عقدت المفكرة القانونية مؤتمراً صحافياً لها نهار الجمعة 31/7/2015 في مكتبها في بدارو-بيروت بمناسبة إطلاق سراح الناشط طارق ملاح ورفيقه فراس بوزين الدين. حيث كانت قد أصدرت القاضية المنفردة الجزائية بالانابة في بيروت ضياء مشيمش قراراً بإخلاء سبيل طارق وفراس بعد ثلاثة أيام من الاحتجاز، بعدما كان تم اطلاق سراح بلال وايهاب قبل يوم من ذلك.
طارق ملاح
بداية المؤتمر تحدث طارق ملاح موجهاً الشكر الى جميع من تضامن معه ووقف الى جانبه. فقال:"البارحة عندما كنت موقوفاً في قصر العدل كنت أسمع أصوات المعتصمين خارجاً للتضامن معي وهذا ما منحني القوة وخفف من الإحباط الذي عانيته داخل السجن".
وعمّا حدث معه، قال: "أثناء عودتي من اعتصام حملة "طلعت ريحتكم" هجم علي ثلاثة أشخاص، وقاموا بوضعي داخل السيارة وأخذوني الى المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. وهناك بدأ التحقيق معي فوراً حيث طلبوا مني أن أخلع جميع ملابسي لتفتيشي حيث قيل لي ان هذه هي طريقتهم في التفتيش. ثم تابعوا التحقيق معي انا معصوم العينين حتى المحقق لم يتسنّ لي رؤيته. طلبت من المحقق ان يزيل العصبة عن عيني لأراه واركز معه في التحقيق ولكنه قال لي "نحن لسنا بالحضانة هنا"، شخص آخر قال "يا حيوان تتهجم على الوزير".
تابع:"قاموا بإنزالي الى النظارة واخراجي منها مراراً وتكراراً وبكل الأحوال كنت معصوب العينين. أعطوني سندويش لآكلها ومن ثم سألني أحدهم "خلصت يا بهيم". طريقة التعامل معنا كانت رهيبة وأفصلها لاحقا تفصيلا. علي أن أقول "يا عيب الشوم على هيك دولة" فقد تعاملوا معنا وكأننا إرهابيون شديدو الخطورة. وحتى عندما تم نقلنا من المديرية الى قصر العدل كانت أعيننا معصوبة. المساجين في قصر العدل ظنوا اننا ارهابيون حقا ونحن جلّ ما فعلناه اننا اعترضنا موكب الوزير احتجاجا على الزبالة".
ولفت طارق الى انه لم يرم النفايات على سيارة الوزير ولم يقترب منه أبداً وقال: "كل ما فعلته ان اقتربت من نافذة سيارة الوزير وقرعت عليها وقلت له "الي حق عندك" وكل الناس تعرف ما هو حقي عند معالي الوزير، وهو قد شاهدني وتعرف علي وما حصل معي يشير الى رغبة لديه بالانتقام مني". أضاف:"عندما كنت قيد التحقيق طلبت الاتصال بالمحامي فمنعوني من ذلك، وقالوا لي أن المدعي العام لم يدّعّ عليّ حتى الآن وسألوني لماذا أريد محاميا. وعندما تم الادعاء عليّ عاودت طلب المحامي، فرُفض طلبي وأجابوني بان أطلب المحامي عندما أتوجه الى القاضي".
وختم ملاح مشدداً على انه:"ان كان ما حصل معي هو وسيلة لإسكاتي عن كل القضايا التي رفعتها بالسابق. والعكس تماماً هو ما جرى معي فانا بت أقوى، ومستمر في قضيتي ضد دار الأيتام الإسلامية وكل القضايا التي أهتم بها. وأقول لمعالي الوزير: "الله يسامحك".
نزار صاغية
بدوره عرض المدير التنفيذي للمفكرة القانونية المحامي نزار صاغية قراءة المفكرة لما جرى مع طارق ملاح والخطوات المستقبلية المزمع القيام بها فتحدث قائلاً:"يهم المفكرة القانونية الإشارة إلى عدد من المسائل الخطيرة التي ظهرت في سياق هذه القضية في الأيام الأخيرة، حيث تستدعي طريقة تعامل المؤسسات الأمنية-القضائية مع هذا الملف التنبه والحذر لما تظهره من استعمال ملتو للقانون للاستقواء على الضعفاء خدمةً لمصالح النافذين".
وسأل صاغية:"لماذا أوقف طارق وفراس ورفاقهما من قبل شعبة المعلومات غير المختصة في هكذا قضايا أصلا؟ وهل أصبح من مهام شعبة المعلومات التحرك إرضاء لبعض النافذين في قضية رمي نفايات على سيارة؟ ولماذا أخضع الناشطون لهذا النوع من الممارسات الترهيبية الهادفة إلى تحطيم عزيمتهم طوال يومين، مع منعهم من التواصل مع العالم الخارجي؟ ولماذا لم يتم التجاوب مع طلبات طارق الملاح المتكررة للتواصل مع محاميه، خرقا لأبسط ضمانات الدفاع؟ ولماذا غطت النيابة العامة التمييزية هذه الممارسات الترهيبية، المخالفة للمادة 47من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي تضمن حق الاتصال بمحام؟ ولماذا رفضت مرارا طلبات المحامي التواصل مع موكله، تحت حجة أن هذا الأخير لم يطلب ذلك، فيما تبين لنا لاحقا أن طارق أعرب أكثر من مرة عن رغبته بالتواصل مع محاميه من دون أي نتيجة؟ فهل وقع المدعي العام التمييزي ضحية معلومات خاطئة وصلته من شعبة المعلومات، ويكون عليه بالتالي محاسبة الشعبة لأنها أخفت عنه معلومات بهذا الخصوص؟ أم أنه تغاضى عن طلبات طارق نظراً لشخصية المدعي النافذ وتسهيلاً لاستعمال التحقيق لتصفية حساباته مع طارق؟ لماذا أوقف طارق وفراس من قبل النيابة العامة خلافا للقانون، إذ تحظر المادة 107من قانون أصول المحاكمات الجزائية صراحة اصدار قرار توقيف في حال كان الجرم معاقباً عليه بالحبس أقل من سنة، كما هي حال الناشطين في هذه القضية؟".
تابع:"أسئلة كثيرة تطرح في هذا المجال. وهي كانت ماثلة بقوة لدى جميع المعتصمين والمتظاهرين والاعلاميين الذين واكبوا هذه القضية. فتم أربعة اعتصامات تضامناً مع الشباب المحتزين، تمت تغطيتها اعلامياً بشكل لافت. وشكلت كلها علامات إعتراض وممانعة مواطنية مميزة في مواجهة مشاريع الاستقواء من خلال القوى الأمنية والقضاء. وسيبقى هتاف المتظاهرين خلال الأيام التي فاتت والذي هو في صلب عمل المفكرة حاضرا: قضاء مستقل، سياسي عنو حلّ".
وأبدى صاغية أسفه تجاه موقف نقابة المحامين في قضية توقيف طارق ملاح وقال:"ان موقف مجلس نقابة المحامين في بيروت مخيب للآمال، إذ اكتفت بالتضامن المطلق مع الوزير رشيد درباس المدعي معتبرة التعدي عليه تعديا عليها، بدون أية لفتة للانتهاكات العديدة والجسيمة لحقوق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة. وقد ظهرت النقابة من خلال هذا الموقف أكثر تمسكا بهيبة أصحاب النفوذ بحجة أنهم نقباء سابقون من تمسكها بحق الدفاع وضمانات المحاكمة العادلة واستقلالية القضاء التي من المفترض أن تكون مؤتمنة عليها".
واعتبر صاغية ان:"تعامل الوزير درباس مع هذه القضية غير مقبول من قبل مسؤول عام، خاصة من نقيب سابق للمحامين. فهو هدد بأخذ حقه بيده في حال لم يناسبه تعاطي القضاء مع طارق وفراس ورفاقهما. كما تباهى بعدم ملاحقة الناشطين شخصيا فيما أوعز لسائقه القيام بذلك، بالإضافة لاستعماله المتكرر لأبشع الألفاظ في تعامله مع الناشطين ومع كل من تضامن معهم، بما فيهم محاميه، وعلى نحو يمس مباشرة بحقهم بالدفاع".
لافتاً الى ان موقف الوزير رشيد درباس مرتبط بقضية طارق الملاح الرئيسة مع دار الايتام الاسلامية ووزارة الشؤون الاجتماعية وقال:"لقد تجرأ طارق ملاح على أن يضع وزير الشؤون الاجتماعية أمام مسؤوليته في محاسبة دور الرعاية والرقابة عليها في لبنان، ومنها دار الأيتام الإسلامية حيث تعرض طارق لأبشع أنواع الانتهاكات لسنوات عديدة. إلا أن الوزير لطالما آثر الهروب من مسؤولياته متلطياً وراء التطييف الذي ما عاد يغش أحدا، وناعتا طارق مرارا بألفاظ غير لائقة، فأصبحت قضية رمي النفايات على موكبه مناسبة للاقتصاص منه عبر استعمال انتقامي للمنظومة القضائية والأمنية. ويعاب على هذه المنظومة، وتحديدا القضاء الذي نعول عليه، أن تكون قد تحركت بكامل جبروتها أمام طارق ورفاقه، فيما تبقى خانعة أمام دور الأيتام الطائفية ومافيا النفايات".
وختم متوجهاً بالشكر الى كل الناشطين والاعلاميين الذين واكبوا هذه القضية قائلا:"اليوم وبعد خروج طارقأقوىمما كان عليه، بعدما تعرض لمعمودية الحبس والاحتجاز، فانه من المرتقب أن تقوى قضية مؤسسات الرعاية حضورا ومكانة في الرأي العام. "
الصورة من أرشيف المفكرة القانونية ، تصوير علي رشيد