أيام قليلة ويسدل الستار على النزاع القضائي بين القوى الوطنية المصرية المدافعة عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير من جانب والنظام المصري من جانب آخر. فمن المتوقع أن تكتب نهاية هذا السجال القانوني والقضائي بين هؤلاء بهذا الشأن في 16 يناير 2017، بقرار من المحكمة الإدارية العليا.
كيف نشأ نزاع الجزيرتين؟
تعود وقائع النزاع إلى ما قامت به الحكومة المصرية في 9 أبريل 2016 حيث وقعت على اتفاق تنازلت بموجبه عن جزيرتي تيران وصنافير الواقعتان في مدخل خليج العقبة، للملكة العربية السعودية. ويعد توقيع الحكومة على هذه الإتفاقية سابقة هي الأولى من نوعها على الإطلاق، التي تقوم فيها حكومة وطنية –ليست حكومة احتلال- بالتنازل عن جزء من إقليم الوطن، إلى دولة أخرى في مقابل بعض الإستثمارات المالية، بين حكومة البلدين. وجدير بالذكر أنه منذ إعلان الحكومة المصرية عن توقيعها على ما أسمته إتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، وما ترتّب عليه التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، تشكّل فريق واسع من المحامين والسياسيين المصريين للدفاع عن مصرية الجزيرتين، لما يمثلانه من أهمية استراتيجية وعسكرية. فالتنازل عن هاتين الجزيرتين يترتب عليه اعتبار مضيق تيران -المنفذ الوحيد لخليج العقبة- مياه دولية بعدما كانت مياه داخلية مصرية لا يسمح فيها إلا بحق المرور البريء لكافة الدول المطلة على الخليج، ومنها بالطبع دولة الاحتلال. وبتنازل مصر عن الجزيرتين للملكة سيعتبر المضيق مضيقاً دولياً وتفقد مصر سيطرتها عليه، وهي السيطرة التي خاضت مصر بسببها أربع حروب.
وفي صباح اليوم التالي لإعلان الحكومة المصرية عن توقيع اتفاقية إعادة ترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية، توجه عدد من المحامين للطعن على قرار الحكومة المصرية مستندين في ذلك إلى عدد من القرارات والقوانين الوطنية المصرية التي تؤكد تبعية الجزيرتين للدولة المصرية من قبل تأسيس المملكة العربية السعودية في 1932. وبتاريخ 10/4/2016 أي اليوم التالي لتوقيع الحكومة المصرية على الإتفاقية، طعن هؤلاء على قرار الحكومة، أمام محكمة القضاء الإداري مستندين في ذلك إلى نصوص الدستور المصري والتي لم تخول الحكومة أو رئيس الجمهورية بالتوقيع على اتفاق يترتب عليه التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة المصرية. وقد نصّت المادة الأولى من الدستور على أن "جمهورية مصر العربية دولة ذات سيادة، موحدة لا تقبل التجزئة، ولا ينزل عن شيء منها…." كما نصت المادة 151 على أنه "وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أية معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة". وقدموا للمحكمة كافة المستندات القانونية الصادرة عن الحكومة المصرية على مرّ التاريخ، وكافة الوثائق الدولية التي تؤكد مصرية الجزيرتين وبالتالي عدم دستورية تصرف قرار الحكومة المصرية بالتوقيع على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود مع المملكة وما ترتب عليه من التنازل عن الجزيرين. وعلى مدار جلسات الدعوى أمام القضاء الإداري، امتنعت هيئة قضايا الدولة – وهي الجهة المخولة بتمثيل الدولة قانونيا والدفاع عنها- عن تقديم أي مستندات، ودفعت بعدم اختصاص القضاء الإداري والقضاء عموماً، ولائياً بنظر الدعوى استناداً إلى أن إبرام الاتفاقية الدولية يعدّ عملا من أعمال السيادة، وأن الطلبات الواردة بهذه الدعوى تتعلق بأعمال برلمانية لأن مجلس النواب هو الجهة المختصة بالموافقة على المعاهدات. وهو الدفع الذي اعتادت أن تستند عليه هيئة قضايا الدولة في معظم الدعاوى التي تقام طعنا على الإتفاقيات الدولية.
وفي المقابل قدم فريق الدفاع عن مصرية الجزر العديد من الوثائق القانونية المؤيدة لملكية مصر للجزيرتين منذ القدم.
محكمة القضاء الاداري: الجزيرتان مصريتان
وبالفعل، تصدّت المحكمة للدعوى ورفضت دفع الحكومة بعدم اختصاصها ولائيا بنظر الطعن، ولم تعتبر هذا العمل من أعمال السيادة وأصدرت حكمها في 21/6/2016 والذي قضى "ببطلان توقيع ممثل الحكومة المصرية على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية الموقعة في أبريل سنة 2016 المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية مع ما يترتب على ذلك من آثار أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار السيادة المصرية عليهما وحظر تغيير وصفهما بأي شكل لصالح أية دولة أخرى". وأشار الحكم في حيثياته أن أحكام القضاء ليست جامدة وتتغير بتغير الموضوع والزمان والإطار الدستوري الحاكم للنزاع. والاتفاقية محلّ هذه الدعوى تنطوي على التنازل عن جزء من أراضي الدولة المصرية، وهو أمر مخالف للدستور الحالي الذي استحدث حكماً جديداً حظر بموجبه حظراً مطلقاً التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة، في محلين من نصوصه وبعبارات واضحة وقاطعة الدلالة، وهو ما لا يمكن معه التذرع بعدم ولاية القضاء في نظر بطلان الإتفاقية، لأنها جاءت والعدم سواء لمخالفتها لنصوص الدستور[1].
بعد صدور حكم القضاء الإداري ببطلان توقيع اتفاقية إعادة ترسيم الحدود وما ترتب عليها من التنازل عن الجزيرتين، أصبحت الحكومة المصرية في مأزق، حيث حال الحكم بينها وبين إحالة الاتفاقية للبرلمان، لاسيما بعدما وافق مجلس الشورى السعودي بالإجماع على مشروع اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية، ولم يتبقّ لتدخل الاتفاقية حيز التنفيذ إلا عرضها على البرلمان المصري. وهذا الأمر دفع الحكومة المصرية إلى التماس كافة السبل لوقف تنفيذ الحكم ومن ثم تتمكن من عرض الاتفاقية على البرلمان، فقامت بالطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، وسعت إلى استصدار حكم سريع منها. ولما لم تتمكن من استكمال مخططها للضغط على أعضاء المحكمة، وووجهت بيقظة فريق الدفاع الذي قام باتخاذ كافة الإجراءات القضائية التي تكفل حيدة المحكمة، وكذلك استمرار تنفيذ الحكم، سعت إلى الهيئات القضائية الأخرى بهدف إيقاف الحكم. وهذا ما سنفصله أدناه.
الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا
بدأت محاولات وقف تنفيذ الحكم في وقت مبكر حيث قامت هيئة قضايا الدولة بالطعن عليه أمام المحكمة الإدارية العليا، بعد يومين من صدوره. فأودعت الطعن في 23/6/2016، دفعت من خلاله ببطلان حكم محكمة القضاء الإداري، بزعم أنه تصدى لعمل من أعمال السيادة، والذي يخرج عن ولاية المحكمة والقضاء جميعه. وحدد لنظر الطعن الدائرة الأولى فحص بالمحكمة الإدارية العليا. وعلى غير الإجراءات المتبعة في الطعون المقامة أمام المحكمة الإدارية العليا، تمّ تحديد جلسة 26 /6/ 2016، أي بعد ثلاثة أيام فقط من إيداع أوراق الطعن لدى المحكمة، وتمّ إعلان الخصوم مساء نفس يوم إيداع الطعن وهو أمر لا يحدث الا في الطعون الانتخابية. وتزامنت هذه السرعة في الإجراءات مع تصريحات سبق وأدلى بها وزير الدولة للشئون القانونية، مساء يوم صدور الحكم فصرح خلال مؤتمر صحفي بأنه: "نتمنى أن يقبل الطعن الذي قدمته هيئة قضايا الدولة إلى المحكمة الإدارية العليا، على أن يتم سرعة الفصل فيه خلال أسبوع …"[2]. وهو الأمر الذي يعد تدخلًا من السلطة التنفيذية في أعمال السلطة القضائية وتعريضاً باستقلالها، حيث حملت تصريحات الوزير توجيها للمحكمة الإدارية العليا بضرورة تحديد جلسة سريعة لنظر الطعن، ثم القضاء بقبول الطعن ووقف تنفيذ حكم القضاء الإداري. وهو ما يفسر سرعة الإجراءات التي اتخذتها هيئة المحكمة على غير عادة ويشير إلى أنه ربما تكون هناك ضغوط مورست علي الدائرة الموكل لها نظر الطعن، والتي سبق للوزير العمل بها بجانب زملائه قبل أن يخلع عباءة القضاء ويلبس عباءة الحكومة. لم يتوقف الأمر على تدخل الإدارة في سير الخصومة على النحو السابق الإشارة اليه. فضم تشكيل الدائرة التي تنظر الطعن، عضوين منتدبين، أحدهم منتدب كمستشار قانوني بجامعة القاهرة، والتي منحت الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود الدكتوراه الفخرية في تاريخ متزامن مع توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع الحكومة المصرية، وهو الأمر الذي تم اعتباره آنذاك جزءاً من حملة الترحيب بالملك لإتمام الاتفاقية، والثاني منتدب كمستشار قانوني لدى وزارة الخارجية المصرية، والتي هي أحد الطاعنين في هذه الدعوى.
وبناء على هذه المعطيات جميعا، طلب فريق الدفاع ردّ هيئة المحكمة. وبتاريخ 27/8/2016، صدر الحكم برد تشكيل الدائرة الأولى فحص عن نظر الدعوى[3]. ويعدّ هذا الحكم سابقة قضائية، بحيث جاء مخالفا لما استقرت عليه أحكام مجلس الدولة، بعدم وجود تعارض بين استقلال أعضاء مجلس الدولة وندبهم في غير أوقات العمل الرسمية. وقد قدم الحكم قراءة مغايرة لقواعد رد القضاة المنصوص عليها في القانون المدني مستندا على نصوص الدستور وأحكام المحكمة الدستورية العليا، واعتبر أن ندب القضاة للجهات الإدارية، يؤثر على الإستقلال الوظيفي للقضاة، ويصلح أن يكون أحد أسباب الرد. وترتب على هذا الحكم منع أعضاء الدائرة الذين تم ردهم من نظر طعن الحكومة وينظر الآن بتشكيل مغاير برئاسة المستشار احمد الشاذلي والذي حجز الطعن للحكم في 16 يناير 2017.
إشكال وقف تنفيذ حكم القضاء الإداري أمام محكمة الأمور المستعجلة
بعد فشل خطة الحكومة في وقف تنفيذ حكم المحكمة أمام القضاء الإداري، وقبل الفصل، في دعوى الرد وتحديدا في 8/8/2016، فوجئ فريق الدفاع بتقدّم أحد المواطنين -الغير مختصمين في الدعوى الأصلية- بإشكال في تنفيذ حكم القضاء الإداري المذكور أمام القضاء المستعجل وهو من هيئات القضاء العادي. وقد أسند دعواه على أن هذا العمل هو أحد أعمال السيادة والتي لا يجوز لمحكمة القضاء الإداري الفصل فيه.
وبالفعل، أصدرت محكمة الأمور المستعجلة حكمها بوقف تنفيذ حكم محكمة القضاء الإداري القاضي ببطلان توقيع الحكومة على اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والملكة العربية السعودية. وغنيّ عن البيان أن تصدّي محكمة الأمور المستعجلة للإشكال في وقف تنفيذ حكم صادر من محكمة القضاء الإداري يشكّل مخالفة صريحة لنصوص الدستور المصري. فالمشرع الدستوري استحدث نصاً في دستور 2014 قرر بمقتضاه اختصاص مجلس الدولة دون غيره بالفصل في المنازعات الإدارية، ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه (المادة 190 دستور). وأتى هذا النص ليقرر مبدأ استقرت عليه أحكام المحكمة الإدارية العليا،[4] بمناسبة تصديهما لما كانت تقوم به حكومات الحزب الوطني المتعاقبة من الطعن على أحكام مجلس الدولة، أمام القضاء المدني عن طريق إقامة إشكالات في التنفيذ أمام محكمة الأمور المستعجلة. وكانت الحكومات المذكورة قد انتهجت هذا السلوك للإلتفاف على أحكام المجلس، لا سيما تلك المتعلقة بوقف إجراءات الانتخابات. وقد وصفت المحكمة الإدارية العليا هذا السلوك بتطاول على قواعد الإختصاص الولائي لمجلس الدولة، وخروج على قاعدة من قواعد النظام العام. فالإدارة تكون ملزمة بتنفيذ الأحكام الصادرة بالإلغاء: فإذا اعتدت بواقعة الإشكال أو امتنعت عن تنفيذ الحكم أو عطلت تنفيذه أو تثاقلت عن ذلك، كانت شريكاً في اقتراف هذه الواقعة[5]". وأكدت المحكمة على أنه "بات مستقراً أبياً على الجدل أن جهة القضاء الإداري هي – دون غيرها – المختصة بالفصل في منازعات التنفيذ التي تتعلق بما يصدر عنها من أحكام سواء كان الهدف منها المضي في تنفيذها أو إيقافه[aa1] ".
وعلى الرغم من مجمل ما تقدم على صعيد الدستور وأحكام المحكمة الإدارية العليا، فإن قاضي محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، الذي قام بالنظر في إشكال تيران وصنافير، لم يجد حرجاً في السير على نفس النهج القديم للمحكمة وتصدي لأشكال وقف التنفيذ مخالفا لنص المادة 190 من الدستور والتي نصت عاي اختصاص محاكم مجلس الدولة دون غيرها بالنظر في إشكالات التنفيذ ومنازعات التنفيذ المتعلقة بالأحكام الصادرة عنها، وانه لا يترتب على رفع الإشكال أمام أية محكمة أخرى وقف تنفيذ الحكم، ما دفع فريق الدفاع عن مصرية الجزر للطعن على هذا الحكم. أما محكمة الإستئناف، والتي سارت على نفس نهج محكمة أول درجة وأصرت على مخالفة الدستور، وتعاملت مع الأمر باعتبارها أداة طيعة في يد الحكومة تستخدمها كيفما شاءت طبقا للنهج الذي كان يتبعه الحزب الوطني لوقف احكام الانتخابات.
إشكال عكس من فريق الدفاع للإستمرار في تنفيذ حكم بطلان التنازل عن الجزيرتين
أمام محاولات الحكومة للالتفاف على تنفيذ حكم القضاء الإداري بمصرية الجزيرتين، وبعد مرور أكثر من شهر ونصف على إصداره ومع امتناع الحكومة المصرية عن تنفيذه، قام فريق الدفاع بإقامة إشكال عكس أمام محكمة القضاء الادري مطالبين فيه إلزام الحكومة المصرية بتنفيذ الحكم الصادر ببطلان توقيع الإتفاقية. وبالفعل، أصدرت المحكمة حكمها في جلسة 8/11/2016 [6]بإلزام الحكومة بالاستمرار في تنفيذ حكم مصرية الجزر. وتصدت المحكمة في حكمها إلى حكم القضاء المستعجل والذي اعتبرته تعديا على نصوص الدستور، ولا يعدو أن يكون لغوا وهو والعدم سواء ولا قيمة له ولا يمثل أدنى عقبة لتنفيذ الحكم. واعتبرت أن قاضي الأمور المستعجلة قد اغتصب سلطة المحكمة الإدارية العليا، صاحبة الولاية للفصل في استمرار تنفيذ حكم القضاء الإداري من عدمه.
منازعة تنفيذ من الحكومة أمام المحكمة الدستورية العليا
أمام الخطوات القانونية التي اتخذها فريق الدفاع عن مصرية جزيرتي تيران وصنافير، للتأكيد على استمرار تنفيذ حكم القضاء الإداري، وفي محاولة من الحكومة لتغيير هذه الصورة أمام الرأي العام، أقامت هيئة قضايا الدولة في 14/8/2016 منازعة في التنفيذ أمام المحكمة الدستورية، ذكرت فيها نفس الدفوع السابقة من بطلان حكم القضاء الإداري. وقد اعتبرت الهيئة أن حكم القضاء الإداري يخالف أحكاما سابقة للمحكمة الدستورية قضت فيها المحكمة باعتبار التوقيع على الإتفاقيات الدولية عملا من أعمال السيادة، ثم أتبعتها بمنازعه أخرى في 5/11/2016 دفعت فيها بمخالفة حكم القضاء الإداري لعدد اخر من احكام المحكمة الدستورية. ولازالت منازعتا التنفيذ منظورتين أمام المحكمة الدستورية العليا حتى الآن. ومن غير المتوقع أن تقبل أيّ منهما لانتفاء أي ركن من أركان التنازع. فلا يوجد أحكام نهائية متنازع في تنفيذها حتى تفصل في ذلك المحكمة الدستورية العليا. وجدير بالذكر أن هذا الدفع قد فندته محكمة القضاء الإداري تفنيدا واضحا بالإستناد إلى المادة 151 من الدستور المصري في مادته الأولى والتي نصت على عدم جواز التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة المصرية.
إشكال الحكومة وقف التنفيذ أمام القضاء الإداري
في اليوم التالي لإقامة هيئة قضايا الدولة منازعة التنفيذ أمام المحكمة الدستورية العليا، أقامت هيئة قضايا الدولة إشكالا لوقف تنفيذ حكم بطلان التوقيع على اتفاقية التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، معتبرة أن منازعة التنفيذ التي أقامتها، تمثل أمرا جديدا يوجب وقف تنفيذه، لحين فصل المحكمة الدستورية في هذه المنازعة. إلا أن المحكمة الإدارية رأت أن ما قامت به هيئة قضايا الدولة من إقامة منازعة تنفيذ أمام المحكمة الدستورية ثم، إقامة إشكال أمام القضاء الإداري لوقف الحكم لحين الفصل في هذه المنازعة هو مجرد افتعال لخصومة تنفيذ، ومحاولة للالتفاف على أحكام القضاء الإداري ورفضت الإشكال.[7]
وبذلك يكون النزاع القضائي حول بطلان اتفاقية إعادة ترسيم الحدود بين مصر والمملكة العربية السعودية وما ترتب عليها من تنازل عن جزيرتي تيران وصنافير قد امتد على مدار 9 أشهر وشهدت جولاته 4 محاكم مختلفة:
الأولى هي القضاء الإداري بواقع ثلاثة أحكام: الأول هو حكم بطلان التنازل عن الجزر، الثاني حكم في إشكال عكسي بالزام الحكومة بالإستمرار في تنفيذ حكم البطلان، والثالث حكم برفض إشكال التنفيذ الذي أقامته الدول،
الثانية هي محكمة الأمور المستعجلة في القضاء العادي بواقع حكمين حيث أصدرت حكما بوقف تنفيذ حكم بطلان التنازل عن الجزريتين ثم أيدته محكمة الاستئناف،
والثالثة هي المحكمة الدستورية والتي تنظر منازعتي تنفيذ تدّعي فيهما الحكومة وجود تعارض بين حكم القضاء الإداري ببطلان التنازل عن الجزر وأحكام قديمة للمحكمة الدستورية تعتبر التوقيع على الإتفاقيات الدولة عملا من أعمال السيادة،
والرابعة هي المحكمة الإدارية العليا، والتي أصدرت حكما برد الدائرة الأولى فحص التي كانت تحوم حولها شبهات لعدم الحيدة. ونحن الآن في انتظار حكمها الثاني والذي يعتبر القول الفصل في النزاع القضائي حول جزيرتي تيران وصنافير، بعدما نظرتها على مدى الأشهر الماضية. ولا يسع الجميع الا انتظار حكم المحكمة الإدارية العليا والذي يعتبر القول الفصل في المنحى القضائي للدعوي.
[1] لمزيد من التفاصيل طالع – المبادئ القضائية الجديدة في دعوى تيران وصنافير (1): تطور نظرية أعمال السيادة لينك https://legal-agenda.com/article.php?id=3210
[2] جدير بالذكر أن هذا الوزير هو مستشار سابق بالمحكمة الإدارية العليا، وعمل بالدائرة ذاتها التي ستنظر الطعن، وتصدي اثناء عمله على منصة القضاة لتدخلات السلطة التنفيذية في عمل القضاء بشكل واضح، فهو المستشار صاحب الحكم الشهير بعدم الاعتداد بإشكالات وقف التنفيذ التي تقام امام القضاء المدني، واعتبارها والعدم سواء
[3] عن إجراءات الرد ودعوى الرد، يراجع موقع المفكرة القانونية، 13-1-2017.
[5] الحكم الصادر من المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 4931 لسنة 57 القضائية عليا بتاريخ 25/11/2010
[6] الحكم في الاشكال رقم 66959 لسنة 70 قضائية – محكمة القضاء الإداري – القاهرة – في 8/11/2016
[7] حكم القضاء الإداري في الدعوي رقم 68737 لسنة 70 ق الصادار بتاريخ 8/11/2016