
بتاريخ 13-6-2014، أصدر المجلس الدستوري بالأكثرية قرارا يقضي بعدم إمكان النظر في الطعنين المقدمين من رئيس الجمهورية ومن نواب عشرة على قانون الايجارات.وقد علل قراره بأن الطعن تناول النص المنشور في ملحق العدد 20 من الجريدة الرسمية بتاريخ 8-5-2014، أي قبل انقضاء شهر من تاريخ إبلاغه لرئيس الجمهورية السابق ميشال سليمانوالحاصل في 8-4-2014، مما يوجب اعتبار النص المطعون عليه غير نافذ بموجب الفقرة الاخيرة من المادة 57 من الدستور. ومن المعلوم أن رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان لم يوقع القانون ولم يرده الى المجلس النيابي، ونكتشف من القرار أن القانون قد نشر قبل انقضاء شهر من تاريخ ابلاغه القانون اليه.
وهذه الواقعة تستدعي أسئلة عدة:
أولا، لا نفهم مآل القانون موضوع المراجعة وفق القرار الصادر. فهل اكتملت عناصره بعد يوم من نشره مما يسمح بنشره في الجريدة الرسمية الآن مجددا؟ أم أنه يقتضي اعادة ابلاغ القانون الى الحكومة والتي أصبحت تتمتع بصلاحيات رئيس الجهورية بفعل شغور المنصب ليكون لها حق الرد خلال شهر من ابلاغها إياه أو توقيعه أو الطعن عليه بعد نشره؟ والفرضية الثانية تبدو الأصح على ضوء حرفية القرار حيث جاء بوضوح أن القانون المذكور غير نافذ، بمعنى أن عيب نشره قبل اكتمال شروطه لا يؤثر فقط بصحة النشر، انما أيضا بنفاذه ويفرض إعادة ابلاغ الحكومة بدلا من رئيس الجمهورية انفاذا للمادة 57 من الدستور.
ثانيا، ما هو مفعول رد الطعنين شكلا؟ المفعول المباشر هو بطلانهما وكأنهما لم يقدّما. وفيما من الممكن أن يعود عشرة نواب نظريا الى الطعن عليه بعد نشره مجددا في الجريدة الرسمية الا أن الطعن الرئاسي سقط ويرجح أن توقّع الحكومة التي حلت محله في فترة الشغور على القانون طالما انها تمثل قوى سياسية وافقت عليه ولو بحماسة متفاوتة في المجلس النيابي. ويخشى هنا أن يتم الضغط على النواب لمنع توقيعهم على طعن ثان، الأمر الذي قد يؤدي الى تمرير القانون بما فيه من عيوب، تماما ما تم تمرير قانون تمديد المجلس النيابي. من هذه الزاوية، يصبح قرار المجلس الدستوري بمثابة استنكاف عن احقاق الحق deni de justice.
ثالثا، هل أصاب المجلس الدستوري في قراره أم أنه عمد الى التهرب من مسؤولياته من خلال التذرع بخطأ في الاستعجال في نشر القانون؟ يتمثل النقد الأساسي للقرار هنا في الرأي المخالف الذي أدلى به عضو المجلس انطوان مسره والذي صوت ضد القرار معتبرا ان “النشر هي عملية ادارية وأن صاحب الصلاحية المطلقة والاصلية والحصرية في الاصدار هو رئيس الجمهورية، وهو بذاته لم يعترض على النشر وان رد الطعن بالشكل في الحالة الراهنة لا يحول دون دراسة المضمون دستوريا لأن اعادة النشر لن تغير شيئا في المضمون”[1]. وبرأينا أنه كان على المجلس الدستوري أن يأخذ بعين الاعتبار, عند تحديد وجهة قراره, ما سيؤول اليه في ظل الشغور الرئاسي، وذلك درءا لمفاعيل مشابهة لمفاعيل الاستنكاف عن احقاق الحق.
رابعا وأخيرا، يطرح سؤال حول المسؤول عن هذا الخطأ في تعجيل نشر القانون؟ فهل هو مجرد خطأ أم أن ثمة نية مبيتة لدى طرف ما في تعييب الطعنين، وبشكل خاص في تعييب الطعن المقدم من قبل رئيس الجمهورية؟من الصعب الجزم في ذلك، لكن من المشروع طبعا طرح السؤال.
[1]منقول عن مي عبود ابي عقل, لبنان من دون قانون ايجارات, النهار, 14/6/2014.
متوفر من خلال: