“المحمية” في مواجهة الكسارة


2011-12-07    |   

“المحمية” في مواجهة الكسارة

في 18 تشرين الثاني 2011، صدرت أربعة قوانين بانشاء محميات طبيعية في كل من كفرا ورامية ودبل وبيت ليف في قضاء بنت جبيل. واللافت ان النواب اقروا هذه النصوص رغم اعلان وزير البيئة بان ايا من المناطق المشمولة بها لا تتوفر فيه مواصفات المحمية الطبيعية، ف"ثلاثة منها (كفرا ورامية وبيت ليف) يمكن ان تصنف كموقع طبيعي محمي من قبل وزارة البيئة (وليس كمحمية)، أما دبل فلا تصنف لا كمحمية ولا حتى كموقع طبيعي" حسبما جاء على لسان الوزير. فقد رأى احد النواب ان قول الوزير غير منتج حتى ولو كان صحيحا، طالما ان ثمة ضرورة لاخضاع هذه المناطق لنظام قانوني يحميها من الكسارات والمقالع والمرامل (عن هذه الأمور يراجع ادناه بعض تصريحات النواب في إطار المناقشات النيابية التي تم توثيقها). ولكن لماذا تنشأ فيها محميات خلافا للمواصفات المحددة قانونا فيما ان من شأن اعلانها مواقع طبيعية ان يحقق الغرض نفسه؟ هنا نلقى توضيحا من نائب آخر مفاده ان المحمية وحدها "تقبض من الدولة"، وكأنه يقول بأن لا مجال لوقف الكسارات، وتاليا لفرض القانون، الا في حال تسديد اموال للجنة القيمة على المحمية. والتشريع على هذا الوجه انما يستدعي ملاحظات ثلاث:
الأولى، انه يشكل مؤشرا جديدا على التذرع بغايات نبيلة (وقف الكسارات والمقالع والمرامل) للجوء الى وسائل غير مناسبة وغير ضرورية سواء من حيث المحظورات او من حيث الكلفة التي قد تنتج عنها، وبأية حال على غياب التناسب بين غايات التشريع والوسائل المستخدمة.
الثانية، ان النتيجة الطبيعية للتشريع على هذا الوجه هو زيادة عدد المحميات التي تنقسم اذ ذاك الى فئتين: فئة تتمتع بالمواصفات المحددة قانونا وثمة ضرورة في ايلائها حماية خاصة، وفئة لا تتمتع بهذه المواصفات، علما ان كلها تستفيد من موارد مالية متساوية. وعدا عن ان هذا الأمر سيؤدي الى التشكيك في مشروعية انشاء المحميات وتاليا في مشروعية الواجبات والمحظورات المتصلة بها، فانها ستؤدي ايضا الى اضعاف امكانات تأمين حماية خاصة لمناطق ذات طبيعة استثنائية وتحويل قسم من الأموال المخصصة لها  الى حماية مناطق اقل اهمية منها. 
الثالثة، ان تجاوز المواصفات الموضوعية للمحميات قد يجعل انشاءها محكوما باعتبارات المحاصصة وتوزيع موارد الدولة،  اكثر مما هو محكوم باعتبارات البيئة.   
********************
محضر المناقشات النيابية التي اسفرت عن  اقرار القوانين المذكورة أعلاه والحاصلة بتاريخ 2-11-2011.
وزير البيئة ناظم الخوري: أي من هذه المناطق لا يتطابق مع المواصفات المطلوبة للمحميات. علما ان ثلاثة منها (كفرا ورامية وبيت ليف) يمكن ان تصنف كموقع طبيعي محمي من قبل وزارة البيئة (وليس كمحمية). أما دبل فلا تصنف لا كمحمية ولا حتى كموقع طبيعي.
ايوب حميد: أعترض على ذلك.
علي عمار: أود أن يشرح لي الفرق بين التصنيفين. هل هنالك فرق؟
أحد النواب (لم نتمكن من تحديد هويته): ان الغاية من تصنيفها كمحمية هو وضع حل للكسارات والمقالع والمرامل ويجب بالتالي اعتبارها محميات. والحل الأمثل يكون بتعديل قانون المحميات.
أحد النواب (جوابا على سؤال عمار): ان الفرق هو ان المحمية تقبض من الدولة في حين ان الموقع الطبيعي لا يقبض من الدولة.
عمار حوري: يجب ضبط الغرامات بالحد الأدنى للأجور لئلا نعدل دائما القوانين. يجب ان يصار الى النص في المادة السادسة على الرقابة المالية على لجنة المحمية وأن تلحظ وصاية مالية لوزارة البيئة، لأن "الاطلاع" وحده لا يكفي.

(الصورة: عن غوغل ايرث Google Earth – نظرة من الأفق على بيت ليف)

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني