يحتلّ النظام الداخلي الذي يرعى عمل المجالس التشريعية مكانة محورية في البناء الدستوري للدولة الحديثة. فالديمقراطية القائمة اليوم هي ديمقراطية تمثيلية، أي أنّ الشعب صاحب السيادة لا يمكن له ممارسة سيادته مباشرة، بل عليه تفويضها إلى ممثلين يتولّون التعبير عن إرادته ضمن برلمانات منتخبة. لذلك تصبح الديمقراطية انعكاسًا للحياة البرلمانية إذ حقيقتها تتجلّى في وجود نقاش حرّ وشفّاف داخل المجالس التمثيلية ما يعطي للنائب والكتل السياسية القدرة على التعبير عن آرائهم والدفاع عن مصالح المجتمع وفقًا لقواعد وأصول مؤسساتية تسمح باتخاذ القرار بشكل نزيه وعلني.
فالنظام الداخلي لمجلس النوّاب شديد الارتباط بالطبيعة الديمقراطية للنظام السياسي، إذ أنّ كلّ المبادئ التي يكرّسها الدستور وتفترضها طبيعة النظام البرلماني كالفصل بين السلطات وتوازنها وعلنية النقاش ومسألة النصاب والغالبية تصبح من دون جدوى فعليًا في حال لم تكن مكرّسة بشكل واضح في النظام الداخلي من خلال أحكام تضمنها وآليات تسمح بحسن تطبيقها. لذلك يمكن القول إنّ الحقيقة الديمقراطية لأيّ نظام سياسي لا تظهر فعليًا في دستوره بل يتوجّب أيضًا دراسة الآليات التي تحكم عمل مجلسه التمثيلي إذ وحده النظام الداخلي الديمقراطي يعطي للديمقراطية التمثيلية كامل معناها السياسي، وإلّا يتحوّل البرلمان إلى جزء من سلطة أوليغارشية تخدم مصالحها الخاصة دون مصالح المجتمع.
جرّاء ما تقدم، يصبح من الضروري تسليط الضوء على بعض الإشكاليات في النظام الداخلي لمجلس النوّاب اللبناني المعمول به بصيغته الحالية من أجل تحديد النواقص التي تحدّ من الطبيعة الديمقراطية للعمل البرلماني. وتقتصر هذه المقالة على تحديد مكامن الخلل الأساسية من دون الدخول في التفاصيل المتعلّقة بآليات التشريع والرقابة البرلمانية والتنظيم الإداري للمجلس كون المشاكل التي قد تطرحها هذه التفاصيل ما هي في الحقيقة إلّا نتيجة للخلل الأساسي المتعلّق بالمبادئ الكبرى التي ترعى عمل مجلس النوّاب.
وقبل التطرّق إلى هذه النواقص لناحية المضمون لا بد من الإشارة إلى أنّ الإشكالية الأولى التي تطرح نفسها هي شكلية تتعلّق بتاريخ إقرار النظام الداخلي الحالي. فعند مراجعة النظام الداخلي كما تمّ نشره في العدد 52 من الجريدة الرسمية، تاريخ 13 تشرين الثاني 2003 نجد النص التالي: “النظام الداخلي للمجلس النيابي الصادر في 18 تشرين الأوّل 1994”. ويتكرّر التاريخ نفسه في النسخة الرسمية التي توزّع للنوّاب، ما يوحي بأنّ هذا النظام تمّ إقراره سنة 1994. لكن التدقيق في محاضر مجلس النوّاب يظهر أنّه في تاريخ 18 تشرين الأوّل 1994 تمّ إدخال تعديلات على نظام موجود ولم يتم إطلاقًا تبنّي نظام جديد. فالنظام الداخلي الحالي تمّ إقراره في 22 نيسان 1982 ومن ثم خضع لتعديلات مهمّة في 6 حزيران 1991 كي يصبح متوافقًا مع نصوص اتفاق الطائف التي أدرجت في الدستور سنة 1990. لذلك يجب تصحيح التاريخ الرسمي والانتباه إلى أنّ 18 تشرين الأوّل 1994 ليس تاريخ صدور النظام بل تاريخ تعديله مثل التعديلات اللاحقة التي حصلت في سنوات 1997 و1999 و2000 و2003.
أولًا: الانحراف في الغاية من وجود نظام داخلي لمجلس النوّاب
لا يمكن فهم أهمية النظام الداخلي إلّا من خلال فهم الغاية التي جعلت مجلس النوّاب يستقلّ في وضعه. فقد نصّت المادة 43 من الدستور على أنّ “للمجلس أن يضع نظامه الداخلي” أي أنّه يستطيع أن يضع القواعد التي ترعى عمله الداخليّ بحرّية تامّة كتحديد عدد اللجان، وكيفية التصويت، والاجراءات الواجب اتّباعها عند استجواب الحكومة أو وزير محدّد. فالهدف من النظام الداخلي هو حماية السلطة التشريعية من هيمنة السلطة التنفيذية التي كانت في زمن الملكيات تصادر حرّية الهيئات التمثيلية وتحتكر كلّ السلطات. لذلك كان من الضروري بعد انتشار النظم البرلمانية وانتصار الديمقراطية التمثيلية من ترسيخ هذه المكتسبات عبر ضمان حرّية المجالس المنتخبة وتخويلها إقرار أنظمتها الداخلية بنفسها.
فالغاية من تفرّد مجلس النوّاب بوضع نظامه الداخلي هو ضمان فعالية التمثيل الشعبي وحرّيته، وليس تكريس اعتباطية السلطة التشريعية وتفلّتها من القواعد الدستورية عند ممارستها لصلاحياتها. وهذا هو الفهم السليم لمقولة “المجلس سيّد نفسه” أي أنّ البرلمان حرّ بتحديد الأصول التي ترعى حياته الداخلية نظرًا لشرعيّته الديمقراطية وكونه سلطة مستقلّة أوجدها الدستور ومنحها اختصاصات تشريعية وسياسية.
وقد انحرفت مقولة “المجلس سيّد نفسه” عن غايتها إذ باتت تستخدم لتبرير التوافقات السياسية بين الجهات المسيطرة على مجلس النوّاب وخدمة المصالح السلطوية لرئيس مجلس النوّاب نبيه بري. وظهر ذلك بشكل فاقع جدًّا عقب قرار المجلس الدستوري رقم 5 الصادر في تاريخ 22 أيلول 2017 والقاضي بإبطال القانون المتعلّق بإحداث وتعديل بعض المواد الضريبية. فقد صرّح رئيس مجلس النوّاب بشيء من السخط أنّ المجلس هو الذي يسنّ القيود الدستورية ولا أحد يستطيع أن يسنّ قيدًا دستوريًا في وجهه.
ولا شكّ أنّ أبرز مثال على تضمين النظام الداخلي أحكامًا اعتباطية ومخلّة بمبدأ الفصل بين السلطات هو موضوع المادة 58 من الدستور التي تسمح بوضع مشروع قانون لم يبتّه مجلس النوّاب خلال أربعين يومًا من طرحه عليه، موضع التنفيذ بمرسوم يتّخذ في مجلس الوزراء. فقد كانت المادة 115 من النظام الداخلي كما أقرّ سنة 1982 تنصّ على وجوب طرح المشروع “على المجلس في أوّل جلسة تعقد بعد وروده”. وقد تنبّه رئيس الحكومة سليم الحص في جلسة إقرار تعديلات اتفاق الطائف في تاريخ 21 آب 1990 إلى أنّ المادة 58 بعد تعديلها في اتفاق الطائف، لن تحتفظ بمغزاها إلّا في حال تمّ الإبقاء على المادة 115 من النظام الداخلي التي تفرض على رئيس مجلس النوّاب عرض المشروع المعجّل في أول جلسة يعقدها المجلس بعد وروده. وقد رفض رئيس المجلس حينها حسين الحسيني الالتزام بالحفاظ على المادة 115، ما دفع رئيس الحكومة إلى الإعلان بأنّ مبدأ التوازن بين السلطات يفترض أنّه “لا يجوز في مطلق الأحوال أن تحيل الحكومة مشروع قانون بصفة المعجّل ويهمل في الأدراج بدون قرار محدّد من مجلس النواب”. ويضيف: “فإذا كان هناك موجب على مجلس النوّاب أن يطرحه في أوّل جلسة تعقد فهذا يكفينا. أما إذا ترك الأمر على غاربه فهذا فيه انتقاص من حق دستوري للحكومة بإعطاء صفة المعجّل لأيّ مشروع قانون”. ويختم رئيس الحكومة مداخلته بموقف لافت إذ يقول صراحة التالي: “يعني أريد أن أسجّل في المحضر أنّ الحكومة راضية عن النص الدستوري كما جاء، تطبيقًا لوثيقة الوفاق الوطني على أساس أنّ هناك نصًا وأنّ الضوابط المطلوبة على مجلس النوّاب موجودة في النظام الداخلي. أمّا إذا كان سيعاد النظر في النظام الداخلي بخلاف ذلك فأنا أتحفّظ على هذا النص بالذات”. وهذا ما حصل بالفعل إذ تمّ تعديل المادة 115 من النظام الداخلي سنة 1991 بحيث تمّ حذف موجب عرض المشروع المعجّل في أول جلسة يعقدها ما سمح لرئيس مجلس النوّاب بالتحكّم كليًا بمصير المشروع المعجّل إذ بات بامتناعه عن وضعه في جدول الأعمال، يمنع سريان مهلة الأربعين يومًا الدستورية ويحرم الحكومة من وضعه موضع التنفيذ بمرسوم مهما كان ضروريًا.
يعكس هذا المثال أهم إشكالية يطرحها النظام الداخلي في لبنان وهي عدم خضوعه لرقابة المجلس الدستوري كما هي الحال في فرنسا على سبيل المثال. فالنظام الداخلي وبحجّة “المجلس سيّد نفسه” بات الذريعة المثالية لتبرير اعتباطية رئيس المجلس وتحكّمه بالعمل البرلماني من دون وجود أي رقابة فعلية عليه ومدى توافق أدائه مع الطبيعة الديمقراطية للمجالس التمثيلية. لذلك أصبح من الملحّ تعديل الدستور اللبناني ومنح المجلس الدستوري صلاحية ممارسة رقابته على النظام الداخلي كي يتأكّد من توافقه مع الأحكام الدستورية واحترامه مبدأ توازن السلطات.
ثانيًا: الاعتباطية في تفسير النظام الداخلي
يمكن التسليم جدلًا برفض إخضاع النظام الداخليّ لرقابة المجلس الدستوري بذريعة سيادة المجلس، لو كان المجلس فعلًا يمارس سيادته كهيئة جماعية بشكل ديمقراطي وشفاف. لكن الواقع يشي خلاف ذلك كون مجلس النوّاب شهد تراجعًا ملحوظًا في دوره من مؤسسة تتمّ فيها اتخاذ القرارات بطرق تشاركية إلى موقع يمارس فيه الزعماء نفوذهم السياسي ضمن التوازن السلطوي القائم بينهم.
وأبلغ تعبير عن هذا الواقع هو من دون شكّ “اختفاء” لجنة النظام الداخلي التي كانت تتولّى ليس فقط دراسة كلّ اقتراحات تعديل هذا النظام بل كانت تتمتع أيضًا بموجب المادة 34 من النظام الداخلي القديم لسنة 1953 بصلاحية الفصل في “الاعتراضات التي ترد على تطبيق هذا النظام وفي تفسير مواده وتضع المقترحات في تعديله”.
وقد حصل هذا الاختفاء الغامض من دون أيّ تبرير في 31 تشرين الأوّل سنة 2000 عندما تمّ تعديل المادة 20 من النظام الداخلي لمجلس النوّاب بهدف استحداث لجنتيْ الشباب والرياضة والمرأة والطفل. لكن المادة المعدّلة بصيغتها الجديدة جاءت خالية من لجنة “حقوق الإنسان والنظام الداخلي”[1] إذ بات النص يقول فقط بوجود لجنة حقوق الإنسان من دون أي شرح لهذا التعديل الخطير الذي مرّ من دون أن يثيره أي نائب.
هكذا وبكلّ بساطة بات أيّ اقتراح لتعديل النظام الداخلي أو أي نزاع يتعلّق بتفسير هذا النظام يمرّ حتمًا بمكتب مجلس النوّاب حيث يتمتّع رئيس المجلس بسلطات استنسابية تخوّله التحكّم بكلّ مفاصل النقاش إذ يتم فقط عرض التعديلات التي تحظى برضا الرئيس على الهيئة العامّة. فموافقة رئيس مجلس النوّاب باتت القاعدة الفعلية وغير المكتوبة التي تسيطر على عمل البرلمان ما فاقم من شخصنة رئاسة المجلس التي باتت تهيمن على عمل مجلس النوّاب بشكل كامل.
ومن تجلّيات الاعتباطية في تطبيق النظام الداخلي كيفية إدارة جلسات انتخاب رئيس الجمهورية التي تمّ نقلها عبر وسائل الإعلام بحيث أمكن للمراقب ملاحظة تهميش الهيئة العامّة وتفرّد رئيس المجلس بتفسير النظام الداخلي وفقًا لمصالحه السياسية لا سيّما في موضوع النصاب وكيفية احتساب الأوراق الملغاة والبيضاء. وينقل لنا العلّامة أوجين بيار[2] الآلية الواجب اتباعها عند وجود اختلاف في تطبيق النظام الداخلي عندما يتعلّق الأمر بإجراء انتخاب ما، فيقول إنّه من المفروض على رئيس المجلس استشارة الهيئة العامّة التي تقرّر إما تفويض مكتب المجلس (وليس الرئيس) إيجاد الحلّ المناسب أو اتخاذ القرار مباشرة بشأن الموضوع الخلافي.
يصيب الاختفاء الغامض للجنة النظام الداخلي ومنع الهيئة العامّة لمجلس النوّاب من حسم النقاط الخلافية التي تظهر خلال تطبيق النظام الداخلي، الديمقراطية التمثيلية في الصميم ويضعفان جدًا الطبيعة المؤسّساتية لمجلس النوّاب. فبعد تحرّر النظام الداخلي من الدستور، ها هو يتحرّر من مجلس النوّاب نفسه كي يتمّ اختزاله في شخص رئيس المجلس. لذلك بات من الضروري إعادة لجنة النظام الداخلي ووضع آلية واضحة تسمح بحلّ الإشكاليات التي يطرحها تفسير النظام الداخلي عبر التأكيد على دور الهيئة العامّة لمجلس النوّاب كلسطة جماعية للبتّ نهائيًا بها.
ثالثًا: غياب دور المعارضة في العمل البرلماني
لا يحتوي النظام الداخلي الحالي على أيّ نصّ يكرّس التعدّدية السياسية ويضمن دورًا فعّالًا للمعارضة في مختلف شؤون المجلس النيابي. ولا شكّ أنّ السبب المباشر لهذا النقص هو عدم وجود توزيع رسمي للنوّاب في المجلس ضمن مجموعات بحيث يمكن تصنيفها بأنّها تنتمي إلى كتل معارضة أو كتل أقليّة. فالتصنيف الوحيد للنوّاب الذي يتمّ الركون إليه اليوم يحصل خلال الاستشارات النيابيّة التي يجريها رئيس الجمهورية من أجل تسمية رئيس الحكومة وفق لائحة تعدّها الأمانة العامّة لمجلس النوّاب وتبلّغها إلى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية. ومن البديهي أنّ هذا التصنيف الذي يحصل بناء لمعايير غير مُعلنة لا يحدّد ما إذا كانت الكتلة تنتمي إلى مجموعة معارضة، ليس فقط لعدم وجود مفهوم المعارضة من الناحية القانونية، لكن أيضًا لاستحالة ذلك كون هذه الأخيرة تنشأ بوجه حكومة بعد تشكيلها وحصولها على دعم الغالبية النيابية وليس قبل ذلك. إذ لا يعقل معارضة سلطة لم تتشكّل ولا يعلم ما هي الكتل التي ستمنحها الثقة.
ففي فرنسا على سبيل المثال، تمّ تكريس مبدأ ضرورة تمثيل مجموعات المعارضة بشكل صريح عبر إضافة مادة[3] إلى الدستور سنة 2008. وهكذا بات يحقّ للنوّاب تكوين مجموعات معارضة على أن يتمّ الإعلان عن ذلك رسميًا بكتاب يحتوي على موقفهم السياسي يوقّعه النوّاب ويتمّ تبليغه إلى رئيس المجلس. كذلك يحق للنائب أن ينسحب من المجموعة بكتاب أيضًا يوجّه إلى رئيس المجلس لأخذ العلم. وتتمتّع مجموعات المعارضة بضمانات عدّة نصّ عليها النظام الداخلي أبرزها الآتية:
- ضرورة تمثيل كافة التوجّهات السياسية في تشكيل مكتب المجلس وذلك عبر توزيع المناصب نسبيًا بين مختلف المجموعات، كذلك ضرورة احترام مبدأ المساواة في التمثيل بين المرأة والرجل.
- يجب أن يكون رئيس لجنة المال ورئيس لجنة الاقتصاد والرقابة على الموازنة من مجموعة معارضة.
- يجب أن يضم مكتب كلّ لجنة ممثلين عن مختلف مجموعات المجلس.
- ضرورة تمثيل مجموعات المعارضة في لجان التحقيق.
- متابعة تنفيذ القوانين تتمّ من قبل نائبين على أن يكون أحدهما من المعارضة.
- من حق رئيس المجموعة المعارضة أن يحدّد جدول أعمال المجلس لنهار واحد في الشهر من أجل مساءلة الحكومة.
- في جلسات الأسئلة الموجّهة إلى الحكومة، يجب أن يطرح نصف الأسئلة نوّاب ينتمون إلى مجموعات معارضة على أن يوجّه السؤال الأوّل أيضًا نائب معارض.
- يتمّ توزيع الوقت المخصّص للكلام خلال الجلسات التشريعية على المجموعات بشكل يتمّ منح المعارضة وقتًا أطول للمداخلة والتعليق.
تغيب كلّ هذه الآليات عن النظام الداخلي في لبنان إذ لا ينص على إمكانية انتظام النوّاب ضمن كتل ولا يعترف بوجود معارضة. وقد ظهر ذلك في كيفية تشكيل اللجان بعد الانتخابات سنة 2022 إذ تمّ إقصاء النوّاب الجدد الذين لا يدينون بالولاء السياسي إلى زعيم ما عن رئاسة كلّ اللجان النيابية بينما تمّ تحاصص تلك الرئاسات بين الأحزاب التقليدية. والقاعدة الوحيدة التي يتمّ اعتمادها في توزيع المراكز تتعلّق بمكتب مجلس النوّاب إذ يحرص أركان النظام على تخصيصها للطوائف عملًا “بعُرف” يضمن وجود ممثل عن زعماء الطوائف في هيئة المكتب.
في الخلاصة، يتبيّن أنّ النظام الداخلي الحالي بات قاصرًا عن تحقيق أهداف الديمقراطية التمثيلية ضمن نظام برلماني يشكل فيها مجلس النوّاب الوسيلة الوحيدة التي يستطيع الشعب من خلالها أن يعبّر عن سيادته عبر الانتخابات. فالكتل الكبرى المسيطرة على مجلس النوّاب تستفيد من غياب الرقابة الدستورية على النظام الداخلي، ورئيس المجلس يستفيد، علاوة على ذلك، من غياب آليات واضحة وتشاركية تسمح بتطبيق هذا النظام من دون اعتباطية. وكلّ أركان السلطة يستفيدون من التحاصص الطائفي والمصلحي في كيفية إدارة شؤون المجلس مع تغييب كامل لدور المعارضة. لذلك يمكن القول إنّ الديمقراطية التمثيلية هي من أولى ضحايا النظام الداخلي الحالي وكيفية تطبيقه من قبل النظام الحاكم.
نشر هذا المقال في العدد 70 من مجلة المفكرة القانونية- لبنان
[1] استحدثت لجنة حقوق الإنسان سنة 1994 ودمجت بلجنة النظام الداخلي.
[2] « Lorsque le président rencontre un doute élevé à l’occasion de la validité d’un scrutin d’élection, il peut consulter l’Assemblée et si à ce moment une motion est faite tendant à renvoyer au Bureau de la Chambre la solution de la difficulté, cette motion doit être mise au voix ; en cas de rejet, la Chambre statue directement » (Eugène Pierre, Traité de droit politique, électoral et parlementaire, cinquième édition, Paris, p. 497).
[3] Article 51-1: “Le règlement de chaque assemblée détermine les droits des groupes parlementaires constitués en son sein. Il reconnaît des droits spécifiques aux groupes d’opposition de l’assemblée intéressée ainsi qu’aux groupes minoritaires”.