اللاجئون السوريون في لبنان ينزحون مجدّدًا: بين عوائق العودة واستحالة البقاء


2024-10-05    |   

اللاجئون السوريون في لبنان ينزحون مجدّدًا: بين عوائق العودة واستحالة البقاء
ينزحون مشيًا بعد الغارة الإسرائيلية التي قطعت طريق معبر المصنع - تصوير: سامر الحسيني

اضطّر اللاجئون السوريون في لبنان كما آلاف اللبنانيين إلى ترك منازلهم تحت نيران الغارات الإسرائيليّة التي تصاعدت بدءًا من 23 أيلول، وساروا مع السائرين من القرى المهدّدة بحثًا عن مأوى. وقد أدّى توسّع العدوان الإسرائيلي إلى نزوح أكثر من 13500 لاجئ سوري من جنوب لبنان والبقاع والضاحية الجنوبيّة لبيروت، ليصبح عدد الذين نزحوا داخل لبنان منذ الثامن من تشرين الأول 2023، 26 ألف لاجئ سوري حسب مفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وفيما لا تزال الحكومة اللبنانيّة عاجزة عن تدبّر أمور النازحين اللبنانيين المقدّر عددهم بمليون شخص بينهم ما يقارب 164 ألف نازح موزعين على 892 مركز إيواء في مختلف المناطق اللبنانيّة وصل 677 منها إلى الحدّ الأقصى من القدرة الاستيعابيّة، ضاقت الخيارات أمام السوريين. لم تستقبل معظم مراكز الإيواء السوريين، “لا يوجد قرار رسمي بذلك” يقول أحد المنسّقين في مدارس بيروت ولكنّ الأولويّة بطبيعة الحال للبنانيين ويُضيف “هناك بعض الحساسيّات في بعض البلديّات لا بدّ من مراعاتها أيضًا، وعلى كلّ حال، السوريّون مسؤوليّة مفوّضية الأمم المتحدّة اللاجئين”.

الكلام نفسه ردّده أكثر من مصدر معني بالإيواء لـ “المفكرة” وفي مناطق مختلفة وهذا أيضًا ما قاله صراحة مُحافظ بيروت مروان عبود “لا قدرة للبنان اليوم على الاستمرار بإيواء النازحين السوريين لأنّ أبناء البلد أَوْلى بهذه العناية والإمكانيات محدودة”، مشيرًا  إلى أنّه “يمكن للسوريين العودة إلى بلادهم ولا خطر على حياتهم وأمنهم”. الحديث عن عودة السوريين إلى بلادهم كواحد من الحلول أيضًا جاء على لسان المسؤول عن خطة الطوارئ وزير البيئة ناصر ياسين الذي قال: “على السوريين العودة إلى بلادهم والحكومة السورية رفعت القيود”. وفي الإطار نفسه، أشار وزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار إلى أنّ “العفو الذي أصدره الرئيس السوري بشار الأسد من شأنه أن يساعدهم في اتّخاذ قرار العودة الآمنة”، علمًا أنّ العفو لا يشمل جميع العائدين.

خيار العودة اتّخذه العديد من العائلات السوريّة إذ تُفيد أرقام الأمن العام إلى أنّ 256 ألفًا و614 سوريًا و 82 ألفًا و 264 لبنانيًا غادروا لبنان عبر المعابر الرسميّة منذ 23 أيلول الماضي بدء توسّع العدوان الإسرائيلي في لبنان، فيما تقدّر مصادر أن يكون العدد أكثر من ذلك نظرًا إلى عودة العديد من العائلات إلى سوريا عن طريق المعابر غير الرسمية. إلّا أنّ هذا الخيار ليس مُتاحًا بالنسبة إلى الكثير من العائلات السوريّة لأسباب منها ما هو مادي وعدم وجود مكان إيواء في سوريا ومنها ما يتعلّق بالخدمة العسكرية أو بالوضع الأمني ولاسيّما أنّ منظّمات حقوقيّة وثّقت اعتقال عدد من السوريين العائدين من لبنان وإجبار البعض على دفع “خوّات” بعد عبورهم الحدود، وربما هذا ما يُفسّر ما أعلنته الأمم المتحدة من أنّ 60% من إجمالي العائدين إلى سوريا هم دون 18 عامًا.

ومن عوائق العودة التي استجدّت كان الاستهداف الإسرائيلي لمنطقة المصنع حيث المعبر الحدودي الرئيسي الذي يربط لبنان بدمشق بثلاث غارات يوم الأربعاء الماضي،  وقال وزير النقل والأشغال علي حميّة لـ “وكالة الصحافة الفرنسية” إنّ “الطريق التي تعدّ ممرًّا رئيسيًا للحاجيّات الإنسانية ولعشرات الآلاف إلى سوريا باتت مقطوعةً بعد الغارة الإسرائيلية”. 

تصوير: سامر الحسيني

مئات العائلات السوريّة لا تزال بلا مأوى 

تتشابه شهادات النزوح التي سمعناها من سوريين اضطرّوا إلى النزوح مع تلك التي رواها لبنانيون، بدءًا من نزوح تحت النار من دون قدرتهم حتّى على حزم أغراضهم الأساسيّة مرورًا بالبقاء عالقين لساعات على طرقات بعضها لم يكن آمنًا، وصولًا إلى رحلة البحث عن مأوى، ولكن “أن تكون غريبًا يعني أن تكون آخر المرئيين في الكوارث، فكيف إذا كنت سوريًا في بلد يُحمّلك أسباب مصائبه ويُطالبك أصلًا بالرحيل وبلدك ممنوع عليك” كما يقول شاب سوري نزح من الضاحية الجنوبية مُضيفًا: “من تضيق به بلاده تضيق به كلّ البلاد، لا أقارب أنزح إليهم”.

يُكرّر ناشطون ومعنيّون بموضوع النازحين السوريين أنّ وجهة النازحين الأساسيّة كانت الشمال والبقاع حيث تمّ تخصيص عدد من المدارس لهم وحيث لهم أقارب لجؤوا إليهم وأيضًا حيث الحدود السورية قريبة في حال قرّروا العودة إلى بلادهم.

وافتُتحت في البقاع حسب ناشطين محلّيين 6 مراكز إيواء مخصّصة لاستقبال النازحين السوريين معظمها مدارس وتحديدًا في برّ إلياس وسعدنايل وشتورة ومجدل عنجر، إلّا أنّ هذه المراكز باتت مكتظّة إذ لا تزال مئات الأسر السوريّة تجلس على أبواب هذه المراكز أو في الحدائق العامّة في المنطقة ولاسيّما في ساحة المرج التي كانت أصلًا من الأماكن الأولى التي توجّه إليها السوريون في البقاع. “العائلات في باحات المدارس أكثر من تلك داخل الصفوف” تقول ناشطة في البقاع، مشيرة إلى أنّ المستلزمات الأساسيّة للنازحين تؤمّن عبر جمعيّات شريكة مع المفوضيّة وأخرى ناشطة في المنطقة إلّا أنّ المشكلة الأساسيّة تكمن في إيجاد مأوى للعائلات.

عائلة نايف واحدة من الأسر التي لا تزال تبحث عن مأوى فحتّى تاريخ كتابة هذه السطور كان لا يزال وعائلته المكوّنة من 7 أفراد يفترشون الأرض في حديقة سعدنايل “تسجّلنا كنازحين من الجنوب في الأمم من أجل تأمين مأوى لنا إلّا أنّ أيّ مأوى لم يؤمّن حتّى اللحظة، ربما بسبب العدد الكبير للعائلات التي لا تزال في الطرقات” يقول نايف لـ “المفكرة”.

يوم الاثنين 23 أيلول الماضي ومع بدء توسّع العدوان الإسرائيلي بدأ القصف يقترب من قريّة صدّقين الجنوبيّة حيث تُقيم عائلة نايف “كان الوضع مُرعب بدأنا نشعر أن القصف قريب جدًا، بدأ الأطفال بالصراخ، لا أعلم كيف ركضنا نحو السيّارة ومشينا مع الماشيين”.

ترك نايف وعائلته القرية الساعة الواحدة ظهرًا ووصل إلى صيدا ليلًا “لا أذكر أيّ ساعة ولكن بتنا ليلتنا جنب الشاطئ، وتوجّهنا في اليوم التالي إلى البقاع لأنّه بيئة سهلة” يقول مضيفًا “وصلنا إلى سعدنايل بعد يومين وجلسنا في الحديقة ولا نزال هناك”.

عائلات في حديقة سعدنايل العامة

لا يختلف ربما الوضع كثيرًا شمال لبنان، إذ يُشير مُحافظ لبنان الشمالي رمزي نهرا إلى أنّه في طرابلس تمّ تحديد سبع مدارس للاجئين السوريين ولكنّ هذه المدارس باتت مكتظّة لذلك يُعمل على نقلهم إلى مخيّمات عكار وإقناعهم بالعودة إلى سوريا. ويوضح نهرا في اتصال مع “المفكرة” أنّه وفي ظلّ العدد الكبير للنازحين اللبنانيين يصبح استيعاب السوريّين وتأمين مأوى لهم مستحيلًا ولاسيّما مع وجود بلديّات ترفض استقبالهم،  معتبرًا أنّ الحل الأنسب هو العودة إلى سوريا.

ويُشير ناشط محلّي في طرابلس إلى أنّ مراكز الإيواء في المنطقة والتي استقبلت لاجئين سوريين نزحوا من الجنوب والبقاع والضاحية أصبحت مكتظّة، مئات العائلات استقرّت عند أقارب لها وبعضها قام باستئجار منازل، لافتًا إلى أنّه حتى تاريخ كتابة هذا التحقيق لا تزال مئات العائلات في الطرقات بسبب عدم قدرة مراكز الإيواء على استيعابهم وعدم قدرتهم على استئجار منازل.

يروي لاجئون سوريون لـ “المفكرة” رحلتهم ومعاناتهم لإيجاد مأوى وتعرّضهم للاستغلال الذي وصل بحال بعض أصحاب البيوت إلى فرض إيجار إضافي على عائلات سوريّة تستقبل نازحين سوريين كما أخبرتنا سيدة سوريّة، مع الإشارة إلى أنّ هذه السلوكيّات لا يمكن تعميمها ولم تكن موجّهة ضدّ السوريين فقط ولكنّ السوريين بطبيعة الحال الفئة الأكثر هشاشة. “نحن استغلالنا أسهل، وطردنا مبرّر، لا ظهر لنا” تقول نازحة سوريّة إلى البقاع. 

وفي هذا الإطار تخبرنا سيّدة سورية كانت مقيمة في قرية قلية في البقاع الغربي اضطرت إلى ترك منزلها مع عائلتها المكوّنة من 8 أفراد بعد يومين من توسّع العدوان، كيف وصلت بداية إلى منطقة القرعون في البقاع ورفضت البلدية استقبالها، فانتقلت إلى مدرسة في قبّ إلياس حيث رُفض استقبالها أيضًا “الأمم مسؤولة عنكن هيك كانوا يقولولنا” تقول.

بقيت هذه السيّدة وعائلتها يومين في الطرقات قبل أن تستضيفها سيّدة لبنانيّة سورية، وبعدها انتقلت إلى مركز إيواء في سعدنايل.

ما يعبّر عنه هؤلاء تذكره أيضًا مؤسّسة “سينابس” Synaps البحثيّة التي تُعنى بالشؤون الاجتماعية والاقتصادية للمهاجرين وتقول لـ “المفكرة” إنّ معظم مراكز الإيواء لا تستقبل السوريين، بعضها يتحدّث عن تعميمات شفويّة وبعضها ينطلق من أنّ خطّة الطوارئ اعتبرت أنّ السوريين مسؤوليّة المفوضيّة. وتُشير المؤسّسة إلى أنّ بعض مراكز الإيواء استقبلت السوريين في الشمال والبقاع، وكذلك في الشوف وأنّ الأمر يختلف من بلديّة إلى أخرى، فبعض البلديّات كان مرحِّبًا بالسوريين وبعضها ضيّق عليهم استكمالًا للحملة التي بدأت في نهاية العام الماضي ضدّ تواجدهم في لبنان.

وفيما أشارت المؤسّسة إلى أنّ معظم مراكز الإيواء المخصّصة للسوريين تجاوزت قدرتها الاستيعابيّة، لفتت إلى أنّ مئات الأسر السورية لا تزال تفترش طرقات وساحات عامّة. واعتبرت المؤسّسة أنّ بعض العائلات السوريّة النازحة جرّاء الحرب تعرّضت لمضايقات وحوسبت في بعض الأحيان على مواقف بعض المعارضين السوريين في الخارج والتي تسبّبت بغضب بعض الأوساط المضيفة، وأنّ هذه التوتّرات قد تكون مفهومة ويتمّ التعامل معها بحكمة. 

تجاوز عدد اللاجئين السوريين الذين نزحوا من الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبيّة منذ السابع من أكتوبر اليوم 26 ألف لاجئ، وتجاوز عدد هؤلاء حسب مفوضيّة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين منذ 23 أيلول تاريخ توسّع العدوان 13500 لاجئ. 

وأوضحت المفوضيّة لـ “المفكرة” أنّها رفعت مستوى استجابتها منذ توسّع العدوان استجابة للوضع الإنساني والاحتياجات المتزايدة عبر تأمين الملاجئ الآمنة ومواد الإغاثة الأساسية والرعاية الصحّية، فضلًا عن المساعدة النقدية وأنّها تعمل مع الشركاء في المجال الإنساني والسلطات اللبنانية لإيجاد مأوى آمن بشكل عاجل للعائلات المشرّدة  ولاسيّما أنّه مع نزوح المزيد من الأشخاص كلّ يوم، وصلت الملاجئ المؤقتة التي أنشأتها الحكومة إلى طاقتها الاستيعابيّة القصوى تقريبًا.

وأشارت المفوضيّة إلى أنّه مع هذا الاكتظاظ لا يزال هناك عائلات في شوارع بيروت حيث ينام المئات من الرجال والنساء والأطفال في العراء.  

عائلات في رياض الصلح
عائلات في ساحة رياض الصلح

هل العودة مسهّلة؟

تُشير أرقام الأمن العام إلى أنّه منذ 23 أيلول تاريخ توسّع العدوان حتّى اللحظة هناك 256 ألفًا و614 سوريًا غادروا لبنان عن طريق المعابر الشرعيّة، إلّا أنّ مصدرًا معنيًا رجّح أن تكون الأعداد أكثر من ذلك بسبب خروج عدد من السوريين عبر معابر غير رسمية ولاسيّما المتخوفين من إصدار منع دخول بحقّهم إلى لبنان أو من ملاحقات أمنيّة أو من التجنيد الإجباري أو تفاديًا للزحمة والرسوم. 

وأشار المصدر لـ “المفكرة” إلى أنّ الأيام الأولى التي تلت توسّع العدوان شهدت ما يُمكن وصفه بـ “الطوفان البشري” وأنّ الذروة كانت يوم الأحد الماضي بعد تصاعد حدّة الغارات على الضاحية الجنوبيّة. وأكّد أكثر من  مصدر لـ “المفكرة” أنّ معابر غير نظامية منها المسعودية والكنَيسة وغيرها في عكار شهدت حركة خروج كبيرة للعائلات السوريّة مشيرة أيضًا إلى أنّ الحركة على معبر “المتّحدة” في وادي خالد، مستمرّة إذ يستكمل الجيش عمليات الترحيل التي تطال حوالي 80 شخصًا يوميًا. كما شهد معبر البقيعة النظامي في وادي خالد حركة عودة كثيفة، أدت قبل أقل من أسبوع إلى إقفاله من الجهة السورية بسبب الإرباك الذي نتج عن ازدحام العائدين من السوريين أو النازحين إلى سوريا من اللبنانيين. 

ومع استمرار العدوان الإسرائيلي على لبنان تستمرّ حركة عودة السوريين إلى بلادهم بعدما نزحوا من منازلهم ولاسيّما في البقاع والجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت، ونقل ناشطون ووسائل إعلام صور ومقاطع فيديو لعائلات تسير نحو الجانب السوري بعدما استهدفت إسرائيل المعبر الحدودي في المصنع. وقالت مستشارة الاتصالات الرئيسية للمفوضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، رولا أمين، إنّ الناس بعد الضربة كانوا “يائسين للغاية للفرار من لبنان لدرجة أنّهم ساروا على الأقدام بالفعل عبر ذلك الطريق المدمّر”.

وأشارت أمين إلى أنّه رغم أنّ معبر المصنع أصبح خارج الخدمة أمام حركة المرور، فإنّ المعابر الحدودية الثلاثة الأخرى “مفتوحة وتعمل”. وقالت إنّ مفوضية اللاجئين تعمل جنبًا إلى جنب مع الهلال الأحمر العربي السوري وشركاء إنسانيين آخرين على المعابر الأربعة لدعم الأشخاص الذين يعبرون إلى سوريا، والذين كانوا حتى الآن في الغالب لبنانيين وسوريين ولكنهم شملوا أيضًا بعض اللاجئين الفلسطينيين ومواطنين عراقيين ومهاجرين من جنسيات أخرى. وأشارت إلى أنّه بالإضافة إلى مواد الإغاثة الأساسية، تقدّم المفوضية المساعدة القانونية للعائدين السوريين. 

استهداف معبر المصنع جاء ليزيد معاناة السوريين والعوائق التي تحول دون خيار العودة أو تصعّبه، ففيما قرّرت الحكومة السورية بعد توّسع العدوان الإسرائيلي وقف العمل بقرار فرض تصريف 100 دولار إلى الليرة السورية عند دخول المواطنين عبر المنافذ الحدودية في 29 أيلول الماضي أي بعد أيّام على توسّع العدوان، وهو، حسب ناشطين ومعنيين، التسهيل الوحيد الذي قدّمته الحكومة السوريّة لتسهيل عودة السوريين إلى بلدهم، إلّا أنّ صلاحية القرار هي أسبوع وبالتالي ينتهي العمل به غدًا الأحد 6 تشرين الأوّل.

وفي هذا الإطار، يُشير مصدر من الجهات الإغاثيّة الناشطة على الأرض في الداخل السوري (فضّل عدم الكشف عن هويّته)، إلى أنّه “لا توجد أيّ تسهيلات للسوريين الهاربين من الحرب في لبنان إلى بلادهم ففي دمشق هناك مراكز إيواء للبنانيين (أكثر من 82 ألف لبناني لجأوا إلى سوريا) ولا مراكز لإيواء السوريين مثلًا، ويُسأل اللبنانيون الواصلون إن كان لديهم مأوى بينما يُعتبر أنّ السوري لديه أقارب كتحصيل حاصل” يقول، وهو ما يتجاهل واقع اللجوء الذي يعيش السوريون تحت وطأته منذ سنوات.

ويُضيف المصدر لـ “المفكرة” أنّ هناك مئات العائلات فضّلت البقاء على الحدود اللبنانيّة في العراء حيث توجد جهات توزّع بعض المستلزمات الأساسيّة لأنّهم يعرفون أنّ لا أحد سيساعدهم في الداخل.

ولا تقتصر العوائق أمام عودة السوريين إلى سوريا على فرض تصريف 100 دولار، بل تتعدّاها، بحسب مؤسّسة “سينابس”، إلى عدم وجود منازل يعودون إليها في العديد من المناطق المدمّرة  فضلًا عن المخاوف الأمنيّة إذ إنّه على الرغم من الحديث عن فترة سماح للمطلوبين للخدمة العسكرية، لا يثق الكثيرون في هذا الأمر.

وتُشير “سيتابس” إلى أنّ عودة آلاف السوريين لا يعني أنّ سوريا آمنة للجميع فالأمر يختلف من شخص إلى آخر، لذلك يُتخوّف من استغلال واقع عودة الكثيرين قسرًا لتبرير حملات الترحيل لاحقًا في لبنان وحتى في دول أخرى.

وفي السياق أشارت الشبكة السورية لحقوق الإنسان في تقرير صدر الأربعاء الماضي إلى رصد عمليات اعتقال واحتجاز استهدفت اللاجئين العائدين من لبنان هربًا من العدوان الإسرائيلي. وقال التقرير إنّ عمليات الاعتقال كانت عند المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا الرسمية وغير الرسمية، وإنّ معظم هؤلاء اقتيدوا  إلى مراكز احتجاز أمنية وعسكرية في محافظتي حمص ودمشق. ووثَّقت الشبكة اعتقال ما لا يقلّ عن 9 أشخاص من اللاجئين معظمهم من أبناء محافظة ريف دمشق وعلى خلفية التجنيد الإلزامي والاحتياطي.

ومن جهته قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إنّ قوات النظام اعتقلت نحو 35 شخصًا يتحدّرون من مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرق سوريا، على طريق سلمية – الطبقة، بعد عبورهم الحدود اللبنانية – السورية، هربًا من القصف الإسرائيلي.

تصوير: سامر الحسيني

ولا يبدو المشهد أفضل في مناطق سيطرة المعارضة إذ قال المرصد إنّ العائدين السوريين واللاجئين اللبنانيين الذين فرّوا من التصعيد الإسرائيلي في لبنان يعيشون أوضاعًا إنسانية صعبة بعد وصولهم إلى مناطق شمال وشرق سوريا. ومع استمرار تدفّق العائلات منذ أكثر من 12 يومًا، تعاني المخيّمات المخصّصة لهم من قبل “الإدارة الذاتية”، حسب المرصد، من نقص حاد في المساعدات الإنسانية وغياب الدعم الدولي. وأشار موقع “عنب بلدي” إلى أنّ “الشرطة العسكرية” التابعة لـ ‘الحكومة السورية المؤقتة’ منعت عشرات العائلات السورية العائدة قسرًا من لبنان، من الدخول إلى الشمال السوري، عند معبر ‘عون الدادات’ في ريف حلب. وقالت عائلات عالقة عند المعبر لعنب بلدي إن “الشرطة العسكرية” وجنودًا أتراك يمنعون عائلات (معظمهم نساء وأطفال) من الدخول إلى الشمال منذ نحو ثلاثة أيام، وسط حاجة ماسة للأهالي بالدخول إلى المنطقة.

ووثق ناشطون سوريون ووسائل إعلام توجه أعداد كبيرة من السوريين العائدين من لبنان إلى مناطق شمالي البلاد حيث سيطرة المعارضة وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على منصات التواصل الاجتماعي افتراش الأرصفة.

وأشار مصدر متابع لما يجري خارج مناطق النظام لـ “المفكرة” إلى أنّ عائلات سوريّة عائدة قسرًا من لبنان لا تزال تنتظر لدخول المنطقة الواقعة في الشمال الغربي نظرًا إلى كثرة التفتيش والتحقيق الأمني، وأنّ عائلات أخرى تنتظر لدخول الشمال الشرقي إذ يحتاج دخول هذه المنطقة إلى كفيل من الداخل.  

انشر المقال

متوفر من خلال:

تحقيقات ، الحق في الحياة ، الحق في السكن ، لجوء وهجرة واتجار بالبشر ، لبنان ، مقالات ، العدوان الإسرائيلي 2024



اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني