في 23/1/2025، عقدت محكمة الجنايات في الشمال، برئاسة القاضي داني الشبلي وعضوية المستشارين طارق صادق ولطيف نصر، وفي حضور ممثلة النيابة العامّة الاستئنافية في طرابلس القاضية ماتيلدا توما، جلسة المحاكمة الرابعة في قضية مقتل الشيخ أحمد الرفاعي. لكن خلافًا للجلسات السابقة التي حضرها صحافي من “المفكّرة القانونية” ووثّق مجرياتها، لم يُسمح له بحضور هذه الجلسة الرابعة خلافًا لمبدأ علنية جلسات المحاكمة أمام محاكم الجنايات.
وقد علمت “المفكّرة” أنّ المحكمة استكملت استجواب المتهمين بقتل الشيخ أحمد الرفاعي، حيث استجوبت الأشقاء الثلاثة الموقوفين عبد الكريم، ويحيى، وأحمد محمد الرفاعي. وكانت المحكمة استجوبت في جلستها الأولى خالهم يحيى الرفاعي، رئيس بلدية القرقف السابق الذي تراجع عن إفادته الأوّلية التي أدلى بها في مرحلة التحقيق وتضمّنت اعترافه بالتخطيط والمشاركة في تنفيذ الجريمة، كما استجوبت في جلستها الثالثة ابنه علي يحيى الرفاعي الذي اعترف بإقدامه على قتل الشيخ أحمد نافيًا التخطيط لذلك مسبقًا. كما قدّم فريق الدفاع ومحامي ورثة الضحية عبد الرحمن الحسن طلبات لسماع الشهود. وقررت المحكمة إمهال الفرقاء جميعًا مهلة أسبوع لتقديم مطالبهم وإبداء الملاحظات على مذكّرات الخصوم، قبل إيداع الملف جانب النيابة العامّة الاستئنافية في الشمال لإبداء الرأي تمهيدًا لبتّ المحكمة في الطلبات. وأرجئت الجلسة إلى 20 آذار 2025.
عناصر الصليب الأحمر يساعدون والدة الشيخ أحمد التي تعرّضت لعارض صحي
مخالفة لمبدأ علانية جلسات المحاكمة
لدى بدء الجلسة في قصر العدل في طرابلس، منع عناصر الأمن المولجون حماية قاعة المحكمة، الصحافي من “المفكّرة” من الدخول لحضور الجلسة، وذلك رغم إبرازه البطاقة الصحافية وإطفائه هاتفه. وقد تذرّع العناصر بأنّ “الاستجواب هو جزء من التحقيق، ولا يجوز نشر مضمونه”. ولم يتمكّن الصحافي من مراجعة رئيس المحكمة للاعتراض على هذا المنع نظرًا إلى وجوده على قوس المحكمة.
يشكّل قرار منع الصحافة من حضور الجلسة مخالفة لمبدأ علانية المحاكمة المنصوص عنه في القانون اللبناني والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، إذ تنصّ المادة 249 من قانون أصول المحاكمات الجزائية على أنْ “تجري المحاكمة لدى محكمة الجنايات بصورة علنية ما لم يقرّر الرئيس إجراءها بصورة سرّية حفاظًا على الأمن أو الأخلاق العامّة”. وكان من الواضح أنّ المحكمة لم تقرّر إجراء المحاكمة بصورة سرّية إذ كان هناك حضور في قاعة المحاكمة، ما قد يُشير إلى وجود نيّة بمنع نشر وقائع الجلسة، علمًا أنّ “المفكّرة” هي الوسيلة الإعلامية الوحيدة التي تتابع هذه القضية منذ بدايتها ونشرت وقائع جلساتها السابقة.
ولم يكتف العناصر الأمنيّون بمنع الصحافي من الدخول إلى قاعة المحكمة بل منعوا أيضًا بعض أفراد عائلة الضحية الشيخ أحمد الرفاعي من الدخول حيث لم يسمحوا إلّا بدخول اثنين منهم وهما والدته وأحد أشقائه. وقد عزا البعض هذا التقييد إلى استياء هيئة المحكمة من صرخات الاستهجان التي ارتفعت خلال الجلسات السابقة من قبل أفراد من عائلة الضحية. وعبّرت ميساء الرفاعي، زوجة الضحية، عن حزنها بسبب منعها من الدخول، مشيرة إلى “حسرة في قلب العائلة لعدم تمكّنها من حضور جلسة محاكمة الضالعين بقتل أحد أسسها”.
وبعد انتهاء الجلسة وخروج المتهمين الموقوفين من القاعة، عبّر أحد أفراد العائلة عن “استهجانهم لرؤية المتهمين أحياء فيما شقيقهم قتيل”. كما تعرّضت والدة الشيخ أحمد لعارض صحّي ونوبة من البكاء الشديد، ما استلزم استدعاء فريق من الصليب الأحمر اللبناني، ونقلها إلى إحدى مستشفى قريب بسبب ارتفاع ضغطها.
يذكر أنّ حادثة اختفاء الشيخ أحمد الرفاعي في شباط 2023 كانت قد “أخذت منحى مذهبيًا طائفيًا وراحت تشكل تهديدًا للسلم الأهلي في منطقة الشمال الأمر الذي استدعى تكليف شعبة المعلومات بإجراء التحقيقات” وفق ما ورد في القرار الاتهامي. وقد بُنيَ هذا الاتجاه على مواقف الشيخ القتيل المعارضة لحزب الله سواء عبر خطب الجمعة أو على مواقع التواصل الاجتماعي، بحيث تمّ تصوير الجريمة على أنّها تندرج ضمن ما وُصفَ حينها أنّه مخطّط للحزب لتصفية خصومه. وكان شقيق المغدور عبد القادر الرفاعي قد أشار في حديث لـ “المفكّرة” إلى أنّ “هذه السردية تولّى نشرها المتهم الشيخ يحيى الرفاعي في محاولة لتضليل التحقيق”. كما أكّد أنّ “الشيخ يحيى الرفاعي، كان أوّل المطالبين بكشف مصير قريبه وابن بلدته، إذ أنّه كان يمثّل أمامنا أنّه لا يعرف مكان المغدور وشارك معنا في البحث”.
وكانت القوى الأمنية قد عثرت على جثة الشيخ أحمد قرب سدّ البارد في عكار في 26 شباط 2023 بعد خمسة أيام من اختفائه، وأدّت التحقيقات التي أجرتها شعبة المعلومات إلى توقيف المتهمين الخمسة. وخلص القرار الاتهامي الذي صدر في 25 كانون الثاني 2024 عن الهيئة الاتهامية في الشمال إلى اتهام هؤلاء الخمسة بجنايات الخطف والقتل وفقًا للمادتين 569 و549 من قانون العقوبات وحيازة السلاح غير المرخّص وفقًا للمادة 72 من قانون الأسلحة والذخائر.
This website uses cookies so that we can provide you with the best user experience possible. Cookie information is stored in your browser and performs functions such as recognising you when you return to our website and helping our team to understand which sections of the website you find most interesting and useful.
Strictly Necessary Cookies
Strictly Necessary Cookie should be enabled at all times so that we can save your preferences for cookie settings.
If you disable this cookie, we will not be able to save your preferences. This means that every time you visit this website you will need to enable or disable cookies again.