
بنهاية حصة العمل الإداري ليوم 01/12/2016، أنهى المحامون التونسيون اليوم الثالث والأخير لإضرابهم الحضوري عن العمل. وكانت هيئة المحامين دعت إلى الإضراب، كخطوة تصعيدية في مواجهة مشروع قانون المالية العامة لسنة 2017 وتحديدا الأحكام التي تخضع أعمالهم لطابع جبائي. تؤكد كل المؤشرات أن الإضراب الذي دعت له الجلسة العامة الإستثنائية للمحامين التي عقدت يوم 26-11-2016 حقّق نجاحا هاما على مستوى نسب المشاركة التي ناهزت المائة بالمائة بمختلف محاكم الجمهورية التونسية. ويعزى نجاح هذا التحرك الاحتجاجي، لتجاوب المحامين ليس فقط من باب الإقتناع بأهمية الإضراب، إنما أيضا خوفا من التأديب بتهمة مخالفة قرار الهياكل والتي لوّح بها عدد من القيمين على الفروع. وما سهّل الإضراب أيضا هو إجماع المحاكم على تأخير القضايا المعروضة عليها على حالتها طيلة أيام الإضراب وذلك من باب حماية المتقاضين من تبعات اضطرار المحامين على الإضراب. وقد حصل هذا التأخير تلقائيّا من قبل القضاة، من دون أن تدعو له أيّ جهة رسميّة أو نقابيّة قضائية.
إلا أنه رغم نجاح إضراب المحامين، يلحظ أنه لم يجد صدى لدى المصالح الإدارية لوزارة المالية وعلى مستوى لجنة المالية العامة بمجلس نواب الشعب، لوجود قناعة قوية بعدم مشروعية أسبابه[1]. فعدا عن أن العديد من القوى السياسية الفاعلة تبدو أكثر تمسّكا في إصلاح جباية المهن الحرة بتونس، فإن المحامين كانوا هم أول من اقترحوا فرض إجراءات جبائية خاصة بهم بالنظر إلى خصوصية عملهم وذلك تجنّباً لإجراءات ضريبية أكثر صرامة. وقد ذهبوا آنذاك إلى اقتراح فرض طابع جبائي محدد المعلوم عن كل عمل قضائي.
ومن البيّن أن إدارة الجباية وجدت في فكرة الطابع الجبائي أداة هامة لتسهيل عملها وأن اعتمادها لهذه الفكرة أحرج الهيئة الوطنية للمحامين التي سعى خصومها في داخل جسم المحاماة لتحميلها مسؤولية ما ذكروا أنه فشل في ادارة ملف الصراع حول الجباية. تبعاً لذلك، ومع تشديد الهيئة على أن إدارة الجباية أخرجت مقترحهم بشأن الطابع الجبائي من سياقه على نحو أدى إلى نتيجة تعاكس مضمونه، تحولت طلباتها من وجوب احترام خصوصية عمل المحامين عند إخضاعهم لأداء الواجب الجبائي إلى تمسك منهم برفض كلّ أحكام خاصة تميزهم عن غيرهم من المهن الحرة.
يبدو صراع المحامين من أجل تعديل أحكام مشروع قانون المالية التي تتعلق بجبايتهم صعبا، خصوصا وأن الأوساط الاعلامية والنقابية كشفت للرأي العام أهمية التهرب الجبائي الذي يمارسه عدد من المحامين.[2] يخشى بالمقابل أن يشكل الإنتماء القطاعي لكتلة هامة من أعضاء مجلس النواب دورا في تحديد مواقفهم من أحكام الجباية الخاصة بالمحامين، على نحو يؤدي إلى انتصار مطالب هؤلاء رغم تعارضها التام مع المصلحة العامة، وتحديدا مع مبدأ المساواة في تحمل الأعباء العامة.
[1]لاذاعة جوهرة أف أم بتاريخ 28-11-2016 تصريح النائب بمجلس نواب الشعب التونسي ورئيس لجنة المالية به منجي الرحوي
[2] يراجع تحقيق " المهن الحرة التهرب الجبائي بتونس في ارقام " مالك الخضراوي ومنية بن حمادي – 23-11-2016 موقع انكفادا
متوفر من خلال: