خلال شهر ايار 2011، ابدت لجنة الإدارة والعدل اهتماما خاصا بتعديل القوانين الهادفة الى الغاء التمييز، اقله ظاهريا، ضد المرأة في مجالات معينة. وقد اقرت في هذا السياق الإقتراح الآيل الى تعديل المواد المتصلة بجرم الزنى المنصوص عليه في المواد487، 488، 489من قانون العقوبات (16ايار2011). والواقع، وعند الإمعان بكيفية تطبيق هذه النصوص، جاز القول بأنه بخلاف الأسباب الموجبة لهذا التعديل (الغاء التمييز)، فإنه يؤول فعليا الى تعميقه.
فأول توجهات الإقتراح، هو مساواة الجنسين في اكتمال شروط الزنى. فبخلاف النص الحالي الذي يعاقب الرجل المتزوج اذا جامع امرأة اخرى فقط اذا اتخذها جهارا او في منزله الزوجي، فتح الإقتراح باب معاقبته كلما جامع امرأة اخرى بمعزل عن ظروف المجامعة، تماما كما هي حال المرأة المتزوجة. وبذلك، آل الإقتراح الى تحقيق المساواة ليس عن طريق الغاء جرم الزنى كما طالبت به بعض الجمعيات النسائية (انظر الكادر)، بل عن طريق توسيع اطار التجريم بالنسبة الى الرجل المتزوج، وفق ما طالبت به جمعيات اخرى.
والواقع ان هذا الإقتراح مخادع تماما في ضوء الظروف الإجتماعية والقانونية الحاضرة، ولا سيما اذا عرفنا ان ملاحقة الزنى لا تتم حكما انما فقط بناء على شكوى احد الزوجين (الزوج المخدوع). فأين هي المساواة اذا كانت المرأة تشكو من تبعية اقتصادية للرجل؟ ثم هل بوسع المرأة أن تشتكي من زنى زوجها في ظل قوانين الأحوال الشخصية التي يسمح بعضها بتعدد الزوجات، وبالطلاق الأحادي من قبل الرجل، او التي يمنع بعضها الآخر الطلاق او فسخ الزواج والتي تنحاز بشكل او بآخر للرجل في قضايا الحضانة؟ وألا يؤدي ذلك بشكل عام الى حصر تطبيق احكام الزنى على المرأة، بمعزل عن شروط تجريم زنى الرجل؟ ثم، الم يكن من الأجدى تاليا للباحثين عن المساواة، ان يعمدوا الى مساواة الجنسين في "الحرية" بدل العمل على الإيحاء المخادع بمساواتهم في "التزام الحشمة"، الذي يبقى تاريخيا العامل الرئيسي في فرض اللامساواة ضد المرأة؟
وما يزيد هذه التساؤلات حدة هو التعديل الذي تناول عقوبة جرم الزنى. فبخلاف النص الحالي الذي يميز في تحديد العقوبة، فيفرض على المرأة الزانية عقوبة قصوى (سنتين حبس) هي ضعف العقوبة القصوى التي قد تلحق بالرجل الزاني (سنة حبس)، آل الاقتراح الى تحقيق المساواة عن طريق اعتماد العقوبة الأعلى (سنتين حبس) للجميع. وكأنما لجنة الإدارة والعدل تعلن ان سعيها الى تحقيق المساواة بين الجنسين يتماشى تماما لا يقلل بشيء من الخطورة الاجتماعية الناجمة عن انتهاك موجب الحشمة.
"المفكرة" استطلعت آراء جمعيات نسائية عن التعديل المذكور:
التجمع النسائي الديموقراطي اللبناني
"لا نعتقد ان التعديل سوف يكون مفيدا للمرأة في ظل مجتمع ذكوري يعتبر زنى المرأة جريمة كبرى بينما يتساهل مع الرجل اذا قام بالفعل ذاته. والأهم من ذلك، اننا ضد العقوبة على الزنى اصلا، ونفضل ان يشكل فعل الزنى خطأ مدنيا واحد اسباب الطلاق في قانون مدني للأحوال الشخصية". (جمانة مرعي)
جمعية نسوية
"نرحب بالمحاولات الهادفة الى المساواة بين الجنسين في القانون اللبناني كافة، ولكننا نعارض تجريم الزنى. فرغم اننا ندرك ان الزنى قد يسبب اذى كبيرا لاحد الزوجين، نرى ان عواقبه (الطلاق او التسامح او أي شئ آخر) يجب ان يحددها الزوجان ولايصح تدخل الدولة في ذلك".(ندين معوض).
نشرهذا المقال في العددالاولمن المجلة الدورية للمفكرة القانونية. بامكانكم الاطلاع على المجلة كاملةهنا.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.