المحكمة الادارية تبطل قرارات اعفاء اداريين في النظام السابق: اذا لم يقم دليل، فلماذا الاعفاء؟ واذا دليل، فلماذا الاكتفاء به؟ وحدها دولة القانون تضمن المحاسبة الجدية..


2012-07-17    |   

المحكمة الادارية تبطل قرارات اعفاء اداريين في النظام السابق: اذا لم يقم دليل، فلماذا الاعفاء؟ واذا دليل، فلماذا الاكتفاء به؟ وحدها دولة القانون تضمن المحاسبة الجدية..

أصدرت المحكمة الادارية أياما قليلة قبل بداية العطلة القضائية تسعة أحكام قضت بإلغاء قرارات ادارية صدرت خلال الأيام الأولى للثورة وأدت لاحالة  مجموعة من ضباط ادارة الديوانة التونسية والأمن الوطني على التقاعد الوجوبي بعلة موالاتهم للنظام الاستبدادي. حظيت القرارات المذكورة عند صدورها بتأييد شعبي واسع واعتبرت من استحقاقات الثورة الى أن أتت أحكام المحكمة الادارية لتبطلها على اعتبار أنها عقوبات تأديبة صدرت عن جهة غير مختصة في المادة التأديبية ولم يتم احترام حقوق الدفاع في مسار اصدارها كما أنها لم تكن مؤيدة بأدلة تبررها. اذ أنها كما قررت ذلك المحكمة كانت قرارات صدرت عن الوزراء ولم تصدر عن مجالس التأديب كما أنها لم تحترم حق المعنيين بها في الدفاع عن أنفسهم وصدرت من دون تعليل يبررها. تبدو قرارات المحكمة الادارية في ظاهرها انتكاسة لمسار تطهير الادارة العمومية وتطرح السؤال حول قدرة القضاء على استيعاب مقتضيات الفكر الثوري فهي تؤدي لعودة من قامت الثورة ضد جورهم لممارسة صلاحياتهم الوظيفية إلا أن النظر في عمق المسألة يبين أن موقف المحكمة الادارية يلزم السلطة التنفيذية بمحاسبة الفاسدين طبق القانون وتحميلهم وزر أخطائهم دون الاكتفاء باستبعادهم من وظائفهم مع التستر عن حقيقة أخطائهم. كانت المحكمة الادارية في أحكامها وفية لفقه قضائها وحاولت الابتعاد عن التأثر بالمناخ السياسي الذي يحيط بها. وكشفت الأحكام عن ارتجالية تعاطي السلطة السياسية مع ملف محاسبة من تورطوا في الفساد الاداري والمالي من سامي موظفي الدولة كما أرست معادلة تقوم على فكرة الثورة في اطار القانون. قامت الثورة من أجل محاسبة من أفسدوا وتقتضي المحاسبة كشف الحقيقة كاملة ومؤاخذة المخطئين وإحالة ضباط وإداريين على التقاعد الوجوبي بدعوى فسادهم تم التسويق له كاستجابة للطلب الا أن المحكمة الادارية كشفت أن دولة القانون وحدها تضمن المحاسبة الجدية. ينتظر أن تؤكد المحكمة الادارية فقه قضائها في جملة القضايا التي رفعها أمامها من استبعدتهم رياح الثورة من مهامم الادارية وهو أمر سيحرج السلطات السياسية ويجعلهم مخيرين بين الاذعان لحكم القضاء أو رفض تطبيقه فان أذعنوا كان فعلهم انتصارا لدولة القانون وهو أمر يجبرهم على اعادة فتح الملفات التي أغلقت للبحث عن حقيقة الفساد المنسوب لمن ظنت الادارة أن قراراتها بفصلهم عن العمل أنهت علاقتها بهم. وان رفض الساسة تطبيق أحكام المحكمة الادارية فالسؤال سيطرح اذ ذاك حول حقيقة التزامهم بدولة القانون .
 م ع ج.

 

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني