القضاء اليمني في أعقاب الثورة: اصلاحات “لا تسمن ولا تغني عن جوع”


2012-08-16    |   

القضاء اليمني في أعقاب الثورة: اصلاحات “لا تسمن ولا تغني عن جوع”

 

بتاريخ07 أغسطس (آب) 2012، صدر قانون بتعديل مادتين من القانون اليمني بشأن السلطة القضائية. وقد اقتصر التعديل على أمرين اثنين:
الأول، أن "رئيس مجلس القضاء الأعلى" لم يعد أحد الأعضاء الحكميين (رئيس المحكمة العليا)، بل بات عضوا اضافيا يعين مباشرة من قبل رئيس الجمهورية. والواقع أنه ليس لهذا التعديل أي مفعول ايجابي على صعيد فصل السلطات، طالما أن سلطة التعيين تبقى في يد رأس السلطة التنفيذية، مع تسجيل سلبية واحدة مفادها أن القانون لم يفرض توفر أي مواصفات للشخص المعين، ولا حتى أن يكون قاضيا،
والثاني، أن تعيين الأعضاء غير الحكميين (وعددهم ثلاثة) من قبل رئيس الجمهورية بات يتم بناء على ترشيح مجلس القضاء الأعلى. كما تم رفع درجة هؤلاء فلا تقل عن "قاضي محكمة عليا" بعدما كان يكفي أن تكون "قاضي استئناف". وهنا، نسجل أولا تعزيزا للهرمية ولمكانة القضاة الكبار داخل القضاء اليمني وتبعا لذلك اقصاء لقضاة الدرجات الدنيا والمتوسطة من المجلس. أما أن يشترط ترشيحهم من قبل مجلس القضاء الأعلى، فهو شرط غير مؤثر على صعيد فصل السلطات طالما أن مجمل أعضاء هذا المجلس في تركيبته الحالية (ومنهم وزير العدل)  يعينون مباشرة او غير مباشرة من قبل السلطة التنفيذية.
وبنتيجة ذلك، أمكن القول بأن التعديلات قد اقتصرت على اضافات شكلية ليس لها أي تأثير على استقلالية القضاء أو مكانته وهي لا تقدم أي جديد لا على صعيد كيفية اختيار أعضاء المجلس ولا على صعيد صلاحياته وهي بحسب وصف أحد القضاة "لا تسمن ولا تغني من جوع"[1]. ف"رئيس المجلس وفقا للقانون الحالي، لا يملك أي صلاحيات وهو أقرب الى مدير شؤون موظفين، لأن من يملك التعيين والنقل والندب والترقية ويقوم بتنفيذ ما أقره المجلس هما رئيس الجمهورية ووزير العدل، كما أن رئيس المجلس معين من الرئيس".
وما يزيد الأمر قابلية للانتقاد هو أن هذا التعديل أظهر تجاهلا تاما لمطالب عدد كبير من القضاة اليمنيينالذين ذهبوا الى حد اعلان الاضراب سحابة ثلاثة اشهر للمطالبة بتكريس المعايير الدولية لاستقلالية القضاء، وخصوصا لجهة تشكيل مجلس أعلى للقضاء منتخب من القضاة[2]. كما تجدر الاشارة وفي الاتجاه نفسه أن هذا التعديلأتى في أعقاب "حركة قضائية" وصفها البعض على أنها "مخيبة للآمال حيث لم تعطِ للكفاءات حقها ولم تزح الفاسدين" بل بدت أشبه بمحاصصة[3]بين النافذين الجدد.
ك. ف
 
 



[1] "عن الحركة القضائية المزمع إقرارها نهاية يوليو الجاري ،لماذا وما الحكمة؟"، مقال للقاضي عبد الوهاب قطران، منشور على الصفحة التالية: http://www.al-tagheer.com/arts.php?id=14914
 
 
2- وقد قدّر عدد القضاة المضربين بثلثي القضاة.
3-"الرئيس هادي يمرر حركة قضائية تكرس التقاسم والمحاصصة"، مقال للقاضي عبد الوهاب قطران منشور على الصفحة التالية:  http://yemenat.net/art22028.html
 
 
 
انشر المقال

متوفر من خلال:

غير مصنف



لتعليقاتكم


اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشوراتنا
لائحتنا البريدية
اشترك في
احصل على تحديثات دورية وآخر منشورات المفكرة القانونية
لائحتنا البريدية
زوروا موقع المرصد البرلماني