ختم أيلول هذا العام مسيرة إحدى أقدم الصحف اللبنانية التي كانت ما زالت صامدة برغم الرياح العاتية التي ضربت الصحافة اللبنانية المطبوعة. خرجت “دار الصياد” اللبنانية صباح 28 أيلول 2018 لتعلن توقف جريدة “الأنوار” عن الصدور بعد 75 عاماً، وهي الجريدة الثانية بعد “النهار” من حيث الأقدمية، والثالثة التي تختم مسيرتها بالشمع الأحمر خلال عامي 2017 و2018 بعد جريدتي “السفير” (1/1/2017) و”الحياة” (30/6/2018).
ومع أفول “الأنوار”، يقول وزير الإعلام في حكومة الرئيس تمام سلام، رمزي جريج لـ”المفكرة القانونية” “أنا خائف على حرية التعبير وعلى لبنان من يوم أسود تنتهي فيه أكشاك الصحف الورقية من البلاد، بينما تنصّب هموم السياسيين على تقاسم السلطة وتحديد أحجامهم فيها”.
هذه الخسارة المعنوية، كما يسميها جريج، المتأتية عن تساقط منابر مهمة من المفترض أنها مكرسة لحرية التعبير وطرح هموم الناس وانتقاد السلطة “وحتى إدارة المعارضة في لبنان تاريخياً”، يعتبر وزير الإعلام الحالي ملحم رياشي لـ”المفكرة” أن عدم اكتراث المسؤولين لها يعود إلى كون “الدولة تكره الإعلام الحر، وهم لا يريدونه إلا بوقاً وموظفاً عندهم”.
على الخط نفسه، يرى الرئيس السابق للجنة الاتصالات والإعلام النائب حسن فضل الله في حديث لـ”المفكرة”، وهو الذي عمل على مدى سبع سنوات في اللجنة لإنجاز اقتراح قانون الإعلام المحال حالياً إلى لجنة الإدارة والعدل النيابية، “أن خلاص الإعلام وحريته لا يكونان إلا بتخليصه من براثن السلطة السياسية. وعليه، مهما وضعنا من قوانين، تبقى النصوص شيئا والتطبيق شيء آخر”.
مواقف جريج ورياشي وفضل الله تلخص إدارة الظهر الرسمية عن المبادرة التي أطلقها الأول والتي عاد وتبناها الثاني مع بعض التعديلات، بالإضافة إلى مشروع قانون خاص بتطوير نقابة المحررين مع سلة من التسهيلات لإنقاذ الإعلام المكتوب والتخفيف من أعباء المرئي، وضمان حقوق الصحافيين والإعلاميين.
هذا الأفول للإعلام المطبوع والمترجم بوجود 113 امتياز لإصدار مطبوعة سياسية منذ 1953 وحتى اليوم، لا يصدر منها سوى ثماني صحف، لا يسمع الناس بمعظمها، لا يهدد حرية التعبير فقط، ومعه دور الصحافة الورقية في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وطرح قضايا الناس في لبنان، بل يترك ذيوله أيضاً على حياة نحو تسعة آلاف صحافية وإعلامية[1] يمتهنون هذا القطاع، وفق تقديرات وزير الإعلام. نصف هؤلاء ليسوا عاطلين عن العمل فحسب، بل تشهد دور رعاية المسنين على المصير الذي آل إليه وضع بعض أهم صحافيي لبنان، والذين تتولى المؤسسات الرعائية لطوائف بعضهم العناية بهم، فيما يُترك معظمهم في مهب الحاجة.
والأسوأ، ووفق جوجلة الجهود المبذولة لدعم الصحف، وعدم مبالاة المسؤولين بهذا الإنهيار لمنابر أساسية لحرية التعبير، تنسحب الخلافات السياسية بين أقطاب السلطة والتناحر على المحاصصة والمحسوبيات، كمعوقات تحول دون إدراج مبادرة جريج/ رياشي على جدول أعمال مجلس الوزراء، سواء في عهد حكومة سلام أو الحريري. كأن يدرج البعض المبادرة ضمن إطار سلة الخلافات التي تشمل “تلفزيون لبنان” و”الوكالة الوطنية”، أو يعتبر البعض الآخر أن من شأن السير بمبادرة أن تحتسب لفريق معين فلا يؤخذ بها إلا تبعا لتنازلات منه في ملفات مقابلة، قد تتعلق بالإستغناء عن موظفين محسوبين على هذا الفريق أو ذاك.
تبريرا للمبادرة، يستذكر جريج واقع الصحافة المطبوعة عالمياً: “اطلعت على المبادرات والقوانين في العالم لأستوحي خطوات فعّالة”. تدفع الدولة الفرنسية نحو 700 مليون يورو سنوياً لدعم الصحافة مباشرة وبشكل غير مباشر. يؤكد أنه في العام 2013 تلقت مطبوعة “لوفيغارو” 18.2 مليون يورو كدعم من الدولة الفرنسية، في مقابل 18.6 مليون نالتها “لوموند”. نحن نتحدث هنا عن صحف رائدة في فرنسا لا يمكن مقارنة إمكانياتها المادية والبشرية بما تفتقر إليه صحف لبنان. ورغم ذلك “غصت” الحكومة اللبنانية أيضاً بنحو عشرة ملايين دولار هي مجمل تكلفة الدعم المباشر وغير المباشر المتأتي عن مبادرة دعم الإعلام المكتوب، وفق ما يقدره جريج ورياشي.
“لا يحبون انتقادات الصحافة المستقلة”
يقول جريج أنه خرج من تجربته الوزارية بـ”خيبة أمل” لعدم التعامل مع مبادرته لإنقاذ الصحافة المكتوبة، أحد أهم منابر حرية التعبير في لبنان والعالم العربي تاريخيا ولغاية الآن”. يقول أن التجاوب الشفهي مع المبادرة لم يُترجم عملياً وبقيت في أدراج مجلس الوزراء.
تركزت مبادرة جريج على تخصيص الصحف الصادرة فعلياً اليوم بمبلغ 500 ليرة لبنانية عن كل عدد مباع، مصحوب بوضع آلية لمراقبة المبيعات وصحة أرقامها، تأمين قروض طويلة الأجل للصحف يتبناها مصرف لبنان، إتخاذ سلسلة إجراءات وحوافز أخرى لمساعدة المؤسسات الصحفية كإعادة جدولة ديونها لدى المصارف وإعفائها من الرسوم على ما تستورده من احتياجات لمطبوعاتها، ومن ثم السعي لإنشاء صندوق وطني لدعم الصحافة بشكل مؤسسة عامة ذات شخصية معنوية مستقلة ماليا وإدارياًـ على أن يتولى مجلس الوزراء تأمين الدعم من الموازنة بانتظار إقرار الصندوق.
اليوم، يرى جريج الأمور تنذر بالسواد: “السياسيون يتهافتون على مغانم السلطة، يسيرون في جنازات الإعلام المكتوب، غير مبالين بانقراض صحافة كانت منبراً لحرية التعبير وللنقد البناء ورافعة للمعارضة، كما هي وظيفة الإعلام المكتوب المستقل في المبدأ”.
“السلطة تحبّ الأبواق والإعلام المدجّن”
تبنى وزير الإعلام الحالي ملحم الرياشي مبادرة جريج ببنودها كافة، موسعا في الإعفاءات ومفصلاً في وسائل الدعم، لكنه خصص مساحة كبيرة من مشاريع القوانين لدعم أهل المهنة من “زملائه” الإعلاميين والصحافيين، هو الآتي من مهنة المتاعب إلى وزارة الإعلام، بعدما كان مسؤول الإعلام في “القوات اللبنانية”. ومن بين هذه البنود، “رفع تكلفة الإعلانات الرسمية في الصحف إلى 11 ألف ليرة على السطر، وتحديده بست كلمات، (كانت قبلاً نحو ثلاثة آلاف ليرة)، إعفاء الصحف من الضريبة على القيمة المضافة على مستورداتها وما تستخدمه في عملية الطباعة والإنتاج، وكذلك من ضريبة الدخل والقيمة التأجيرية للإعلاميين ووسائل الإعلام، والرسم البلدي على الأملاك، وعلى تنفيذ الأعمال والمشاريع وعلى المجارير والأرصفة، والرسم على الإفادات والبيانات وغيرها. وتشمل أيضاً هذه الإعفاءات الإعلاميين والصحافيين في محاولة لتحرير هؤلاء من بعض الأعباء لتخليصهم من التبعية أو هشاشة الأوضاع، وفق ما يؤكده لـ”المفكرة”.
ويحمّل رياشي في مشروع القانون الدولة مصاريف الضمان الاجتماعي عن جميع موظفي الصحف المطبوعة، وعلى الإعلاميين فقط في المؤسسات الإعلامية غير المطبوعة، وإعفاء وسائل الإعلام من 70% من رسومها لوزارة الإعلام، والتي تأتي على شكل ضريبة سنوية والمتراكمة عليهم حتى الآن بمبالغ تصل إلى 11 مليار ليرة كمتأخرات، وتقسيط الباقي على سنتين.
هذه المشاريع كلها “كوم”، ونقابة المحررين “كوم” آخر، وفق رياشي. فالقوانين، كما يقول يجب أن تُشرّع “لراحة الإنسان ومصلحته، واليوم هناك زميل إعلامي لنا موجود في أحد دور العجزة بحال سيئة وهو من أكبر كتّاب لبنان، وهناك صحافي آخر في دار عناية أخرى، هؤلاء لم تحمِهم مهنتهم مع آخرين بحال عوز”.
وعليه، تقدم وزير الإعلام بمشروع قانون أيضاً لـ”تعديل الفصول الثالث والرابع والخامس والسادس من قانون المطبوعات، لجهة تطوير نقابة المحررين لتصير نقابة الإعلاميين لكل الإعلاميين في لبنان. وتضمن حقوقاً أساسية ضمن شروط خاصة للإنتسابات تلحظ أصحاب الخبرة ممن ليسوا من حملة شهادة إعلام من جهة، على أن تتوقف على قبول منتسبين جدد غير إعلاميين، مع وضع شروط لقبول غير الإعلاميين من أصحاب الإختصاصات الإنسانية (علوم سياسية واجتماعية وآداب…) لديهم سنوات خبرة محددة في الإعلام، بينما ينتسب خريج الإعلام مباشرة للنقابة بعد سنتين خبرة”.
ولحظت التعديلات “ضمان سقف الحد الأدنى للتعاقد مع مؤسسات الإعلام المكتوبة والمرئية والإلكترونية، الحصانة النقابية حيث يُمنع استدعاء صحافي دون المرور بنقابته على غرار نقابة المحامين مثلاً، تشريع مجلس النواب طابع شهداء الصحافة بقيمة ثلاثة آلاف ليرة لوضعه على كل معاملات الدولة ويعود ريعه لنقابة المحررين”.
في المقابل، تؤمن نقابة المحررين دفع ضعفي الحد الأدنى للأجور للعاطلين على العمل من المنتسبين إليها بانتظار إيجاد عمل جديد. نحن نتحدث عن نحو تسعة آلاف إعلامي في البلاد وربما أكثر، وقد يكون هناك خمسة آلاف عاطل عن العمل، وفق رياشي.
ما هي الجهات التي عارضت؟
يشير رياشي إلى دعم صريح تلقاه “للأمانة” من “الرئيس نبيه بري ومن “القوات اللبنانية” (فريقه السياسي) ومن النائب حسن فضل الله (حزب الله)، لكن الحسابات السياسية حالت دون إدراجه على جدول أعمال مجلس الوزراء “لقد حاربوني، وحاربوا الإعلام ودعم الصحف والإعلاميين ونقابتهم”.
ويحمّل رياشي الإعلاميين أنفسهم مسؤولية كبيرة “لم ينتصروا لقضيتهم، ولم يشكلوا لوبي-تكتل ضاغط وموحد لطرح مصالحهم. حتى الصحافة المكتوبة لم تقف معي، باستثناء جريدة “الأخبار” ونقيب الصحافة”. نقابة الصحافة نفسها عارضت توحيد نقابة المحررين لتشمل صحافيي الإعلام المكتوب وإعلاميي المرئي والمسموع وفصلها عنها (عن نقابة الصحافة) تمسكاً منها بتوحيد الجدول، أي أن يدرج أسماء أصحاب المطبوعات والصحافيين-المحررين على الجدول نفسه. ويعني توحيد الجدول بقاء سلطة نقابة الصحافة في قبول المنتسبين إلى نقابة المحررين كما يحصل منذ تاريخ انشاء النقابتين ولغاية اليوم. وزير الإعلام الحالي ملحم رياشي يعترض على ذلك، مشيراً إلى أن الفرق بين النقابتين هو “كالفرق بين نقابة أصحاب المستشفيات ونقابة الأطباء”. توقف مشروع قانون توحيد نقابة المحررين لتشمل كل صحافيي وإعلاميي لبنان بعدما أقرّ في مجلس الوزراء، وتمنع الرئيس الحريري عن توقيعه، ومن ثم تمّ تحويله إلى هيئة التشريع. يعيد رياشي ما حصل إلى “سياسة الدكنجية التي يمكن تجاوزها، وإلى عدم الإكتراث بالإعلام رسالة بلبنان، فـ”هذه الدولة تريد تدجين الإعلام، وهذا هو السبب العميق للقصة”.
اقتراح قانون لإنقاذ الصحافة
أمام هذا الواقع، أكد رئيس لجنة الإدارة والعدل النيابية النائب جورج عدوان لـ”المفكرة” أنه عمد إلى تحويل مشروع قانون دعم الصحافة المكتوبة إلى اقتراح قانون حمل عنوان “اقتراح قانون معجل مكرر يقضي بإلغاء رسوم بلدية ومالية وجمركية”، وذلك لتقديمه إلى المجلس النيابي في أقرب فرصة (ربما يوم الجمعة في 26 تشرين الأول أو 29 تشرين الأول 2018).
وأكد عدوان لـ”المفكرة” أنه بصدد تشكيل “لوبي ضاغط لتمرير اقتراح القانون في البرلمان ليس على صعيد القوى السياسية فقط بل على صعيد النواب والكتل “وقد لمست حماساً لخدمة الصحافة المكتوبة”. ويتضمن اقتراح القانون الإعفاءات من الرسوم والعلاوات البلدية والضريبة على القيمة المضافة على رسوم الإعلانات والأبنية التي تشغلها مؤسسات الإعلام والرسوم المفروضة على إستهلاك الماء والكهرباء والهاتف الثابت والانترنت في الأبنية التي تشغلها المؤسسات الإعلامية المطبوعة. ويعفي الإقتراح ايضاً مؤسسات الإعلام المطبوع من الرسوم على جميع الحاجيات التي تستوردها سواءً أكانت تجهيزات أم معدّات، شرط أن تكون مخصصة بالتحديد للإستعمال من قبل المؤسسات الإعلامية.
وعليه يبقى مشروع قانون دعم الصحافة ماليا بمبلغ 500 ليرة عن كل عدد مباع وكذلك مشروع قانون توحيد نقابة المحررين وتفعليها في مجلس الوزراء.
“غرقى يتعلقون بقشة”
يصف نقيب الصحافة عوني الكعكي وضع أصحاب الصحف والمعنيين بها نسبة إلى مبادرات إنقاذ الصحافة الورقية اليوم بـ”الغريق الذي يتعلق بقشة”. ومن على مكتبه في الرملة البيضاء، في نقابة الصحافة حيث يضع أمامه جريدة “الشرق” التي تقلصت إلى حجم بالكاد يكبُر المجلة بعدد ورق قليل، يقول “أن تاريخ المبادرات الرسمية لا يطمئن”. وفي تفسيره لعدم إدراج مشاريع القوانين على جدول أعمال الوزراء، يسأل “هل تعتقدون أن هناك دولة تحب الصحافة على أرضها؟”، ليجيب نفسه “أكيد لا، هم يعتبرون أن الصحافيين لا همّ لهم سوى انتقادهم والبحث عن أخطائهم، ولذا العلاقة معهم ليست سليمة”. ويستخلص من هذا النقاش أنه “علينا أن لا نفقد الأمل في جلب الدعم”.
يعتبر الكعكي، أن المبادرات، إن ساروا بها، “ستجعل الصحافة اللبنانية أكثر لبنانية، وليس كما كانت مرهونة للدولة الفلانية والدولة الفلانية”. وهو إذ يعتبر أن كل التقديمات جيدة، وتساعد كثيرا مسألة الإعفاء من رسوم الضمان وبعض الضرائب، برغم صغرها”، لكنه يعترض على دفع مبلغ 500 ليرة على كل عدد يباع: “بتصغر الصغير وتكبر الكبير. يعني بتعطي مليون للكبير ومئة ألف للصغير، وهذا ليس عدلاً”. يعتبر أن هناك مبالغة في الإفصاح عن الأعداد المباعة “مين بيعطينا العدد الصحيح للمبيعات؟ لا أحد”، عارضاً لتجربة تجربة شركة “أو.جي.دي” التي حاولت مراقبة المبيع فكانت الصحف تزيد أعدادها المطبوعة في الليالي التي يكون موعد زيارتها، معتبراً أنه لا جدوى من تسليم الدولة مسألة ضبط هذا الموضوع “إذا بدكم تفشلوا شي سلموه للدولة”. ويكشف أنه اقترح حلاً بديلا يكون بمنح كل جريدة تصدر حاليا مبلغ 500 ألف دولار سنوياً، بدل 500 ليرة عن كل عدد مباع.
لا يخفي نقيب الصحافة معارضته الشديدة لتحرير الإمتيازات السياسية. “علينا المحافظة على حقوق أصحاب الإمتياز، بعض هؤلاء لا يملكون غير الإمتياز كإرث وضمانة”. كما يؤكد أنه رفض أيضاً ومن موقعه كنقيب للصحافة تشكيل لجنة جدول خاص بنقابة المحررين وفصلها عن لجنة الجدول التي تربط النقابتين.
إذن أنتم ممن عطلوا مبادرات إنقاذ الإعلام أيضاً؟ نسأل الكعكي. أبداً، يقول “نحن واضحون في ملاحظاتنا وقد أوصلناها لمن يجب”.
لوبي الإمتيازات يمنع تحريرها
اقتراح قانون الإعلام نفسه، والذي تضمن بنوداً من شأنها حماية حرية التعبير وتحصينها، قضى سبع سنوات في لجنة الاتصالات من جهة، ووصل إلى لجنة الإدارة والعدل من دون أن يكون “المقترح الذي نطمح إليه برغم إيجابياته الكثيرة”، وفق فضل الله، من جهة ثانية. ففيما تمّ إقفال ثلاث صحف في بيروت تعتبر من أبرز الصحف في البلاد، ما يزال المشروع قيد “الطبخ”. وربما لن يبصر النور قبل أن تقفل معظم الصحف الثماني التي ما زالت تصدر حاليا، ويعاني معظمها من أزمة اقتصادية خانقة أدت إلى تشريد مئات الصحافيين، وعدم دفع رواتب وتعويضات مئات آخرين.
ومن السلبيات التي يعددها فضل الله نفسه، هي أن اقتراح القانون سعى إلى تحرير إصدار مطبوعات سياسية جديدة من خارج الإمتيازات الموجودة “إفساحاً في المجال لإطلاق منابر إعلامية جديدة”، إلا أنه لم ينجح في إلغاء الإمتيازات، فنص على دفع 150 مليون ليرة لبنانية (مئة ألف دولار) لقاء الحصول على امتياز جديد باسم جديد. جاء ذلك نتيجة إصرار أصحاب الإمتيازات الحالية وضغوطاتهم.
وفي موضوع الإعلام الإلكتروني، يقول فضل الله “وضعنا إطاراً قانونياً ولكنّا ما زلنا نحتاج إلى تفصيل قانوني يُطوّر القطاع من جهة، ويضع ضوابط من جهة أخرى”. وهو ما حال دونه ما أسماه “تنوع الآراء” التي أجلت البت في التنظيم تحت مخرج “لاحقاً”. نحن نتحدث هنا عن قطاع يضم نحو 350 موقعاً إلكترونياً تبدأ البث بناء على علم وخبر.
ويعتبر فضل الله موضوع إنشاء مدينة إعلامية حرة في لبنان تفتح الاستثمار في هذا القطاع وتحوّل لبنان إلى منصة إعلامية وعربية، هو من الأمور التي لم تصل إلى خواتيمها المرجوة. “تحتاج إلى بنية تحتية، وإلى دولة مختلفة عن الموجودة في لبنان. كما أننا نفتقد إلى الإمكانيات المادية المطلوبة، فنحن نريد أن نشرّع نصاً قابلاً للتطبيق، وليس أن نضع قانوناً فضفاضاً”.
نشر هذا المقال في العدد | 57 | تشرين الثاني 2018، من مجلة المفكرة القانونية | لبنان |. لقراءة العدد اضغطوا على الرابط أدناه:
القمع ليس حيث تنظر: نظام المقامات
[1] وفق ما أكد وزير الإعلام في حديثه مع المفكرة