نفذ المستأجرون القدامى في 3/12/2014 مساء، اعتصاما ومظاهرة في ساحة ساسين ـ الاشرفية، تلبية لدعوة لجان الدفاع عن حقوق المستأجرين وذلك لتأكيد الرفض لقانون الإيجارات الجديد الذي يرون أنه غير قانوني وتعجيزي وسيؤدي الى تشريد آلاف العائلات المستأجرة ويحرمهم من التعويضات الملائمة التي تضمن لهم امكانية العثور على بديل ولمطالبة مجلس النواب بإقرار قانون عادل يحفظ حقوق المالك والمستأجر في آن.
من الأشرفية وطريق الجديدة والباشورة، الى طرابلس وغيرها من المناطق تجمع المستأجرون القدامى في ساحة ساسين ثم إنطلقوا بمسيرة في شوارع الأشرفية رافعين شعارات تعبر عن خوفهم ازاء التهجير والتشرد، ومنها "الى الشارع قبل أن يصبح الشارع بيتاً لك"، "بيروت مدينتي من حقي البقاء فيها" معتبرين ان هذا القانون لا يعدو كونه صفقة تجارية مفبركة من قبل المصارف والشركات العقارية والسماسرة الأجانب الذين غايتهم الإستيلاء على أملاك الناس واستبدالها بالمشاريع الضخمة والمنتجعات السياحية على حساب الفقراء وبسطاء الحال الذين لا معيل لهم وعليها كان الرد بـ"تهديدات السماسرة لا ترهبنا" و"لا لبيع بيروت للشركات العقارية".
يؤكد رئيس تجمع المستأجرين في لبنان نبيل العرجة بأن قانون الإيجارات الجديد غير قابل للتطبيق لا سيما بعد ان تم الطعن بمواده من المادة 3 الى المادة 37 من قبل المجلس الدستوري والتي جعلت منه قانوناً مشلولاً، وقال:"نطالب النواب وعلى رأسهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان يقوموا بإعادة دراسة هذا القانون من جديد وان يتم صياغته مع الأخذ بعين الإعتبار الواقع الإقتصادي والإجتماعي للناس، اذ ان القانون المقترح يفرض عليهم إيجارات تفوق أضعاف وأضعاف مداخيلهم لا سيما في منطقة بيروت الكبرى وبالتالي سوف يكون أمام المستأجرين القدماء عبء كبير لن يستطيعوا تحمله".
ورأى العرجة:"ان تطبيق القانون كما هو عليه الآن سيخلق نوعا من العداء بين طرفين من المجتمع اللبناني وسيتحول الى معركة في الشارع لا تعرف نهايتها"، وتابع: "لقد أكدت هيئة القضايا والاستشارات في وزارة العدل قانونية الطعن بمواد تعدّ بمثابة اللولب لقانون الايجارات الجديد".
ورداً على حق المالكين الذين يعانون في ظل قانون الايجارات القديم أجاب: "لا يمكن انكار حق المالك بأي شكل من الأشكال ولكن لا يمكن ان يكون ذلك على حساب الفريق الآخر وتدميره وتهجيره ووضعه في الشارع يجب ان يكون هناك قانون يصون حقوق كلا الطرفين ولكن بالطريقة المطروحة اليوم فنحن ذاهبون نحو كارثة وطنية".
بدوره تحدث رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان كاسترو عبدالله الى "المفكرة القانونية" فقال: "ان هذا التحرك السلمي هو للتصدي للقانون التهجيري الأسود ولأنه على الرغم من قيام ثلاثة نواب بتقديم مشاريع تعديل لقانون الايجارات الجديد ولكن المجلس النيابي لم يتحرك ويقوم بإحالة هذه التعديلات خاصة بعدما تم الطعن بهذا القانون وتعطيل بعض المواد الموجودة فيه. من هنا وقبل ان تنتهي المهلة نقوم بتحركات سلمية ليس آخرها الأربعاء 10/12/2014 حيث سنتوجه على شكل وفد شعبي كبير الى دارة رئيس مجلس النواب ومن بعدها الى وزارة العدل لمقابلة القضاة لان من يفكر بأن يحكم بهذا القانون فإنه يدفع الناس للوقوف في وجه بعضها البعض والنتيجة ستكون طرفا في الحبس وآخر بالقبر".
عبدالله أكد على مطلب المستأجرين بقانون ايجارات عادل يضمن حقوق الطرفين وقال: "ان القانون المقترح حالياً مخصص للشركات العقارية التي تقوم بشراء البيوت من أصحابها وهناك بعض المالكين الذي "أكلوا الضرب" حيث قيل لهم انه سيتم دفع تعويض للمستأجر بنسبة 40% واشتروا منهم املاكهم بـ60% ولم يقوموا بتسجيلها انما أجروها من خلال اتفاقيات تمت عند كاتب العدل، لكن هذه الأمور مكشوفة لدينا ولا تنطلي علينا ألاعيب شركات السمسرة والمصارف التي تعمل عبر التهويل لوضع الناس في وجه بعضهم البعض".
وختم مؤكداً انه من واجب الدولة ان تتحمل مسؤوليتها ازاء المالك والمستأجر معتبراً انها هي التي خلقت هذه الأزمة وهي المسؤولة عن حلها.
"أنا مرا كبيرة بالعمر عايشة لوحدي لا عندي زوج ولا ولاد بدن يرموني برا"، هكذا بدأت نادية أديب حديثها عند سؤالها عن سبب مشاركتها في الاعتصام وهي تتجاوز بعمرها الـ75 عاما وقالت: "انا مجبورة على النزول الى الشارع والمشاركة في الاعتصام لأنني معرضة لان اصبح في الشارع، في دول العالم يتم مساعدة كبار السن والاهتمام فيهم اما في لبنان فنحن مهددون بالتشرد في الشوارع".
وقصة ناديا مع المالك تتعدى قضية الايجار القديم الى ضرب وعنف طال هذه المرأة الطاعنة بالسن وكل ذلك لأنها رفضت ان تغادر منزلها دون تعويض وعن ذلك قالت: " كنت أعمل في الخياطة ولكن أصحاب الملك كسروا لي يدي في محاولة لترهيبي ليأخذوا مني بيتي وهذا الأمر تم قبل اقرار القانون الجديد وقد رفعت عليهم دعوى ولكن القضية تم تأجيلها عدة مرات لأنني لم يكن لدي محام. اليوم ان تم تطبيق القانون الجديد ماذا سيحصل بي وانا ليس لدي من يعيلني وبت عاجزة عن العمل؟".
تقف رئيسة جمعية اللجنة النسائية بطريق الجديدة سلوى حبلى في باحة الاعتصام في ساحة ساسين وحالة الغضب الشديد بادية على وجهها والتي لا تتردد في التعبير عنها على الملأ فهي ليس من المستاجرين وحسب وانما من عملها في الشأن الإجتماعي تعرف معاناة الناس على الأرض وعجزهم عن دفع ما لا طاقة لهم عليه او البحث عن بديل في ظل الازمة الإقتصادية والإجتماعية التي يعيش فيها لبنان وقالت: "هل يدرك النواب والمسؤولون لدينا ما هي عواقب تطبيق هذا القانون؟ ألا يرون نسبة الفقر والبطالة في لبنان شبابنا يغادرون البلد أما المستأجرون فاغلبهم من العجائز وكبار السن الذين لا يملكون من يعيلهم فيكف سيؤمنون البديل؟ هذا الفقير الى اين سيذهب والى من يلجأ ان كان لا نائب يستقبلنا ولا وزير يسال عننا وكرسي الرئاسة فارغ". تابعت:" لقد تركوا الفقير لوحوش الشركات والمصارف ليأكلوه، وهذا لم يعد خفيا على أحد ليس في الأشرفية وحسب بل في صبرا وطريق جديدة وطريق صيدا القديمة وغيرها حيث تدخل شركات بكل زخمها وتقوم بإغراء الناس بالمال مقابل تشييد مولات وغيرها".
اذا، بين كفة فيها حق المالكين في أملاكهم وكفة تضم حق المستأجرين في ألا يتم تهجيرهم او يشردوا في الشوارع لاسيما أن أغلبهم هم ممن بلغوا من العمر أشده هل يحكم ميزان العدل ويؤتى بقانون عادل أو ترجح كفّة الصفقات والمحسوبيات في بلد اعتاد فيه المواطن أن تهضم حقوقه في بحر المصالح الخاصة؟
الصورة من أرشيف المفكرة القانونية