجمع مالكي الأبنية المؤجرة جوزيف زغيب، اعتبر ان هذا التعميم هو “تأكيد المؤكد بنفاذ القانون” وقال: “لقد استحصلت نقابة المالكين على قرار بمؤازرة المخافر وقوى الامن الداخلي لخبراء التخمين والخبير المهندس بالدخول الى المأجور لسبب التخمين لاجل تطبيق قانون الايجارات الجديد، لان الخبراء المعينين من قبل المالك او المستأجر بحسب المادة 21 من قانون الايجارات الجديد يعتبرون كما لو كانوا معينين من قبل القضاء”. لا يخفي زغيب فرحه بهذه الخطوة التي يرى فيها تراكماً لأحقية مطالب المالكين، الا انه في الوقت عينه يستمر في دبلوماسية الاقناع معتبراً ان:”المستأجرين أيضاً بإمكانهم الإستفادة من هذه الخطوة، في حال رفض المالك ان يتم تخمين المنزل من قبل خبير يأتون به”. وختم قائلاً: “ان هذا التعميم هو دليل إضافي، وإقرار جديد من مرجعية قضائية رفيعة المستوى بعلمها وخبرتها بأن قانون الإيجارات الجديد نافذ ومطبق”.
وفي هذا السياق لا ينفي واصف حركة المحامي في لجنة الدفاع عن المستأجرين في لبنان والهيئة الأساسية للجنة الدفاع عن المستأجرين، ان هناك عددا من المحاكم التي بدأت بتطبيق القانون الجديد خصوصاً في ما خص المواد التي لا يجدون في تطبيقها إشكالية كتعيين البدل الجديد للإيجار ويقول: “نحن سعينا الى التوضيح للمستأجرين أنه لا يمكنهم الإعتراض على مجيء خبير من قبل المالك لتخمين المنزل. في النهاية انه يقوم بوظيفته وللضابطة العدلية الحق بمرافقته ولكن مع الإصرار الدائم على عدم نفاذ القانون الجديد”.
أما عن الخطوة التي قام بها القاضي فقال:”ان ما قام به لا يعدو عن كونه بروباغاندا اعلامية كما يبدو انه يتعرض للضغط من جهة ما للقيام بهذا الأمر. ولكن مع ذلك، فإن ما يحاول المالكون القيام به هو السعي لتشكيل ضغط نفسي على المستأجرين من خلال الطلب الى النيابة العامة التمييزية بمرافقة الدرك. نحن نقول أن المسألة لن تأخذ بأبعادها أكثر من ثلاثة أشهر، ولكن استطراداً ولضمان حق المستأجرين قلنا لهم ان يستمروا بدفع الإيجار حسب ما يرونه مناسباً وفي حال رفض المالك لأخذ البدل، ان يلجؤوا الى كاتب العدل، وان يقوموا بفتح حساب في البنك يتم ايداع الزيادات المطلوبة فيه، حتى ان تم تعديل المواد وثبتت أحقية المالك يتم الدفع له، أما في حال كان الحق الى جانب المستاجر فلا يكون قد خسر شيئاً”.
وقد حمل حركة، مسؤولية اللغط الحاصل اليوم الى رئيس السلطة التشريعة فقال: “كان من المفروض ان يقول بأن القانون معلق الى حين معالجة النقاط العالقة فيه ولكن من الواضح ان المسؤولين لا يبالون بالأمر لا بل يريدون استمرار الخلاف والتناحر بين الناس”.
للإطلاع على نص طلب نقابة مالكي العقارات يمكنك الضغط على الرابط أدناه
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.