المحكمة الدستورية في الأردن تحصن سلطة الحكومة في اصدار قوانين مؤقتة وعضوان يخالفان..


2013-08-26    |   

المحكمة الدستورية في الأردن تحصن سلطة الحكومة في اصدار قوانين مؤقتة وعضوان يخالفان..

اثار القرار التفسيري الصادر عن المحكمة الدستورية في 22/7/2103 المتعلق بالقوانين المؤقتة الكثير من الجدل في الأواسط النيابية والقانونية، كما تميز بوجود رأيين مخالفين لعضوين من أعضاء المحكمة. وللتوضيح فان القوانين المؤقتة هي تلك التي تصدر عن السلطة التنفيذية عند غياب السلطة التشريعية وفق ضوابط يحددها الدستور.
والسبب في استفتاء المحكمة يعود إلى قيام مجلس الأمة برفض القانون المؤقت رقم (10) لسنة 2010 المعدل لقانون التقاعد المدني رقم 34 لسنة 1959 الذي حرم أعضاء مجلس الأمة من التقاعد عن سنوات العمل البرلماني باعتبارها خدمة غير مقبولة للتعاقد. وعلى ضوء قرار الرفض، قررت الحكومة إعلان بطلان القانون المؤقت ورفعه إلى جلالة الملك للتصديق عليه. وبعد مرور أكثر من ستة أشهر على ذلك، قرر الملك رفض الموافقة على إعلان البطلان عملا بأحكام المادة 94 من الدستور[1] طالبا من الحكومة وضع مشروع قانون جديد يتولى تنظيم جميع المسائل المتعلقة بتقاعد السلطات الثلاث واعداد دراسة شاملة لموضوع التقاعد المدني بأبعاده المختلفة،
الإرادة الملكية برفض إعلان بطلان القانون المؤقت المعدل لقانون التقاعد المدني دفعت مجلس النواب إلى -الطلب من المحكمة الدستورية لبيان ما إذا كان يجوز أن يعامل القانون المؤقت إذا تم رفضه من مجلس الأمة مجتمعا عملا بأحكام المادة 94 من الدستور كما يعامل مشروع القانون (الذي يحظى بمصادقة مجلس الأمة ويرفع للملك للمصادقة وفق المادة 93 من الدستور[2]) من حيث الرفض أو الموافقة من قبل الملك؟ وإذا كان ذلك جائزاً، فهل يجوز أن تتقدم الحكومة بمشروع قانون قبل أن ينظر مجلس الأمة الذي رفض الملك التصديق عليه عملاً بالفقرة 4 من المادة (93)؟
المحكمة قررت أنه لا يجوز معاملة القانون المؤقت إذا ما تم رفضه من قبل مجلس الأمة معاملة القانون العادي لأن علاقة المجلس بالقانون المؤقت قد انقطعت ويبقى ساري المفعول خلافا للوضع في القوانين العادية. ولا يمتنع على الحكومة التقدم بمشروع قانون جديد ليمر في المراحل التشريعية والدستورية ولا يمنع كذلك استعمال السلطة التشريعية حقها الدستوري في اقتراح القوانين.
في حين يرى عضو المحكمة المخالف د. عبد القادر الطورة أن للملك في القوانين المؤقتة ذات الدور في مشاريع القوانين، ويجوز أن تعامل القوانين المؤقتة التي يجري رفضها ولم يوافق الملك على رفضها معاملة مشاريع القوانين التي يردها الملك وفقا لأحكام الفقرتين 3 و4 من المادة 93 من الدستور. و يوضح الدكتور طوره أن عدم موافقة الملك لإعلان بطلان قانون مؤقت يجب أن لا تكون مطلقة و إلا سيتم مصادرة رأي مجلس الأمة واستمرار نفاذ القانون المؤقت إلى ما إلى ما شاء الله ودون قيد.
اما العضو المخالف الثاني د. محمد الغزوي فلا يتفق مع قرار المحكمة من ناحية أن علاقة المجلس بالقانون المؤقت قد انقطعت كما أنه لا يتفق معه ايضا بأن يبقى القانون المؤقت ساري المفعول، و يرى أنه إذا اتخذت السلطة التنفيذية موقفا سلبيا فلم تعلن بطلان القانون المؤقت فان مفعول القانون في هذه الحالة يزول من تاريخ قرار مجلس الأمة برفضه.

هناك مجموعة من النتائج المهمة المترتبة على تفسير المحكمة الدستورية الذي يعتبر ملزما ونهائيا لجميع السلطات وللكافة، منها:
·         يشير خبير القانون الدستوري، د. عادل الحياري، تغاضت المحكمة عن الأمر الملزم الذي جاء في المادة 94 والموجه إلى السلطة التنفيذية في حالة رفض البرلمان للقوانين المؤقتة والتي قالت «وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك أن يعلن بطلان نفاذها فوراً». وكلمة «وجب» باللغة العربية معناها «لزم وثبت». والوجوب عند الفقهاء معناه «شغل الذمة». صحيح أن الدستور لم يقرر أي جزاء لعدم قيام السلطة التنفيذية بإصدار إعلان البطلان أو إصدار إعلان لا يتضمن البطلان، ولكن يبقى من الصحيح أيضاً أن عدم قيام السلطة التنفيذية بهذا الواجب، يعتبر مخالفة دستورية، ويضع الحكومة تحت طائلة المسؤولية وسحب الثقة منها. كذلك يعتبر الامتناع عن إصدار إعلان بالبطلان، أو إصدار إعلان على نحو يخالف النص الدستوري، من قبيل القرارات الإدارية، التي يمكن لكل صاحب مصلحة الطعن بها أمام القضاء الإداري، وذلك للحيلولة دون تعنت وتعسف السلطة التنفيذية. والقول بعكس ما تقدم، يعطي الإمكانية للسلطة التنفيذية، بأن تستبقي القانون المؤقت إلى المدة التي ترغبها.
·         السلطة التشريعية صاحبة الاختصاص الأصيل بالتشريع فقدت سلطتها وقدرتها على إبطال القانون المؤقت الذي يفترض أن يكون من ضمن الصلاحيات الاستثنائية للسلطة التنفيذية.
·         مجلس الأمة سيكون بأفضل حال إذا قام بمناقشة القانون المؤقت وتعديله بدلا من رده.
 
النواب بدورهم وصفوا قرار المحكمة بأنه سياسي وليس قانونيا، كما وصفه البعض منهم بأنه متناقض مع نفسه، ويشكل قيدا على أعضاء مجلس الأمة.
 
الصورة منقولة عن وكالة الانباء الاردنية



[1]تنص المادة 94 من الدستور على 1-عندما يكون مجلس النواب منحلا يحق لمجلس الوزراء بموافقة الملك أن يضع قوانين مؤقتة لمواجهة الأمور الآتي بيانها: -أ-الكوارث العامة. ب- حالة الحرب والطوارئ . ج- الحاجة إلى نفقات ضرورية ومستعجلة لا تحتمل التأجيل . ويكون للقوانين المؤقتة التي يجب أن لا تخالف أحكام الدستور قوة القانون على أن تعرض على مجلس الأمة في أول اجتماع يعقده، وعلى المجلس البت فيها خلال دورتين عاديتين متتاليتين من تاريخ إحالتها وله أن يقر هذه القوانين أو يعدلها أو يرفضها فإذا رفضها أو انقضت المدة المنصوص عليها في هذه الفقرة ولم يبت بها وجب على مجلس الوزراء بموافقة الملك أن يعلن بطلان نفاذها فورا، ومن تاريخ ذلك الإعلان يزول ما كان لها من قوة القانون على أن لا يؤثر ذلك في العقود والحقوق المكتسبة. 2-يسرى مفعول القوانين المؤقتة بالصورة التي يسرى فيها مفعول القوانين بمقتضى حكم المادة (93) من هذا الدستور.
[2]تنص المادة 93 من الدستور على 1- كل مشروع قانون اقره مجلسا الاعيان والنواب يرفع الى الملك للتصديق عليه. 2-يسري مفعول القانون بإصداره من جانب الملك ومرور ثلاثين يوما على نشره في الجريدة الرسمية الا إذا ورد نص خاص في القانون على ان يسري مفعوله من تاريخ آخر. 3 – اذا لم ير الملك التصديق على القانون فله في غضون ستة اشهر من تاريخ رفعه اليه ان يرده الى المجلس مشفوعاً ببيان اسباب عدم التصديق. 4-اذا رد مشروع اي قانون (ماعدا الدستور) خلال المدة المبينة في الفقرة السابقة واقره مجلسا الاعيان والنواب مرة ثانية بموافقة ثلثي الاعضاء الذين يتألف منهم كل من المجلسين وجب عندئذ اصداره وفي حالة عدم اعادة القانون مصدقاً في المدة المعينة في الفقرة الثالثة من هذه المادة يعتبر نافذ المفعول وبحكم المصدق. فاذا لم تحصل اكثرية الثلثين فلا يجوز اعادة النظر فيه خلال تلك الدورة على انه يمكن لمجلس الامة ان يعيد النظر في المشروع المذكور في الدورة العادية التالية.
 
انشر المقال

متوفر من خلال:

مقالات ، دستور وانتخابات ، دولة القانون والمحاسبة ومكافحة الفساد ، الأردن



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني