"#بتكون_نائب_حرامي_لما"، هو الهاشتاغ الذي انتشر في الأسبوع الثاني من تشرين الأول/ أكتوبر بشكل واسع حتى وصل لأكثر من مليوني شخص عبر موقع التواصل الإجتماعي تويتر كما تناقله الناشطون عبر صفحات الفايسبوك وكل موقع الكتروني تمكنوا من الوصول اليه.
أما انطلاقة هذا الهاشتاغ فليست في محاولة لإثبات فكرة أو التعبير عن رأي ليس ببعيد عن أذهان المواطنين وحسب وإنما هي محاولة للرد على النائب في كتلة القوات اللبناني فادي كرم الذي أطل بالامس عبر شاشات التلفزة ناقلاً خبراُ بإسم حزبه مفاده بأن" تكتل القوات اللبنانية اتخذ صفة الادعاء على مواطنين تجنيا على نواب الامة واصفين إياهم جميعاً بـ"الحرامية"، معتمدين التعميم والشمولية". واللافت أن كرم لم يحدد هوية المواطنين، انما فهم أنهما ناشطان في المجتمع المدني قاما بتلبية دعوة الحراك المدني للمحاسبة، لتحرك في الحادي عشر من أيلول الفائت حيث رفعا شعارات تصف الـ 128 نائب بأنهم "حرامية".
طبعاً ان الخطوة التي صرح بها كرم استفزت عدداً كبيراً من الناشطين الذين حاولوا التعبير عن سخطهم وتنديدهم بالشكوى التي تقدم بها نواب القوات اللبنانية، من خلال "ستاتوس "وتعليقات استخدمت هاشتاغ "#بتكون_نائب_حرامي_لما، ومنها على سبيل المثال:
"#بتكون_نائب_حرامي_لما تسرق ارادة الشعب بإختيار غيرك, عبر التمديد لنفسك"، "#بتكون_نائب_حرامي_لما تقبض شهريًا 10 مليون وانت مقضيها من بلد لبلد"، "#بتكون_نائب_حرامي_لما بتتجرأ وتهدد إنك بدك ترفع دعوى على ولي نعمتك المواطن يلي إنتخبك وعملك وكيل عنو". فقد وجد الناشطون أنه فوق جميع الضغوطات التي يعيشها المواطن اللبناني من الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والامنية، وعلى الرغم من مصادرة حق الناس في اختيار ممثليهم يأتيك احد النواب الممددين لنفسهم ليكشف عن سياسة "كمّ الأفواه" وهو أسلوب جديد بدا وكأن القوات اللبنانية تسوق له في محاولة للكشف عن المزيد من الأساليب القمعية التي بات تعتمدها الدولة بحق الحريات العامة المصانة في الدستور لبلد يتغنى بالديمقراطية ويغتني بها.
وليس من الغريب أن تكون صفحة الحراك المدني للمحاسبة قد حصدت الكم الأكبر من التعليقات الشاجبة "للشكوى" والداعمة للشابين، "فالحراك" يعد نفسه أمّ الصبي في هذه القضية لا سيما وان الناشطين قد رفعا اليافطات في إحدى الأنشطة التي قام الحراك المدني للمحاسبة بتنظيمها.
وتتحدث المديرة التنفيذية للجمعية اللبنانية لديموقراطية الإنتخابات يارا نصار بهذا الخصوص قائلة:" لقد سمعنا البارحة نائب القوات اللبنانية في الكورة فادي كرم يصرح بإسم حزبه عن رفع دعوى قدح وذم ضد ناشطين في تحرك ضد التمديد وطبعاً المقصود من حديثه "الحراك المدني للمحاسبة. لكن نحن الى اليوم لم نستلم اي بلاغ رسمي ومازالت الدعوى ضد مجهول علماً ان القوات اللبنانية قد أعطت صوراً للقوى الأمنية بإنتظار ان نعرف هويتهما".
وقد أكدت نصار : "ان التحرك ضد التمديد هو تحرك مطلبي لا يجوز قمعه وبالنتيجة عندما يمدد النائب لنفسه ويوقع هو وكتلته على اغتصاب حق الناس بإختيار ممثليهم اليس هذه سرقة؟".
واعتبرت نصار ان هذه الدعوى تطال جميع الناشطين في الحراك المدني وانه في حال تسلم بلاغ رسمي سيكون هناك رد قانوني وسيتم توكيل محام للاشخاص الذين سترفع دعوى ضدهم كما سيرافق التحركات القضائية تحركات على الارض تندد بما جرى".
اذا التعميم هو الذي أزعج النائب كرم، وكتلته التي وجدت في الامر تجنياً يستحق القصاص وتلقين الدروس في الاخلاق حيث اعتبرت القوات ان الادعاء هو "محاولة لإصلاح الوضع، وإيقاف للتضليل، ومحاربة للذهنية، المسيئة للمواطنية الصحيحة، علنا بذلك نوقف استنزاف الأخلاق وضرب القيم الصالحة، وأخذ البعض في جريرة الآخرين".
وليست القوات اللبنانية هي السبّاقة في الاعتراض على تعبير "حرامية"، بل أن عملها هذا يكاد يشكل احدى سمات العمل البرلماني في 2014. فبتاريخ 11-4-2014 تقدم المحامي علي رحال بوكالته عن النائب هاني قبيسي بشكوى مع اتخاذ صفة الادعاء الشخصي أمام النيابة العامة التمييزية بوجه فرنسوا باسيل رئيس جمعية مصارف لبنان، بجرائم القدح والذم والتحقير، وذلك على خلفية اتهام باسيل للنواب والسياسيين بما فيهم النائب قبيسي بسرقة المال العام وغيرها من الاتهامات. ليس هذا وحسب بل حتى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري رفض استقبال باسيل قبل ان يتوجه بالاعتذار على ما قاله. وقد تم الرجوع عن هذه الشكوى تبعا للاعتذار المقم من باسيل.
وبعد هذه الحادثة بنحو الشهرين وتحديداً في احدى المظاهرات التي قادتها هيئة التنسيق النقابية من أجل موضوع "اقرار سلسلة الرتب والرواتب" ، اطل حنا غريب بتاريخ 14-5-2014 على المحتشدين في ساحة رياض الصلح معتبراً ان "المعركة اليوم ليست مع الرأسماليين بل مع الحرامية". ولكن هذا التصريح لم يمر مرور الكرام وسرعان ما اوفد بري الى الساحة وزير التربية الياس بوصعب ليطلب من غريب الاعتذار عما قاله تحت طائلة توقف الهيئة العامة عن النظر في مشروع القانون. وفي ذلك الوقت ولدت هاشتاغ #حرامية_ونص المؤيدة لغريب بسرعة البرق عبر وسائل التواصل الإجتماعي الا ان ذلك لم يثن غريب عن الاعتذار والعودة عن كلامه مبرراً، "قلت لهؤلاء أمام وزارة الشؤون الإجتماعية اننا لا نواجه رأسماليين بل حرامية، قلت ذلك لحيتان المال وليس للنواب، لم أمس على مدى ثلاث سنوات ولن أمس كرامة مسؤول لا في الوزارة ولا في مجلس النواب، وان كان قد أسيء فهمي فلدي الشجاعة لأقول أنا أعتذر".
يشار الى ان "الحراك المدني للمحاسبة" رد على سياسة "كم الأفواه" التي يبدو بانها باتت تفرض على الناس، من خلال بيان نشر على صفحته على موقع "فايسبوك" حيث طالب الحراك القوات اللبنانية بالتراجع عن الدعوى وابرز ما جاء في البيان:"نتوجه إلى أعضاء كتلة النوّاب غير الشرعيين المدّعية، وإلى كلّ من يتلطّى وراءهم من هذه الطبقة السياسية، مطالبين اياهم بالتراجع عن دعوى كمّ الأفواه هذه والاعتذار من المواطنين لمحاولة اسكاتهم… لنا الحقّ في قول ما نظنّه بحكّامنا، حقّ يكرّسه دستورنا والمعاهدات الدوليّة التي وقّعناها وبديهيّات الديموقراطية وحقوق الانسان، حق لم يقوَ عليه زمن القمع الذي تعرفونه جيدا، قامعين ومقموعين (..)".
وفي الختام دعا الحراك المواطنين الى اوسع مشاركة الأربعاء القادم 15/10/2014 الساعة السابعة والنصف مساءً في ساحة رياض الصلح، دفاعا عن حق المواطنين في المحاسبة و الحرّية التي كان ثمنها على اللبنانيين غاليا.
الصورة من أرشيف المفكرة القانونية