انعقدت الهيئة العامة لنادي قضاة لبنان، بدعوة من رئيسته، للمرة الأولى في جلسة استثنائية نهار السبت الواقع فيه الأول من كانون الاول ٢٠١٨ وتباحثت بمسائل عدة على جدول اعمالها من شأنها تعزيز عمل النادي.
وفي هذه المناسبة، يهم النادي التأكيد على ما يلي:
إن حق التجمع للقضاة هو حق مكرس دولياً وقد امسى تأسيس هذا التجمع في اي دولة من ضمن المعايير العالمية لحماية استقلالية القضاة وفي هذا السياق، تأسس الاتحاد الدولي للقضاة في العام ١٩٥٣ وهو يضم أندية وجمعيات القضاة العائدة لنحو ٩٠ دولة، كما تأسس الاتحاد العربي للقضاة هذا العام وكان نادي قضاة لبنان عضواً مؤسساً فيه وقد تم التأكيد على حق التجمع هذا في كل من:
أ. مؤتمر الامم المتحدة السابع المنعقد في ميلانو عام ١٩٨٥،
ب. وثيقة بنغلور للاخلاقيات القضائية لعام ٢٠٠٢،
ت. دليل حقوق الانسان الخاص بالقضاة والمدعين العامين والمحامين الصادر عن المفوضية السامية لحقوق الانسان التابعة للامم المتحدة عام ٢٠٠٣،
ث. الخطة الوطنية لحقوق الانسان التي اقرتها لجنة حقوق الانسان النيابية في لبنان عام ٢٠١٣،
إن حق التجمع للقضاة لا يخالف القوانين اللبنانية المرعية الاجراء التي لا يجوز ان تتعارض مع المواثيق الدولية والاقليمية خاصة وان لبنان عضو مؤسس في الامم المتحدة وفي جامعة الدول العربية ولطالما كان سباقاً في اعتناق الحريات والنضال لاجلها تكريساً لمقولة بيروت ام الشرائع، كما انه لم يرد في قانون التنظيم القضائي اللبناني اي نص يمنع القضاة من ممارسة حق التجمع وان اي عطف على قانون الموظفين في هذا المجال يتعارض مع طبيعة عمل القاضي والمهام الموكولة إليه.
إن حق التجمع لا يخرق اطلاقاً موجب التحفظ الملتزم به القاضي بفخر والذي يتمثل بعدم الادلاء بما ينم عن تحيز طائفي اوحزبي او فئوي وبعدم التصرف بشكل يمس بهيبة القضاء وباستقلاليته وبعدم اقامة علاقات شخصية مع فرقاء في الدعاوى المعروضة امامهم او وكلائهم وبعدم التردد الى اصحاب النفوذ والمتمولين والسياسيين وان القول بخلاف ذلك يشكل تشويهاً للموجب وخروجاً فاضحاً عن الغاية المتوخاة منه، فحياد القاضي في عمله لا يمكن ان ينتقص من مواطنيته وانسانيته وحقوقه الاساسية لا سيما حق التعبير.
هكذا، ان موجب التحفظ لا يعني أبداً اسكات القاضي او تقييده بشكل تام، إنما يجب أن يفهم بالانسجام مع الحق بالاستقلالية الذي يميز بشكل مبدئي القاضي عن الموظف وذلك وفقاً لقرار مجلس القضاء الأعلى الفرنسي رقم P013في 9/10/1978، considérant que l’obligation de réserve ne saurait servir à reduire le magistrat au silence ou au conformisme, mais doit se conformer avec le droit particulier à l’indépendance qui distingue fondamentalement le magistrat du fonctionnaire
يضم النادي قضاة من مجلس شورى الدولة ومن ديوان المحاسبة الى جانب القضاة العدليين، وهو خلافاً لاغلبية ما هو قائم في لبنان، غير مشوب بالطائفية والفئوية والمناطقية والحزبية والتبعية السياسية ولن يكون، وسيبقى القضاة عامة محصنين من الآفات المذكورة التي تشوه الوطن وتحول دون نهضته الآتية لا محالة بهمة الاخيار المقدامين واصحاب النوايا الحسنة.
إن النادي ماض قدماً في ممارسته لحق التجمع الممارس عربياً ودولياً، كخطوة أولى في مسار الألف ميل نحو تعزيز استقلالية السلطة القضائية وتنقيتها والدفاع عن حقوق القضاة والمساهمة في تعزيز دولة القانون وشد الانتماء القضائي وتغليب فكرة المحاسبة بشكل أساسي.
وفي هذا السياق ان القاضي العفيف المؤتمن على احقاق الحق، لا يتوانى عن القيام بموجباته دون منة منه ودون تذكير من احد، في اصعب الظروف وفي ظل التجاذبات القائمة لانه يعتبر نفسه باعتزاز، الكيان الاساسي لقيام الوطن، انما تبقى المساءلة الجدية والمنتجة واجبة لكل قاض يحيد عن رسالته القضائية.
إن القضاء الذي نصبو إليه هو نفسه الذي طمح إليه زملاؤنا في جمعية “حلقة الدراسات القانونية” التي تأسست في العام 1969، وهـو القضـاء المسـتقل (أفـرادا ومؤسسـات)، القضــاء العالــم (المنفتــح بالمعرفــة علــى حاجــات مجتمعــه ومتطلبــات عصــره)، القضـاء اللاطائفـي (الـذي تقـف عنـد عتبتـه جميـع أمـراض مجتمعنا وعللـه)، القضاء الـذي يوحـي بالثقـة (بعلمـه ومناعتـه وتحـرره)، القضـاء المهـاب (الـذي يكـون القـوي عنـده ضعيفـا حتـى يؤخـذ الحـق منـه)، القضـاء المطمئـن (الـذي لا تعقلـه حاجة ولا خوف)، القضـاء المنتـج (الـذي يـدرك أن الزمـن فـي طليعـة قيـم العصـر) والقضـاء العصـري (فـي تفكيـره ّ وتطـوره ووسـائل عملـه) وهـو أخيـرا القضـاء الـذي يوفر عدالة ذات وجه إنساني.
يتشارك نادي قضاة لبنان في هذا النضال مع كل القضاة الاحرار، الى جانب مجلس القضاء الاعلى ومكتب مجلس شورى الدولة وهيئة ديوان المحاسبة، الساهرين على حسن سير القضاء العدلي والاداري والمالي والذين لا ينازعهم البتة في صلاحياتهم المحددة في القانون، انما يهدف النادي الى تعزيزها. وهو يستغل هذه المناسبة للتأكيد على احكام الفقرة ز من المادة ٥ من قانون القضاء العدلي التي تفرض اخذ رأي مجلس القضاء الاعلى في كل مشاريع القوانين والانظمة المتعلقة بالقضاء المذكور.
إن النادي يؤكد على دور القضاء ومرجعيته في معالجة وحل النزاعات كافة، مع تنويهه بما للمحامين من دور في تمكين القضاء من تأدية رسالته وذلك من خلال دراساتهم ومرافعاتهم ووجهات نظرهم المختلفة التي يبدونها في سياق النزاعات المعروضة، ويرى أن تعاون المحامين والقضاة برقي، محتم فيما بينهم لإعلاء شأن العدالة التي لا تستقيم دون وجود قضاة ومحامين شجعان وشرفاء واحرار يناصرون القضايا العامة المحقة والنادي يأمل ويسعى الى زمن يصطف فيه المحامون وعلى رأسهم نقابتا المحامين في بيروت وطرابلس، السباقتان في الدفاع عن الحريات العامة والحقوق الاساسية، الى جانب القضاة في تعزيز استقلاليتهم وممارسة حقوقهم.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.