الكتاب الذي قدمته المفكرة القانونية إلى وزارة العدل


2012-08-01    |   

الكتاب الذي قدمته المفكرة القانونية إلى وزارة العدل

بيروت في 1-8-2012
جانب وزارة العدل ،
جانب وزير العدل أ. شكيب قرطباوي،                                                             
المستدعية: جمعية المفكرة القانونية، الحائزة على العلم والخبر رقم 2360بتاريخ 22/9/2009.
الموضوع: اصدار تعميم توجيهي للنيابات العامة بالتوقف عن فحوص المثلية (فحوص العار) وذلك حفاظا على كرامة المواطن وخصوصيته ومنعا لهدر المال العام
 
تحية طيبة وبعد،
كما تعلمون، ما تزال الضابطة العدلية (وتحديدا مكتب حماية الآداب العامة) باشارة من النيابات العامة تعتمد الفحوص الشرجية لاثبات المثلية الجنسية وتاليا المجامعة خلافا للطبيعة وفق تفسير هذه النيابات العامة للمادة 534 من قانون العقوبات.
وعدا أن الاستمرار بهذا الاجراء يشكل انتهاكا جسيما لحقوق الأشخاص الذين يتم اخضاعهم له وممارسة مهينة ومحطة من قدرهم وتعذيبا بمفهوم معاهدة مناهضة التعذيب، فانه بات ثابتا أنه مجرد من أي اثبات. وهذا الأمر يفرض على وزارتكم اصدار تعميم فوري الى النيابات العامة في مختلف المناطق اللبنانية ايذانا بوضع حدّ له. وواجبكم هنا انما هو مستمد من واجب تصويب أعمال النيابات العامة ومكافحة ممارسات التعذيب كافة من دون أي تمييز ووقف هدر المال العام. فكيف يمكن لقضاة النيابة العامة وللأطباء الشرعيين أن يستمروا في اجراء مهين أثبت العلم الحديث أنه لا يثبت شيئا؟ بل كيف يمكن لوزارتكم أن تهدر المال العام الواجب تخصيصه لخدمة المواطن لاجراء فحوص ليس من شأنها تقديم أي اثبات ولا طائل منها الا اذلاله؟
واليكم أسبابنا:    
فحوصات تتعرض للخصوصية ومهينة للكرامة الانسانية:
ان هذه الفحوص تتم في المخافر، وعلى الأعضاء الحميمية ومن دون الاستحصال على موافقة خطية مسبقة من أي من المواطنين الذين تم أو يتم اخضاعهم له.  
وهذا ما وصفته منظمةHuman Rights Watch " في تقريرها الصادر بتاريخ 17 كانون الأول 2008 بشأن فحوص مماثلة في بلدان عدة من مصر وصولا الى زمبابواي، ب"تشوّهات تجتاح خصوصية الجسم الانساني، تجري من دون موافقة الشخص المعني بالفحص في اطار السجن- وتشكل بحد ذاتها "تعذيبا". وقد بنت المنظمة موقفها على أمرين: (1) أن الكشف على الأجزاء الحميمية يتم من دون الحصول على موافقة خطية وبأية حال يستحيل اثبات الطابع الحر لهذه الموافقة طالما أنه يتم في فترة الاحتجاز، وغالبا من دون محام. و(2) أنها تنتهك بأية حال الحق بالخصوصية وبكرامة الانسان ومن شأنها أن تؤثر على الصحة النفسية والعقلية للفرد موضوع الكشف. وهذا أيضا ما ذهبت اليه أيضا منظمة العفو الدولية، بحيث عدت أن الفحوص الشرجية القسرية تخالف الحظر المطلق للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. فعدا عن أن القيام بفحوصات مماثلة قاصرة عن اثبات العلاقات المثلية، فانها "في كل الأحوال تعسفية، مسيئة ومهينة بشكل عميق".
فحوصات لا تثبت شيئا:
الجواب الذي يجمع عليه الأطباء الذين تسنى لنا الاستماع اليهم هو أن الاثبات القاطع الوحيد على حصول علاقة مثلية بين شخصين هو وجود سائل منوي في الفجوة الشرجية، بما يؤكد حصول عملية الادخال. لكن هذا الأمر يفترض أمورا ثلاثة، حصول عملية ادخال من دون واق ذكري وثانيا أن يكون الادخال قد حصل قبل 48 ساعة من اجراء الفحص وهي المدة التي تبقى خلالها خلايا الحيوان المنوي حية، وثالثا، استخدام أدوات من شأنها اكتشاف هذه الخلايا واستخراجها وهو أمر لا يحصل الا في حالات الاغتصاب وذلك تجنبا للأكلاف المرتفعة على حد تعبير أحد الأطباء الشرعيين. وهذا الأمر يعني أن ايجاد دليل قاطع في حال الكشف في معرض الاشتباه باللواط الرضائي هو أمر مستحيل عمليا لاحجام الأطباء عن استخدام الأدوات المذكورة.  
فشكل الشرج (وهو الأمر الذي يتطرق اليه هؤلاء الأطباء) لا يشكل أبدا اثباتا حاسما على هذه العلاقات. وهذا ما تؤكده بشكل قاطع الدكتورة لورنا مارتن، أستاذة الطب الشرعي في جامعة كيب تاون، جنوب افريقيا لجهة أن "النظريات التي تقوم عليها هذه الفحوصات لا قيمة لها من الناحية الطبية، غريبة وباليةهراء". وكانت مارتن قد بينت أن هذه الفحوصات منسوبة الى ما يعرف بوالد الطب الشرعي تارديو وقد اقترحها في 1857 (!!!). وهذا أيضا ما تؤكده مجمل المراجع المنشورة في هذا المجال (أنظر، كتاب الطبيب الشرعي د. الياس الصايغ المنشور في 1997 تحت عنوان " الطب الشرعي العملي: مقتطفات خبرة وقانون"، والذي انتهى الى التأكيد بأن هذه الفحوص "هراء وافتراء لا يقرّه علم أو فن أو يسمح به منطق أو ضمير".وأيضا كتاب الطبيب الشرعي د. حسين شحرور بعنوان "الطب الشرعي مبادئ وحقائق" وكتاب الطبيب الشرعي د. زياد درويش في "أن كلا من هذه العلامات قد تفقد في المعتاد على اللواط أو أنها توجد في من لا يشك بسلوكهم وليس هناك علامة واحدة تدل دلالة أكيدة على اعتياد اللواط… ".
فحوصات مخالفة لقرينة البراءة بما يفتح الباب واسعا أمام جميع أشكال الاذلال والابتزاز:
من الثابت أيضا أن اللجوء الى هذه الفحوصات باتت في حال تعارض تام مع مبدأ جوهري وهو "قرينة البراءة". فعدا عن أن النيابات العامة تتوسع في اللجوء اليه وأحيانا من دون أي دليل جدي مما يسمح بالاعتداء ضد أي كان ويفتح بابا واسعا للابتزاز (وهذا ما تم توثيقه في حالات عدة)، فان النتيجة التي قد يؤدي اليها الفحص – والتي عبرت عنها تقارير عدة- لا يمكن أن تتجاوز مرتبة الشك الذي يغلب عليه النفي وفق مجمل الآراء الطبية.
وتاليا، فان غاية اللجوء الى هذا الفحص، ليست الحصول على دليل ادانة، انما على دليل براءة، مما يشكل مسا واضحا بقرينة البراءة ومخالفة اضافية للقانون. وحين نعلم أن الادعاء على أساس المادة 534 من قانون العقوبات غالبا ما مورس على أساس هذه الفحوصات التي هي عبارة عن مجرد شكوك، احتمالات يغلب عليها النفي، نعلم حجم المشكلة في هذا المجال.
فحوصات الشرج مذلة وغير مفيدة = هدر المال العام بهدف اذلال المواطن وتعذيبه
الى جانب ذلك، من الثابت أن الطبيب الشرعي يتقاضى لقاء هذه الفحوص مبلغا ماليا يتراوح بين 100 ألف و125 ألف ليرة لبنانية، رغم علمه علم اليقين بعدم جدواها. ومما تقدم، يظهر تاليا أن هذا المال الذي يفترض أن يتم تخصيصه لخدمة المواطن، بات يهدر لغاية اذلاله.
وتبعا لذلك، جئنا نطلب من وزارتكم اصدار تعميم فوري الى النيابات العامة في مختلف المناطق اللبنانية ايذانا بوضع حدّ لهذا الفحص. ونبقى بطبيعة الحال على أتم الاستعداد لاجابة أي استيضاح منكم بهذا الشأن.
وتفضلوا بقبول الاحترام
                               
 

انشر المقال

متوفر من خلال:

محاكمة عادلة وتعذيب ، لبنان ، مقالات ، جندر وحقوق المرأة والحقوق الجنسانية



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني