بتاريخ 22/8/2017 انعقدت جلسة جديدة لمجلس النواب خصصت لمساءلة الحكومة. وعلى الرغم من أن الموضوع الأبرز الذي طغى على مداخلات النواب كان موضوع الأحداث الدائرة في جرود عرسال والقاع ورأس بعلبك والإجماع العام للنواب على تأييد موقف الحكومة في مسألة دعم الجيش اللبناني، إلا ان الأمر لم يقف عند هذا الحد. فقد تخلل المداخلات موضوعات عدة تطال هموما اجتماعية عدة. ومن أبرز هذه المداخلات، مداخلة نائب كتلة الوفاء للمقاومة علي فياض الذي أولى اهتماماً فائقا لموضوعي نهر الليطاني والمساحات العامة في بيروت وفي مقدمتها حرش بيروت والواجهة البحرية للمدينة. واللافت أن النائب فياض خصّ المفكرة بالدراسات التي تقوم بها في مجال
الليطاني
فيما يتصل بالليطاني، رأى النائب فياض أنه "يجري الكثير من الكلام عن توصيف المشكلة دون حل ناجز". وقال:"من خلال الاتصالات التي أجريتها مع رئيس الجهورية والحكومة وحضرتك (الرئيس بري) كنت راعي اطلاق المبادرة في تحويل القضية إلى قضية وطنية. لكن على الرغم من مرور سنة على المشكلة واقرار اقتراح قانون الليطاني الذي ينص على تخصيص 1100 مليار ليرة لتأسيس منظومة محطة تكرير ومنظومة صرف صحي على الليطاني، على الرغم من ذلك، فإن المشكلة لا تزال في إطار التفاقم. يجب تسريع المقررات في المعالجة".
تابع سائلاً: "القناة 800 التي ستأخذ 110 مليون متر مكعب من مياه القرعون، إذا أخذت المياه بعد سنة أو سنة ونصف وبحيرة القرعون في حالة من التلوث السمّي، ماذا سنفعل؟ لا يجوز أن ننقل هذه المياه إلى مناطق نظيفة بيئياً وإلا نكون في صدد تلويثها. في قعر بحيرة القرعون، بحسب المسوحات التي أقيمت، هناك 11 مليون متر مكعب من السميات ولا يملك أحد في الدولة اللبنانية تصوراً أو دراسة حول كيفية المعالجة. هل من المفروض أن ننتظر نحو السنتين، حين يبدأ العمل في القناة 800 لنبدأ بالتفكير في كيفية المعالجة؟ أو أن المنطق والعقل والحكمة يلزمنا في المباشرة في معالجة هذا الأمر؟".
وشدد على ثلاثة أمور بصورة عامة للحل، هي: "أولا في موضوع قانون 1100 مليار، المطلوب تسريع وتيرة الإنجاز وتكليف مجلس الإنماء والإعمار التحرك لتأمين القروض الكفيلة بتنفيذ المراحل المتبقية لهذا القانون وخمس سنوات جريمة يجب تقريب مهلة الإنجاز من خمس إلى ثلاث سنوات".
ثانياً المطلوب المباشرة منذ اللحظة في اعداد الدراسات والتلزيمات اللازمة لتنظيف بحيرة القرعون وعدم الانتظار إلى ما بعد الانتهاء من القناة 800.
ثالثاً المطلوب من وزارة الطاقة ووزارة الوصاية والمصالح المعنية أن تعيد دراسة هيكلة مصلحة الليطاني. نحن نتحدث عن نهر وطني يغذي البلد والذي تتدفق منه مياه سنويا بحجم 700 مليون متر مكعب من المياه.
لا يجوز لنهر حيوي بهذا الحجم أن يدار من مجموعة من الموظفين الذين وظيفتهم محدودة. لذلك عندما ناقشنا اقراح القانون ضمناه وجوب اعتماد سياسات مبدأ الإدارة المتكاملة للمياه: فالمطلوب من هذه المصلحة أن توسع نطاق صلاحيتها بحيث تصبح معنية بكل ما يتصل بنهر الليطاني على صعيد موارد التغذية، وعلى صعيد المؤسسات الي ستقام على أساسها السدود والمنشآت، وعلى صعيد محاربة التلوث الذي يتعرض له النهر، وعلى صعيد تأسيس ضابطة عدلية لحماية هذا النهر ومن غير ذلك لن يكون بمستوى الاستفادة المأمولة من هذا النهر".
لتقم الدولة باستملاك الواجهة البحرية
أما في موضوع المساحات العامة في بيروت فقال: "على الرغم من أنني نائب عن منطقة مرجعيون –حاصبيا، إلا أنني بحسب الدستور أمثل الأمة جمعاء، وليس لأن هناك نص دستوري وحسب بل لأني أشعر بالإنتماء العميق لهذه العاصمة بيروت. فإن ضميري الوطني لا يتيح لي أن أتعاطى بقلة اكتراث مع ما يتصل بوضع هذه العاصمة التي تتحول إلى غابة من الباطون المسلح وتتآكل فيها المساحات الخضراء. فما معنى أن تأتي بلدية بيروت وتختار حرش بيروت لبناء مستشفى عليه؟ لا أدري: هل ينقص بلدية بيروت بعض العقارات أو أن تستأجر عقاراً ما لإنشاء مسشفى؟ هذا أمر غير مقبول.
وفي موضوع الواجهة البحرية لبيروت وما يتصل بشاطئ الرملة البيضاء والدالية، استعان فياض بدراسات للمفكرة القانونية ليبني حججه في ضرورة حماية حق المواطن بالولوج الى الشاطئ فقال: "هناك أربع أو خمس دراسات قامت بنشرها المفكرة القانونية حول تطور مشكلة التملك والواقع التاريخي لهذه العقارات البحرية، لن أقوم باستعراض هذه الدراسات. ولكن مما تتضمنه، أن هذه العقارات هي أملاك عمومية وأن كل ما هو شاطئ رملي أو صخري وكل ما يصل إليه الحد الأقصى من الموج البحري هي أملاك عمومية ولم يكن هناك ملكيات خاصة.
في الأربعينيات وما بعدها، صار هناك بعض التعديل فأصبح هناك ملكيات خاصة. ولكن حتى الخرائط القديمة تقول أن المساحة الخاصة في منطقة الدالية كانت 50%. الآن باتت 90%. المخطط التوجيهي الاول لمنطقة بيروت بسنة 1954 كان يصنف هذه المناطق بأنه يمنع البناء على العقارات فيها. في العام 1964، جرت تعديلات طفيفة حددت الإشغالات وأجازت الإشغال المحدود الذي لا يعطل أن تبقى هذه المنطقة متنفساُ طبيعياً. لكن في الآونة الأخيرة، أي منذ سنة 1995 وإلى الآن، أزيلت هذه الإشارات التي كانت تصنف ضمن المنطقة العاشرة".
وشدد على أهمية دور القضاء في حماية الملكيات العامة قائلاً: "لست أنا من يحدد صحة هذه الملكيات أم عدمها، فبعض هذه الملفات هي أمام القضاء والقضاء هو الذي يحدد وما يقوله القضاء في نهاية المطاف نقبل به. لكن بمعزل عن طرح المشكلة، هل يجوز أن يكون لدينا شاطئ تتم استباحته وتبنى فيه استثمارات تعيق رؤية المواطنين واستفادتهم من البحر؟ إذا أردنا التوجه نحو الجنوب وأخذنا الشاطئ الرملي من الرميلة إلى صيدا، نجد أنه في كل فترة، تخرج منشأة على الشاطئ الرملي لتعطل رؤية البحر. ما هو المستند القانوني وعلى أي أساس؟".
وطالب "أن توضع هذه المنطقة قيد الدرس، ويتم تجميد التصرف فيها بانتظار إعادة درسها لرؤية ما يمكن القيام بها". وقال: "أنا أدعو أن تكون الدالية منتزهاً وطنياً. وإذا كانت الدولة لا تملك المال للاستملاك، فإن لديها عقارات كثيرة أخرى بإمكانها أن تبيعها وتستملك هذه المنطقة أو تستطيع أن تقايضها بسندات خزينة. وهناك ألف شكل وشكل ممكن أن تلجأ اليه لتصل إلى هذا الحق الذي يحمي الواجهة البحرية لبيروت".
وسأل الرئيس بري: البلدية ما معها مصاري؟
فرد فياض: "هذه المشكلة لا يمكن الاستخفاف فيها، كل واحد من عائلات بيروت يعرف كيف كان التعاطي مع هذه المنطقة على أساس أنها حديقة طبيعية لذا أدعو أن توضع هذه المنطقة قيد الدرس".
وكأننا على كوكب آخر: الحكومة تلتزم بحماية الروملة البيضا
أما رد الرئيس الحريري على هذه النقطة، فجاء في كلمته في ختام الجلسة المسائية. فقال أن "بلدية بيروت وضعت يدها على الرملة البيضاء وتعمل على مشروع يمكّن الناس من الذهاب الى هناك، وأؤكد انه لن تكون هناك أي تسوية. هذا مكان للناس، كان للناس، رفيق الحريري رحمه الله ابقاه للناس وسعد الحريري سيبقيه للناس". وعلى ما يبدو، أن رئيس الحكومة غافل تماماً عما يجري من إعتداءات على شاطئ الرملة البيضا بتواطؤ بين وزير الداخلية نهاد المشنوق ومحافظ بيروت زياد شبيب، إعتداءات أثبتها على نحو لا شك فيه نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت.
فهل آن الأوان للرجوع عن الخطأ في بيروت وخارج بيروت، حماية لما تبقى من الشاطئ؟