القضاء وتحصيل زيادة الرواتب: ملاحظات حول استقلالية القضاء وهيبته وآدابه


2011-12-07    |   

القضاء وتحصيل زيادة الرواتب: ملاحظات حول استقلالية القضاء وهيبته وآدابه

في عددها المنشور في 1 كانون الاول (ديسمبر)، نشرت جريدة الاخبار خبرا قصيرا مفاده ان عددا من القضاة سددوا مبالغ مالية لزميل لهم، بهدف دفعها لموظف في وزارة المالية للاسراع في تنظيم جداول جديدة لرواتب القضاة تبعا للزيادة التي اقرها المجلس النيابي مؤخرا، وقد وصفت الصحيفة الامر على انه رشوة. والواقع ان هذا الخبر الذي بات شائعا في قصور العدل ولم يكذبه احد، يعبر عن امور ثلاثة بالغة الخطورة، بالاضافة الى كونها ذات رمزية فائقة على تحولات النظام:
الاول، ان وزارة المالية لا ترى اي سبب للاستعجال في وضع الجداول المذكورة. فرغم صدور قانون زيادة رواتب القضاة في 29 آب، وقيام الحكومة برصد اعتمادات له  في 22 تشرين الأول 2011 فان وزارة المالية صرفت رواتب هؤلاء في آخر شهر تشرين الثاني من دون اي زيادة. فكأن لها ان تقرر الموعد الذي يناسبها للالتزام بالزيادة القانونية. وعدا عن ان هذا الامر يعكس مخالفة جسيمة لمسؤولياتها القانونية، فانه يشكل فضلا عن ذلك في الحالة المذكورة اعتداء على حقوق القضاة وتاليا مسا خطيرا بمبدأ فصل السلطات وباستقلالية القضاء، وكلاهما ذات طابع دستوري.
الثاني، ان اختيار القضاة المعنيين الطريق المذكور بدل رفع الصوت والاعتراض جماعيا على المخالفة، انما يعكس لديهم انكفاء او عجزا معينا، وقناعة بصعوبة تحصيل الحق، اقله ضمن فترات قصيرة، من دون اللجوء الى الرشوة، مما يطرح تساؤلات مشروعة حول مكانة القضاء وكرامته (او ما يعرف في الخطاب القضائي بالهيبة) بين مؤسسات الدولة.
الثالث، وهو حكما الأخطر، ان استسهال اللجوء الى هذه الوسيلة وبشكل جماعي وظاهر الى حد كبير واحيانا على اعلى المستويات، انما يعكس خللا جسيما على صعيد مفهوم الاخلاقيات القضائية وتحديدا فهم القضاة لها. ولعل اخطر ما في هذا التصرف هو ان هيئة التفتيش القضائي لم تحرك ساكنا ازاءه. فالقضاة قاموا بعملهم بهدوء ولم يخل اي منهم بموجب التحفظ، بموجب الصمت.
 

انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني