بتاريخ 4 جويلية 2018، نظم مجلس نواب الشعب في مقره الفرعي (مقر مجلس المستشارين سابقا) استقبالا مخصصا لإعطاء إشارة انطلاق المنصّة الرقمية المخصصة للمجتمع المدني بحضور عدد كبير من ممثلي الجمعيات والمنظمات خاصة منها الموجودة خارج العاصمة تونس، وذلك في إطار برنامج التعاون الذي وضعه مجلس نواب الشعب مع المجتمع المدني.
ويندرج هذا الحدث ضمن سلسلة من البرامج التي وضعها المجلس بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي خصص برنامجا كاملا من مشاريعه مخصصا لـ “دعم الانتقال الديمقراطي في تونس: مساندة البرلمان التونسي” من أجل دعم قدرات الهيكل التشريعي ومساعدته في الانفتاح على مختلف مكونات “المجتمع المدني” والسياسي. وقد كانت بداية هذا المشروع مع تأسيس الأكاديمية البرلمانية في سنة 2016 التي تهدف إلى تكوين نواب المجلس وأعوان إدارته. كما تم أيضا وضع مركز إعلامي صلب المجلس بغاية مزيد التفاعل مع الصحافة وإعطاء إشعاع أكبر للعمل التشريعي والرقابي للمجلس وكذلك انتداب عدد من المساعدين البرلمانيين بغاية دعم عمل مختلف الكتل البرلمانية[1].
ويهدف برنامج المنصة الرقمية المخصصة “للمجتمع المدني” إلى وضع منصة رقمية تمكّن منظمات المجتمع المدني من متابعة العمل التشريعي والرقابي لمجلس النواب واقتراح نصوص قانونية أو تعديلات على النصوص المعروضة أو توجيه أسئلة شفاهية أو كتابية لأحد الوزراء. إذ سيكون أعضاء “المجتمع المدني” من خلال هذه المنصّة على اتصال مباشر مع النواب الذين يمكن لهم تبنّي المقترحات التي تتوفر فيها الجدّية والأهمية وذلك تطبيقا لمقتضيات الفصلين 62 و92 من الدستور التونسي[2] وكذلك الفصل 145 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب[3]. كما يمكن لمنظمات المجتمع المدني التواصل عبرها والتنسيق بينها وتقديم مقترحات القوانين أو التعديلات أو الأسئلة بصفة جماعية.
وقد أكد كل من رئيس مجلس النواب وعضو مكتب المجلس المكلف بالعلاقات مع المواطن ومع المجتمع المدني[4] بأن هذا المشروع يندرج في إطار تكريس مبدأ التشاركية الذي نصّ عليه الدستور في توطئته وذلك من خلال وضع مشروع متكامل ينطلق من خلال وضع ميثاق للتعاون بين مجلس نواب الشعب و”المجتمع المدني”. ويتضمّن مشروع هذا الميثاق 26 فصلا وهو عبارة عن عقد يلزم المجلس ومنظمات المجتمع المدني باحترام عدد من المبادئ التي تحكم عملهم في إطار الشراكة بينهم وهي : مبدأ التشاركية ومبدأ الثقة المتبادلة ومبدأ الحياد ومبدأ المساواة وعدم التمييز ومبدأ الاستمرارية ومبدأ التقييم والمتابعة[5].
ويجب التذكير ختاما بأنه في أواخر سنة 2015، وبعد مرور سنة من الانتخابات التشريعية قامت النائبة المسؤولة عن العلاقة مع المجتمع المدني حينها باقتراح لتقليص عدد ممثلي المجتمع المدني الحاضرين بالمجلس. اقتراح انتفض له عدد كبير من منظمات المجتمع المدني منددين بخرقه الصارخ لأحكام الدستور وللمرسوم المنظم للجمعيات[6] ممّا دفع مجلس النواب لتركه. أما اليوم، فيعدّ برنامج المنصة الرقمية برنامجا رائدا يمكن أن يحقق الهدف المرجو منه بتشريك أكبر عدد ممكن من منظمات المجتمع المدني شريطة أن تقوم إدارته على الشفافية والمساواة. إلا أنه يجب التنبيه إلى أنه في صورة لم يتم احترام هذه المبادئ، فإن المنصة الرقمية يمكن أن يصبح طريقة لعزل عدد من منظمات المجتمع المدني عن الإطلاع والتأثير في العمل التشريعي والرقابي للمجلس. ولذلك فعلى منظمات المجتمع المدني متابعة عملية تركيز هذا المشروع وإدارته عن كثب.
[2] ينص الفصل 60 على أنه “تمارس المبادرة التشريعية بمقترحات قوانين من عشرة نواب على الأقل”. وينص الفصل 92 على أنه “لكل عضو بمجلس نواب الشعب أن يتقدم إلى الحكومة بأسئلة كتابية أو شفاهية طبق ما يضبطه النظام الداخلي للمجلس”.
[3] ينص الفصل 145 على أنه “لكل عضو أو أكثر التقدم إلى أعضاء من الحكومة بأسئلة كتابية في صيغة موجزة عن طريق رئيس مجلس نواب الشعب”.
[4] النائب بدر الدين عبد الكافي وهو نائب عن حركة النهضة.
[5] انظر مشروع الميثاق مرفق بهذا المقال.
[6] خاصة منها الفصول 5 و 6 من المرسوم عدد 88 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 المتعلق بتنظيم الجمعيات. لمزيد المعلومات حول هذا الموضوع، الاطلاع على مقال موقع نواة بخصوصه.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.