نشرت صحيفة الشروق التونسية اليومية بتاريخ 08-5-2014 خبرا مفاده انه بعد ان تم ضبط عائلتين سوريتين بجهة جندوبة بصدد جمع الاعانات اصدرت محكمة ناحية جندوبة حكما يقضي بسجن ربي العائلتين مدة شهر واحد لكل واحد منهما مع الاذن بالتنفيذ العاجل وسجن المرأتين كل واحدة مدة شهر واحد مع تأجيل التنفيذ وذلك من اجل تهمة اجتياز الحدود التونسية خلسة.
يبدو الخبر في ظاهره مجرد تغطية صحفية عادية للقضايا والحوادث. غير أن التحدث عن تهمة تتمثل في دخول البلاد التونسية بشكل غير قانوني في معرض الحديث عن لاجئين وما تضمنه الخبر من انتقال هؤلاء من العاصمة تونس الى جندوبة لجمع الاعانات من الجمعيات الخيرية، أمور تكشف عن المأزق المفهومي الذي يحكم ظاهرة اللاجئين السوريين بتونس.
منعت عوامل متعددة من اهمها البعد الجغرافي بين تونس وسوريا وفرض تونس لتأشيرة السفر على الرعايا السوريين ومبادرة رئاسة الجمهورية التونسية الى قطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام السوري بمجرد اندلاع الثورة السورية من تحول البلاد التونسية الى مقصد رئيسي للاجئين السوريين. الا ان هذه الظاهرة لم تبق بمنأى عن المشهد العام. فقد تمكن عدد من المهاجرين السوريين من الدخول الى تونس عبر حدودها الغربية بعد ان فشلوا في رحلة لجوء اولى بالجزائر. ورغم ان عدد اللاجئين الذين تسللوا الى تونس غير محدد من الجهات الرسمية والذين يقدر عددهم ببضعة آلاف، فانهم لم يجدوا في هذا البلد هياكل رعاية تضمن لهم ولأسرهم اللجوء الآمن. وتحول اللاجئون الى مهمشين يعيشون من التسول او من التجارة الموازية في سياقات تستغل فيها صفتهم كمهجرين وتجمع بين التسول والتجارة الهشة. وتجاهلت الجهات الرسمية والمجتمع المدني التونسي مسألة اللاجئين السوريين بعد الاكتفاء بمحاولات للتواصل معهم انتهت للفشل بسبب ما ذكر من تجاوب سلبي للمهجرين السوريين مع مجهودات الدولة لتنظيمهم.
وعلى نقيض ذلك بدأت ظاهرة "اللاجئين السوريين على محدوديتها" تجد طريقها للمحاكم في سياق تطبيق القانون ضد كل من يجتاز الحدود التونسية خلافا للشكليات القانونية كما برز ذلك من واقعة جندوبة. ويعكس تطبيق القانون العقابي على اللاجئين السوريين افلاس شعارات حماية الحق في اللجوء التي كرسها الدستور التونسي في الفصل 28 منه. فمحاكمة لاجئين على خلفية اجتيازهم للحدود يؤدي الى انكار حقهم في اللجوء.كما أن تسليط عقوبات قاسية عليهم في سياق مقاربات تتعاطى مع ظاهرة احتراف جانب منهم للعمل الهامشي وللتسول بمنظور امني يكشف عن محاولة الدولة تحميلهم مسؤولية فشلهم الشامل في حماية حق اللجوء بالنسبة للرعايا السوريين .
الصورة منقولة عن موقع algadtv.com
متوفر من خلال: